رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«سرداب الموت» الذي كشف جريمة الأشلاء الآدمية جريمة لها رحلة اعتادتها تقطع خلالها كل بضعة أشهر طريقًا شاقًا من السودان إلى القاهرة ذهابًا وإيابًا، ساعية وراء بيع مشغولاتها الذهبية، إلا أن رحلة «القصابة» العجوز هذه المرة حملت نهاية دموية وتفاصيل وحدها رأت هولها داخل سرداب حُفر بمحل صغير، كان مذبحها وموقع تقطيع أوصالها لأشلاء عشرة، عثرت عليها الشرطة لاحقًا في أماكن عدة. خلعت عن كتفها حقيبتها وجلست على سرير الفندق المتواضع ذي الطوابق الخمسة الكائن بمنطقة العتبة، تُفكر في ربحها الجديد من ذهب اشترته حصيلة عملها في تجارة اللحوم المجمدة والأجهزة الإلكترونية طيلة الأشهر الماضية. الواحدة ظهر الجمعة قبل الماضية، تركت "عواطف" الفندق، وتوجهت إلى أحد محلات الصاغة بشارع المعز، تتعامل مع مالكه منذ 12 سنة، إلا أنها فوجئت به مغلقا بسبب عيد القيامة المجيد، وأنه سيفتح أبوابه يوم الأربعاء المقبل، لتقرر البحث عن مشتر آخر، خاصة أن إقامتها لن تستمر لأكثر من 5 أيام. محل تلو الآخر، تبحث صاحبة الـ53 سنة عن أعلى سعر للجرام، حتى وقعت عيناها على لافتة محل صغير بواجهة من الرخام داخل ممر ضيق كُتب عليها "أمين الصاغة"، ليدور حديث بينها وبين مالكه "هشام. س - 50 سنة"، امتد إلى وقت طويل، وأحضر لها "حاجة ساقعة" قبل بدء الحديث عن السعر. بالعودة إلى الفندق حيث الميدان المكتظ بحركة السيارات والمارة، لاحظ نزيل سوداني اختفاء مواطنته "عواطف"، وسأل موظف الاستقبال الذي أجابه "مظهرتش من يومين دي حتى مدفعتش فلوس الإقامة"، أسرع بعدها لإخبار المدير الذي اتصل بالشرطة، وأخبره ضابط مباحث أنهم سيراجعون المستشفيات وبلاغات التغيب. صباح اليوم السابق لاكتشاف اختفاء العجوز السودانية، عثر أهالي مساكن كفر طهرمس ببولاق الدكرور على رأس وجزء من الظهر لسيدة في أواخر الثلاثينيات من العمر، سمراء البشرة، ذات شعر أسود مجعد، بمقلب قمامة خلف مدرسة نجيب محفوظ، تلاها بـ48 ساعة عثور سكان المنيب على حقيبة سوداء اللون داخلها قدم بشرية وقفاز. أيقن ضباط مباحث بولاق الدكرور بقيادة العقيد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، أن الأمر ليس صدفة، وسط شكوك بأن الجثة المقطعة للسيدة السودانية المبلغ بتغيبها، فتم تشكيل فريق بحث بقيادة المقدم هشام بهجت، وكيل الفرقة. وتوصلت تحريات المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث بولاق الدكرور، بالتنسيق مع رجال المعمل الجنائي، إلى هوية صاحبة الجثة، وتدعى عواطف حسن محمد 53 سنة، تحمل الجنسية السودانية، تتاجر في اللحوم المجمدة والأجهزة الإلكترونية. انطلق الرائد طارق مدحت، والنقيب أيمن سكوري، معاونا مباحث بولاق الدكرور، لجمع المعلومات عن الضحية، خاصة أنه لم يمر على وصولها البلاد سوى أيام معدودة، فكانت البداية من مقر إقامتها، وأخبرهما المدير بأن التاجرة السودانية كانت دائما محل احترام وتقدير الجميع: "أول مرة جات عندي من 5 سنوات، كانت بتنزل في فندق الأنوار". ويقول مدير الفندق إن 95% من النزلاء يحملون الجنسية السودانية، مشيرا إلى أن "عواطف" لم تكن تختار الإقامة في غرفة معينة "كانت بتنزل في الأوضة الفاضية وبتشيل الدهب معاها"، لكن تعطل جهاز الـ"دي في آر" الخاص بتسجيل محتوى كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق كان معطلا منذ 4 أيام "معرفناش إن كان حد مستنيها لما خرجت ولا لأ"، إلا أنه أخبر رجال المباحث "هي بتجيب