هل تنبأت تريزا الطفل يسوع بنهاية الأزمنة؟
إليكم ما كانت تؤمن به القديسة تريزا الطفل يسوع بشأن نهاية الأزمنة
من يستطيع وصف قراءة كتاب يروي ظهور المسيح الدجال والاضطرابات التي ستتسم بها نهاية الأزمنة وتأملات حول الموت والدينونة والسماء والجحيم بـ “العذبة”؟
“قراءة هذا الكتاب كانت إحدى أعظم النعم في حياتي… الانطباع الذي كوّنته منه عذب جداً. جميع حقائق الدين العظيمة وأسرار الأزلية أدخلت إلى روحي سعادة ليست من هذا العالم”. هكذا كتبت القديسة تريز في سيرتها الذاتية عن “نهاية العالم المعاصر وأسرار الحياة المستقبلية”، الكتاب الذي كرست نفسها له لكي تستعد لمحن الحياة الرهبانية ولسعادة السماء.
هنا، قد نميل إلى صرف النظر عن القديسة تريزا قائلين: “طبعاً، ستستمتع القديسة تريزا بكتاب مماثل! فهي قديسة عظيمة في السماء كانت تقبل الألم والمعاناة في هذه الحياة! وكانت واثقة بالمجد الذي كان ينتظر شخصاً بقداستها – ولكن، ماذا عنا نحن الباقين؟”.
هذه الأقوال برأيي أخطأت في قراءة تريزا، أخطأت في تفسير الكتاب، وتخطئ في فهم سيادة الله. لم تكن لدى تريزا أوهام بشأن محن الحياة أو قِصرَها؛ لم تكن غريبة عن الآلام الجسدية والروحية؛ تلمذتها لم تقِها من أي صليب. وبالنسبة لها، ما جعل الكتاب “عذباً” هو روايته لانتصار المسيح المحتوم – الانتصار الذي حققه على الجلجلة وأكده بقيامته، الانتصار الذي يُقدَّم لنا قسماً منه بالنعمة.
أكثر من ذلك، كانت القديسة تريزا واثقة خلافاً لكثيرين منا أن المسيح الملك – الذي صُلب وقام وعاد – هو ملكنا الذي يحكم الآن.
فالمسيح الملك ليس ملّاكاً غائباً هجر أراضيه عند صعوده واعداً بالعودة لإعادة الأمور إلى نصابها بعد أن يُحرق المحتلون الخلق. كلا! المسيح الملك هو سيّد يحكم الآن، وبإمكان الخاضعين لسلطته الذين يحملون نير التلمذة أن يكونوا واثقين أنهم سيجدون الراحة لأرواحهم في هذه الحياة، وسيشاركونه مجده في الآخرة.
من دون تردد، واجهت القديسة تريزا المستقبل لأنها كانت تعرف من خلال الصلاة والمحبة الرب الذي يحملنا بين يديه.
ما الذي وجدته القديسة تريزا في هذا الكتاب فسمح لها بإيجاد العذوبة حتى في الظلام، وماذا يمكنه أن يقدم لنا؟ بدايةً، يعطينا الأب أرمينجون وصفاً للأزمنة المؤدية إلى الصراع النهائي قد يفاجئنا:
“نهاية العالم، يقول المسيح، ستأتي عندما يكون البشر الغارقون في أعماق اللامبالاة بعيدين عن التفكير بالعقاب والعدل. سيكون الوضع كما كان عليه في أيام نوح، عندما كان البشر يعيشون من دون همّ، ويبنون منازل فاخرة، ويسخرون من نوح فيما كان يبني سفينته… الحضارة ستكون في ذروتها، ستفيض الأسواق بالمال، وستصل الأسهم إلى أعلى معدلاتها. والبشر المنغمسون في ازدهار مادي غير مسبوق سيكونون قد توقفوا عن الرجاء بالسماء”.
كما أن تريزا ليست قديسة فظة، فإن الأب أرمينجون ليس متشائماً. هذا الكتاب قادر على منح الرجاء والعذوبة كما فعل مع القديسة تريزا إذا أخذنا جدياً ملخصه عن الحكمة المسيحية:
“مصيرنا لغز لا يمكن للعقل لوحده أن يوضحه؛ لكن الإيمان يرفع أفكارنا ويقوي شجاعتنا ويُذكي رجاءنا. يقول لنا: لا تخافوا؛ أنتم لستم تجولون على درب خاسرة وغير أكيدة. بعيداً عن سنواتنا الفانية، هناك حياة جديدة ليست الحياة الراهنة سوى صورة عنها. على هذه الأرض، نحن مسافرون؛ ولكن، وراء النجوم والفضاء كله، يوجد إرثنا وموطننا فوق. كمهاجرين ومنفيّين، نعيش الآن تحت خِيمٍ؛ وفي العالم الآتي، سيبني لنا الرب مساكن دائمة”.
ألا يبدو أن هناك فجوة بين ظلام العالم ونور السماوات التي نحن مدعوون إليها؟ كيف تُسدّ هذه الفجوة؟ الجواب عن هذا السؤال هو المفتاح لفهم الكتاب وفهم سرور الزهرة الصغيرة به. يجيب الأب أرمينجون: “السماء والأرض كانتا منفصلتين؛ والصليب جمعهما”.
بمعنى آخر، الجسر الوحيد الذي يربط بين المحن والمجد الذي خُلقنا من أجله هو صليب المسيح. وقبول نيره والسير برفقته والاقتيات منه عند مذبح التضحية خطوات ضرورية للتخلص من الخوف فيما نواجه المستقبل، والملكوت الآتي.