رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عطية الله لقد تدرجت في معرفة السيد المسيح بفضل حديثه وإعلاناته التدريجية. في بداية حديثه معها حسبته يهوديًا لا يخالط السامريين [9]. دعته: "يا سيد" [11]. توقعت أنه أعظم من يعقوب أب الأسباط [12]. آمنت أنه واهب المياه الحية [15]. أنه نبي [19]. توقعت أن يكون المسيا المنتظر [25]، فقال لها: "أنا الذي أكلمك هو" [26]. "أجاب يسوع وقال لها: لو كنتِ تعلمين عطية الله، ومن هو الذي يقول لك اعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه، فأعطاك ماءً حيًا". [10] سحب السيد المسيح هذه المرأة إلى طريق الخلاص، لا بالهجوم على العبادة في السامرة، بكونها منشقة، وأنها قد شوهت الإيمان والعبادة، وإنما بسحب فكرها من الانشغال بالعداوة القائمة بين الفريقين إلى الدخول إلى أعماق نفسها لتعطش إلى الماء الحي، وتدرك حاجتها إلى المخلص. الآن ليس الوقت للنزاع، بل للجلوس الهادئ مع النفس والتمتع بعطايا الله المجانية. فقد حان وقت افتقاد الله للعالم كله بإرسال المسيّا المخلص. شهوة قلب السيد المسيح أن نعرفه، فنطلبه ونقتنيه، فنرتوي منه أبديًا! ما تحتاج إليه هو المعرفة الصادقة: "لو كنتِ تعلمين عطية الله"، "ومن هو الذي يقول لكِ...". معرفة عطية الله لها، ومعرفة المتحدث معها، لأنه هو العطية العظمى! هو كنز الحب الإلهي الفائق، المروي للنفس الظمأ. إنه ليس قرضًا نستدين به لنرده، بل عطية مجانية، يُسر الآب أن يقدمها للبشرية. لم تكن تدرك عطية الله الذي أرسل ابنه الوحيد ليبذل ذاته عن العالم (يو ٣: ١٦)، ولا عطية الروح القدس الذي يفيض في النفس كنهرٍ يرويها ويروي آخرين، ويقدم الروح مواهب روحية لا حصر لها لخلاص العالم. هذه العطايا إلهية مجانية قدمها الله من أجل مبادرته بالحب لنا ونحن بعد أعداء. تبقى هذه العطية مصدر معرفة إلهية مستمرة حتى في الحياة الأبدية: "وأراني نهرًا صافيًا من ماء الحياة، لامعًا كبلورٍ خارجًا من عرش الله والخروف" (رؤ 22: 1). عطية اللَّه هو الروح القدس. لكنه حتى ذلك الحين كان يتحدث مع المرأة بحرصٍ، ويدخل إلى قلبها تدريجيًا . |
|