جاءني فتى في الإعدادي يعترف، لكنه عوض أن يعترف عن خطاياه أعترف عن خطايا والده، قائلًا:
"إنني إنسان غضوب بسبب والدي، والدي إنسان عصبي وغضوب، بسببه صار بيتنا جحيمًا لا يُطاق. هذا ليس رأيي أنا وحدي بل رأي والدتي أنا أيضًا، فـأنه لا يعرف التفاهم معها، إنما يتصرف بغضبٍ شديدٍ وعنفٍ. والدتي تذوق المرّ بسببه، وأختي أيضًا تعاني الكثير بسبب والدي، حتى أصدقائي يعرفون عن والدي عصبيته الشديدة... لم يعد لنا من يزورنا بسببه... فماذا أفعل؟!
أحسست في داخلي بأن الفتى مسكين، بل والعائلة كلها تحتاج إلى رعاية. بابتسامة قلت للفتى: تُرى من المخطئ والدك أم أنت؟
- والدي طبعًا، فالكل يشهد بذلك!
- هل قمت بمسئوليتك نحو والدك؟
- وما هي مسؤوليتي؟
- أما تؤمن أن الله قادر أن يغير طبيعة والدك؟
- أؤمن!
- هل تصلي من أجل والدك؟ هل تصنع كل يوم مطانيات metanoia لكي يغير الله طبيعة والدك؟
- لا!
- إذن أنت مقصر في حق والدك!
بمحبة تطلعت إلى الفتى وقلت له: "كن الأكبر... صلِ من أجل والدك، واصنع مطانيات كل صباح من أجله... وعندما تراه في غضبٍ قابل غضبه ببشاشة، واخدمه بمحبة!"
هز الفتى رأسه وبابتسامة قال: "سأكون أنا الكبير وأنقذ هذه الأمور!"
بعد عدة أسابيع جاءني الفتى وهو متهلل، فسألته عن حياته، أجابني أنه يلمس نعمة الله الفائقة في حياته وفي حياة الأسرة كلها! قال لي: "كل شيء قد تغير، والدي صار لطيفًا للغاية، ليس فقط معي، وإنما أيضًا مع والدتي وأختي وأصدقائنا! لقد عرفت كيف أكون أنا الكبير وأمتص غضبه بمحبة وبشاشة!"
من سلسلة كتب قصص قصيرة للقمص تادرس يعقوب ملطي.