منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 10 - 2017, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 19221 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لست تفهم الآن
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نخطئ عندما نظن أن الألم يتوقف على ما نتعرض له من مواقف صعبة، أو ضغوط متنوعة؛ فهذا في الواقع هو أولى درجات الألم؛ فالألم في عمقه وصعوبته عندما تهاجمنا موجات متلاحقة من التساؤلات والحيرة، ولا نجد أية إجابات مريحة عنها! ولنا في كلمة الله أمثلة لأناس تألّموا لأسباب متنوّعة، وما زاد من ألمهم هو ما تولَّد عندهم من تساؤلات وحيرة، لكنهم وجدوا عزاءَهم وسلامهم في ذلك الإله الصالح. ربما إنهم لم يجدوا إجابات واضحة لكل تساؤلاتهم وحيرتهم، لكن ثقتهم في حكمة الله وصلاحه، بعثت في قلوبهم الهدوء والطمأنينة. ولنستعرض بعض هذه المواقف:

أولاً: مفاجآت صادمة: الشونمية وموت ابنها

كانت الشونمية - رغم جرحها الدفين من عدم إنجابها - “امرأة عظيمة” من جوانب متعدِّدة. وكم تبدَّل الحال معها تمامًا بعد وعد رجل الله أليشع لها بأنه سيكون لها ابن! أ ليس من علامات رضا الرب أن تنجب بنين؟ أ ليس أمرًا مبهجًا ومُسرًّا للنفس أن تحتضن أخيرًا ابنًا تبثّه مشاعرها وعواطفها، التي كانت مكتومة فيها طوال سنوات الحرمان هذه؟ كم أدخل هذا الابن السرور والبهجة في أرجاء بيتها. ما أروع أن تراه ينمو ويترعرع، وها قد كَبر وصار غلامًا، وخرج مع أبيه إلى الحقل. لكن فجأة وبلا مقدمات، إذ به ميت في حضنها!!

ماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟! بل يمكن أن نتخيلها تتساءل: إنني لم أطلب ابنًا، ولا شكوت من حرماني من البنين. لقد كانت مبادرة كاملة من رجل الله أليشع. ولقد أمَّن الرب على هذا الوعد، وأُعطيت الابن. هل ليكون سبب بهجة لي أم سبب حزن مذيب؟! هل الله يعاقبني على خطإٍ اقترفته وأنا لا أعلم؟ إن كان يريد الله أن يأخذه مني، فلماذا أعطاه لي. أيمكن أن لا يبالي الله بمشاعري وأحاسيسي إلى هذه الدرجة؟

إنها لم تسأل هذه الأسئلة. ويا للعظمة الروحية والأدبية!! كيف استطاعت أن تتحكم في مشاعرها بهذه الكيفية العجيبة؟! كيف لم يخرج من فمها كلمة تذمر أو احتجاج، أو حتى أنين، بل على العكس لم يخرج من فمها سوى كلمة “سلام”؟ لا شك كان لها إيمان راسخ بالرب، وإنها ستستعيد ابنها (عب11: 35)، لكن هل موت ابنها أمام عينيها أمر بسيط وطبيعي؟ أ يُخطف ابنها من بين يديها في لحظة ولا تعتبره كارثة بكل معنى الكلمة؟ إن ما نراه في هذه المرأة العظيمة إنما يُعبِّر عن حالة نفس تثق بلا حدود في صلاح الله، حتى وإن لم يكن عندها تفسير واضح لما تجتاز فيه من محنة قاسية ومذيبة. إنها تعرف الله، ولها شركة حقيقية معه لذلك لا نجدها ترتبك أو تكتئب، لقد كانت تتمتع فعليًّا بما لاحقًا منحه الرب لنا «سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ» (يو14: 27)، فاستطاعت أن تُظهر هذا السلام عند محنتها!!

ثانيًا: كوارث متلاحقة: أيوب وتجاربه

أن يُصاب المرء بكارثة، أمر مؤلم. وأن تتلاحق عليه الكوارث، أمر أكثر إيلامًا. وأن تلحق الكوارث ليس فقط بجزء من ممتلكاته، بل بكل ممتلكاته، أمر يزيد الألم ألمًا. أن تمتد الكوارث لتصيب ليس فقط كل الممتلكات، بل الأبناء، أمر يجعل الألم أعنف وأقسى. أن تعصف الكوارث ليس فقط ببعض الأبناء، بل بكل الأبناء، أمر يجعل الألم محرقًا. أن يُضرب هو نفسه بقُرح رديء من باطن قدمه إلى هامته، أمر يجعل الألم مضاعفًا. أن تكون أقرب الناس إليه؛ شريكة حياته، والتي رتبها الله أن تكون معينة نظيره، تدفعه لأن يُجدف على الرب (أي2: 9)، أمر يزيد الألم لدرجة لا نستطيع تصوّره. لكن هذا حقًّا ما حدث لأيوب. وكم نتعجب كثيرًا من رد فعله وإجابته الرائعة لزوجته: «أَ الْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟» (أي2: 11). نعم إن موقف أيوب يثير العجب والاندهاش!

ولكن بعد كل ما اجتاز فيه أيوب، كانت هناك جرعة ألم ما زال عليه أن يتجرعها من أصحابه الثلاثة بكلامهم القاسي، واتهامهم له بأنه حتمًا قد أخطأ في حق الله، وأن الله القدوس والعادل يقتصّ منه بأقل مما يستحق. ومع أنه لم يكن يعلم كيف ستنتهي به الأمور، لكنه استطاع، رغم شدة حيرته، وكلمات أصحابه القاسية، أن ينطق بما في قلبه تجاه الرب: «هُوَذَا يَقْتُلُنِي. لاَ أَنْتَظِرُ شَيْئًا. فَقَطْ أُزَكِّي طَرِيقِي قُدَّامَهُ» (أي13: 15)! وما نجح فيه أيوب أنه لم تتغير نظرته للرب، وتمسَّك بالرب حتى النهاية، وإن لم يستطع أن يُفسِّر لأصحابه ماذا يحدث معه.

ثالثًا: لماذا أنا بالذات؟ إرميا ورفضه
لقد حظي بإعداد وتجهيز إلهي خاص، لقد تعيَّن من الرب نبيًّا من بكور حياته، وهو ما زال صبيًّا صغيرًا، وعندما تردَّد في قبول دعوة الرب لكونه لا يعرف أن يتكلم لأنه ولد، جاءه تشجيع قوي من الرب: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ... لاَ تَخَفْ... أَنَا مَعَكَ» (إر1: 7، 8). وأتخيل إرميا الشاب الغضّ بدأ خدمته بحماسة كبيرة، ومشاعر متأججة، وتوقعات رائعة، ولِِمَ لا؟ أَ لم يُرِه الرب قضيب لوز، مؤكدًا له أنه ساهر على كلمته ليجريها، وإن كان سيذهب للشعب برسالة تحذير وقضاء، أليس ليجنِّبهم ويلات كثيرة ستنصب عليهم إن لم يسمعوا لأقوال الرب على فمه؟ فحتمًا سيصغون له وسيرحبون به وسيستجيبون لرسالته، إنه يُحب شعبه، وبالتأكيد سيلاقي صدى لمحبّته.

وإذ بنبينا يُفاجَأ بجفاء وصدود، ويتعرض لسلسلة من الاضطهادات العنيفة، والعداء من الكل: عائلته وأهل بلده (11: 18-23)، الشعب (18: 18، 19)، فشحور بن إمِّير الكاهن (20: 1، 2)، الكهنة والأنبياء (26: 8، 9)، وأخيرًا الرؤساء (37: 11-16؛ 38: 1-4).

وأمام عنف وقسوة ما تعرَّض له، اكتنف إرميا كثير من الحيرة والارتباك. وتزاحمت الأسئلة في ذهنه: أ لم يرسله الرب؟ أوَ لم يشجِّعه ليذهب إلى الشعب؟ أكان الرب يقصد له كل هذا الهوان والمذلة؟ ثم لماذا أنا بالذات الذي يحدث معي كل هذا؟ لقد شعر أنه يجتاز فيما لم يجتز فيه أحد من قبل، وأن الرب جعله هدفًا له، فانهالت عليه كل أنواع المصائب والمتاعب، ولقد عبَّر عن هذا في مراثيه بالقول: «أنا هو الرجل الذي رأى مذلَّة بقضيب سخطه» (مرا3: 1-18).

لكن عندما تحوَّل عن نفسه، وكفَّ عن رثائها، وتأمَّل صلاح الرب يقول: «أُرَدِّدُ هَذَا فِي قَلْبِي مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْجُو». لقد ردَّد في قلبه أمرين عن الرب يُعبِّران عن صلاحه غير المحدود والذي لا يتغيَّر على الإطلاق، وهما: “إحسانات الرب، ومراحم الرب”. فرأى في إحسانات الرب كم الخيرات والبركات التي تغمره دون استحقاق فيه، ورأى في مراحم الرب كيف أنه لم يُعامله بما يستحق. وإذ أدرك أن ما يناله من الرب من إحسان ومراحم يطغي على ما يتحمله من اضطهاد وضيق، نسمعه يقول: «طَيِّبٌ هُوَ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يَتَرَجُّونَهُ لِلنَّفْسِ الَّتِي تَطْلُبُهُ. جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ» (رجاء قراءة مراثي 3: 1-38).

