ما المقصود بمصطلح “غسيل الأموال” ؟
من المُصطلحات الاقتصادية الشائعة التي عادةً ما تُشير إلى جريمة مالية يُعاقب عليها القانون أشد أنواع العقاب. وحيث أننا كثيرًا ما نسمع بمصطلح “غسيل الأموال”، فهل تعلم المقصود به وإلى ماذا يُشير؟
ماذا نعني بمصطلح “غسيل الأموال” ؟
يُقصد بعملية غسيل الأموال أي إعادة تدوير الأموال الناتجة من أعمال وأنشطة غير مشروعة، واستعمالها في قنوات واستثمارات شرعية لإخفاء مصدرها الحقيقي. مثل أن يتم استعمال الأموال الناتجة من عمليات تجارة المخدّرات والممنوعات وعمليات الاتجار بالأعضاء البشرية، وأموال عصابات المافيا غير المشروعة التي حصلت عليها بطرق إجرامية، تُستعمل في قنوات أخرى مشروعة كعملية تمويه عن أصل هذه الأموال، ولتبدو كأنها جاءت من مصادر قانونية.
كيف تحصل عمليات غسيل الأموال؟
لأنها تحتاج إلى صفة الشرعية، فغالبية العمليات التي يتم عبرها إعادة تدوير الأموال غير المشروعة تكون قانونية تمامًا. على سبيل المثال، من أجل أن يتمكّن تاجر مخدّرات خطير وكبير في السوق السوداء من تحويل أرباحه التي تُقدّر بملايين الدولارات من بلدٍ إلى آخر، فإن عليه أن يبحث عن نشاط يبدو طبيعي وقانوني، مثل فتح شركة وهمية لكنها مستوفية لكافة شروط الشركات الاستثمارية. وعادةً ما تحمل هذه الشركات أسماء أشخاص ذوي سجل تجاري نظيف وعادةً ما يكونا ضحايا لعملية غسيل الأموال وجاهلين بحقيقة هذه الأنشطة.
كما يُمكن أن تتم عمليات غسيل الأَموال عبر عمليات الاستيراد والتصدير، بحيث تقوم جهة وهمية باستيراد بضاعة بقيمة أكبر بكثير من قيمتها الفعلية، وبالتالي تحصل الشركة على أرباح وهمية. لكنها تتمكّن من إزالة كافة الشبهات من خلال دفع كامل الضرائب والرسوم المُستحقة على أي شركة، وبالتالي تبدو قانونية إلى حدٍ كبير ويصعب التعرف على نشاطها الحقيقي.
باختصار، فإن كافة عمليات غسيل الأموال تتم تحت إطار شركة أو نشاط تجاري وهمي. هذا النشاط الوهمي يستنفذ كافة الشروط القانونية من أجل نجاح أي مشروع من الالتزام بدفع الرسوم المستحقّة والضرائب في وقتها، حتى أنّ هذه الأنشطة تكون بأسماء أشخاص “غالبًا ما يكونوا ضحايا” ذوي سجل نظيف وموثوقين في الساحة التجارية للبلد. ويتم عبر هذه الأنشطة سحب الأموال وتحويلها من بلدٍ إلى آخر دون أن يشعر أحد من الأطراف المعنية بشبهة جنائية تجاه هذه الأموال.
الطُرق المذكورة ما هي سوى طُرق قليلة من عمليات غسيل الأموال الشائعة. والجدير بالذكر أن هناك أكثر من 300 عملية وآلية يُمكن عبرها تبييض الأموال “مُصطلح آخر يُستعمل في وصف عملية غسيل الأموال”، وتختلف طبيعة هذه الأنشطة بحسب مصادر وطبيعة الأموال.
التأثيرات الاقتصادية لعمليات غسيل الأموال
لم تمنع الجهات الحكومية أي نشاط مشبوه سوى لكونه يُلحق الضرر بالدولة ويضرب عصبها الاقتصادي. فلغسيل الأموال آثار مدمّرة لاقتصاد البلد، من أبرزها تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية الناتج عن زياد السيولة، ما يعني ازدياد الطلب الأمر الذي يؤدي تلقائيًا إلى التضخم وبالتالي رفع الأسعار. من أجل ذلك تُحاول الحكومات جاهدةً منع هذه الأنشطة والترصّد لها ومحاكمة المتّهمين بجرائم تبييض الأموال بأقصى أنواع العقاب لترهيب كل من تسوّل له نفسه بسلوك هذا الطريق.