نداءين مع انهما نداء واحد مكمل بعضه البعض: لنصم عن كل شر، لنصم حسناً لنصوم بتقوى، لأننا لن نصم حسناً بتدبير متقن أم لم نصم أولاً عن كل شرّ، ثم نستطيع ان نصم حسناً حتى نصم بتقوى، مخافة ومهابة الله، فلا للاستهتار ولا للاستهانة بل نصم بوقار شديد، لأن المحبة تجعلنا نوقر الله ونحترمه ولا نستهتر به، ولا نعطيه ثماراً معطوبة، ولا أعمال نصف روحية ناقصة، أي بمظهر جسدي لا بقلب مستقيم، لأنه قال أعطني قلبك وليس أعمال جسدك، فنحن لا نهتم بأعمال الجسد لنقدمها بإتقان بشكل الحرف، بل نرفع القلب إليه مقدمين أنفسنا له ليطهرها ويغسلها لتكون جديرة بمحضره، لأننا لن نستطيع ان نعاين مجده إلا بالتقديس، وهو الذي يقدسنا، لأنه يغسلنا ويطهرنا، هذا وان كنا فعلاً نُريد أن يطهرنا ويغسلنا، لأن الرب يسمع نداء النفس التي تئن تحت وطأة مرضها ومستعد أن يُشفيها لكنه يتساءل أولاً: أتريد أن تبرأ؟ فلو قال الإنسان أُريد من قلبه فعلياً يبرأ في الحال ويُشفى، أما أن قالها فماً وهو في قلبه شيء آخر، بمعنى انه ما زال يحب مرضه ويتلذذ بوجعه وآلامه، فإني أقول لكم أنه لن يُشفى، لأن قلبه منقسم فرجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه (يعقوب 1: 8)، لذلك مكتوب: اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم، نقوا أيديكم أيها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين (يعقوب 4: 8)