82. وإذ اشتهر بأنه عظيم ، وكان يجيب علي أسئلة كل من يراه، عاد إلى الجبل الداخلي، وتمسك بنسكه العادي. وعندما كان يأتي إليه الناس وهو جالس أو ماش، كانوا يرونه صامتا[132]، كما هو مكتوب في دانيال. وبعد فرصة كان يستأنف حديثه مع الأخوة الذين كانوا معه. وكان رفقاؤه يدركون أنه قد رأى رؤيا. لأنه عندما كان يجلس علي الجبل كثيرا ما يرى ما هو حادث في مصر، ويرويه إلى سرابيون الأسقف [133] الذى كان معه في صومعته، وأن كثيرا بسبب ما رأى، وبعد فترة معينة عاد إلى الواقفين بجانبه بأنات ورعدة، وصلى. وإذ جثا علي ركبتيه ظل هكذا وقتا طويلا. وعندما قام ذلك الشيخ بكى، فأراد رفاقه أن يعرفوا جلية الأمر، وأتعبوه كثيرا حتى اضطر للكلام. وبأنات قال ما يلي: “يا بنى، كان خيرا لي أن أموت قبل أن يحدث ما ظهر لي في الرؤيا”. وعندما سألوه ثانيه أنفجر بالدموع وقال: “إن الغضب يوشك أن يحل بالكنيسة، وهى علي وشك أن تسلم إلى أناس عديمي الإحساس كالبهائم، لأنني رأيت مائدة بيت الرب واقفا حولها بغال من كل جهة في حلقة مستديرة، ترفس الأشياء التي فيها كما يرفس القطيع عندما يقفز مضطربا” . ثم قال “وأنتم قد رأيتم كيف كنت أئن، لأنني سمعت صوتا يقول أن مذبحي سوف يتنجس”.
هذه الأمور رآها ذلك الشيخ. وبعد سنتين حدثت ثورة الأريوسيين الحالية. ونهبت الكنائس، عندما اغتصبوا الأواني المقدسة بعنف، وحملوها للوثنيين، وعندما ألزموا الوثنيين الذين في السجون بالاشتراك في خدماتهم، وعملوا ما أرادوا علي المائدة في حضورهم، عندئذ فهمنا أن رفسات البغال كانت تنبي أنطونيوس بما يفعله الأريوسيين الآن بدون إحساس كالبهائم.
ولكن عندما رأى هذه الرؤيا عزى الذين معه قائلا: لا تنكسر نفوسكم يا أولادي، لأنه كما غضب الرب فإنه سيعود ويشفينا، ويعود إلى الكنيسة هدوءها ثانية، وتضئ كما اعتادت أن تضئ، وترون المضطهدين يتراجعون وينسحب الإثم ثانية إلى مخابئه، ويتكلم الإيمان المبارك بجسارة في كل مكان بكل حرية، فقط لا تدنسوا أنفسكم مع الأريوسيين، لأن تعليمهم ليس تعليم الرسل بل تعليم الشياطين وأبيهم إبليس ، لكنه بالأحرى عقيم وبلا معنى، وخال من أى فهم سليم مثل هذه البغال عديمة الإحساس.
83. هذه هي كلمات أنطونيوس، ويجب أن لا نشك في إمكانية حدوث مثل هذه العجائب علي يد إنسان، فهذا هو وعد المخلص عندما قال “لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل أنتقل من هنا فينتقل، ولا يكون شئ غير ممكن لديكم[134]، وأيضا “الحق الحق أقول لكم أن كل ما طلبتم من الأب باسمي يعطيكم، اطلبوا تجدوا” [135] وهو نفسه الذى قال لتلاميذه ولكل من يؤمنون به “أشفوا المرضى أخرجوا شياطين مجانا أخذتم مجاناً أعطوا”[136]