التقت القديسة بوالدها، وفي شجاعةٍ وبحزمٍ قالت له: "كنت أود أن أسمع خبر موتك عن أن تترك الإله الحقيقي". كما قالت له: "اعلم يا والدي أنك إذا تماديت في هذا الطغيان لست أعرفك وسأكون بريئة منك هنا وأمام عرش الديان حيث لا يكون لك نصيب في الميراث الأبدي الذي أعده الله لمحبيه وحافظي عهده". صارت تبكته بمرارة عن جحده لمسيحه مهما كانت الظروف. وسألته ألا يخاف الموت، بل يخاف من يُهلك النفس والجسد معًا، وألا يجامل الإمبراطور على حساب إيمانه وأبديته.
مع حزمها الشديد وصراحتها الكاملة كانت دموع محبتها تنهار بلا توقف، وهي تقول له: "إن أصررت على جحدك للإله الحقيقي، فأنت لست بأبي ولا أنا ابنتك!" قيام مرقس من السقوط ألّهبت هذه الكلمات والدموع قلب مرقس، فبكى بكاءً مرًا وندم على ما ارتكبه. في توبة صادقة بروح التواضع المملوء رجاءً قال لها: "مباركة هي هذه الساعة التي رأيتك فيها يا ابنتي. فقد انتشلتيني من الهوة العميقة التي ترديت فيها.