منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 02 - 2021, 03:09 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,315,855

أيليا وكرم نابوت

ايليا النبي في العهد القديم




عاش في مملكة الملك أخآب رجل اسمه نابوت، من بلدة يزرعيل، كان يملك حقلاً زرعه كرماً بجانب قصر الملك أخآب، فطمع الملك في حقل نابوت وطلب منه أن يبيعه له ليضمَّه إلى قصره. وعرض أن يدفع لنابوت أكثر من السعر العادي. غير أن نابوت رفض طلب الملك، لأنه لم يُرد أن يفرّط في ميراث أجداده. فغضب أخآب الملك وذهب إلى قصره حزيناً. ولاحظت الملكة إيزابل حزن زوجها أخآب، فدبرت مكيدة لتستولي على الحقل، فأرسلت إلى شيوخ بلدة نابوت وطلبت منهم أن يتَّهموه بالتجديف على اللّه وعلى الملك، ثم أن يرجموه عقاباً له. وفعل شيوخ المدينة ذلك وقتلوا نابوت وأبناءه بالرجم. وذهب الملك أخآب ليضمَّ حقل نابوت إلى أرضه، لأن العادة كانت أن يستولي الملك على ميراث الأموات الذين لا ورثة لهم.
وغضب اللّه على أخآب وزوجته إيزابل، وأمر نبيَّه إيليا أن يذهب إلى أخآب ويقول له: «فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ ٱلْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ ٱلْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضاً» (١ملوك ٢١: ١٩). وقد تمَّت هذه النبوة تماماً - لحست الكلاب دم الملكة إيزابل والملك أخآب بعد قتلهما.
رغبة الملك أخآب صغيرة

ايليا النبي في العهد القديم







يحذرنا الكتاب المقدس من الرغبة الخاطئة فيما لا حقَّ لنا فيه، فتقول الوصية العاشرة: «لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ ٱمْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا لِقَرِيبِكَ» (خروج ٢٠: ١٧) وقال السيد المسيح: «ٱنْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ ٱلطَّمَعِ» (لوقا ١٢: ١٥). ويقول إمام الحكماء سليمان: «فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ ٱحْفَظْ قَلْبَكَ لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ ٱلْحَيَاةِ» (أمثال ٤: ٢٣). وفي هذا تحذير كافٍ للإنسان منّا من أن يشتهي ما يملكه غيره.
أيها القارئ، احذر كل ما لا يريده اللّه لك، ولا تقبل بأقل مما يريده لك. لقد أخطأ الملك أخآب كثيراً في أنه اشتهى أن يأخذ حقل نابوت. ابتدأ ذلك الفكر الخاطئ عنده بفكر مسيطر لم يستطع أن يتحكَّم فيه. كانت مملكته كبيرة وقصره متَّسع الأرجاء - لكنه اشتهى حقلاً - حتى زوجته إيزابل رأت حقارة ما طلب، ونحن نعلم أن كل شخص بعيد عن اللّه لا يمكن أن يشبع من ممتلكات العالم. إن كل ما في الأرض يشبه الماء المالح، كلما شرب الإنسان منه طلب المزيد.
كانت رغبة الملك أخآب صغيرة، ولكنها أثَّرت في حياته تأثيراً عظيماً، حتى رأى أنه لا معنى لحياته بغير حقل نابوت. ورغم صِغر ذلك الحقل، إلا أنه استولى على أفكاره حتى لم يبْقَ له شيء آخر يفكّر فيه. عندما يقرّب الإنسان منا قطعة عملة فضية صغيرة من عينه فإنها تحجب نور الشمس عنه. وعندما يشتهي الإنسان منا شهوة شريرة فإنها تحجب عنه نور اللّه. فلنحذر من الشهوة الخاطئة، لقد كان ذلك الحقل قريباً من قصر الملك وما أصعب الشهوة وهي قريبة. لو أن الملك أخآب غيَّر مكان غرفة نومه في اتجاه بعيد عن حقل نابوت - لو أنه حتى باع قصره كله، لَحَفِظَ نفسه من خطية الشهوة.
في عالمنا أشياء كثيرة تقرّب الشهوة إلينا، من وسائل الإِعلام التي تبثُّ لنا شهوات الجسد، ومن الأصحاب الفاسدين الذين يضلّلوننا عن الطريق القويم، ومن مبادئ العالم الغريبة عن المبادئ الإِلهية. هذه كلها تقرِّب الشهوة إلينا، لكن هذه الشهوة الصغيرة القريبة كانت عظيمة التأثير فحكمت فكر الملك أخآب وضيّعته تماماً.

