إلى جميع المتألّمين
"يجب أن نعرف أنّ الإنسان يولد وعلى رأسه تاج الألم”
كما يقول المغبوط أغسطينوس، فالألم صديق يرافقنا كلّ يوم، بل وسيرافقنا حتّى نهاية حياتنا، وإن حاولنا أن نهرب فلن يتركنا، فالأمراض والتجارب..
كلّها آلام قد تطلّ علينا بوجهها القاسي في أيّ وقت وحيثما ذهبنا، وما علينا سوى أن نكون مستعدّين، حاملين درع الإيمان وسيف الروح الذي هو الصلاة، لنستطيع أن نقاومها.
وإن قضت علينا تكون كسلّم يرفعنا من الأرض إلى السماء، أو كسفينة عبرت بنا من شاطئ الحزن والألم إلى برّ الفرح والسلام.
على ظهر سفينة جلست سيّدة كانت مسافرة لزيارة ابنتها، ولكن حدث في منتصف الطريق أن هاجت الأمواج وعصفت الرياح، فاهتزّت السفينة وكادت أن تغرق.
تجمّع الركّاب في مكان واحد، وعلا صراخهم من الفزع، وأمّا السيّدة فقد ظلّت جالسة في مكانها ترتسم على وجهها ابتسامة هادئة وهي تردّد صلاة هامسة.
فاستجاب الله لصلاتها وهدأت الرياح، ولمّا استقرّت السفينة اتّجه الركّاب إلى السيّدة ليعرفوا سرّ هدوئها، فقالت لهم: “كان الموت، في الواقع، سيغيّر البرنامج قليلاً، غير أنّه لم يكن ليعطّل خطّتي،
فأنا كنت ذاهبة إلى ابنتي المتزوّجة، ولكن لي ابنة أخرى توفّيت منذ سنوات، فلو أنّ السفينة انقلبت بي، لكنت الآن مع ابنتي الأخرى، التي هي الآن وديعة في يد الله بدلاً من ابنتي الحيّة”.
أحبّاءنا، إنّه الهدوء وسط العاصفة!! هدوء المؤمن النابع من إيمان قويّ بأنّ الله قادر أن ينقذه ممّا يتعبه، حتّى وإن تركنا فيما لا نريده، فهو يعطينا القدرة على الاحتمال، والنعمة لتتحوّل الأحزان إلى أفراح.
إنّه أبونا السماويّ المحبّ البشر.