رابعًا: طلبة بإلحاح لا تُستجاب! بولس وشوكته
رسول مميَّز، صاحبت قصة تغيُّره ظهورًا خاصًا من الرب له، وكان يكرز ليس فقط بإنجيل الله، بل أيضًا بإنجيل مجد الله (1تي1: 11). كما حظي بأنه اختُطف إلى السماء الثالثة؛ إلى الفردوس، حيث سمع كلمات لا يُنطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها (2كو12: 4). ولقد أفرد له سفر الأعمال تفاصيل رحلاته التبشيرية الثلاث، والتي فيها نشر المسيحية في أرجاء المسكونة، وإن كان في سبيل ذلك تكبَّد مشاقًا لم يتعرَّض أحد من الرسل لمثلها (2كو11: 23-27). كما تميز كإناء للوحي بأن كتب هو وحده 14 رسالة!

نعم لقد كان حقًّا: «إناء مختار» (أع9: 15)، ولكنه كان يُعاني من شوكة في الجسد! والعبرة ليس في طبيعة الشوكة، بل كونها أمرًا يُزعج الرسول، لدرجة أنه طلب من الرب ثلاث مرَّات أن يُخلّصه منها.

أيمكن أن يسمح الرب لرسول مثل هذا بشوكة؟! أليست خدمته ستكون أكثر قوة وفاعلية بدون هذه الشوكة؟ أليس صحته الجيدة تكون مُصَادَقة من الرب لخدمته؟ أ لم يَشفِ هو نفسه أناسًا كثيرين، فكيف لم يستطع أن يشفي نفسه؟ ثمَّ لقد طلب من الرب بالتحديد أن يرفع عنه هذه الشوكة، أ لم يَعِدَ الرب بالاستجابة لمن يطلبه (مت7: 7)؟ هل الرب لا يبالي بطِلبة رسوله المُلِحة والتي طلبها ثلاث مرَّات؟ بل إنَّ حيرَتِنَا تزداد عندما تأتي إجابة من الرب غير متوقعة، مفادها: إنه لن يرفع الشوكة!! وإن أعطاه وعدًا عجيبًا: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ».

وكم نُبهر ونُعجب برد فعل رسولنا المغبوط، إذ نسمعه يقول بعد ذلك مباشرة: «فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ»، وإذ يُدرك أبعاد وقوة كلمات الرب يستطرد قائلاً: «لِذَلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاِضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ» (2كو12: 1-10). إن الرسول الذي كان منزعجًا من الشوكة، نجده يرحب بالمزيد من الضعفات والضرورات والضيقات وغيرها؟! كيف حدث ذلك؟ وكيف انتفى كل تساؤل وحيرة؟ بل كيف صار هناك ترحيب بمزيد من المتاعب والمصاعب؟ الإجابة هي كلمات الرب اليقينية: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي». نعم، في نعمة الرب الكفاية والتعويض عن كل ما نتعرَّض له.

خامسًا: أحداث غير متوقعة: يوسف ومآسيه

نشأ متميزًا محبوبًا من أبيه، ومفضَلاً على إخوته، وها الرب يؤكِّد هذا الأمر، لقد جعله الرب يحلم حلمين يؤكدان على تميُّزه الواضح ليس على إخوته فحسب بل حتى على أبيه! لكن كم نندهش من مجريات الأمور بعد ذلك، فقميصه الملون خُلع عنه، وطُرح في جب، وإخوته بدلاً أن يُظهروا احترامًا وتقديرًا له سمعوه يبكي ويسترحمهم فلم يبالوا به، وإذ به يجد نفسه يُباع عبدًا لقافلة من الإسماعيليين، والذين بدورهم باعوه لرئيس الشرط في مصر! وعندما رضي بواقعه، وعمل باجتهاد وأمانة في بيت فوطيفار، إذ بامرأته الماجنة والشريرة تتعرَّض له، وعندما رفض أن يتجاوب معها، اتهمته جورًا عند زوجها، والذي طرحه في السجن!!

كيف تسير الأمور هكذا؟ إن كل ما يحدث معه عكس المتوقع تمامًا؟! أين أحلامه؟ إنه ليس فقط لم يُبصر أحلامه تتحقق، بل لم يعش حتى حياة عادية كباقي البشر، إذ صارت حياته سلسلة من المآسي.

لكن هل ارتبك يوسف وتحيَّر؟ هل شك في صدق أحلامه وما تعنيه؟ هل فقد ثقته في الرب؟ هل انهارت آماله وباد رجاؤه؟ الإجابة لا، لم يرتبك يوسف ولم ينزعج رغم كل الأحداث المعاكسة لتوقعاته، حتى إنه ذات يومٍ وهو في السجن، رأى ساقي الملك وخبازه مغتمين، وأعلماه أنهما حلما حلمين، ولا يعرفان تفسيرهما، فلم يقل لهما: ما قيمة الأحلام؟ لقد سبق وحلمت لا حلمًا واحدًا بل حلمين، وكان تفسيرهما واضحًا، ولكن لم يتحقق شيء منهما، وها قد أمسيت عبدًا في السجن! إنه لم يقل ذلك ولم يشُك في أنه لا بد سيأتي الوقت الذي فيه يتحقق الحلمان، ولذلك نسمعه يقول لهما: «أليس لله التعبير. قُصَّا عليَّ» (تك40: 8)!! أَمَا زلت يا يوسف تثق في الله ووعوده لك؟ أ بعد كل ما حدث معك ما زلت تثق في أن الله يتكلم إلينا من خلال الأحلام؟ نعم، وكأننا نسمعه يردد: «ليس الله إنسانًا فيكذب، أو ابن إنسان فيندم! هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟» (عد23: 19). ليتنا يكون لنا ذات ثقة يوسف، فندرك يقينًا أن «هبات الله ودعوته هي بلا ندامة» (رو11: 29).


* * * *
أخي الحبيب، عندما تتعرض لمفاجآت صادمة، أو كوارث متلاحقة، أو تشعر أن نصيبك من الألم أكبر من غيرك، وأن طلباتك المُلحة والتي تطلبها بلجاجة لا تُستجاب، وأنه يحدث معك بعكس ما تتوقع؛ ثِق في الله وصلاحه، وأنه حكيم في كل أفعاله، وأنه لا يكف لحظة عن محبته لك.
 
قديم 20 - 10 - 2017, 05:39 PM   رقم المشاركة : ( 19222 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سُم الحية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ذهبت إلى المَشفَى لزيارة صديق فاضل يجتاز ظرفًا قاسيًا، إذ تجتاز زوجته الغالية أزمة صحية بالغة الخطورة، عجز فيها الطب، كعادته في كثير من الأحيان.

وبعد قليل من الكلمات الركيكة التي حاولت تشجيعه بها، نظر إليَّ أخي الحبيب “رجائي” وبادرني بالقول: “أوَ تدري ما هو سُمّ الحيَّة؟”
“أيَّة حيَّة تعني يا صديقي؟” نظرت إليه مُستفهمًا.

استفاض صديقي في حديثه قائلاً: “كنت أقرأ اليوم عن هذا الأمر، أوَ تذكر مدخل الحيَّة في حديثها مع حواء؟” صمتُّ راغبًا أن يواصل حديثه. استطرد رجائي قائلاً: “كان مدخلها سؤالاً خبيثًا: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» (تك3: 1). إن الحيَّة تُلقي في قلب حواء وآدم بذور الشك في الله؛ إنه يريد أن يحرمكما من لذة قصوى ومنفعة عظمى، فإن أكلتما مِن الشجرة، تنفتح أعينكما، وتكونان آلهة مثله: «عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ» (تك3: 5).

“لقد كانت غاية الحيَّة هي أن تزعزع ثقتهما في صلاح الله ومحبته، لقد ألقت الحيَّة في بالهما أن هذه الشجرة «جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ ... بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ ... شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ» (تك3: 6). وكأنها تقول لهما: إن الله، بأمره غير المفهوم هذا، يحرمكما مِن فوائد جمّة؛ إنه لا يريد مصلحتكما. كيف يُحبكما ويُحرمكما من أمر كهذا؟!
“وللأسف، أعطت المرأة، ومن بعدها رَجُلَهَا، آذانًا صاغية لأكاذيب الحية، ليسري فيهما سُمَّ الحيَّة: عدم الثقة في الله. ومن بعدهما سرى هذا السم في جنسنا البشري قاطبة”.