أخآب يشتهي حقل نابوت

ايليا النبي في العهد القديم







عندما بدأ الملك أخآب يشتهي حقل نابوت، بدأ بداية معقولة. قال إنه سيعوّض نابوت عن حقله بالفضة. وقد يبدو هذا الكلام معقولاً، لولا أنه كان ضد الشريعة التي أعطاها اللّه لموسى. والمشكلة في الخطية أنها تبدأ معنا عندما نفلسفها، فنحن نعطي لكسر شريعة اللّه اسماً آخر، نقول: لنكن اجتماعيين.. لماذا نحرم أنفسنا؟ إن الكل يفعلون ذلك؟ ولقد خدع أخآب نفسه عندما أعطى الخطية اسماً آخر. لم يقُل: سأشتهي حقل نابوت وآخذه، ولكنه قال: سأشتريه، أو سأبادله بشيء آخر. وسرعان ما تقدمت الشهوة في نفسه أكثر وأكثر، لأن الخطيئة متحركة غير ساكنة.
لقد استخدمت إيزابل الملكة ختم الملك أخآب وجعلت رجالاً آخرين يكذبون ويدَّعون على نابوت أنه جدَّف على اللّه وعلى الملك. وسرعان ما قتلوا نابوت المسكين عندما اشتهى أخآب كرم نابوت - لم يكن يريد أن يقتله، ولم يكن يظن أن الأمر سينتهي هذه النهاية السيئة التي سيطرت عليه ولوَّثته بما لم يفكر فيه.
أيها القارئ، هل بدأت خطية؟ رغبة في نجاح اجتماعي بالغش؟ هل تريد أن تؤمّن مستقبلك المالي بالحرام؟ اللّه يحذّرك من أن تفعل هذا.

قتل نابوت المسكين

ايليا النبي في العهد القديم







كانت نتيجة قتل نابوت المسكين شيئاً لم يتوقعه الملك أخآب. لما سمع أن نابوت مات قام ليرث حقله وليستمتع به، ولكن ما إن دخل ذلك الحقل حتى جاءه صوت النبي إيليا يزعجه ويقول له: «هكذا يقول الرب: لا يحلّ لك!» وتضايق الملك جداً، فقال للنبي: «هل وجدتني يا عدوي؟». مسكين أخآب! ظن أن النبي عدوه، مع أن رجل اللّه ليس عدوك، وصوت الضمير صديقكك. وأعلن النبي إيليا عقوبة اللّه الشديدة على خطية الملك أخآب. لسوف يموت أخآب وزوجته إيزابل بسبب ما ارتكباه في حق نابوت المسكين البريء. إن الخطية تسبّب الموت وتضيّع السلام الداخلي، وتجيء بسحابة تحجب وجه اللّه عنا.
هل خطيتك في مجال المال؟ ليست حياة الإنسان من أمواله. هل خطيتك في رغبة شخصية تتملَّكك؟ قل للّه: لتكن لا إرادتي يا رب، بل لتكن إرادتك أنت. مهما بدت الخطيئة مشبعة فإنها لا تشبع القلب الإِنساني، فإن ما يشبع الإنسان هو عمل مشيئة اللّه الصالحة المرضية الكاملة.

موت أخآب


ايليا النبي في العهد القديم







بعد أن قتل الملكُ أخآب نابوت، أرسل اللّه له النبي إيليا ليقول له: «هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ أَيْضاً؟ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ ٱلْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ ٱلْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضاً» (١ملوك ٢١: ١٩).
وقد حدث ما تنبأ به النبي إيليا، فقد خاض أخآب معركة حربية، ليستردّ مدينة راموت جلعاد من مملكة أرام. ودخل أرض المعركة متخفّياً، ولم يلبس ثيابه الملكية حتى لا يُعرف. ولكن سهماً طائشاً أصابه بجرح مميت، وجرى دم الجرح في مركبته الحربية. ومات عند المساء. وغسلوا مركبته الحربية في بركة السامرة، فلحست الكلاب دمه، تماماً كما قال إيليا (١ملوك ٢٢: ٣٨).

