لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي
هذا يعقوب، يظل رجلًا مخادعًا، يعيش بحسب ذكائه البشري وقتًا طويلاً، بينما كان الرب يريد أن يصوغ منه إنسانًا آخر، شخصًا جديرًا بأن يحمل اسمه، فكيف السبيل لصياغة هذا الرجل من جديد؟
إننا نراه وقد عاد من عند خاله لابان، رجلاً غنيًا، يملك مئات من الأغنام، والجمال، والأبقار، وها هو يذكر خدعته لأخيه عيسو، وفي عمق ضيقته، وخوفه من أن يعتدي عليه عيسو ويقتله يلجأ إلى الرب ويرفع إليه هذه الصلاة:
"يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ،...صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ."
(تكوين9:32-11)
وهنا يأتي الله ليعقوب في وحدته، ويبدأ في الصراع معه، فيلجأ يعقوب في صراعه مع الرب إلى قوته البدنية التي يعتمد عليها، وإرادته العاصية التي في حاجة إلى التسليم، وفي كل هذا الصراع يأبى يعقوب أن يسلّم للرب، وعندئذ كان لا بدّ من أن يكسر الرب حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. أجل، تحطم يعقوب، وشعر أنه فقد قوته الإنسانية، لكنه بعد ذلك تمسّك بالرب وقال له:
"..لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي"
(التكوين 32: 26)
فغيّر الرب اسمه إيذانًا بمنحه حياة أفضل. لقد كان خلع حقّ فخذه سبب بركته، ومرات يخلع الرب قلوبنا، أو أسس صحتنا، أو ماليتنا، لكي يباركنا ويجعل منا أمراء في ملكوته.
فهل سمح الرب بأن يحطم قلبك؟
اشكره لأنه يريد بركتك.
•