![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
26. لهذا أعلن النبي المرسل من الله بأنها تعسة قائلاً: “ويل لمن يسقي صاحبة هلاكا طينيا”[56]. لأن مثل هذه التصرفات والحيل تدمر الطريق المؤدي إلى الفضيلة.
والرب نفسه، حتى مع تَكَلمُ الشياطين بالحق، لأنها بحق قالت “أنت ابن الله”[57]. كمم أفواهها، ولم يدعها تتكلم، لئلا تزرع شرها مع الحق، ولكي يعودنا علي أن لا نبالي بها علي الإطلاق، حتى إذا بدا أنها تتكلم بالحق، لأنه لا يليق بنا، بعد الحصول علي الأسفار المقدسة والحرية من المخلص، أن تتعلم من إبليس الذي لم يحفظ رتبته، بل انتقل من فكر إلى آخر. ولذلك، فمع استعماله لغة الكتاب المقدس، منعه الرب قائلاً: “وللشرير قال الله مالك تحدث بفرائضي وتحمل عهدي علي فمك”[58]. لأن الشياطين تفعل كل شئ، فهي تهذر وتربك، وتتنكر، وتحيرـ ذلك لتخدع البسطاء ـ وهي تطن وتضحك بجنون، وتصفر. وإذا لم يلتفت إليها تبكي في الحال وتنوح كأنها قد غلبت. 27. لذلك أبكم الرب ـ كإله ـ أفواه الشياطين. وخليق بنا إذ قد تعلمنا من القديسين، أن نفعل مثلهم، ونقتدي بشجاعتهم. لأنهم عندما كانوا يرون هذه الأمور كانوا يقولون: “عندما قام عليَّ الخاطئ صمتُ صمتاً، وتواضعت وسكت عن الكلمات الطيبة”[59] وأيضا “ولكني كنت كأصم لا أسمع وكأبكم لا يفتح فمه وصرت كإنسان لا يسمع “[60]. لذلك ينبغي أن لا نصغي للشياطين لأنها غريبة عنا ولا ننتبه إليها، حتى ولو أيقظتنا للصلاة، وتكلمت عن الصوم، بل لنتمسك بالأحرى بتصميمنا علي النسك، ولا ننخدع بمن يفعلون كل شئ بخداع حتى ولو هددونا بالموت فهم ضعفاء. ولا يقدرون أن يفعلوا شيئا سوي التهديد. 28. سبق أن تحدثنا عن هذه الأمور بالإيجاز. أما الآن فيجب أن لا أتردد عن التحدث عنها بتوسع. لأن تذكيركم مصدر أمان لكم. منذ افتقد الرب الأرض سقط العدو، وضعفت قوته. وإذ عجز عن أن يفعل شيئا فإنه كطاغية لم يحتمل سقوطه بهدوء بل هدد، رغم أن تهديده لم يكن سوى كلمات. وليذكر كل واحد منكم هذا، فيستطيع أن يحتقر الشياطين. وإن كانت قد غلبت أمامنا نحن الأجساد فيمكنها أن تقول “عندما يختبئ الناس فإننا لا نقدر أن نجدهم، ولكن عندما نجدهم فإننا نقدر أن نؤذيهم” . ونحن أيضاً إذ نختبئ فإننا نقدر أن ننجو منها، عندما نغلق الأبواب في وجوهها. لكن إن لم تكن هذه هي طبيعتها. بل تقدر أن تدخل، وأن كانت الأبواب مغلقة. وتتحول في كل الجو، هي وقائدها إبليس، وتميل إلى الشر والإيذاء، وكما قال المخلص” إبليس قتال الناس من البدء وأبو الرذيلة “[61] وطالما كنا نحن ـ رغم هذا ـ لا نزال أحياء. ونقضي حياتنا في مقاومته بقوة أشد، فواضح من هذا أنها ضعيفة وعديمة القوة، لأن المكان لا يعرقل مؤامراتها، ثم هي لا تنظر إلينا كأصدقاء حتى تعفو عنا، ولا هي محبة للخير حتى تصلح من شأنها، بل بالعكس هي شريرة، ولا تسعي وراء شئ سوي جرح من يحبون الفضيلة ويتقون الله. نظراً لأنها لا قوة لها لتعمل أي شئ، فأنها لا تفعل شيئا سوى التهديد. ولو كانت قادرة لما ترددت، بل لفعلت الشر في الحال (فهذه هي كل رغبتها)، سيما ضدنا. هوذا نحن الآن مجتمعون معاً، ونتكلم ضدها، وهي تعلم بأننا كلما تقدمنا ازدادت هي ضعفاً. فلو كانت لديها قوة لما سمحت لأي واحد منا نحن المسيحيين بأن يعيش. لأن التقوى مكرهة الخاطئ [62]، ولأنها لا تقدر أن تفعل شيئاً فإنها تجرح نفسها أكثر فأكثر، إذ أنها لا تقدر أن تتمم شيئا من تهديداتها. وبعد هذا لنذكر بأننا يجب أن لا نخافها وأنها لو كانت لها القدرة لما جاءت في جموع، ولا ظهرت بمظاهر مختلفة، ولا حاولت أن تخدع بتغيير منظرها، بل لكان يكفي أن يأتي شيطان واحد فقط ويتمم ما يقدر أن يفعله، وما يريد أن يفعله. سيما وأن كل من توافرت لديه القوة لا يقتل متخفياً، ولا يبعث الخوف بالجلبة والضوضاء، بل يستخدم كل سلطانه في الحال كما يريد. أما الشياطين، فلأنها لا قدرة لها، فهي كالممثلين علي المسرح تغير شكلها، وتخيف الأطفال بأشباحها المخيفة، وأشكالها المختلفة، الأمر الذي يبعث بالأحرى علي احتقارها لأنها تظهر ضعفها. فعلي الأقل أن ملاك الرب الحقيقي الذي أرسل ضد الآشوريين لم يكن في حاجة لكي يحدث جلبة أو ضوضاء، أو يغير منظره الخارجي، أو يبعث أصواتاً أو قعقعة، بل استخدم قوته في هدوء، وللحال قتل مائة وخمسة وثمانين ألفا [63]، أما أمثال تلك الشياطين عديمة القوة فإنها تحاول أن تخيف علي الأقل بأشكالها المصطنعة. |
![]() |
|