رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أدَمَ .. أين أنتَ؟
«سَمِعْتُ صَوْتكَ فِي الْجَنةِ فَخَشِيتُ، لأني عُرْيَانٌ فَاختبَأْتُ» ( تكوين 3: 10 ) بعد أن كان القرب من الله - قبل دخول الخطية – مُتعة لقلب الإنسان، أصبح بعد الخطية مبعَث رعب وخوف لا يُحتمَل. واختبأ آدم وحواء وراء الأشجار. لقد نجحا ظاهريًا في ستر عورتيهما عن أعينهما، لكنهما ارتعدا من صوت الرب الإله. وتعيس هو الإنسان الذي يسعى لأن يخفي نفسه عن الله. كان آدم خائفًا وهو يعترف أمام الله الذي دعاه من مخبئه. وحقًا يرتعب الضمير المُستذنَب في محضـر الله. صحيح الله طرد الإنسان من الجنة، لكن قبل أن يطرده الله، كان الإنسان قد هرب واختبأ من محضـر الله. وتصدَّعـت علاقة الله بالإنسان، وليس في وِسع الإنسان أن يُرمِّم هذه الثغرة أبدًا «خَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». أما أن يُبرِّر آدم نفسه بإلقاء اللوم على غيره، فهذا لم يسعفهُ أبدًا. كما لم ينفعه الاختباء وراء الأشجار. وأصعب الأشياء على الخاطئ أن يعترف صادقًا – دون التواء – اعترافًا كاملاً بخطيته. وإدانة الذات هي ثمرة من ثمار النعمة بواسطة الإيمان. إن الضمير الشرير يخاف من الله، ويستصعب الاعتراف بنتائج شرُّه. أما الله فإنه يتعقب الخطية إلى أبعد جذورها، فيسأل المرأة ويلعن الحيَّة، ويحكم على آدم وامرأته ( تك 3: 13 - 19). ولا سبيل إلى سعادة الإنسان إلا بعودة الثقة في الله وفي محبته. لكن الشيطان لا يهدأ في كيده وعداوته، وباستمرار يُلقي بذار الشك حيث توجد بوادر السعادة والوئام مع الله. وغرضه أن يُبدِّد وأن يُكدِّر مصادر الخير. إنه ينتهز فرصة ثقة الناس في ذواتهم وقدرتهم على إسعاد أنفسهم، فيزدادون طرحًا للثقة في الله، بل يزدادون جهلاً ورفضًا لأن يستوعبوا أمر بركتهم وسعادتهم لله وحده، فلا يُسلِّموا أنفسهم بالتمام لمحبة المسيح الأبدية القادرة. أما الله من جانبه فقد بيَّن بموت ابنه الوحيد أنه لا يطيق الخطية، وأن أجرة الخطية موت، وبعد الموت دينونة لكل مَنْ لا يؤمن. غير أنه، لكون ضمير الإنسان شريرًا، فكل جهوده، بالانفصال عن الله، تتجه إلى الاختباء عريانًا عن الله. هذه البادرة الأوليَّة أخذت أشكالاً في أجيال الإنسانية، سمَّاها الإنسان الإصلاحات الاجتماعية، مثل محاربة الجرائم بسن القوانين وإنشاء المحاكم والمؤسسات الثقافية والخدمات الاجتماعية، وجمعيات العمل الخيري .. إلخ. ولكن كل هذه مآزر من ورق التين، لا تنفع شيئًا، وتُخفي وقتيًا عري الناس وخزيهم، بل وتحجب عنهم عدالة دينونة الله المُعلَنة ضد حالتهم الساقطة. |
|