موت إيزابل

ايليا النبي في العهد القديم







وتنبأ النبي إيليا أيضاً أن الكلاب ستأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل (١ ملوك ٢١: ٢٣). وقد تحققت هذه النبوة، لما حدث انقلاب عسكري ضد بيت الملك أخآب، بقيادة القائد «ياهو». كحلت الملكة إيزابل عينيها وتزينت، وتطلعت من نافذة القصر إلى ياهو، فأمر ياهو بقذفها إلى الشارع، فنفَّذ رجال القصر ذلك، وسال دمها على الحائط وعلى الخيل التي داستها. وتركوا جثتها في الشارع. ولما جاءوا ليدفنوها لم يجدوا سوى الجمجمة والرجلين وكفَّي اليدين، فقد أكلت الكلاب بقية الجثة (٢ملوك ٩: ٣٠-٣٧). وهكاذ عوقبت خطية الضلال عن الله، وحقَّق الله ما قاله النبي إيليا.

إيليا يعلّم الملكين أخزيا ويهورام

ايليا النبي في العهد القديم





مات الملك أخآب الشرير الذي قاد بني إسرائيل لعبادة الأوثان، وملك بدلاً منه ابنُه الملك أخزيا. وكان أخزيا شريراً مثل أبيه، تقول التوراة عنه أنه «عَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ وَطَرِيقِ أُمِّهِ، وَطَرِيقِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ ٱلَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ وَعَبَدَ ٱلْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ وَأَغَاظَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ أَبُوهُ» (١ملوك ٢٢: ٥٢ و٥٣). من المؤلم أن الملك أخزيا لم يتعلم شيئاً من اختبارات أبيه الذي مات في خطيته، ولا بد أنه سمع في صدر شبابه كيف أنزل اللّه ناراً من السماء بينما عجزت الأصنام عن أن تفعل ذلك، ولكن هذا لم يغيّر طريقة تفكير أخزيا، ولم يَردَّه إلى عبادة الرب.
الملك أخزيا يقع


ايليا النبي في العهد القديم





وذات يوم كان الملك أخزيا يتمشَّى على سطح قصره في السامرة، واستند إلى كوَّة هوَتْ به إلى الأرض، فأصابته رضوض وجروح كثيرة. ولم يتجه فكر الملك أخزيا إلى اللّه بل اتجه فكره إلى صنم اسمه بعلزبوب، ومعناه «إله الذباب». وقد كان أهل مدينة عقرون يعبدون إله الذباب هذا، ليمنع عنهم شرور الذباب. ولمَّا كان الذباب يتوالد في الأقذار، فقد رأى فيه الوثنيون إلهاً، لأنهم رأوا حياة الذبابة تنبعث من وسط القاذورات. ولما امتنع بنو إسرائيل عن عبادة الأوثان أطلقوا على الصنم بعلزبوب اسم رئيس الشياطين، وسمُّوه أيضاً بعلزبول، بمعنى سيد الأقذار. ولما كان أهل عقرون يؤمنون أن بعلزبوب يشفي من المرض، فقد أرسل الملك أخزيا يسأل بعلزبوب - إله الذباب - وهذا دليل على أن أخزيا لم يكن يؤمن بالرب.