“صَدَقْتَ يا صديقي”. همست إليه مودَّعًا متفكرًا؛ إننا نشعر بهذا السم في مواقف كثيرة؛ لماذا يحدث هذا الأمر أو ذاك؟ وأين الله مما يحدث؟ نشعر بسريان السم فينا عندما يُهيِّج إبليس الدنيا مِن حولنا، ونحاول أن نستجمع شتات ثقتنا في الله، ولكننا نفشل! تنحني نفوسنا في حزن ويأس، نندب حظنا، ربما نلعن يوم مولدنا كأيوب (أي3)، أو نرثي لحالنا كإرميا (مرا 3)، ونلوم الله ونتهمه بكلمات قاسية! إن سُمَّ الحيَّة يعمل حقًا فينا، فيدفعنا إلى الأمر ذاته: يُشككنا في صلاح الله: لماذا يحرمنا الله مما هو جَيِّدٌ؟ ممّا يُبهجنا ويسعدنا - بحسب اعتقادنا؟ لماذا يحرمنا من الشفاء؟ لماذا أخسر وظيفتي؟ لماذا يحرمني من زوجي أو أخي أو فلذة كبدي؟ هل يتلَّذذ بسحقي وتعذيبي؟ لماذا أُعاني هكذا؟ ما هذه القسوة؟! آه يا أصدقائي ... إنه سُمَّ الحية: عدم الثقة في الله، وهو أصل وجذر الخطية.

لم يكن الله ليترك المشهد بهذه الصورة. لم يكن ليتركنا فريسة لهذا السُمّ القاتل؛ فأعدَّ - في مطلق نعمته ومحبته وصلاحه - الترياق اللازم لعلاج هذا السُمّ. لقد صنع لهما أقمصةً مِن جِلْدٍ - عن طريق الذبيحة - ليُعالِج ما حدث مع آدم وامرأته في جنة عدن نتيجة عصيانهما. وقد جهّز لنا أيضًا - نحن ذريته ووارثو لعنته - الترياق أو العلاج لهذا السُمّ القاتل: لقد وهبنا الله ابنه، أعطانا أغلى ما عنده ليُعالج شكوكنا وشكوانا. إن أساس علتنا هو أننا نشك فيه؛ نشك في محبته، جود قلبه وصلاحه؛ فقصد أن يُعطينا أغلى مَن يملك ليُعالج أصل وأساس الداء، ولكي يُعالج أيضًا ضعف ثقتنا وشكّنا في صلاحه أثناء مصاعب رحلتنا الكثيرة، لأن «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟» (رو8: 32). فإن كنا وثقنا به لضماننا الأبدي، فكيف لا نثق أيضًا بما يتعلق بأمورنا اليومية. إن مَن أعطانا الأغلى في حبه لنا، هل يحرمنا مما هو لصالحنا وخيرنا في رحلتنا القصيرة في البرية؟! أَوَ ليس هذا علاجًا وافيًا لكل مظاهر الشك في صلاحه وجود قلبه تعالى.
كم كان هذا الحديث عن صلاح الله، مع صديقي المتألم، حافزًا ومُشجّعًا لي وأنا أستمع إليه وهو في هذا الموقف المُرّ. واستمر إيمان “رجائي صالح” وحديثه العذب عن إلهه الصالح حتى بعد رقاد زوجته.

صديقي المتألم: إننا لسنا أفضل حالاً بطبيعتنا من زوجة أيوب التي تكلَّمت بجهل أثناء تجربتها، لقد كان وقع التجربة عليها قاسيًا عنيفًا، أصعب من أيوب نفسه كما أظنّ؛ لقد فقدت كل ثروتها تباعًا، ثم انهار بيتها، وكم كان مرًا ومؤلمًا أن تفقد جميع أولادها العشرة، ثم تنظر في النهاية زوجها الغالي مريضًا بهذه القروح الرديئة، جالسًا وسط الرماد وبيده شقفة يحتك بها؛ كان كل هذا أكثر مِن احتمالها، كان مريرًا عليها بعد كل ما فقدت أن ترى زوجها في مثل هذه الصورة البشعة، فجاءت أقوالها التي عبرت عن يأسها وعن عدم إيمانها في صلاح الله: «بَارِكِ (جَدِّفْ عَلَى) اللهِ وَمُتْ!» (أي2: 9). لقد قَبِلَت مِن الله فقط ما كانت تراه خيرًا في كل حياتها الماضية، ولم تستطع - مثلنا في أحيان كثيرة - أن تقبل ما قد رأته شرًا مستطيرًا، مات أولادها جميعًا، فقدت كل ممتلكاتها، وفوق كل هذا زوجها - الحبيب البار - في مرضٍ لم تَرَ له مثيلاً، فيا لثقل المصيبة! هل ردَّتها كلمات زوجها إلى صوابها (أي2: 10)، تلك التي دعتها أن تقبل - كهدية من يد الله - ما رأته شرًا، كما قَبِلَت الخير قبلاً؟ ... لا نعلم!
هلاَّ تَرُدّنَا نحن عن جهلنا، فلا يتبادر إلينا الشك في صلاح الله في تجاربنا؟!

لم يُجب الله أيوبَ عن أسئلته الكثيرة عن سبب كل هذا الألم الذي تعرّض له، ولكن حديث الله إليه كان عن مدى قوته وحكمته وعلمه (أي38-41). ولكن بعد موقعة الجلجثة لدينا إجابة إضافية تحمل لنا علاجًا فعّالاً، إن إلهنا الصالح - كلي القدرة والحكمة - يُحبّنا جدًا لدرجة أنه بذل ابنه نيابةً عنّا، فهل يُعقل أن يصنع معنا ما يؤذينا؟! أو أن يُعطينا ما ليس لخيرنا؟!
إن إلهنا لا يُخطئ أبدًا ... إنه يصنع الكل حسنًا في وقته، وحتى الشر يستخدمه ليُخرج لنا الأفضل (جا3: 11؛ تك50: 20). وإن كنا، ونحن أشرارًا، نعرف أن نعطي أولادنا عطايا جيدة، فهل يصنع أبونا السماوي معنا شيئًا ضارًا، أَوَ لا يَهَبنا في صلاحه كل ما هو لخيرنا؟ (مت7: 11).

أعلم كم تختلف الآراء في تفسير ماهية الخير. كثيرًا ما ترجمه البعض في صورة: صحة كاملة، حياة مريحة خالية من المشاكل والمتاعب، سيارة فارهة ورصيد في البنوك ... هذه صورة الصلاح كما رسمها “سقراط”، والتي مقياسها رغبة الإنسان وشهوته. إن صاحب هذا الفكر يعامل الله وكأنه مارد مصباح علاء الدين؛ إنه يستخدم تعبيرات تبدو وكأنها روحية، مثل آمن أكثر، صلِّ أكثر ... إلخ. والحقيقة إنه يريد أن يستخدم الله، لا أن يخدمه. إنه يتعامل مع الله وكأن الله موجود ليَخدمه - في سعيه الأناني - فيما يظن أنه يُسعده ويُشبعه.

إن إلهنا الصالح يعلم تمامًا أن خيرنا الحقيقي هو في قربنا منه، لذا فهو يستخدم شتى الطرق لكي يُبقينا قريبين منه «قَرِيبٌ هُوَ الرَّبُّ مِنَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيُخَلِّصُ الْمُنْسَحِقِي الرُّوحِ» (مز34: 18). كان يُمكن لله أن يحفظ يوسف من السجن، ويحفظ إرميا من الجب المُوحِل، ويحفظ دانيآل من جب الأسود، والرفاق الثلاثة من أتون النار، وبولس من انكسار السفينة والسجن؛ لكنه لم يفعل. لقد سمح لتلك المشاهد أن تحدث، فاختبر هؤلاء الأشخاص قُربًا خاصًا لله لم يحدث من قبل، أوَ ليس في هذا كل الخير لهم.

إننا نتعلَّم أشياء عن الله، في وقت الألم، لا يمكننا تعلّمها بأية طريقة أخرى (مز119: 67)، لكن ماذا عسانا فاعلون أمام حقيقة صلاح الله التي يُحاربها العدو منذ القديم؟

أولاً: الإيمان

كثيرًا ما ردَّدت في أوقات حالكة الظلام: «لَوْلاَ أَنَّنِي آمَنْتُ بِأَنْ أَرَى جُودَ الرَّبِّ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ --- انْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ» (مز27: 13، 14). ما من كلمات أفضل تُعبّر عن الحالة التي يُمكن أن نتردّى فيها، لولا إيماننا بصلاحه، وبعظمة جوده. وما من كلمات أوضح تصف هاوية اليأس التي يمكن أن ننحدر إليها إذا ضعف الإيمان. أصلي أن يقينا الله هذا المصير!
فلنحمل تُرْس الإيمان الذي يُطفئ جميع السهام المُلتهبة التي يُطلقها عدونا - بكثافة - في وقت التجربة؛ إيمان الثقة العملية والحيَّة بإلهنا الصالح المحب.

ثانيًا: الإعلان


لنهتف بأعلى أصواتنا حتى من قلب الألم: «إِنَّمَا صَالِحٌ اللهُ» (مز73: 1) أو كما تترجم أيضًا: “بكل يقين صالح الله”. بل «لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ» (مت19: 17).
يوم رقاد أحد الخدام الشباب، تاركًا زوجة شابة وأطفالاً صغارًا - وكانت تُسْمَع كلمات الإشفاق على الزوجة والأطفال – وكأن الجميع يحبونهم أكثر من الله، ويلومونه على ما صنع، وكأنه - تعالى - لا يعلم أن لأخينا الذي رقد زوجة شابة، وأطفالٌ سيتيتمون، في هذا التوقيت كتب أحدهم مخاطبًا الله:
إنت اللي قلبك كله جود مش قلبنا

كلك صلاح أبدًا ما ترضى تُضرِّنا

رغم الألم عندك بنيجي وننحني

فكرك أكيد أعلى كتير مِن فكرنا

إن ما نريد أن نشهد به هو أن الله صالح في كل الظروف. إنه لا يصنع إلا الخير والصلاح مهما بدا ظلام المشهد. قال كاتب المزمور: «خَيْرًا صَنَعْتَ مَعَ عَبْدِكَ يَا رَبُّ حَسَبَ كَلاَمِكَ» (مز119: 65)، أو كما تُتَرجم أيضًا: “عاملتنا حسنًا يا رب”.
وهذه هي شهادتنا في كل الظروف، في كل الأوقات، في كل التجارب:
«خَيْرًا صَنَعْتَ مَعَ عَبْدِكَ يَا رَبُّ حَسَبَ كَلاَمِكَ».

 
قديم 21 - 10 - 2017, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 19223 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس متى الانجيلي
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد القديس متى في 16/11 وهو كاتب الإنجيل الأول من الأناجيل الأربعة. واسم متى في اللغة العبرانية معناه عطا الله. ولمتى اسم آخر ورد في إنجيل مرقس وإنجيل لوقا وهو لاوي.
كان متى عشاراً أي جابياً للضرائب في مدينة كفرناحوم، حين دعاه يسوع ليكون رسوله. فقام للحال وترك وظيفته وتبع يسوع. ومن فرحه باختيار يسوع له دعا متى يسوع وزملاءه من الجباة والموظفين في مصلحة الجمارك إلى عشاء فاخر في بيته. ولزم متى يسوع منذ ذلك اليوم ورأى كل معجزاته وسمع تعاليمه. فسجلها أولاً في ذاكرته ثم في إنجيله. وبعد صعود يسوع إلى السماء بشّر متى أولاد يهود فلسطين وكتب لهم الإنجيل. ثم ذهب إلى بلاد العرب والحبشة. وقيل أيضاً إلى بلاد الفرس والعجم. وفي الصور والرسوم المسيحية القديمة كان يُرمز إلى متى بالملاك لأن إنجيله يبدأ بظهور الملاك ليوسف خطيب مريم العذراء.
وقد كتب متى إنجيله باللغة الآرامية التي كان يتخاطب بها الناس في فلسطين في أيام المسيح وتكلم بها السيد المسيح وأمه العذراء مريم والرسل الأطهار وهي قريبة جداً من السريانية ولا تختلف عنها إلا كما تختلف اللهجة العربية السورية عن اللهجة العربية المصرية. وكتب متى هذا الإنجيل سنة 44 بعد قيامة السيد المسيح. ولكن ضاعت هذه النسخة الآرامية الأصلية وبقيت لدينا فقط ترجمتها اليونانية.
ولما كان متى يكتب إنجيله خاصة لليهود فقد حرص على أن يبين لهم في هذا الإنجيل أن يسوع هو المسيح ابن داود الملك الذي ينتظرون قدومه كما وعدهم به الله تعالى. وأظهر متى لليهود كيف أن النبوءات التي وردت في العهد القديم من الكتاب المقدس عن المسيح والعلامات التي أعطاها الأنبياء عن شخصية المسيح وعن مجيئه تحققت كلها في يسوع. لذلك نراه يكرّر هذه العبارة: وحدث ذلك ليتم ما أوحى إلى النبي فقال... وأظهر متى في إنجيله أن يسوع هو ابن الله الحي كما شهد له بطرس وأكّد الآب كلامه يوم التجلي على الجبل. وأورد متى كيف أن اليهود حكموا على يسوع بالموت لأنه قال أنه المسيح ابن الله ولكن يسوع لم يرجع عن كلامه. وبعد موته على الصليب انتصر على الموت بقيامته. وسيأتي في آخر العالم ليدين جميع الناس.
موته لايعلم بالضبط كيف وأين قُتل متى الإنجيلي ولكن بعض القصص التراثية تروي بأن متى بشر وقُتل في سبيل إيمانه في إثيوبيا ، قصص أخري تحكي أنه قُتل في مدينة هيرابوليس اليونانية – تقع اليوم في تركيا – يؤيد هذه الرواية القديس إيبيفانيوس أسقف قبرص ( القرن الرابع ) الذي يعتقد بأن متى العشار قُتل في هيرابوليس أما التلميذ الذي استشهد في إثيوبيا هو متياس الذي أخذ مكان يهوذا الإسخريوطي في جماعة الإثني عشر . كان ما يُفترض بأنه جثمانه موجودا في بلدة كاباتشيو في منطقة كامبانيا الإيطالية وبعد ذلك نُقل إلى مدينة ساليرنو عاصمة كامبانيا في القرن العاشر الميلادي ، وهو محفوظ الآن في أحد السراديب الواقعة أسفل إحدى الكاتدرائيات هناك . يعتبر متى الإنجيلي قديسا بالنسبة للكنائس الكاثوليكية و الأرثوذكسية على حد سواء كما تعترف بقداسته بعض الكنائس البروتستانتية ، يعيد له الأرثوذكس سنويا في تاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني بينما يعيد له الكاثوليك في تاريخ 21 سبتمبر/أيلول من كل عام
 
قديم 21 - 10 - 2017, 03:26 PM   رقم المشاركة : ( 19224 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الرب فادي نفوس عبيده، وكل من اتكل عليه لا يعاقب
مزامير 22:34
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الله لم يخلصنا فقط من العبودية و الخطية
و لكنه أيضا يؤكد لنا أنه سيكون ملجأ للذين يثقون فيه.
مستقبلنا يعتمد عليه و ليس على قدراتنا لتوفير احتياجاتنا.
يا إلهى إله السموات و الأرض,
أضع حياتي و مستقبلي بين يديك.
من فضلك استخدمني لمباركة الآخرين عن طريق تتميم مشيئتك.
باسم يسوع أصلي.
آمين.
 
قديم 21 - 10 - 2017, 03:28 PM   رقم المشاركة : ( 19225 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

متى



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس متى يكتب إنجيله بإلهام من ملاك - الرسام الإيطالي كارافادجو


متى الإنجيلي بالعبرية " מתי ماتاي" ومعناه عطية الله ويعرف أيضا باسم لاوي ومتى العشار، هو واحد من تلاميذ المسيح الإثني عشر كما يعتقد بأنه كاتب الإنجيل الذي ينسب إليه " إنجيل متى " لذلك يلقب بالإنجيلي.



حياته بحسب الإنجيل

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



معظم ما نعرفه عنه قادم منه الأدبيات المسيحية الأولى خصوصا الأناجيل القانونية الأربعة في كتاب العهد الجديد، والتي تخبرنا بأنه لاوي بن حلفى الذي كان يعمل عشاراً أو جابياً للضرائب في مدينة كفرناحوم، وكان اليهود يحتقرون مهنة الجباية وكل من كان يعمل بها لأنهم كانوا يجمعون ضرائب باهضة لصالح المحتل الروماني.
دُعي باسم لاوي في (لوقا 5 : 27) ودُعي باسم متى في إنجيل مرقس في قائمة أسماء الرسل ثم دُعي أيضا متى في (مرقس 2 : 14)، يشرح بعض علماء العهد الجديد هذه المسألة بأن هذا الرسول كان يُدعى في البدء لاوي ثم بعد أن تلقى دعوة يسوع المسيح ليصبح من تلاميذه قام بتغيير اسمه للدلالة على أنه أصبح إنسانا جديدا غير ذاك العشار المبغوض، ففي ذات اليوم الذي تلقى فيه الدعوة من يسوع أعد متى عشاء كبيرا على شرف يسوع وتلاميذه دعا إليه جميع أصدقائه العشارين ومن المحتمل أنه كان عشاء وداع لحياته السابقة، يروي الإنجيل بأن متى كان جالسا عند مكان الجباية عندما قال له يسوع "اتبعني" فترك متى عندها كل شيء وتبعه [1].
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع يدعو متى ليتبعه للرسام الهولندي هندريك تير بروخين


آخر الإشارات إليه في العهد الجديد هي في سفر أعمال الرسل [2]، وهو التلميذ الوحيد بين الإثني عشر الذي ذكر اسمه في إنجيل توما – أحد الأناجيل غير القانونية - دلالة على أهميته الكبيرة في الكنيسة الأولى.
موته

لا يعلم بالضبط كيف وأين قُتل متى الإنجيلي ولكن بعض القصص التراثية تروي بأن متى بشر وقُتل في سبيل إيمانه في إثيوبيا، قصص أخرى تحكي أنه قُتل في مدينة هيرابوليساليونانية – تقع اليوم في تركيا – يؤيد هذه الرواية القديس إيبيفانيوس أسقف قبرص (القرن الرابع) الذي يعتقد بأن متى العشار قُتل في هيرابوليس أما التلميذ الذي استشهد في إثيوبيا هو متياس الذي أخذ مكان يهوذا الإسخريوطي في جماعة الإثني عشر.
كان ما يُفترض بأنه جثمانه موجودا في بلدة كاباتشيو في منطقة كامبانياالإيطالية وبعد ذلك نُقل إلى مدينة ساليرنو عاصمة كامبانيا في القرن العاشر الميلادي، وهو محفوظ الآن في أحد السراديب الواقعة أسفل إحدى الكاتدرائيات هناك. يعتبر متى الإنجيلي قديسا بالنسبة للكنائس الكاثوليكيةوالأرثوذكسية على حد سواء كما تعترف بقداسته بعض الكنائس البروتستانتية، يعيد له الأرثوذكس سنويا في تاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني بينما يعيد له الكاثوليك في تاريخ 21 سبتمبر/أيلول من كل عام. على غرار باقي الرسل الإنجيليين يصور متى في الإيقونات واللوحات وهو حامل إنجيله أو وهو يقوم بكتابته، اللوحات الثلاث التي رسمها الفنان الإيطالي كارافادجو تصور حياة الرسول متى والمحفوظة في كنيسة القديس لويجي دي فرانتشوسي في روما تعد علامة بارزة في تاريخ الفن الغربي.
 
قديم 23 - 10 - 2017, 01:30 PM   رقم المشاركة : ( 19226 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مسار العائلة المقدسة
حكاية باب النبؤات الذى سرد تاريخ المسيحية من بدايتها حتى آخر الزمان
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نصفّ سيارتنا على باب الدير، وندخل من بوابته المجوفة فى السور الأثرى، وحين نمر، نجد طائفة من العمال قد انشغلت بالترميم، فغمرت المنطقة بالرمل الأبيض، وفى مكتب صغير للاستعلامات، ينفتح على شباك حديدى صغير، نسأل الراهب عن زميل له أذن لنا بالحضور، ينصحنا بالاتصال به، ثم يرشدنا إلى مكتب آخر، يجلس به القس سرجيوس السريانى، وهو راهب أكبر سنًا يحتفظ بصورة للعذراء مريم أعلى مكتبه، يرحب بنا، ويطلب لنا شايًا، ويسأل عن أحوالنا بود كبير، نلاحظ أنه يعلق صورة لرجل يرتدى عمامة، يقول إنه المعلم إبراهيم الجوهرى الرجل المعطاء الذى عمر عشرات الكنائس والأديرة، وإلى جواره صورة للقمص فلتاؤس السريانى، أشهر رهبان الدير فى العصر الحديث، وهو الرجل الذى اشتهر بصنع الكثير من المعجزات وتوفى منذ عدة سنوات، يروى الراهب حكايات من سيرة أخيه القديس، فيؤكد أن أحد الأطباء الأقباط قد صدم عابرًا بسيارة دون قصد، وحكمت عليه المحكمة بحكم كبير، فجاء إلى أبونا فلتاؤس الذى قال له هتدفع غرامة 500 جنيه، اندهش الطبيب ولم يصدق، ثم آلت الأمور إلى ما قاله أبونا فلتاؤس وطلب منه أن يشترى له كبابًا، وهو طاعن فى السن لا يستطيع مضغ اللحم، فوزعه على فقراء زاروه فى المضيفة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقطع الهاتف، حكايات الراهب عن أخيه فلتاؤس رجل البركة، يخبرنا أن القس الراهب تيمون السريانى ينتظرنا أمام الكنيسة الأثرية، وسوف يصطحبنا فى جولة داخل الدير، نقابل القس تيمون بوجهه البشوش، ويسأل إن كنا نريد الشرح بالعربية أم الإنجليزية، وهو يجيد الاثنتين.

يحكى القس تيمون السريانى، حكاية الحياة الرهبانية فى هذا الدير، يقول إن جماعة من الرهبان السريان الأرثوذكس الشوام قد سمعوا عن ازدهار الحياة الرهبانية فى تلك المنطقة من البرية، أرادوا أن ينتسبوا لمدرسة الرهبنة الأولى فى مصر، فجاءوا فى القرن الخامس الميلادى وعاشوا الحياة الرهبانية مع إخوتهم من المصريين، وظلوا هنا حتى القرن السادس عشر الميلادى، أجيال وراء أجيال تتوارث الرهبنة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس الأنبا بيشوى، هو أول من سكن منطقة وادى النطرون، يتحدث القس تيمون، وهو يمشى صوب مغارة أبو الرهبان فى تلك المنطقة، وأمام تجويف فى الجبل، ينطلق منه ضوء أصفر ينعكس على لوحة كتب عليها مغارة الأنبا بيشوى، يتوقف الراهب ويؤكد أن الأنبا بيشوى ينتمى للجيل الثالث فى الرهبنة المسيحية، نحنى رؤوسنا وندخل إلى المغارة، التى تنقسم إلى جزءين، الأول كان القديس يستقبل فيه ضيوفه من الرهبان، والثانى قلايته التى ينفرد فيها بالله يصلى له ويناجيه، وفى تلك المغارة الصغيرة المحفورة ككهف فى الجبل، وضع مئات الزوار أمانيهم على ورق وكأنها رسائل سرية سيتسلمها القديس ويرد بالاستجابة، القس تيمون يؤكد أن ما يقرب من خمسة آلاف راهب تتلمذوا على يد الأنبا بيشوى الذى عاش ما يقرب من مائة عام فى تلك المغارة.

نخرج من المغارة، فيأخذنا القس تيمون، إلى المائدة الأثرية التى تعود للقرن الرابع، وهى نفس المائدة التى تتكرر فى كافة أديرة وادى النطرون، ولكن دير السريان وضع ماكيتات لرهبان من ورق، فوق المصطبة الأثرية، يوضح الراهب تيمون، أن الرهبان كانوا ينفردون بأنفسهم طوال الأسبوع ويجتمعون عليها يومى السبت والأحد لتناول الطعام معًا وقراءة الإنجيل وشىء من كتاب بستان الرهبان، وعلى المائدة أوانٍ معدنية يعلوها تراب الصحراء الأصفر، وحولها الزوار يخرجون ويدخلون يتأملون ما فعله آباء الكنيسة فى الصحارى.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نقطع مغارات حجرية فى الدير، حتى نصل إلى الكنيسة الأثرية، يزيح القس تيمون الباب الخشبى بيديه كمن يفتح لنا عالمًا سحريًا يتداخل فيه الفن مع التاريخ مع الدين، بمجرد أن تطأ قدماك باب الكنيسة الأثرية ستشعر وكأنك فى حلم بعيد، خاصة إن كانت الكنيسة تأسست بناء على رؤية ظهرت فيها السيدة العذراء للأنبا يحنس كاما أحد قديسى ورهبان الدير ومنحته ثلاثة دنانير من الذهب ليبنى تلك الكنيسة وهى القصة التى تسجلها أشهر أيقونات الدير، فتراها موضوعة فوق مقصورة خشبية قديمة تحيطها الصلبان من كل اتجاه.

يستكمل القس تيمون حكاية بناء الكنيسة، يقول إن العذراء بعدما ظهرت للأنبا يحنس كاما، اختفت حتى ظهر له ملاك فى مغارته التى تبعد عن هنا ثلاثة كيلومترات، ثم تهدمت المغارة بعدما خرج منها مباشرة، ففهم الأنبا يحنس أن الكنيسة التى أرادت العذراء بناءها ليست فى مغارته، فسار حتى وصل إلى مقر الكنيسة الحالى ووجد مجموعة من الرهبان السريان السوريين يتعبدون فيها فانضم لهم.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فى قلب الكنيسة، يقف القس تيمون ويفك رموز باب فى منتصفها يسمى باب النبؤات، وهو باب خشبى يظهر وسط كوكبة من الفريسكات الأثرية واللوحات التى تتزين بها حوائط الكنيسة، وإلى جواره كتابات باللغة السريانية، إلا أن ما سجله الباب هو أغرب ما يمكن أن تقابله فى تلك الكنيسة، يتكون الباب من ستة أقسام من الخشب مزينة بالعاج، كل قسم منه يسرد جزءًا من تاريخ المسيحية بل ويتنبأ بمستقبلها، فى القسم الأول تظهر صور تلاميذ المسيح الذين نشروا المسيحية فى العالم، أما القسم الثانى، فيعبر عن الجيل الثانى من المسيحية ورسم السريان فوقه صلبانا صغيرة فالمسيحية كانت تنتشر ببطء وقتها نظرًا لوجود ملاحقات واضطهادات، كما يشرح لنا القس تيمون.

