رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دَعْوَة لِلتُوْبَة ================== مِنْ أرْوَع فُصُول التُوْبَة فِي الكِتَاب المُقَدَّس .. الله كَشَفْ عَنْ فَاعِلِيِة الخَطِيَّة فِي النَّفْس وَكَشَفْ عَمَّا تُحْدِثه فِي النَّفْس مِنْ دَمَار وَفِي الجَسَدْ وَالرُّوح وَكَيْ لاَ يَقَعْ أحَدْ فِي هُوَة اليَأس يَفْتَح الله بَاب الرَّجَاء .. { الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ } .. الله يَقُول تَعَالَ .. هَلْ يُوْجَدْ حَلْ لِهذَا العَدُو الجَبَّار يَا الله ؟ يَقُول الله نَعَمْ إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. تَعَالَ إِلَيَّ لكِنْ بِكُلَّ قَلْبَك .. كَيْفَ يَا الله ؟ يَقُول { بِالصُّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ . وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ } .. أنَا أُرِيد أنْ أرَى صُوْرَة حَقِيقِيَّة لِرِجُوعَك لِيَّ وَلَيْسَ رُجُوع بِرِيَاء .. عِنْدَمَا تِرْجَع إِلَيَّ لاَ تُمَزِق ثِيَابَك بَلْ مَزِق قَلْبَك .. لاَ تُمَزِق ثِيَابَك وَأنْتَ مَمْلُوء غُرُور . دَعْوَة لِلتُوْبَة .. الله حَنُون عَلَى قَدْر مَا يُظْهِر قَسْوِة العَدُو عِنْدَمَا أتَرَاخَى عَلَى قَدْر مَا يَفْعَل ذلِك لِرِجُوعِي وَتَوْبَتِي .. مِثْل أب لَدَيْهِ إِبْن فِي الدِرَاسَة لكِنَّهُ مُتَرَاخِي وَمُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ حَصَلْت عَلَى دَرَجَات جَيِّدَة الشَّهْر القَادِم سَأُحْضِر لَكَ هِدِيَة .. وَالإِبْن مَازَال مُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ لَمْ تَحْصُل عَلَى دَرَجَات جَيِدَة الشَّهْر القَادِم سَأغْضَب مِنْكَ .. وَالإِبْن لاَ يَسْمَع فَيَقُول لَهُ مَادُمْت لاَ تَسْتَجِيب سَأُخْرِجَك مِنْ الدِرَاسَة مَادُمْت لاَ تُرِيدَهَا وَسَتَذْهَب إِلَى مِيكَانِيكِي تَعْمَل لَدَيْهِ وَتَسْهَر وَ ... هَلْ هذَا الأب يِكْرَه إِبْنه ؟ .. لاَ .. لكِنَّهُ يَرَاه غِير مُنْتَبِه لِمُسْتَقْبَله .. هكَذَا يَفْعَل الله مَعَنَا .. يَقُول سَأجْعَله يَوْم غِيم وَضَبَاب وَسَأُرْعِدَك وَسَتُرْعِبَك الشُّعُوب .. إِنْتَبِه أنْتَ مُسْتَهْتِر لاَ تَعْرِف مَاذَا تَفْعَل .. لَوْ سَلِّمْت نَفْسَك لِلأعْدَاء وَالخَطِيَّة سَتَجِدْ أنَّ الخَطِيَّة لاَ تُشْفِق وَسَتُحَوِلَك إِلَى قَفْر .. إِنْسَان بِلاَ ثَمَرْ مَنْهُوب فَاقِد الرَّجَاء وَفَاقِد الشَّخْصِيَّة .. هذَا حَال مَنْ يَحْيَا فِي الخَطِيَّة سَتَجِده يَائِس مُحْبَط كُلَّ الإِمْكَانِيَات مُتَوَفِرَة لَهُ لكِنَّهُ مَقْسُوْم لِذلِك قَالَ الله إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. لَمَّا تُرِيد الرُّجُوع لله إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك . الله أب وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَإِنَّهُ يَنْتَظِر .. وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَثِق فَإِنَّهُ يُؤَدِب مِنْ أجْل الرُّجُوع إِلِيه لأِنَّهُ لاَ يَشَاء هَلاَك إِنْسَان .. لَيْتَنَا نَسْتَجِيب لِهذِهِ الدَّعْوَة فِي فِتْرِة الصُوْم .. إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. القَلْب هُوَ مَرْكَز الإِنْفِعَالاَت وَالمَشَاعِر وَالحَيَاة .. وَجَرَت العَادَة أنْ تُطْلَق كَلِمَة " القَلْب " فِي الكِتَاب المُقَدَّس أوْ فِي تَعْبِير الأبَاء أنَّهُ يَرْمُز إِلَى الجَوْهَر الرُّوحِي لِلإِنْسَان لِذلِك إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك وَلِتَرَى أيْنَ قَلْبَك .. ضَعْ قَلْبَك أمَامه لِذلِك قَالَ { اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ } ( حج 1 : 5 ) أي إِجْعَل القَلْب يُحَدِد أيْنَ يُرِيد أنْ يَكُون .. الله يُرِيدَك بِكُلَّ قَلْبَك . فِرْعُون يَقُول لِمُوسَى وَهَارُون صَلِيَا لأِجْلِي عِنْدَ إِلهَكُمَا وَيَعْتَذِر .. نَقُول أنَّهُ تَاب .. لكِنَّهُ يَعُود ثَانِيَةً وَيُعَانِد لأِنَّهُ لَمَّا رَجَعْ لَمْ يَرْجَع بِكُلَّ قَلْبه بَلْ بِمُؤَثِر خَارِجِي .. لِذلِك إِنتْبِه أنْ تَعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. لِذلِك مِنْ عَلاَمَات الرُّجُوع لله بِكُلّ القَلْب أنَّ الجَسَدْ يَشْتَرِك مَعَ القَلْب .. الجَسَدْ وَالمَشَاعِر الإِثْنَان يُقَدَمَان لله .. الجَسَدْ يُقَدِم صُوْم وَالمَشَاعِر تُقَدِم بُكَاء .. بُكَاء لِدَرَجِة النَّوح لِذلِك يَقُول إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ بِالصُوْم وَالبُكَاء وَالنَّوْح مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ .. { ارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ بَطِئُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ } .. لَدَيْهِ الإِسْتِعْدَاد أنْ يَنْسَى كُلَّ مَا فَات لأِنَّهُ كَثِير الرَّأفَة وَالرَّحْمَة رَأفَتَهُ كَثِيرَة وَغَضَبه قَلِيل .. غَضَبه بَطِئ هذِهِ ثِقَتْنَا فِي إِلهْنَا . لكِنْ مَا الَّذِي يَجْعَل غَضَبه يَظْهَر وَإِنْ كَانَ بَطِئ ؟ هَلْ هُوَ غَضَبه أم خَطَايَانَا ؟ بِالطَبْع خَطَايَانَا لِذلِك يَقُول أُرِيدَك أنْ تَرْجِع إِلَيَّ .. التُوْبَة تَهِز الأحْشَاء الدَّاخِلِيَّة لله .. يَقُول الشِيخ الرُّوحَانِي { مَنْ ذَا الَّذِي يُبْغِضَكِ أيَّتُهَا التَوْبَة إِلاَّ العَدُو لأِنَّكِ إِقْتَنَيْتِ كُلَّ مُقْتَنَاه } .. العَدُو فَقَطْ هُوَ الَّذِي يُبْغِض التُوْبَة لأِنَّهَا تَأخُذْ مِنْهُ النِفُوس الَّتِي سَلَبَهَا بِالخَطِيَّة .. التُوْبَة تُعِيدَهَا مَرَّة أُخْرَى لِذلِك العَدُو يِكْرَه التُوْبَة بِشِدَّة .. وَلِذلِك يُكَلِمَك عَنْ دَعْوَة لِلتُوْبَة وَالله نَاظِر إِلَى هذِهِ التَنَهُدَات وَالدِمُوع وَالنَّوْح .. الله يُرَاقِب هذِهِ القُلُوب لِذلِك جَيِّد أنْ يَقُول لَكَ الله إِرْجَع لِي وَجَيِّد أنَّهُ يَنْدَم عَلَى الشَّر لَعَلَّهُ يَرْجَع .. { لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ } لَعَلَّهُ .. لأِنَّنَا نَتَرَجَّى مَرَاحِم الله .. نَحْنُ فِي الحَقِيقَة نَسْتَحِق العُقُوبَة . فِي سِفْر بَارُوك يَقُول { نَحْنُ خَطَئْنَا وَنَافَقْنَا وَأثَمْنَا أيُّهَا الرَّبُّ إِلهْنَا } ( با 2 : 12) .. نَحْنُ نَسْتَحِق مَا يَحْدُث لَنَا مِنْ تَأدِيبَات لِذلِك يَقُول { أَنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ } ( مرا 3 : 22 ) إِحْسَانَات الله .. لِذلِك نَقُول لَعَلَّهُ يَرْجَع أي مِنْ حَقِّهِ أنْ يَغْضَب مِنْ كَثْرِة خَطَايَانَا وَمِنْ حَقِّهِ أنْ يَرْجَع .. أحَدْ الأبَاء كَانَ يَنْصَح أوْلاَده عِنْدَمَا يَطْلُبُون رَحْمِة الله أنْ يَطْلُبُوهَا وَهُمْ يَتَرَجُونَهَا وَلَيْسَ عَنْ إِسْتِحْقَاق فَكَانَ يَقُول لَهُمْ هكَذَا قُولُوا { إِرْفَع يَارَبَّ غَضَبَك عَنَّا } .. مِنْ جِهَة إِسْتِحْقَاقَاتَنَا نَحْنُ نَفْنَ وَمِنْ جِهَة رَأفَاتَك أنْتَ تَغْفِر .. { إِفْتَح لَنَا يَارَبَّ ذلِك البَاب الَّذِي أغْلَقْنَاه عَلَى أنْفُسَنَا بِإِرَادَتْنَا إِنْ فَتَحَ فَهذَا حَقٌ وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَهذَا حَقٌ .. إِنْ فَتَحَ فَمِنْ جَزِيل رَأفَاته وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَمُبَارَك ذَاكَ الَّذِي أغْلَق عَلَيْنَا بِعَدْل } . إِفْحَص كُلَّ الخَطَايَا سَتَجِدْ أنَّهَا كُلَّهَا بِإِرَادَتَك وَسَتَقُول أنَّهُ سَبَق الخَطِيَّة مَشَاعِر وَأفْكَار وَتَهَاوُن .. حَتَّى وَإِنْ لَمْ تَفْتَح فَمُبَارَك أنْتَ يَا الله .. نَحْنُ نَقِف أمَام الله نَطْلُب الرَّحْمَة لاَ لأِنَّنَا نَسْتَحِقَهَا بَلْ قِف أمَامه وَأنْتَ تَعْلَم أنَّكَ مُجْرِم مُتَلَبِس وَأمَام القَانُون جَرِيمَتَك تَسْتَحِق حُكْم مُعَيَّن وَأنْتَ تَطْلُب الرَّحْمَة فَهَلْ تَطْلُبْهَا بِحَقٌ أم بِتَوَسُل ؟ بِتَوَسُل وَالله يُعْطِي مَنْ يَطْلُبَهَا بِتَوَسُل .. { أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ } ( لو 18 : 7 ) . لِذلِك يَقُول { اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ } .. خُذُوا الأمر بِجِدِيَّة إِنْ كَانَ العَدُو يُمْكِنْ أنْ يَذِلَكُمْ إِلَى هذِهِ الدَرَجَة وَيُحَارِبَكُمْ بِإِنْتِظَام وَيَأخُذْ ثَمَرَكُمْ .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَجَبِر عَلَيْكُمْ وَقَاسِي جِدَّاً .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَسَلِط وَجَبَّار إِلَى هذِهِ الدَرَجَة فَأمَام كُلَّ هذَا الجَبَرُوت قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِإِعْتِكَاف .. { اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ احْشُدُوا الشُّيُوخَ اجْمَعُوا الأطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ } .. مَاذَا يَفْعَل رَاضِعِي الثَّدِيِّ ؟ كُلَّ هؤُلاَء يُمَثِلُون وِحْدَة وَاحِدَة هُمْ كُلُّهُمْ جَسَدْ الله وَأعْضَاءه .. كَنِيسَتَهُ .. إِجْمَعُوا الكُلَّ { لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مُِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا } .. إِنْسَان يَقُول أنَا عَرِيس وَأُرِيد بَعْض الوَقْت مَعَ زَوْجَتِي .. نَقُول لَهُ هذَا وَقْت بُكَاء وَتُوْبَة وَتَنَهُّد .. إِجْمَعُوا الكُلَّ حَالِة حَرْب كَمَا يُحَارِبْنَا العَدُو بِنِظَام وَدِقَّة وَقَسْوَة هكَذَا لاَبُد أنْ نَسْتَعِد لَهُ لِذلِك يَقُول إِجْمَعُوا كُلَّ الشَّعْب . مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى فِيهَا الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَألَمُون وَقَلْبَهَا كُلَّه مَرْفُوع كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَنَهَدُون وَيَصْرُخُون .. مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَصُومُون بِإِنْسِحَاق حَتَّى رَاضِعِي الثَّدِيِّ .. فَهَلْ هؤُلاَء أيْضاً يَهِمُوك يَا الله ؟ رَأيْنَا فِي أهل نِينَوَى أنَّهُمْ جَعَلُوا البَهَائِم تَصُوم مَعَهُمْ لأِنَّهُمْ أرَادُوا أنْ يَرَى الله فِيهُمْ نِفُوس مُنْسَحِقَة تَمَاماً .. لِذلِك يَقُول { لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرُِّوَاقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا اشْفِقْ يَارَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ } .. طِلْبَة جَمِيلَة نَطْلُبَهَا .. نَحْنُ يَارَبَّ شَعْبَك وَمِيرَاثَك .. نَحْنُ حَقَّك .. نَحْنُ لَكَ يَارَبَّ .. جَيِّد أنْ نَطْلُب التُوْبَة بِهذِهِ الرُّوح . الله يَطْلُب كُلَّ طَاقَات وَمَوَاهِب الإِنْسَان .. يُرِيد كُلَّ الإِنْسَان لِذلِك يَقُول { فَيَغَارُ الرَّبُّ لأِرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الأُمَمِ } .. عِنْدَمَا يَجِدَنِي أُقَدِّم لَهُ تُوْبَة بِإِنْسِحَاق وَتَذَلُّل يَرُد لِي الخِير الَّذِي أعْطَانِي إِيَّاه .. لِتَرَى غِيرِة الله عَلَى أرْضِهِ .. يُقَدِّم لَكَ شَبَعْ الَّذِي هُوَ القَمْح .. وَالمِسْطَار هُوَ عَصِير الكَرْم رَمْز لِلفَرَح الرُّوحِي .. القَمْح هُوَ الطَّعَام رَمْز لِلغِذَاء الرُّوحِي .. الزِيت يَرْمُز لِعَطَايَا الرُّوح القُدُس .. الله يَقُول وَلاَ أجْعَلَكُمْ عَاراً بَيْنَ الأُمَم لأِنَّهُ يُعْطِيك عَطَايَا جَزِيلَة .. يُعْطِيك دَالَّة وَفَرْحَة . { وَالشِّمَالِيُّ أُبْعِدُهُ عَنْكُمْ وَأَطْرُدُهُ إِلَى أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَمُقْفِرَةٍ } .. الله يَقُول أنَا سَلَّطْت الشِّمَالِيُّ عَلَيْكُمْ وَجَعَلْتَهُ يُحَارِبَكُمْ لِذلِك أنَا الَّذِي أقْدِر أنْ أطْرُدَهُ .. فَيَقُول { لاَ تَخَافِي أَيَّتُهَا الأرْضُ ابْتَهِجِي وَافْرَحِي لأِنَّ الرَّبَّ يُعَظِّمُ عَمَلَهُ . لاَ تَخَافِي يَا بَهَائِمَ الصَّحْرَاءِ فَإِنَّ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ تَنْبُتُ لأِنَّ الأشْجَارَ تَحْمِلُ ثَمَرَهَا التِّينَةُ وَالْكَرْمَةُ تُعْطِيَانِ قُوَّتَهُمَا } .. الله يُقَدِّس كُلَّ طَاقَات الإِنْسَان عَنْ طَرِيقٌ مَوَاهِب الرُّوح القُدُس الَّتِي يُعْطِيهَا لَهُ وَيَرُد البَهْجَة وَيُؤَدِب الأعْدَاء وَيَقُول لَهُمْ لاَ تَتَخَيَلُوا أنَّكُمْ أقْوِيَاء .. لاَ .. أنَا مَنْ سَمَحْت لَكُمْ بِهذِهِ القُّوَة .. أنَا إِسْتَخْدِمْتُكُمْ عَصَا تَأدِيب لِشَعْبِي . { يَا بَنِي صِهْيَوْنَ ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ يُعْطِيكُمْ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَراً مُبَكِّراً وَمُتَأَخِّراً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ } .. إِرْتَبَطَ دَائِماً المَطَر بِعَمَل الرُّوح القُدُس .. دَائِماً يُرْمَز لِعَمَل الرُّوح القُدُس بِالمِيَاه