كيف تلاعب أردوغان بكنيسة «آيا صوفيا»
أثارت تغريدتان عبر موقع التدوين القصير تويتر، نشرت واحدة منهم عبر حساب الرئاسة التركية الناطق باللغة الإنجليزية والثانية على الحساب الرسمي الناطق باللغة العربية للرئيس رجب طيب أردوغان عن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، جدلا كبيراً.
السبب في الجدل هو طريقة حديث أردوغان عن تحويل آيا صوفيا، وفقاً لتقرير قناة الحرة، فقد اختار حساب الرئاسة التركية الناطق باللغة الإنجليزية أجزاء أكثر انفتاحاً حيث علق الحساب قائلاً: «أبواب آيا صوفيا ستكون، كما هو الحال في جميع مساجدنا، مفتوحة للجميع، سواء كانت أجنبيًا أو مواطنًا، مسلمًا أو غير مسلمًا».
وفي الصورة المصاحبة للتعليق والتي كتبت باللغة الإنجيليزية، جاء فيها:«بمكانتها الجديدة، ستواصل آيا صوفيا، التراث المشترك للبشرية، احتضان الجميع بطريقة أكثر صدقًا وأصالة»، مضيفًا: «بالتأكيد، سوف نرحب بكل الآراء المعبر عنها بشأن هذا الأمر على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن الغرض من استخدام آيا صوفيا هو مسألة حقوق تركيا السيادية».
كما ذكر نقلًا عنه: «فتح آيا صوفيا للعبادة باتباع لائحة جديدة هو مجرد ممارسة لحقوق سيادة بلادنا، الحق في تحويل آيا صوفيا إلى مسجد يتماشى مع ميثاق تأسيسها. سنقبل جميع المواقف والبيانات المتعلقة بهذه المسألة بخلاف التعبير عن الآراء على أنها انتهاك لاستقلالنا، مثلما لا نتدخل نحن في تركيا في القرارات المتعلقة بأماكن العبادة في دول أخرى، نتوقع نفس الفهم حول حماية حقوقنا التاريخية والقانونية».
على العكس تماماً ماجاء في بيان أردوغان عن آيا صوفيا، عبر حسابه باللغة العربية، حيث جاء في تعليقه: «إحياء أيا صوفيا من جديد هي بشارة نحو عودة الحرية للمسجد الأقصى»، وتضمنت الصورة بيان أردوغان الذي قال فيه: «إحياء آيا صوفيا هو بداية جديدة للمسلمين في جميع أنحاء العالم من أجل الخروج من العصور المظلمة، إحياء آيا صوفيا لا يمثل عودة الأمل للمسلمين فقط بل أيضا لكافة المظلومين والمضطهدين والمسحوقين والمستغلين».
وتابع الموقع نقلا عن الرئيس التركي: «إحياء آيا صوفيا هو سلام مرسل من أعماق قلوبنا إلى كافة المدن التي ترمز لحضاراتنا بدءاً من بخاري وصولا إلى الأندلس، هذه الصورة هي أفضل رد على الهجمات الشنيعة التي تستهدف قيمنا الرمزية في كافة أنحاء المناطق الإسلامية».
وختم بيانه بالعربية قائلاً: «أن تركيا من خلال كل خطوة خطتها في الفترات الأخيرة تؤكد أنها فاعل وليست مفعول به في هذا الزمان والمكان، وبمشئية الله تعالى سنواصل المسير في هذا الطريق المبارك دون توقف وبلا كلل أو ملل وبكل عظيمة وتضحية وإصرار حتى نصل لهدفنا المنشود».
ردود فعل غاضبة
كانت قد استقبل العالم القرار بالرفض، جيث قالت وزارة الثقافة اليونانية إن قرار المحكمة التركية بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يمثل «استفزازًا صريحًا» للعالم المتحضر.
وقالت وزيرة الثقافة، لينا ميندوني في بيان «قرار اليوم، الذيجاء نتيجة الإرادة السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان، استفزاز صريح للعالم المتحضر الذي يعترف بالقيمة الفريدة والطبيعةالمسكونية لهذا المعلم الأثري».
وأعربت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن أسفها لعدم إصغاء القضاء التركي إلى «مخاوف ملايين المسيحيين»، وسماحها بتحويل كنيسة آيا صوفيا السابقة في اسطنبول إلى مسجد.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا قوله «نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين».
من ناحيتها، نبهت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إلى أن آيا صوفيا أُدرجت ضمن التراث العالمي باعتبارها متحفا، وهذا الأمر له طابع إلزامي.
وأعربت «يونسكو» عن قلقها للسلطات التركية، من خلال عدة رسائل، عبر السفير التركي لدى اليونسكو.
ويقول معارضون في تركيا إن الرئيس التركي الذي دافع عن هذه الخطوة، يسعى إلى استمالة المحافظين من خلال هذه الخطوة، ويضيف المنتقدون أن أردوغان يسعى إلى صرف النظر عن الإخفاقات الاقتصادية في البلاد، وتصوير هذا القرار بشأن آيا صوفيا بمثابة إنجاز.
وأعرب بابا الفاتيكان فرنسيس عن خيبة أمله إزاء هذه الخطوة، وصرح الحبر الأعظم، في عظته الأسبوعية بميدان القديس بطرس في الفاتيكان: «يتجه فكري إلى اسطنبول وأفكر في آيا صوفيا وأشعر بالألم البالغ».
بينما اعتبر مجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي بيان صادر عن الأمانة العامّة أن هذا القرار هو اعتداء على الحريّة الدينيّة التي باتت بُّنيَة مؤسّسة في الضمير العالمي وكرّستها المواثيق والأعراف والقوانين الدوليّة، وبالتالي يستدعي من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربيّة موقفًا حاسمًا مع ترجمة لهذا الموقف باستئناف قانونيّ لقرار المحكمة العليا في تركيا لإحقاق العدالة بالإستناد إلى مبدئيّة الحرّية الدينيّة، كما إلى الرمزيّة التاريخيّة التي تمثّلها كنيسة «آيا صوفيا».
واعتبر إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، أن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحويل معلم آيا صوفيا التاريخي في إسطنبول إلى مسجد «لعبة سياسية خطيرة».
وقال نجم، في حديث لوكالة «تاس» الروسية، إن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد إجراء يجب النظر به في سياق الهدف السياسي الذي حدده أردوغان.
وأوضح نجم أن توقيت وملابسات هذا الحدث تشير إلى أن هذا القرار يحمل فقط طابعا سياسيا ويمكن اعتباره محاولة من قبل الرئيس التركي لعرض نفسه بطلا يزعم أنه يحمي المقدسات الإسلامية ويحي عظمتها.
بينما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيانها، بأن الولايات المتحدة تشعر «بخيبة أمل» إثر قرار أنقرة تحويل معلم آيا صوفيا إلى مسجد مفتوح للصلاة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس: «نحن مدركون لحقيقة أن الحكومة التركية ستلتزم بإتاحة آيا صوفيا لجميع الزائرين، ونتطلع لسماع خطط أنقرة بشأن إشرافها المستمر على آيا صوفيا بما يضمن إمكانية أن يزور الجميع المكان من دون عائق».
يذكر إنه جرى تشييد المنشأة التاريخية، في عهد الامبراطورية البيزنطية، خلال القرن السادس الميلادي، وكانت بمثابة كرسي للكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية، ثم تحولت إلى مسجد بعد دخول العثمانيين إلى اسطنبول في 1453، وفي 1935 تم تحويلها إلى متحف.
هذا الخبر منقول من : المصري اليوم