رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إعلان الكتاب المقدس الشامل
سواء خُدام أو قارئي الكتاب ودارسوه، قد بدأوا في شرح الكتاب المقدس الذي أتى بإلهام الروح بدون أن يتذوقوا قوة الإنجيل من جهة الخبرة، ولذلك فليس لديهم قوته لخلاص النفس، ولم يتشربوا من نفس ذات الإلهام الذي كُتب به، ليكون لديهم نعمة ليشرحوه بسرّ الله المعلن في قلبهم بالروح القدس، فلذلك فأنهم يخرجون دائماً عن مقاصد الله دون وعي منهم، فيشرحوا الكتاب على أساس لفظي من جهة التحليل اللغوي، ويتوجهون للشرح والتفسير على أساس الكُتب والمراجع والأبحاث القديمة والحديثة، والتي قد تكون صحيحة تمام الصحة، ولكن كل هذا يعملونه بدون الروح القدس وسرّ التقوى وحياة الإيمان، لتنكشف لهم أسرار الكلمة بالروح، فينطقوا بروح الكتاب المقدس وبما أعلنه الله حسب قصده، لأن الكتاب المقدس لم يُقدَّم ليكون في صورة وشكل حرفية لغوية يفهمها باحثي اللغويات والمخطوطات، بالرغم من أهمية وضرورة معرفة اللغة الأصلية لكي يتم شرح المعاني حسب قصد الكاتب المُلهم بالروح، ولكن اللغة وحدها والمعرفة الأكاديمية لا تنفع ولا تكفي أبداً بدون بلوغ سرّ الكلمة المكتوبة بروح الله، حتى تصير موضوع ثبات للنفس في قوة التقوى، لذلك يقول الرسول: وللقادر أن يثبتكم حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح، حسب إعلان السرّ الذي كان مكتوماً في الأزمنة الأزلية. (رومية 16: 25)
فأننا لن نستطيع أن نفهم ونستوعب سرّ الكتاب المقدس، أن لم نفهم مضمونه العام وما الذي يُريد أن يقوله الله للإنسان، وعموماً قبل أن نخوض في أي شرح أو تفسير، لأن كثيرين من المفسرين لا ينطلقون من وحدة الكتاب المقدس ككل، بل ينطلقون من كل سفر وكأنه مستقل عن باقي الأسفار، ويشرحونه حسب المعنى المستقل في إصحاح وكل آية، ويركزون على كل حرف وكل كلمة ((مع أن هذا خطأ لا يفيد ترجمة صحيحة على الإطلاق)) وهذا يُخرج لنا شرحاً مبتوراً بعيد كل البُعد عن القصد الإلهي المُعلن في الكتاب المقدس، لذلك واجب علينا اليوم أن نفهم ما هو قصد الله من إعلان ذاته في الكتاب المقدس ككل، وما هي الوحدة التي تجمع الأسفار المقدسة معاً، والهدف النهائي التي تصبو إليه.
المُعلنة في كلمته التي هي أنفاسه الخاصة، كما سوف نتعرف عليها بدقة وتدقيق من خلال هذا الموضوع، والتي نشرحها من جهة الإعلان الإلهي وليس مجرد شرح وكلام وألفاظ واستقلالية كل سفر على حده، لأن من أوحى بالكتاب المقدس هو الله الحي الذي لا يُخالف نفسه، إنما أعطى الوحي بتدرج ونمو لكي يفهم الإنسان – على مراحل تاريخه الطويل – مقاصده ويتذوق خلاصه، مثل الطفل الذي ينمو منذ ولادته إلى رجولته ويصبح متمرساً في الفهم والمعرفة بخبرة ووعي وإدراك حقيقي، ولا يمكث في حالة من الإدراك الطفولي الأولي، بل يبدأ في النمو والتدرج في المعرفة الاختبارية، وحتى على مستوى الجسد فأننا نتعلَّم أن في الطعام هُناك تدرج – حسب نمو الإنسان جسدياً – من الطعام البسيط الذي يخص الطفل إلى الطعام القوي الذي للبالغين حسب احتياجاتهم الجسمانية.
سنستنشق أنفاس الله التي تبث فينا حياته لنحيا بها على المستوى الشخصي، ويدخل الفرح لقلبنا بقوة خلاص الله المتدفق منه إلينا، وكل من يدخل في عمق إعلانه الخاص، سيأخذ حتماً، ويشبع ويفرح، وسيدخل من عمق لعمق، ومن فرح لفرح، ومن قوة لقوة؛ وذلك لأنها سوف تُترجم في حياته لسلوك وحياة كثمرة من ثمار عمل الله وروح الإلهام في قلبه. |
|