إيليا يقابل رسل أخزيا


ايليا النبي في العهد القديم





وأرسل اللّه ملاكاً لنبيّه إيليا يقول له: «ٱصْعَدْ لِلِقَاءِ رُسُلِ مَلِكِ ٱلسَّامِرَةِ وَقُلْ لَهُمْ: هَلْ لأَنَّهُ لاَ يُوجَدُ فِي إِسْرَائِيلَ إِلٰهٌ، تَذْهَبُونَ لِتَسْأَلُوا بَعْلَ زَبُوبَ إِلٰهَ عَقْرُونَ؟ فَلِذٰلِكَ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: إِنَّ ٱلسَّرِيرَ ٱلَّذِي صَعِدْتَ عَلَيْهِ لاَ تَنْزِلُ عَنْهُ بَلْ مَوْتاً تَمُوتُ» (٢ملوك ١: ٣-٤). وأطاع إيليا دعوة اللّه، وذهب يقابل رسل الملك أخزيا قبل أن يصلوا إلى عقرون، وأبلغهم تلك الرسالة. فرجع الرسل إلى الملك أخزيا. واستغرب الملك سرعة عودتهم، وسألهم عما حدث، فقالوا له: قابلنا رجل أشعر متمنطق بمنطقة من جلد على حقويه، ثم أبلغوه رسالة النبي إيليا. وأدرك الملك أخزيا أن النبي إيليا هو الذي كلَّمهم، واغتاظ من إيليا كثيراً، وقرر أن ينتقم منه، فأرسل إليه ضابطاً مع خمسين جندياً، فصعد الضابط وجنوده إلى رأس الجبل واستدعى النبي ليلتقي بالملك، فقال إيليا: «إِنْ كُنْتُ أَنَا رَجُلَ ٱللّٰهِ فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتَأْكُلْكَ أَنْتَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَكَ» (٢ملوك ١: ١٠). فنزلت نار من السماء وأهلكت الضابط وجنوده الخمسين.
ولم يفهم الملك أخزيا رسالة اللّه له، فأرسل ضابطاً آخر ومعه خمسين جندياً آخرين، ومرة أخرى أمر إيليا أن تنزل نار اللّه لتلتهمهم، فهلكوا.
ومرة ثالثة لم يفهم الملك أخزيا الدرس الذي أراد اللّه أن يعلّمه له، فأرسل ضابطاً ثالثاً ومعه خمسين جندياً آخرين. ولكن الضابط الثالث كان قد فهم رسالة الرب مما حلَّ بالضابطين السابقين. فعندما وصل إلى حيث كان النبي إيليا، ركع أمامه وقال: «يا رجل اللّه، لتكرم نفسي وأنفس عبيدك هؤلاء الخمسين في عينيك. لقد نزلَتْ نار من السماء فأكلت رئيسيّ الخمسينين الأوَّلين وخمسينيهما، والآن فلتكرم نفسي في عينيك». فقال ملاك الرب لإيليا: «انزل مع هذا الضابط». فتوجَّه إيليا مع الضابط إلى الملك. وقال النبي للملك: «هكذا قال الرب: من أجل أنك أرسلْتَ رسلاً لتسأل بعلزبوب إله عقرون - ألا يوجد في إسرائيل إله لتسمع كلامه؟ لذلك السرير الذي صعدت عليه لا تنزل عنه، بل موتاً تموت». ولم تحرك هذه الكلمات الملك أخزيا ليتوب، بل استمر في عبادته الوثنية. فمات أخزيا كما قال اللّه على فم نبيه إيليا.

درسان من قصة ايليا

ايليا النبي في العهد القديم





  1. كان الملك أخزيا جاهلاً. قال المرنم: «قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلٰهٌ» (مز ١٤: ١). لم يؤمن أخزيا في صباه باللّه الحقيقي الذي أنزل النار من السماء، ولم يتعلم مِن قتل الضابط الأول والثاني مع جنودهما. وحتى عندما ذهب إليه النبي إيليا ليخبره بقول الرب لم يتُبْ، بل استمر في ضلاله وعبادته الوثنية. إننا لا نحتاج إلى معجزة لنؤمن، لكن القلب المنكسر والمنسحق أمام اللّه هو الذي يدرك صوت اللّه ويتوب. إننا ندعوك أن تدرك بيِّنات اللّه لك لتتوب.
  2. أنزل إيليا ناراً من السماء لتلتهم القائدين مع جنودهما. هذه روح العهد القديم وروح التوراة. ولكن العهد الجديد، عهد الإنجيل، يختلف تماماً عن ذلك، فالإنجيل يعلّمنا أن اثنين من تلاميذ المسيح، هما يعقوب ويوحنا، طلبا من السيد المسيح أن يُنزل ناراً من السماء تُفني السامريين الذين رفضوا قبول المسيح في بلدهم، ولكن المسيح وبَّخهما (لوقا ٩: ٥٥). لئن كنا نجد في التوراة عقاب اللّه على الخطاة فإننا نجد في الإنجيل شفقة اللّه على الأشرار، فلم يرسل اللّه المسيح إلى العالم ليدين العالم بل ليخْلُص به العالم.

يختلف زمان النبي إيليا عن زمان السيد المسيح. في زمن إيليا ظهر غضب اللّه برهاناً مقنعاً على وجود اللّه وقدرته. أما في مجيء المسيح إلى عالمنا وموته بدلاً عنا، فقد ظهرت محبة اللّه لنا، لذلك نلخّص الإنجيل كله في آية تقول: «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا ٣: ١٦). العهد القديم ينبّر على عظمة اللّه أما العهد الجديد فينبّر على محبة اللّه. ونحن ندعو القارئ الكريم أن يختبر اللّه في كمال محبته. إن اللّه عظيم - هذا صحيح - لكن اللّه محبة. وعظمة اللّه وقدرته هي في خدمة محبته ورحمته «اَللّٰهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي ٱللّٰهِ وَٱللّٰهُ فِيهِ» (١يوحنا ٤: ١٦).

رسالة من إيليا للملك يهورام


ايليا النبي في العهد القديم





ذكرت لنا التوراة المقدسة أن النبي إيليا أرسل رسالة إلى الملك يهورام، الذي كان ملكاً على المملكة الجنوبية، ونعلم من تاريخ بني إسرائيل أن مملكة الملك سليمان انقسمت إلى قسمين: المملكة الشمالية وعاصمتها السامرة، وكانت تتكوَّن من عشرة أسباط. والمملكة الجنوبية وعاصمتها أورشليم وكانت تُعرف بمملكة يهوذا. وكان اللّه قد دعا النبي إيليا ليخدم المملكة الشمالية، حيث ملَك الملكُ الشرير أخآب، ولكن اللّه كلَّف نبيه إيليا أن يُرسل رسالة إلى الملك الجنوبي يهورام. لم يذهب النبي إيليا إلى المملكة الجنوبية، لكنه اكتفى بأن أرسل تلك الرسالة، وهذا يوضح لنا أن النبي إيليا لم يكن يقبل أبداً فكرة المملكة المنقسمة، وكان يعتقد أن شعب اللّه واحد في كل مكان. لقد ظهر اقتناعُه هذا عندما بنى مذبحاً قدم عليه الذبيحة التي التهمتها النار من السماء، فقد أقام ذلك المذبح من إثني عشر حجراً، ترمز لأسباط بني إسرائيل الإثني عشر متَّحدين معاً، لذلك لا نستغرب من أن يرسل النبي إيليا رسالة إلى ملك يهوذا - الملك يهورام، ملك المملكة الجنوبية. وقال النبي إيليا في رسالته: «هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْلُكْ فِي طُرُقِ يَهُوشَافَاطَ أَبِيكَ وَطُرُقِ آسَا مَلِكِ يَهُوذَا، بَلْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلْتَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ كَزِنَا بَيْتِ أَخْآبَ، وَقَتَلْتَ أَيْضاً إِخْوَتَكَ مِنْ بَيْتِ أَبِيكَ ٱلَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِنْكَ، هُوَذَا يَضْرِبُ ٱلرَّبُّ شَعْبَكَ وَبَنِيكَ وَنِسَاءَكَ وَكُلَّ مَالِكَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً. وَإِيَّاكَ بِأَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ بِدَاءِ أَمْعَائِكَ حَتَّى تَخْرُجَ أَمْعَاؤُكَ بِسَبَبِ ٱلْمَرَضِ يَوْماً فَيَوْماً» (٢أخبار أيام ٢١: ١٢-١٥).
كان الملك يهورام قد خلف أباه الملك يهوشافاط الذي كان ملكاً فاضلاً، فثبَّت الربُ مملكة يهوشافاط وأعطاه الغنى والكرامة. وكانت تقوى اللّه في قلب يهوشافاط، فنزع أماكن عبادة الوثن من كل أنحاء مملكته، وأطلق على ابنه اسم «يهورام» بمعنى «اللّه مرتفع». ولكن يهورام لم يعْط اللّهَ المكانةَ الأولى في قلبه، وضلَّ عن العبادة الصحيحة، وتزوج بنت الملك أخآب، فارتكب الملك يهورام الشر وضل. ومن يضلله الشيطان ويخدعه يجعله يرتكب الحماقات، فكان أول ما عمل الملك يهورام أنه قتل إخوته الستة، مع جماعة من قادة الشعب.

