أَرْجُوك! إِئْذَنْ لي أَنْ أُكَلِّمَ الشَّعْب
الأربعاء العاشر من زمن العنصرة
ولَمَّا كَادَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ تَنْقَضِي، أَبْصَرَهُ بَعْضُ اليَهُودِ الآسْيَويِّينَ في الـهَيْكَل، فأَثَارُوا الـجَمْعَ كُلَّه، وأَلْقَوا عَلَيْهِ الأَيْدِي، وهُم يَصِيحُون: “أَلنَّجْدَة، أَيُّهَا الرِّجَالُ بَنُو إِسْرائِيل! هـذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ جَمِيعَ النَّاسِ في كُلِّ مَكَانٍ تَعْلِيمًا ضِدَّ شَعْبِنَا، وشَرِيعَتِنَا، وضِدَّ هـذَا الـمَوْضِع، حتَّى إِنَّهُ أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ إِلى الـهَيْكَل، ودَنَّسَ هـذَا الـمَوْضِعَ الـمُقَدَّس!”. فأَمْسَكُوا بُولُس، وجَرُّوهُ إِلى خَارِجِ الـهَيْكَل، وأُغْلِقَتِ الأَبْوابُ في الـحَال. وفيمَا كَانُوا يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ، بَلَغَ الـخَبَرُ قَائِدَ الفِرْقَةِ الرُّومَانيَّةِ أَنَّ الشَّغَبَ عَمَّ أُورَشَليمَ كُلَّهَا. فأَخَذَ حَالاً جُنُودًا، وقَادَةَ مِئَة، وأَسْرَعَ إِلَيْهِم. فلَمَّا رأَوا قائِدَ الأَلْفِ والـجُنُودَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُس. حِينَئِذٍ دنَا قائِدُ الأَلْف، وأَلْقَى القَبْضَ عَلَيْه، وأَمَرَ جُنُودَهُ أَنْ يُقَيِّدُوهُ بِسِلْسِلَتَيْن، وأَخَذَ يَسْأَل: “مَنْ هُوَ؟ ومَاذَا فَعَل؟”. وكَانَ الـجَمْعُ يَصِيحُ كُلٌّ عَلى هَوَاه. ولَمَّا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يتَبَيَّنَ حَقيقَةَ مَا جَرَى، بِسَبَبِ الاضْطِرَاب، أَمَرَ أَنْ يُسَاقَ إِلى القَلْعَة. ولَمَّا صَارَ بُولُسُ عَلى الدَّرَج، اضْطُرَّ الـجُنُودُ أَنْ يَحْمِلُوهُ بِسَبَبِ عُنْفِ الـجُمُوع، لأَنَّ جُمْهُورَ الشَّعْبِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ صَارِخين: “إِرْفَعْهُ!”. ولَمَّا أَوْشَكَ بُولُسُ أَنْ يَدْخُلَ القَلْعَة، قَالَ لِقَائِدِ الأَلْف: “هَلْ يَجُوزُ لي أَنْ أَقُولَ لَكَ شَيْئًا؟”. فقَال: “هَلْ تَعْرِفُ اليُونَانِيَّة؟ أَمَا أَنْتَ إِذًا ذلِكَ الـمِصْرِيَّ الَّذِي أَثَارَ فِتْنَةً مُنْذُ أَيَّام، وخَرَجَ إِلى البَرِّيَّةِ بأَرْبَعَةِ آلافِ رَجُلٍ مِنَ القَتَلَة؟”. فقَالَ بُولُس: “أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ مِنْ طَرْسُوسَ في قِيلِيقِيَة، مِنْ مَدينَةٍ مَعْرُوفَة. أَرْجُوك! إِئْذَنْ لي أَنْ أُكَلِّمَ الشَّعْب”. وأَذِنَ لَهُ.
قراءات النّهار: أعمال ٢١: ٢٧-٢٨، ٣٠ب-٤٠أ / متّى ٢٣: ٢٣-٢٦
التأمّل:
“أَرْجُوك! إِئْذَنْ لي أَنْ أُكَلِّمَ الشَّعْب”!
يظهر لنا هذا النصّ شجاعة مار بولس في مواجهة الاضطهاد والظلم ومثابرته على رسالته في كلّ الظروف حتّى وهو يساق إلى التحقيق أو السجن.
كلّ منّا يمرّ بصعاب وبظروفٍ دقيقة يشعر معها أحياناً بإحباطٍ أو بخوفٍ أو بتراجع أمام ثقل المهمّة أو حجم العراقيل.
إن مار بولس يشكّل بالنسبة إلينا مثالاً في الجهاد والاستمراريّة في كل الظروف فهلمّ نقتدي به!