الصف الثالث من الباب، تظهر فيه الصلبان أكثر وضوحًا وتحيطها دوائر قال القس تيمون، إنها تجسد استمرار مرحلة الاضطهاد للمسيحيين فى هذا الزمن، حتى إذا جاء القسم الخامس من الباب ظهر الصليب جليًا واضحًا، فيؤكد القس تيمون أن هذا القسم من الباب يجسد عصر ازدهار المسيحية الذى انتعش بالرهبنة التى ظهرت فى القرن الرابع وترسخت فى القرن الخامس.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أمام الدرفة السادسة يتوقف القس تيمون ويسألنا عن الرمز الظاهر أمامه، فنجيبه رمز النازية، ويؤكد أن السريان تنبأوا بحدوث أمر جلل بهذا الرمز سوف يغير تاريخ العالم، وفى نفس الفترة انعقد مجمع خلقدونية الذى قسم الكنائس وبدأت حالة الانقسام المسيحى، فتغير شكل الصليب الذى كان واضحًا فى القسم الخامس من الباب إلى صليب أقل وضوحًا، ومازال فى الباب قسمان، السادس يصغر فيه الصليب أكثر وهو ما نعيشه حاليًا من ظهور معتقدات غريبة وإلحاد وعقائد خاطئة، أما القسم الأخير فى الباب فيعود الصليب ليظهر كبيرًا فى منتصفه، وهو ما يعبر عن ظهور المسيح مرة أخرى فى آخر الزمان وفقًا للمعتقد المسيحى، مثلما يقول القس تيمون.

على حوائط الدير فريسكات ورسوم ملونة تجسد كل منها قصة أو ترد على بدعة أو تروى حكاية من تاريخ المسيحية الطويل، وأسفل كل لوحة حائطية واحدة أخرى، ففى كل حائط ثلاث طبقات من الفريسكات الملونة رسمتها أجيال متعاقبة ممن سكنوا الدير على حد تعبير الراهب تيمون.

من الكنيسة، إلى ساحة الدير مرة أخرى، يطلعنا القس تيمون على شجرة مار إفرام السريانى، شجرة عملاقة ترقد فى غرفة خصصت لها، إلا أنها تخترق سقف الغرفة وتخرج منها إلى السماء، وتحيطها أوانٍ معدنية وفخارية تعود للقرن الثامن عشر وجدها الرهبان فى الدير، يقول الراهب إن الشجرة كانت عصا تركها القديس مارإفرام السريانى فى الأرض وسقاها تلاميذ الأنبا بيشوى بالماء، فنبتت شجرة منذ أكثر من 1700 عام لتشهد على اللقاء الذى جمع القديس مارإفرام بالأنبا بيشوى هنا فى الدير، وفقا لما يقوله القس تيمون، وعلى يسار الشجرة قلالى رهبانية قديمة، يؤكد القس تيمون أنها تستعمل حاليًا كسكن للرهبان الجدد لكى يذوقوا حياة الرهبنة الأصلية التى تتخذ الزهد والتقشف منهجًا لها.

قبل أن نغادر، يروى لنا القس تيمون قصة نبع الحمراء التى تبعد عن الدير 7 كم، ويعتقد أنها المنطقة التى عبرت منها العائلة المقدسة بالفعل، وهى نبع مملح أراد المسيح أن يرتوى منه، فمنعته العذراء فما كان منه إلا أن وضع إصبعه، لتتفجر عين عذبة وسط الماء المالح، ويؤكد القس تيمون أن المنطقة تحتاج لعناية وزارة السياحة، حيث غمرتها المخلفات وتوقف مشروع حمايتها منذ سنوات وضربها الإهمال، نودع القس اللبق ونترك الدير إلى موعدنا فى دير القديس الأنبا مقار ببرية شيهيت وهو آخر أديرة وادى النطرون فى اتجاه القاهرة.

بعد نحو نصف ساعة نصل إلى دير الأنبا مقار، ومن البوابة الرئيسية، تعبر السيارة وسط غابة غناء من الأزهار الملونة والنخيل المثمر، بلح أصفر وورد بنفسجى وأشجار كبيرة ملتفة، تظلل الطريق إلى البوابة الثانية للدير، وعند البوابة الأخرى، نقابل راهبًا فنسأله عمن يرشدنا للزيارة، فيرسلنا إلى الراهب القس مرقوريوس المقارى الذى كان جالسًا مع إحدى العائلات التى تزور الدير، يتركنا ليستأذن منهم ويأتى معنا، نسأله عن معالم الدير، يقول إن الحياة الرهبانية بدأت هنا فى القرن الرابع الميلادى على يد الأنبا مقار الكبير الذى هجر مغارته بمنطقة وادى النطرون بعدما ازدحمت بالرهبان وجاء إلى هنا.

يكشف الراهب مرقوريوس عن عدد رهبان الدير فيقول، إنهم 140 راهبا تلزمهم حياة الرهبنة بالتعبد والعمل، لذلك عملوا على زراعة المنطقة المحيطة بالدير منذ السبعينيات من القرن الماضى فامتلأت بالمحاصيل المختلفة، مثل مزارع المانجو والموز والبلح والزيتون، وكذلك الأسماك والأبقار والدواجن.

يضيف الراهب: نعيش من دخل تلك الزراعات ونساعد أسرا فقيرة فى الصعيد أيضًا بالفائض من الدخل فنبدأ يومنا فى الرابعة صباحًا بتسبحة نصف الليل ثم ينصرف كل راهب إلى عمله ونحصل على قسط من الراحة فى الظهيرة لمدة ساعتين ثم فترة عمل أخرى بعد الظهر، واجتماع للصلاة صغير ليلًا، وينتهى يومنا مبكرًا لأنه يبدأ فجرًا.

أما بخصوص الدير، فلدينا ثلاث كنائس أثرية، تتخذ الأولى اسم الأنبا مقار الكبير والهيكل الأوسط فيها يرجع تاريخه إلى القرن السابع الميلادى، وهيكل جانبى يرجع إلى القرن التاسع الميلادى، وفى تلك الكنيسة رفات اثنين من الأنبياء، ليس فقط فى الدين المسيحى بل فى كافة الأديان الإبراهيمية وهم يوحنا المعمدان الذى يلقبه المسلمون بيحيى بن زكريا وإليشع النبى المذكور فى القرآن باسم اليسع، حيث تحتفظ الكنيسة برفاتهما فى أنابيب معدنية بها، وقد كانت رفاتهما فى أورشليم ونقلا إلى الدير فى القرن العاشر الميلادى مثلما يؤكد الراهب مرقوريوس. وفى الكنيسة، تحت الأرض مقبرة بنيت بأسماء النبيين، مثلما يقول الراهب، ويضيف: وفى نفس الكنيسة رفات المقارات الثلاثة، وهم ثلاثة قديسيين يحملون اسم مقار، الأول مقار الكبير مؤسس الرهبنة هنا فى القرن الرابع الميلادى، ومقار السكندرى أحد قديسى القرن الخامس، ومقار الأسقف.

يأخذنا الراهب إلى كنيسة التسعة وأربعين شهيد، وهى الكنيسة التى تأسست فى الدير تخليدًا لذكرى 49 من شيوخ الرهبان الذين استشهدوا فى إحدى الهجمات البربرية على الدير، ويضيف: أثناء الهجوم على الدير هرب بعض الرهبان، واختبأ البعض الآخر فى الحصن، ولكن هؤلاء واجهوا الموت ببسالة، ويحكى أن أحد الزوار رأى ملائكة تضع أكاليل من الزهور على أجسادهم، وتعود الكنيسة التى بنيت باسمهم إلى القرن الثامن عشر رغم أنهم استشهدوا فى القرن الخامس.

من كنيسة الشهداء إلى كنيسة شهيد آخر هو القديس ابسخيرون القللينى تزينها قبة معمارية مرتفعة فى السماء فريدة فى شكلها وهيئتها وتعود إلى القرن التاسع عشر، وإلى جوارها الحصن الأثرى والمائدة الأثرية، وهى الآثار التى تتكرر فى كل دير من أديرة وادى النطرون، يستوقفنا الراهب مرقوريوس، ويقول إن أهم ما فى الدير ليس مبانيه رغم أهميتها التاريخية ولكنه السؤال: هل الله يكفى؟، نحن الرهبان تركنا العالم وذهبنا إلى الله بلا زوجة ولا أطفال ولا حياة عملية ولا اجتماعية، ويجيب: نعم الله يكفى ومحبة الله وحده تفيض وتملأ القلب والروح والجسد، يودعنا الراهب الذى يؤكد أن رهبان هذا الدير يحاولون السير على خطى مرشدهم الروحى الأب متى المسكين الذى كان رئيسًا للدير منذ عام 1969 وحتى وفاته عام 2006 وأهم ما يميز فكره الرهبانى هو إيمانه بالرهبنة الجادة، فعلى الراهب ألا ينشغل بالعالم الخارجى وأن يركز فى حياة الصلاة والصوم التى هجر الدنيا لأجلها، ثم يمضى ويتركنا إلى موعد ينتظره.

نقابل راهبا آخر، يضع فى جيبه قلمًا كمثل الذى كان يضعه الراهب مرقوريوس، وهى سمة تميز رهبان هذا الدير المشغولين بالعلم، حتى إن ديرهم هو الأول فى مجال النشر والترجمة والتأليف ويضم مطبعة ضخمة تطبع إصدارات معلمهم متى المسكين وما خلفه وراءه من تلاميذ، نسأل الراهب الذى يرفض الإفصاح عن اسمه عن رحلة العائلة المقدسة: هل مرت من هنا؟

يطلب منا أن نغلق التسجيل، فما سيقوله ليس رأى الكنيسة الرسمى، ويؤكد عدم وجود دليل مادى على مرور العائلة المقدسة بهذا المكان، فكل ما استندت إليه الكنيسة مجرد أقوال ومرويات تاريخية أبرزها ما كتبه البابا سوفيلوس رقم 23 للكنيسة القبطية، وينصحنا باللجوء لمكتبة الدير ويرشدنا عن كتب بعينها.

نترك دير الرهبان العلماء، ونواصل الرحلة، إلى القاهرة، إلى تلك الأماكن التى أثبتت العذراء مرورها بها بالقول والفعل والأثر.

 
قديم 24 - 10 - 2017, 04:48 PM   رقم المشاركة : ( 19227 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هل يخصص إبليس شيطانًا ليعذّبنا؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المؤلف المسیحي المعروف كلیف ستیبلز لویس طرح كتابً ً ا رائعا خلال عام 1942 تحت عنوان ”رسائل سكروتیب“. الكتاب مكتوب ّ من وجھة نظر شیطان كبیر یوجھ شیطانًا آخر وھو ابن أخیھ حول كیفیة إغراء البشر.
الكتاب يركز على مفهوم أنه في حين يقوم الله بتعيين ملاك حارس لكل واحد منّا يجب على الشيطان تعيين شيطان معين في وجه الملاك. إنها فكرة مثيرة للاهتمام ومبنية على بعض الحقائق.

ويوضح التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية أن الشيطان لم يكن وحده في تمرده على الله: ” الشيطان أو إبليس وسائر الشياطين هم ملائكة ساقطون لأنهم رفضوا باختيارهم أن يخدموا الله وقصَده. واختيارهم ضّد الله نهائي. وهم يعملون على إشراك الإنسان في ثورتهم على الله.” (تعليم الكنيسة الكاثوليكية 414).
إن سقوط الشّيطان من السماء مذكور أيضًا في رؤيا القدّيس يوحنّا: “فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ”. (سفر رؤيا يوحنا 12:9).

أبعد من ذلك لا يعرف سوى القليل عن الشيطان. إنها حقيقة إيمانية أن إبليس وشياطينه موجودة ولكن عدد الشياطين وعما إذا كان إبليس يعينهم للإيقاع بالبشر أمر لا يزال مجهولًا.

استنادًا إلى الكتاب المقدّس فقد حدث أن عددًا من الشياطين حاولت أن تقود البشر بعيدًا عن الله. في إنجيل مرقس وبينما كان يسوع يخرج روحًا نجسة سَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ قِائِلاً: “اسْمِي لَجِئُونُ، لأَنَّنَا كَثِيرُونَ.” (إنجيل القديس مرقس 5: 9).

هذا وقد أخرج يسوع 7 شياطين من مريم المجدلية. (إنجيل القديس مرقس 16: 9).

ويبدو أن هذه المنهجية تتوافق مع طبيعة الشر التي لديها ميل للعمل مثل مجموعة من الذئاب التي تحاصر فريستها.

إن البشرى السارة تكمن في حقيقة أن الله أقوى من كل الشياطين.

على سبيل المثال فقد ذكر يسوع عددا كبيرًا من الملائكة تخضع له:” أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟” (إنجيل القدّيس متّى 26: 53).

يسوع يقول إذًا إنه بامكان الآب أن يرسل ما يصل الى 60،000 ملاكاً لمساعدته! إلى جانبنا الملاك الحارس حاضر دائمًا وإن الله قادر على إرسال ملائكة أكثر إن طلبنا منه في وقت الحاجة.

إذًا حتى ولو تم تعيين شيطان معيّن لإغرائنا وتعذيبنا ليس لدينا أي سبب للخوف من الشياطين عندما نعيش في اتحاد وثيق مع الله. وكما كتب القديس بولس في رسالته إلى الرومان: ” إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟”
 
قديم 24 - 10 - 2017, 04:53 PM   رقم المشاركة : ( 19228 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيل غيتس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان تعطي وانت في قمة الاحتياج.....فهذا هو العطاء والفضل
سألوا بيل غيتس :
هل يوجد من هو اغنى منك؟
قال:
نعم شخص واحد فقط
سالوه :
من هو؟
قال:
منذ سنوات مضت عندما تخرجت وكانت لدي افكار طرح مشروع المايكروسوفت، كنت في مطار نيويورك، قبل الرحلة وقع نظري على المجلات والجرائد. عجبني عنوان احدى الجرائد ادخلت يدي في جيبي كي اشتري الجريدة، الا انه لم يكن لدي من فئة العملات النقدية الصغيرة فاردت ان انصرف، وجدت بائع الجرائد صبي اسود عندما شاهد اهتمامي ورغبتي لأقتناء الجريدة قال:
تفضل هذه الجريدة لك انا اعطيتك خذها يا اخي.
قلت:
ليس لدي قيمتها من الفئات الصغيرة
قال:
خذها فانا اهديها لك.
بعد ثلاثة اشهر صادف ان رحلتي كانت في نفس المطار ونفس الصالة، ووقعت عيناي على مجلة، ادخلت يدي في جيبي لم اجد ايضا نقود فئة العملات الصغيرة ، نفس الصبي قال لي :
خذ هذه المجلة لك.
قلت:
يا اخي قبل فترة كنت هنا اهديتني جريده، هل تتعامل هكذا مع كل شخص يصادفك في هذا الموقف؟
قال:
لا ولكن عندما ارغب ان اعطي، فانا اعطي من مالي الخاص.
هذه الجملة ونظرات هذا الصبي بقيت في ذهني وكنت افكر يا ترى على أي اساس واي احساس يقول هذا.
بعد 19 سنة عندما وصلت الى اوج قدرتي قررت ان اجد في البحث عن هذا الشخص كي ارد له الجميل واعوضه. شكلت فِريق وقلت لهم اذهبوا الى المطار الفلاني وأبحثوا لي عن الصبي الأسود الذي كان يبيع الجرائد. بعد شهر ونصف من البحث والتحقيق وجدوا انه شخص اسود وحاليا هو حارس صالة المسرح. الخلاصه تمت دعوته، سالته هل تعرفني؟
قال :
نعم السيد بيل جيتس المعروف كل العالم يعرفك.
قلت له قبل سنوات عندما كنت صبيا صغيرا وتبيع الجرائد اهديتني مرتان جريده مجانية حيث لم يتوفر لدي نقود من الفئات الصغيرة، لماذا فعلت ذلك؟
قال :
هذا شئ طبيعي لان هذا هو احساسي وحالتي.
قلت:
هل تعلم ما اريده منك الان، اريد ان ارد لك جميلك .
قال: كيف !
قلت:
ساعطيك أي شئ تريده.
قال الشاب الاسود وهو يضحك:
أي شئ اريد؟
قلت:
أي شئ تطلبه
قال:
هل حقيقي أي شئ اطلبه؟
قلت:
نعم أي شئ تطلبه اعطيك، لقد اعطيت قرض لخمسين دولة افريقية، ساعطيك بمقدر ما اعطيتهم كلهم.
قال الشاب:
يا سيد بيل غيتس لا يمكنك ان تعوضني.
قلت:
ماذا تقصد كيف لا يمكنني تعويضك؟
قال:
لديك القدرة لتفعل ذلك ولكن لا تستطيع ان تعوضني
سألته:
لماذا لا استطيع تعويضك؟
قال :
الفرق بيني وبينك انني اعطيتك في اوج فقري و انت تريد ان تعوضني وانت في اوج غنائك، وهذا لن يستطيع ان يعوضني شيئا. انما لطفك يغمرني.
يقول بيل غيتس دائما اشعر انه لا يوجد من هو اغنى مني سوى هذا الشاب الاسود.
* * *
وَتَطَلَّعَ فَرَأَى الأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي الْخِزَانَةِ،
وَرَأَى أَيْضًا أَرْمَلَةً مِسْكِينَةً أَلْقَتْ هُنَاكَ فَلْسَيْنِ.
فَقَالَ:
«بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ،
لأَنَّ هؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا فِي قَرَابِينِ يَهْوَهْ،
وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا، أَلْقَتْ كُلَّ الْمَعِيشَةِ الَّتِي لَهَا».