درسان من رسالة إيليا ليهورام


ايليا النبي في العهد القديم






ويمكن أن نتعلم من شرور يهورام أمرين: الأمر الأول: أن الدين لا يُورَّث. لقد كان أبوه الملك يهوشافاط تقياً، ولكن يهورام لم يكن كذلك. صحيح أن الآباء الأتقياء يعطون القدوة الطيبة لأولادهم، لكن الأبناء يجب أن يأخذوا قراراً بالحياة للّه وبالتوبة له وبإرضائه. يقول الإنجيل: «كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ ٱللّٰهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ، بَلْ مِنَ ٱللّٰهِ» (يوحنا ١: ١٢ ، ١٣). وكلمات الإنجيل هذه تعلّمنا أن الذين يولدون من رجل تقي لا يكونون بالضرورة أتقياء، لأنهم يجب أن يُولدوا من اللّه. نقول في أمثالنا الدارجة إن النار تخلّف رماداً، وهذا ما حدث مع يهورام. على أن كل إنسان منا يحتاج إلى اختبار جديد في المسيح يغيّر حياته. قال أحد الوعاظ المشهورين: «يمكن أن يُولد إنسان في مَرْأبٍ (جراج) للسيارات، ولكن هذا لا يجعل منه سيارة. وقد يولد إنسان في بيت تقي، لكن هذا لا يجعل منه إنساناً تقياً».
ندعوك أن تفتح قلبك للّه، لتنشئ أنت شخصياً علاقة شخصية قوية بالرب. إن إيمان أبيك لا ينفعك. ينبغي أن يكون لك أنت شخصياً الإيمان القوي العميق باللّه، والحب القوي الذي يربط قلبك به.
٢ - وهناك درس آخر نتعلمه من خطية يهورام: إن الشر يُميت الشرير. كان يهورام ملكاً، لكنه أُصيب بمرض خطير حتى خرجت أمعاؤه كلها بسبب المرض يوماً بعد يوم، حتى مات. ولم يستطع طبُّ بلاده أن ينفعه شيئاً. وعندما مات تقول التوراة إنه: «ذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ، وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَلٰكِنْ لَيْسَ فِي قُبُورِ ٱلْمُلُوكِ» (٢أخبار ٢١: ٢٠).
يقول الإنجيل إن الخطية خاطئة جداً، ويقول الكتاب المقدس إن أجرة الخطية هي موت، وإن النفس التي تخطئ هي تموت.
إننا ندعو كل قارئ أن يتوب ليبتعد عن الخطية، وليخلُصَ من أجرة الخطية.

ايليا والخدمة للجميع



ايليا النبي في العهد القديم





نودّ أن نتأمل الرسالة التي كتبها النبي إيليا إلى الملك الشرير يهورام يحذّره من العبادة الوثنية والانحراف عن عبادة اللّه، لنتعلم من إيليا كيف نخدم اللّه كما يريد اللّه لنا أن نخدمه. لقد رأى إيليا نفسه مسئولاً أن يقدم رسالة اللّه ليهورام الشرير، بالرغم من أنه لم يكن مقيماً في مملكته. كان إيليا يحسُّ أن خدمته تمتد إلى العالم كله. وهكذا يجب أن يفعل كل أولاد اللّه، فيهتمّون بالخطاة أينما كانوا. لقد ضرب المسيح لنا مثل الزارع الذي ذكر فيه أن الزارع خرج ليزرع، فألقى بذاره على كل أنواع الأرض. وقال المسيح تفسيراً للمثل: إن الحقل هو العالم. فالعالم كله يجب أن يكون محل مشغوليتنا. قال المسيح: «ٱرْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَٱنْظُرُوا ٱلْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ٱبْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ» (يوحنا ٤: ٣٥). لقد رأى إيليا مسئوليته نحو الملك البعيد، وهذه رؤية واسعة وقلب كبير، يرى العالم كله موضوع مسئوليته. ولما لم يستطع إيليا أن يخدم بلسانه، خدم بقلمه، فأرسل تلك الرسالة إلى يهورام.
ندعوك أن تخدم اللّه بكل طريقة ممكنة: أن تقدم نصيحة مكتوبة، أو نصيحة شفوية. وسواء قبل مستمعك هذه النصيحة أو لم يقبلها، فإنك تكون قد أبلغت ولك خير الجزاء من اللّه.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تصميم| ملاخى النبى آخر انبياء العهد القديم
النبي ايليا وتـل مار الياس (ايليا)
ماورد في الكتاب المقدس/ العهد الجديد عن ايليا النبي
النبي اليشع أحد أنبياء العهد القديم
صورة ملاخى النبى آخر انبياء العهد القديم


الساعة الآن 03:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025