ديما ربع كيلو دهب بتبيعهم في الصاغة". التقط الرائد طارق مدحت، والنقيب أيمن سكوري، معاونا مباحث بولاق الدكرور، كلمات مدير الفندق، وانتقلا للمرحلة الثانية من رحلتهما لكشف ملابسات الواقعة، بفحص كاميرات مراقبة المحلات بشارع الصاغة، حيث أظهرت العجوز السودانية، تتردد على عدة محال، قبل أن تختفي داخل ممر ضيق يقع بمدخله محل "أمين الصاغة" ملك "هشام" ويقابله محل شقيقه "محمد". جلس ضباط المباحث مع "هشام"، 50 سنة، وطلبوا الاطلاع على كاميرات المراقبة "للأسف بايظة وقعت ميه على جهاز التسجيل"، معربا عن حزنه لفشله في تقديم يد العون لرجال الشرطة "كان نفسي أساعد بس الظروف أقوى مني". طوال 4 أيام متتالية من أعمال البحث والتحري، علم ضابط المباحث أن هناك خلافا بين "هشام" وشقيقه الأصغر بسبب الميراث، وصل إلى حد القطيعة بينهما، ليؤكد عامل بمحل مشغولات فضية مجاور "كل واحد منهم في حاله متحسش إنهم إخوات". مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها كاميرا محل "محمد" التي أظهرت السيدة السودانية داخل محل شقيقه في تمام الرابعة مساء الجمعة ومكثت لساعات طويلة دون خروجها، لتتجه أصابع الاتهام إلى "هشام"، الذي لم يستطع الإنكار فور مواجهته بالتحريات وتسجيلات الكاميرات. وأقر المتهم بارتكاب الواقعة؛ إثر نشوب مشادة كلامية بينه وبين الضحية، وتعديها عليه بالسب والشتم بسبب خلاف على السعر، الأمر الذي أثار حفيظته، بقوله "طلبت من ابني يقفل المحل من برا عليا"، وأحضر سكينا من المحل، وعاجلها بالذبح من الخلف، ثم قطعها لعشرة أجزاء بدءا من السابعة مساء وحتى العاشرة مساء. رغم حل لغز القضية فإن لغزًا آخر تبقى، بحث رجال المباحث عن حله "كيف نفذ المتهم جريمته داخل المحل الضيق الكائن بمنطقة الجمالية؟". على مدار ساعات طويلة، عكف الرائد طارق مدحت، والنقيب أيمن سكوري، معاونا مباحث بولاق الدكرور، على فحص المحل، وإجراء معاينة دقيقة كما لو أنهما بدأ التحقيق في القضية آنذاك، ولم يكتفيا بتقرير المعمل الجنائي. تبادل الضابطان السيناريوهات المنطقية لطريقة تقطيع جثة الضحية، ووضعها داخل أكياس، ونقلها دون أن يشعر به أحد وسط ذلك الشارع المكتظ بالمارة وأصحاب المحال، على مقربة من أحد الأكمنة المسؤول عناصرها عن تأمين "شارع الصاغة" بمنطقة الجمالية. في نهاية المحل الضيق، توجد خزينة حديدية كبيرة الحجم، فكر الرائد طارق مدحت في تحريكها من موضعها، فوجد النقيب أيمن سكوري يهم بمساعدته وكأنهما توصلا لشيء في نفس اللحظة. لاحظ الضابطان عدم استقرار "البلاط الواقع تحت الخزينة". بإزاحة قطعتي بلاط، جاءت المفاجئة باكتشاف سرداب سري أسفل المحل، أسرع الضابطان باكتشافه، وتبين أنه على مساحة 3X3 متر، وجدت آثار دماء على أرضيته وجدرانه، فضلاً عن "فوط" مدممة، لينتهي اللغز عند هذا السرداب الذي اتخذه المتهم مسرحًا لتقطيع الجثة على مدار 3 ساعات. وأوضح المتهم أنه طلب من نجله "محمد"، 22 سنة، وعامل بالمحل يدعى "أحمد.م"، 15 سنة، إحضار أكياس بلاستيك وأدوات نظافة، وضع الأشلاء داخلها، وحمل الثلاثة الأكياس على مرأى ومسمع من الجميع الذين بادروا بسؤالهم عن ماهيتها "هشام قال لنا إن دي رنجة وفسيخ هيوزعها على أصحابه"، حسب صاحب محل مجاور. استقل المتهمون سيارة "هشام" الملاكي ماركة إسكودا، وتخلصوا من الأكياس بمناطق (صلاح سالم والمدابغ بالقاهرة، كفر طهرمس والمنيب بالجيزة)، وباع المسروقات مقابل 16 ألف جنيه، وتم ضبط 2 غويشة ومبلغ 15 ألف جنيه. هذا الخبر منقول من : التحرير |
|