أولا الرسالة إلي أهل رومية
كتبت هذه الرسالة بيد فيبي خادمة كنيسة كنخريا من كورنثوس، والتي مكث الرسول بولس فيها سنتين في أواخر رحلته الكرازية الثالثة سنة 57م وقبل رجوعه إلى أورشليم (أع 3:20)، (رو 25:15)، (رو1:16)، لتشجيع المؤمنين من أهل رومية، وإبداء رغبته في زيارتهم، وعدد اصحاحاتها 16 اصحاح، وهذه الرسالة تعتبر أول كتاب مسيحي رآه مؤمنو رومية، والموضوع الرئيس في هذه الرسالة هو الخلاص “لأني لست أستحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهود أولا ثم لليونانيين” (رو16:1). وقد بدأ كرازته في المجمع اليهودي بكورنثوس، وعندما رفض اليهود الإنجيل اتجه للكرازة بين الأمم المقيمين هناك، أثناءها كان يقيم في بيت تيطس يوستوس.
في الأصحاح الأول وجه القديس بولس السلام والتحية إلى جميع الموجودين في رومية، وهي الصيغة التي اتبعها في كل رسائله، فيذكر أولا اسم كاتبها ” بولس عبد ليسوع المسيح “، ثم يذكر القراء وبعدها التحية (رو7:1). وقد تنوعت هنا هذه الصيغة لأنه كان يخاطب كنيسة لم يؤسسها(5) ولا حتى قام بزيارتها قبل كتابة هذه الرسالة. وكان كمن يقدم أوراق اعتماده لأهل رومية “بولس المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله”، وقوله “المفرز” تعني استجابة الإنسان للإختيار الإلهي. موضحاً أن هذا اختياراً إلهياً ودعوة للرتبة الرسولية “لا من الناس ولا بإنسان (غل1:1)بل باعلان الروح القدس”.
أعلن بولس الهامة أن ربنا يسوع المسيح قد “تعين ابن الله بقوة من جهة القداسة بالقيامة من بين الأموات. يسوع المسيح ربنا الذي به لأجل اسمه قبلنا منه رسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم الذين بينهم أنتم أيضا مدعوون بيسوع المسيح”(رو 4:1-7). كما أعلن ولاءه للإنجيل بقوله”لأن فيه اعلان بر الله بالإيمان كما هو مكتوب أما البار فبالإيمان يحيا” (رو17:1)، وهذا يوضح أن التبرير بالإيمان وحده وليس بالأعمال. وقد وصف القديس بولس الديانة الوثبية بالفجور والأخلاق الوثنية بالشر كما أعلن أن” غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحتجزون الحق بالإثم. إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدرَكة بالمصنوعات قدرته السرمدية حتي أنهم بلا عذر.”(رو18:1-20). لأنهم كانوا يعبدون الحجر والشجر، الشمس والقمر والنجوم والنار وكانوا يقدمون الذبائح الحيوانية لها، وقد كان الوثنيون سطحيين في فلسفاتهم، ففضلوا الفكر البشري الفاسد على الإعلان الإلهي، لأن الناموس الطبيعي مكتوب في ضمائر الناس الذين خلقوا جميعا علي صورة الله، لذلك أعلن لهم أن الله أسلمهم إلى النجاسة (رو24:1)، واسلمهم الله الى أهواء الهوان(رو26:1)، وأسلمهم الله إلى ذهن مرفوض (رو28:1)، وهذا يؤكد التخلي الإلهي عنهم وهو تخلي تأديبي.