(لوقا 21: 1-4)
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
قديم 24 - 10 - 2017, 04:56 PM   رقم المشاركة : ( 19229 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كثير ما يحدث شر
نسأل هل موت او حادث او مصيبه من الله أم من الشيطان
هل الطوفان وحرق سدوم من الله أم من الطبيعة أم من الشيطان
اتمني أجد كتاب يشرح الشر والألم بمفهوم مسيحي حقيقي

سلام لشخصك العزيز والمحبوب من الله، صدقني الموضوع مش محتاج كتب ولا شرح كتير، لأن الفلسفة مصدرها الملحدين والمفكرين الذي اتعبوا الإنسانية وأبعدوها عن رؤية الحق وجعلوا الرؤيا الصحيحة ضبابية، والناس سارت ورائهم كقطيع يسير وراء راعيه، لكي يحوروا المعاني لتتكيف مع تفكيرهم لكي يجذبوهم للمسيحية، ولكي يدافعوا عن الكتاب المقدس حسب تصورهم أمام الآخرين الذين لا يؤمنون به، ويجعلونه محبوباً لديهم.

مع أن المشكلة تكمن في عدم وعي الإنسان وانفتاحه الحقيقي على الله في المسيح لذلك أظلم فكره وبدأ يحيا بالفلسفة مبتعداً عن إعلان كلمة الله فدخل في أزمنة التيه وضل وبدأ يغشى عقله غيوم عدم التوبة وتكريس الحياة لله بصدق وأمانة حقيقية وقد انفتح - بكامل وكل وعيه وإدراكه - على طريق معرفة الخير والشرّ في انفصال واضح عن الله توضحه الأيام وتزيده تعمق وتأصل، بسبب قلبه النجيس المخادع والذي هو أخدع من كل شيء، فالمشكلة الحقيقية ليست في الله بل في الإنسان نفسه، فمنذ البداية سقط، والسقوط وحده هو الذي يشرح الشرّ والموت الذي دخل إلى العالم لأن الإنسان تخلى عن الله، فالإنسان منذ الخلق كان رأس الخليقة وتاجها، والرب قال لآدم بعد سقوطة ملعونة الأرض بسببك، إذاً مين السبب لسقوط العالم كله والمرار الذي يحيا فيه عبر الأيام والعصور كلها، هو فقط ملكه ورأسه "أي الإنسان"، لأن بعد السقوط الطبيعة نفسها انقلبت على الإنسان وصار لا سلام ولا ضمان في كل شيء، بل هجر إلهي وشعور عميق بالانفصال عنه، والكل مال نحو الموت الذي تبعه الفساد.
فالإنسان بعد السقوط لم يقف عند حد بل بدأ يخترع الشرّ على كل شكل ولون وزاد عبر العصور والأيام، والشرّ نفسه نتيجته أُسقطت على الإنسان واستخدم وطوع لتأديب الإنسان لكي يتوب، فمكتوب في سفر الرؤيا:
+ وأما بقية الناس الذين لم يقتلوا بهذه الضربات فلم يتوبوا عن أعمال أيديهم حتى لا يسجدوا للشياطين وأصنام الذهب والفضة والنحاس والحجر والخشب التي لا تستطيع أن تُبصر ولا تسمع ولا تمشي (رؤيا 9: 20)
+ فاحترق الناس احتراقا عظيماً وجدفوا على اسم الله الذي له سلطان على هذه الضربات ولم يتوبوا ليعطوه مجداً (رؤيا 16: 9)
ونتيجة لعدم وعي الإنسان الذي صار في اتجاهين، الاتجاه الأول عدم وعي المؤمنين بطريق الآلام والضيقات والتألم مع العالم بسبب انقلاب الطبيعة نفسها وتغيرها أو كل الآلام التي تأتيه عن طريق المتمسكين بالشرّ، لأن المسيحي الحقيقي طريقه طريق المسيح الرب، طريق الآلام إلى الجلجثة حتى الموت، والإتجاه الآخر اتجاه الأشرار الذين بدورهم يزيدون شراً على شر وإثماً فوق إثم، مما يفسد الأرض، ومن ثمَّ يشعرون بغضب من الطبيعة نفسها التي تنقلب عليهم، لأن الله بيستخدم الطبيعة للتأديب والتربية، واحياناً يُظهر العقوبة التي تُظهر هلاك الخطية المدمرة للبشرية لكي تكون مثالاً وعبره، لكن الإنسان - للأسف - بدأ يحور الموضوع لكي لا يتوب لذلك خطئيته باقية، ولذلك مكتوب:
+ وجدفوا على إله السماء من أوجاعهم ومن قروحهم ولم يتوبوا عن أعمالهم (رؤيا 16: 11)
فالإنسان عنده إصرار عجيب على عدم التوبة، بل كل ما يفعله لكي يهرب أنه يجدف على اسم الله الحي ويُنسب له كل الأفعال الشريرة التي هو يرتكبها بحريته وإرادته، أو يهرب من موضوع انقلاب الطبيعة أو ظهور التأديب الإلهي بإعلان واضح في الكتاب المقدس وظاهر كشمس النهار، ويحور الكلام لمعاني أخرى، والسبب أنه أحب الظلمة أكثر من النور، وهو غير قابل للتأديب لأنه قلبه غلظ وتحجر بسبب عقله وفلسفته، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية والمعضلة التي ليس لها حل، وهيهات أن عرف الإنسان أن يتصالح مع الطبيعة أو يفهم الأحداث الطبيعية من حوله والتي سببها السقوط، وذلك بسبب انه بعناد ظل منعزلاً عن الله ولا يُريد أن يعود لله الحي.
+ لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأُشفيهم (متى 13: 15)
ودعني أسألك سؤال إيه اللي خلى مثلاً شعب إسرائيل يُسبى قديماً، اليست هي خطاياهم، ولذلك أدبهم الله وسلملهم لأعدائهم لأنه تخلى عن حمايتهم، فهنا مصيبة السبي هل هي من الله أم من الشيطان أم من الناس، أليست بدأت من الناس أولاً بالخضوع للغواية مع أن عندهم الوصية ومع ذلك لم يحيوا بالإيمان وعصوا وتمردوا على الله ونسوا شريعته، ثم بسبب ذلك تخلى الله عنهم، فاستلمهم أعدائهم وسبوهم، والهدف من ترك الله هو التأديب، لأن من بعد التخلي تبدأ كل مصيبة ليحصد الإنسان نتيجة أعمال شره وفساده وعناد قلبه القاسي.
+ يَا رَبُّ أَلَيْسَتْ عَيْنَاكَ عَلَى الْحَقِّ؟ ضَرَبْتَهُمْ فَلَمْ يَتَوَجَّعُوا. أَفْنَيْتَهُمْ وَأَبُوا قُبُولَ التَّأْدِيبِ. صَلَّبُوا وُجُوهَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّخْرِ. أَبُوا الرُّجُوعَ (إرميا 5: 3)
+ فما أتعس الذين يحتقرون الحكمة والتأديب، يكون رجاؤهم باطلاً وأتعابهم عقيمة وأعمالهم لا فائدة فيها (الحكمة 3: 11)
+ وغاية التأديب محبة الحكمة والعمل بشرائعها ومراعاتها مراعاة تؤمن الخلود (الحكمة 6: 18)
+ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ (عبرانيين 12: 7)
 
قديم 24 - 10 - 2017, 04:59 PM   رقم المشاركة : ( 19230 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,772

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لأن الله لم يعطنا روح الفشل،
بل روح القوة والمحبة والنصح.
تيموثاوس الثانية 7:1
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


عندما صرنا مسيحيين اعطانا يسوع هدية و هي الروح القدس (اعمال 38:2; تيطس 3:3-7). الروح القدس يسكن بداخلنا و يجعل اجسادنا هياكل (1 كورنثوس 19:6-20) و يباركنا بطرق مختلفة (رو 8). نستطيع أن نكون شجعان حتى في وقت الهجوم و النقد و السخرية بفضل وجود الروح القدس. ثمار الروح القدس (غل 22:5-23) و الحب الذي يسكبه الروح القدس في قلوبنا (رو 5:5) لا يجعلنا ضعفاء بل بالعكس وجود الروح القدس هو قوة تساعدنا للتغلب على الخطية (رو 13:8) و نعيش بانضباط.
ايها الآب اشكرك من أجل وجود الروح القدس الدائم في حياتي . من فضلك امنحني الشجاعة و القوة حتى أواجه التحديات اليومية في حياتي . باسم يسوع أصلي. آمين.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025