بِكُلَّ أنْوَاعْهَا وَمِنْ أجْمَل أنْوَاع المِيَاه مِيَاه المَطَر لأِنَّ مَصْدَرْهَا السَّمَاء مُبَاشَرَةً .. المَطَر الَّذِي يَأتِي مِنْ السَّمَاء مُبَاشَرَةً هُوَ رَمْز لِفِيض عَطَايَا الرُّوح القُدُس المِيَاه المُقَدَّسَة لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ نُوعِين مِنْ المَطَر مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. المَطَر المُتَقَدِّم هُوَ إِنْسِكَاب رُوح الله عَلَى الإِنْسَان طُول الفِتْرَة الَّتِي عَرَفَ الله فِيهَا .. المَطَر المُتَأخِّر فَهُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّتِي أعْطَاهَا الله لِكَنِيسَتَهُ يَوْم الخَمْسِين .. إِذاً الله أعْطَى البَشَرِيَّة مَطَر مُتَقَدِم مُنْذُ أنْ خَلَقَ الخَلِيقَة .. وَكَانَ { رُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ } ( تك 1 : 2 ) .. وَالمَطَر المُتَأخِّر فِي يُوْم الخَمْسِين لِذلِك الأبَاء القِدِّيسُون يَقُولُون أنَّ لِكُلَّ إِنْسَان مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر . أنَا يَوْمِياً عِنْدِي مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. وَلِنَنْتَبِه أنَّهُ أحْيَاناً يَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر فِتْرِة جَفَاف فَلاَ تَحْزَن إِنْ مَرِّت فِي حَيَاتَك فَتَرَات فُتُور رُوحِي لأِنَّكَ بِذلِك تَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. عِنْدَمَا تَجِد أنَّ المَطَر تَأخَّر مَاذَا تَفْعَل ؟ أُطْلُب المَطَر لأِنَّهُ مَتَى يَأتِي ؟ لَيْسَ لَكَ يَدْ فِي ذلِك مَا عَلِيك هُوَ أنْ تَزْرَع الزَّرْع وَتَحْرُث الأرْض وَتَضَعْ البِذْرَة وَتَرْعَاهَا أمَّا مَتَى يَأتِي المَطَر فَهذَا عَمَل نِعْمَة الله يَأتِي عَلَيْكَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. النِفُوس الَّتِي تَضْجَر مِنْ الفِتْرَة مَا بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمَطَر المُتَأخِّر تُعْلِنْ عَنْ عَدَم إِسْتِحْقَاقْهَا .. وَالنِفُوس الَّتِي تَتَرَاجَعْ تُعْلِنْ ضَعْف إِيمَانْهَا .. أمَّا النِفُوس الَّتِي تَثْبُت فَهيَ تُعْلِنْ إِيمَانْهَا . لِذلِك يَقُول { فَتُمْلأُ الْبَيَادِرُ حِنْطَةً وَتَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً } .. مَتَى أتَمَتَّع بِهذَا الشَّبَع ؟ هذَا غِنَى كُلَّ البُيُوت وَالبَيَادِر تُمْلأ حِنْطَة .. كُلَّ المَخَازِن تُمْلأ حِنْطَة .. غِنَى .. إِنْسَان الله الَّذِي يَحْيَا فِي فَرَح بِالله تَجِدْ دَاخِلُه كُنُوز وَمَخَازِن .. { سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً } ( مز 65 : 9 ) .. عِنْدَمَا يَأتِي مَوْقِف يَمْتَحِنْ هذَا الشَّخْص تَجِدْ بَيْدَرَهُ مَمْلُوء حِنْطَة .. { تَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أَكَلَهَا الْجَرَادُ } .. فَتَرَات الحُرُوب الرُّوحِيَّة وَالقَفْر الَّذِي سَبَّبَهُ عَدُو الخِير يُعَوِضْنِي عَنْهَا الله .. أنَا مَا عَلَيَّ إِلاَّ إِنِّي لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا وَلَيْسَ عَدَم عَمَل الخَطِيَّة فَقَطْ بَلْ لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا .. أجَاهِد ضِدْ الخَطِيَّة وَالله يُعَوِضَنِي عَنْ السِنِين الَّتِي أكَلَهَا الجَرَاد .. لَكَ وَعْد مِنْ الله إِنْ ثَبَتْ فِي الحَرْب وَلَوْ ظَلَلْت سِنِين أكَلَهَا الجَرَاد فَالله قَادِر أنْ يُعَوِضَك عَنْهَا وَسَتَجِد فِيض أنْهَار .. { فَتَأْكُلُونَ أَكْلاً وَتَشْبَعُونَ وَتُسَبِّحُونَ اسْمَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي صَنعَ مَعَْكُمْ عَجَباً وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى الأبَدِ } .. مُنْذُ قَلِيل كَانَتْ الشُّعُوب تَهِيجُ عَلَيْنَا وَتَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى ظُلْمَة لأِنَّنَا أخْطَأنَا لله .. لاَ .. إِنْتَبِه أنَا الرَّبَّ إِلهْكُمْ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَتَمَسَّك بِالرَّبَّ إِلهَهُ .. جَيِّد مَنْ يَثِق أنَّ الله وَاهِب النُصْرَة . { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى } .. هذِهِ هِيَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس العَطِيَّة العُظْمَى مِنْ الله لِلبَشَرِيَّة .. مُكَافَأة الله لِلبَشَرِيَّة الوَعْد بِهَا جَاءَ فِي يُوئِيل 2 .. هَلْ يَا الله تُرِيد أنْ تُشَوِقْنَا لِلرُّوح القُدُس مِنْ قَبْل أنْ يَأتِي بـ 500 سَنَة ؟ يَقُول نَعَمْ أنَا أُرِيد أُرِيك عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّذِي يُسَمَّى رُوح النُّبُوَة . هذَا الأصْحَاح بَدأ بِالعُقُوبَة وَانْتَهَى بِمُكَافَأَت وَعَطَايَا وَغِنَى وَعَطِيِة الرُّوح القُدُس رُوح الله .. النَّفْس الأمِينَة لله عَلَى مِيعَاد مَعَ الرُّوح القُدُس فَتَمْسِك بِالله وَلاَ تَتْرُكَهُ دُونَ أنْ تَأخُذْ الهِدِيَّة وَيَتَحَقَّق فِيك الوَعْد .. قُلْ لَهُ أنْتَ يَارَبَّ قُلْتَ إِنِّي أسْكُب رُوحِي عَلَى كُلَّ البَشَر .. خُذْ الرُّوح القُدُس دَاخِلَك كَمَارِد قَوِي مُتَسَلِط جَبَّار يُعْطِيك قُوَّة وَرَجَاء لِذلِك يَقُول " بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ " يَكُونُونَ أصْحَاب بُنُّوَة .. يَارَبَّ ألَيْسَ أوْلاَدْنَا كَانُوا مُنْذُ قَلِيل أشْرَار تَحْت سُلْطَان العَدُو ؟!! يُجِيب نَعَمْ وَلكِنِّي سَأُحَوِلَهُمْ إِلَى أنْبِيَاء .. أيْضاً شُيُوخَكُمْ سَيَحْلَمُون وَيَرَوْنَ رُؤى . حَتَّى الَّذِينَ تَحْتَقِرُونَهُمْ وَهُمْ العَبِيد .. { وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ دَماً وَنَاراً وَاعْمِدَةَ دُخَانٍ } .. سَأُحَوِل المَسْكُونَة كُلَّهَا إِلَى مَسْكُونَة خَاضِعَة لِي تَعْبُدَنِي بِحُب .. عَطِيَّة مَصْحُوبَة بِعَجَائِب وَكَأنَّ غَايِة العَطِيَّة أنْ يُعْلِنْ أنَّ هذِهِ كَنِيسَتَهُ وَهذَا شَعْبه .. { وَتَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ قَبْلَ أَنْ يَجِئَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ . وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَنْجُو } .. عِنْدَمَا تَأتِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس سَيُهَيِئ كَنِيسَتَهُ لِمَجِئ الرَّبَّ لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَّل إِلَى ظُلْمَة .. هذَا هُوَ المَجِئ الثَّانِي .. أجْمَل إِسْتِعْدَاد لِمَجِئ الرَّبَّ هُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس لِذلِك يُكَلِمَك عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَل إِلَى ظُلْمَة أي زَوَال العَالَم وَانْتِهَاءه لِذلِك الكِنِيسَة تِجَهِز نَفْسَهَا مِنْ الآن لَهُ وَعِنْدَمَا يَنْطَفِئ نُور العَالَم يَظِل كُلَّ شِئ إِلهِي وَتَتَجِه قُلُوْبْنَا لله . { لأِنَّهُ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَفِي أُورُشَلِيمَ تَكُونُ نَجَاةٌ } .. مَعْرُوف أنَّ جَبَلْ صِهْيَوْن هُوَ كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد .. هَلْ تُرِيد أنْ تَنْجُو ؟ كُنْ فِي جَبَل صِهْيَوْن كُنْ فِي الكَنِيسَة .. الكَنِيسَة هِيَ المُؤتَمَنَة عَلَى يَنَابِيع الرُّوح وَمَخَازِن الرُّوح .. خُذْ الرُّوح مِنْ الإِعْتِرَاف وَالتَنَاوُل .. خُذْ الرُّوح مِنْ فَمْ الرُّوح القُدُس المَوْجُود الَّذِي تَنَال الحِل بِهِ .. { وَمِنْ فَمْ الكَنِيسَة الوَاحِدَة الوَحِيدَة المُقَدَّسَة } ( مِنْ تَحْلِيل الخُدَّام ) .. يَكُونُ فِي جَبَلْ صِهْيُون نَجَاة .. { كَمَا قَالَ الرَّبُّ . وَبَيْنَ الْبَاقِينَ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ } .. يُوْجَدْ بَقِيَّة لله مِنْ خَارِج صِهْيَوْن سَيَكُون لَهُمْ نَجَاة أيْضاً .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحِد بِالله إِتِحَاد تُوْبَة وَيَرْجِع لله بِكُلَّ قَلْبِهِ يَسْتَحِق عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَيَسْتَحِق النَجَاة مِنْ هُنَا الله يُرِيد أنْ يَفْتَح ذِرَاعَيْهِ لِلكُلَّ لأِنَّهُ رَبَّ غَنِي لِلكُلَّ غَنِي لِمَنْ يَدْعوه .. لأِنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِإِسْم الرَّبَّ يَنْجُو . جَيِّدْ أنْ تَتَمَسَّك بِمَوَاعِيد الله .. جَيِّدْ أنْ تَتَأمَّل خَطَايَاك وَإِلَى أيْنَ تَذْهَب بِك .. أحْيَاناً يَسْتَخِف الإِنْسَان بِكَلاَم الله وَيَتَعَالَى عَلَى كَلاَمه .. الله يَقُول لَكَ إِنْتَبِه أنَا فِي البِدَايَة أتَكَلَّم مَعَك بِالبُوْق وَإِنْ لَمْ تَأتِي بِذلِك فَأنَا قَادِر أنْ أُخِيفَك وَأُرِيعَك وَأُرْهِبَك وَعِنْدَمَا تَدْخُلَك الرِعْدَة يَقُول لَكَ لاَ تَخِف فَأنَا أبُوك فَتَقُول لَهُ لَكِنِّي يَارَبَّ مَازِلْت مُرْتَعِد فَيُجِيبَك " تَعَالَ إِلَيَّ بِكُلَّ قَلْبَك " .. وَعِنْدَمَا أعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبِي يَقُول لِي أنَا أضْمَنْ لَك أنْ لاَ تَعُود كُلَّ هذِهِ التَّهْدِيدَات تَأتِيك وَأضْمَنْ لَك أنْ تَكُون قُوَّة وَسَطْ أعْدَاءَك وَضَمَان القُوَّة إِنِّي أُعْطِيك رُوحِي وَأسْكُبه عَلِيك وَرُوحِي هذَا يُهَيِّئَك لِليُوْم العَظِيم وَهُوَ الَّذِي يَضْمَنْ لَكَ أنْ تَنْجُو فِي يُوْم الدَيْنُونَة . الله يُعْطِينَا رُوح تُوْبَة وَيِقْبَل صُوْمنَا وَصَلاَتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ الْمَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين |