![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 19141 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفرح بالآلام لأجل المسيح ![]() «بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ» (1بط4: 13) حدث هذا حين كنَّا بالسنة النهائية بكلية الطب، عندما أمسك أستاذ الجراحة بالدفتر المُقيَّد بِه أسماء الطلاب، بغرض التعرف علينا. وبعد تلاوة عدة أسماء، نادى مُتهكمًا: إشعياء! اسمك إشعياء؟! أجاب الطالب: نعم، يا دكتور، أنا إشعياء. فقال الأستاذ بسخرية: وكيف نجحت في السنة الأولى والثانية والثالثة، بل ووصلت إلى البكالوريوس، وأنت تحمل هذا الاسم؟! ولكن ما أسهل هذا الموقف إزاء ما تعرض له المؤمنون إبان أزمنة الاضطهاد، من جلد وقيود وحبس، بل وموت من أجل اسم المسيح. إننا نود التأكيد على أن الألم لأجل الرب لَم ولن ينتهي؛ فمزاح ابن الجارية متواصل عبر العصور، وعلينا كمؤمنين التسلح بهذه النية؛ نية الألم (1بط4: 4)، ولا ينبغي التهرب من هذا الألم، بإذعاننا لمساومات الشيطان، أو مداهنة العالم، بل يجب أن يكون لنا رد الفعل الصحيح إزاء ما نتعرض له: لنحتمله بصبر، بل ويغمرنا الفرح لاشتراكنا في آلام المسيح. ولن نتمكن من الثبات في مواجهة هذه التحديات إلا من خلال كلمة الله وثباتها فينا، كي نتصرف حسنًا في كل شيء. وإليك ببعض توجيهات هذه الكلمة: أولاً: لاَ تَسْتَغْرِبُوا ... توَّقّعوا ربما يتساءل البعض بِحَيرَة: لماذا يسمح الله لأحبائه بهذا؟! يُجيب الكتاب: «أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ» (1بط4: 12). والرب نفسه قد سبق وأخبرنا بطبيعة إرساليتنا كحملان وسط الذئاب، ولن يُعتبَر الألم لأجل المسيح أمرًا غريبًا إلا في نظر مَن يُنادون بإنجيل الصحة والغنى، أما نحن فلا ننتظر من تبعيتنا لمسيح مرفوض سوى الرفض. ثانيًا: لا تخجلوا ... افتخروا الخجل كل الخجل حين يتألم أحدنا بسبب خطاياه «فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ» (1بط4: 16). كم كانت رائعة صلاة بولس وسيلا في سجن فيلبي، وكم كان مُلذًا للرب التسبيح بينما الأرجل في المقطرة، فلم يهرب سجين، ولم يفلت من الخلاص سجَّان. وعن بولس في سجن روما يحسب نفسه بكل افتخار أنه ”سفير في سلاسل“ (أف6: 20). ثالثًا: لا تفشلوا ... ثابروا نحن بكل شرف نتبع الرب ونخدمه «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، إِذْ لَنَا هَذِهِ الْخِدْمَةُ - كَمَا رُحِمْنَا - لاَ نَفْشَلُ» (2كو4: 1)، «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا» (2كو4: 17)، ولذلك فنحن نحاضر بالصبر، ونُثابر باجتهاد دون فشل، لأننا سنحصد في وقته. رابعًا: لا تخافوا ... ثقوا يُشجِّع الرب الكنيسة المتألمة لأجل اسمه قائلاً: «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤ2: 10). ويشجعنا بطرس في رسالة الألم قائلاً: «وَلَكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا» (1بط3: 14). حقًا من يضع ثقته في الرب، بِجُبِّ الأُسُودِ لا يأبه، وبِأَتُّونِ النار لا يُبالي. خامسًا: لا تحزنوا ... افرحوا هل من الممكن لمتألم أن يفرح؟! يا لها من أفراح حقيقية تغمر قلب من يتألم لأجل سيده. فحين ينظر إلى الماضي يفرح، وإذ يتأمل حاضره يفرح، وعندما يتطلع إلى المستقبل يفرح أكثر. 1. فرح بالألم من أجل الرب، بالنظر إلى الماضي عندما نُمعن النظر في حياة رجال الله نجد أن الجميع - بمكاييل مختلفة، وظروف متنوعة – ذاقوا الألم لأجل الرب. فهناك من نُشروا، ومن رُجموا، ومن قُتلوا بالسيف. وعندما نتألم من أجل الرب - بغض النظر عن مقدار الألم وكيفيته - ندرك أننا نسير على الدرب ذاته. فيا للغبطة والسرور القلبي بالسلوك في الاتجاه الصحيح! «طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هَكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ» (مت5: 11، 12). 2. فرح بالألم من أجل الرب، مرتبط بالحاضر من خلال الألم لأجل الرب لا نخطو خطى أنبياء الرب فقط، بل خطى الرب نفسه. وإدراكنا لهذا يملأ القلب بالتعزية، إذ إن مقاصد الله أبينا أن نكون «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رو8: 29). والألم يُعَدّ من أهم الوسائل التي يستخدمها الله لخدمة مقاصده مِن نحونا، لذلك ليس بمُستغرب أن نجد بولس تواقًا للاشتراك في آلام المسيح قائلاً: «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ» (في3: 10). فإن كانت الآلام من أجل المسيح تُتحِدنا بشخصه، فكيف لا نفرح ونسر بها؟! 3. فرح بالألم من أجل الرب بالتطلع إلى المستقبل أخبرت النبوات عن «الآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا» (1بط1: 11). ويؤكد الكتاب: «إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ» (رو8: 17). وهذا ليس معناه أننا سنفرح فقط عند التمجيد، بل نفرح الآن بما يؤول إليه «كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ» (1بط4: 13). لذا نحن لا نفرح بالرغم من آلامنا لأجل المسيح، بل بالأولى نفرح ونسر بهذه الآلام التي نتوقعها ونفتخر بها، ونثابر فيها بكل ثقة وبكل فرح. |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19142 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفرح رغم سلب الأموال ![]() «قَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ» (عب10: 34) يُحكى أن ”متّى هنري“ - خادم الرب المعروف - كان ذات يومٍ في طريقه إلى الاجتماع، عندما تعرّض لحادث سطو من بعض اللصوص. وما أن وصل إلى الاجتماع حتى التف الإخوة حوله مستفسرين عن تفاصيل ما جرى، فقال لهم: دعوني الآن أدخل لأصلي وأشكر الرب أولاً. فسأله البعض باندهاش: ”لأجل أي شيء ستشكر الرب؟!“ فقال بلهجة جادة: إن عندي الكثير لأشكر الرب عليه الآن: أولاً: لأنني لم أتعرض للسرقة من قبل، لقد كانت هذه أول مرة أتعرض فيها للسلب. وثانيًا: لأن اللصوص أخذوا محفظة نقودي ولم يأخذوا حياتي. وثالثًا: لأن اللصوص أخذوا كل ما عندي - هذا صحيح - إلا أنه لم يكن كثيرًا. ورابعًا: لأنني كنت أنا المسلوب ولم أكن أنا اللص! فمن الأفضل أن يكون المرء ضحية إنسان شرير، عن أن يكون هو نفسه شريرًا، يرزح تحت غضب الله ودينونته! ويا له من وصف بسيط وحلو للطريقة التي بها يقبل الإيمان التجارب التي تعمل على تقويته، وتبرهن على أن نصيبه ليس هنا. هذه القصة تُذكرنا بالإخوة الأمناء من العبرانيين الذين لم يكتفوا باحتمال التعييرات والضيقات التي وقعت عليهم شخصيًا، بل وأكثر من ذلك ”قَبِلُوا سَلْبَ أَمْوَالِهم بِفَرَحٍ، عَالِمِينَ فِي أَنْفُسِهم أَنَّ لَهُم مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِيًا“. فعندما كانت السلطات الحاكمة في ذلك الوقت تقوم بوضع اليد على أموال وممتلكات هؤلاء المسيحيين، قَبلوا ذلك بفرح، وآثروا البقاء أمناء للرب يسوع عوضًا عن الاحتفاظ بممتلكاتهم المادية. والمال إله في ذاته، ولكن يا لغبطة أولئك القديسين بما منحهم الروح القدس من إحساس صحيح بقيمة المال، وملأ نفوسهم بالقناعة أَنَّ لَهمْ مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِيًا. وكانوا متيقنين أن لهم ”ِمِيرَاثًا لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِهم“ (1بط1: 4). أحبائي: ما أكثر الأشياء التي لنا لنفرح ونشكر الرب عليها حتى في وسط الضيقات. وفضلاً على ذلك فإن نفس المشقات التي يسمح الرب بها هي مُرسلة منه لخيرنا الروحي، لذلك يجب علينا أن نفرح ونشكره على ضيقات الحياة نفسها «أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ حِينٍ. دَائِمًا تَسْبِيحُهُ فِي فَمِي» (مز34: 1) • أفراح الحياة لن تكون أفراحًا، إلا إذا كانت قابلة للمشاركة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19143 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فرح التغرُّب عن الجسد ![]() «فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ» (2كو5: 8) المؤمن سعيدٌ في حياته، فَرِحٌ في رقاده وانطلاقه ليكون مع المسيح، وأيضًا مُتهللٌ في مجيء الرب. هو سعيد في حياته، حتى وإن كان يسير في طريق صعب مليء بالآلام والضيقات «طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا» (مز84: 5، 6). وهذا ما حدث مع الرسول بولس عندما استدعاه الملك أغريباس من السجن، لكي يتكلَّم لأجل نفسه. فنسمعه وهو يُحاكم في قيوده يقول: ««إِنِّي أَحْسِبُ نَفْسِي سَعِيدًا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ، إِذْ أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَحْتَجَّ الْيَوْمَ لَدَيْكَ عَنْ كُلِّ مَا يُحَاكِمُنِي بِهِ الْيَهُودُ» (أع26: 2). ومع أن المؤمن يتهلَّل بتفكره في مجيء الرب «فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ» (رو12: 12)، إلا أنه يفرح أيضًا عند تغرُّبه عن الجسد ليستوطن عند الرب لأنه: أولاً: واثقٌ ومتيقنٌ أن خطاياه قد غُفِرَت، وأنه لن يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة، فيُمكنه أن يتغنّى من القلب، وبنغمة صادقة، قائلاً: «إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رو8: 1). ثانيًا: ينطلق بسلام وفي هدوء. وهذا ما اختبره سمعان البار عند انطلاقه، لأنه «عِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ ... أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ» (لو2: 27-30). ثالثًا: الرب يسوع نفسه يشرف على انطلاق روح المؤمن، وتغربه عن الجسد «الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ» (1تس4: 14). والرب يرسل له أيضًا جوقة من الملائكة لتعمل له تشريفة سماوية تحمل روحه إلى الفردوس، كما قيل عن لعازر: «مَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ»، أي إلى مكان الراحة الذي كان ينعم فيه إبراهيم (لو16: 22). رابعًا: المؤمن عند رقاده يربح ويتعزى. فعند إيمانه يربح المسيح «أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ» (في3: 8، 9). وعند انطلاقه يرى المسيح ويتمتع به عيانًا، فالموت بالنسبة له ليس خسارة لكنه ربح «لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ» (في1: 21)، وهكذا يدخل إلى فيض التعزيات، كما قال إبراهيم للغني الذي وصل بروحه إلى الهاوية، وطلب من إبراهيم الرحمة بأن يُرسل له لعازر ليَبُلَّ طَرَفَ إصْبِعِهِ بماءٍ، لأنه مُعذَّبٌ في اللهيب «فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذَلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ» (لو16: 24، 25). خامسًا: المؤمن عندما يتغرب عن الجسد، يستوطن عند الرب، وبذلك يتحرَّر من الجسد، أي يخلع الخيمة المليئة بالأمراض والأتعاب التي كان يسكن فيها، وينعم في الفردوس مع كل القديسين الذين سبقوه بالرب يسوع المسيح، حيث يري الرب عيانًا، بعد أن كان يراه هنا على الأرض بالإيمان فقط. وهذا يجعلنا نفهم كلام الرسول بولس: «لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا» (في1: 23). طوبي للمؤمن الذي يتغرب عن الجسد بسلام، فالرب يشرف على انطلاق روحه، والملائكة تحملها إلى الفردوس، ليتمتع بالرب يسوع المسيح عيانًا، ويتعزى حتى مجيء الرب لكي يُقيم جسده الذي تغرب عنه ليكون على صورة جسد مجده. فالآنَ إن عِشنا هُنا فَهْوَ لنا حياتُنا والموتُ لا يُخيفُنا فإنَّهُ رِبحٌ لنا وبهِ أيضًا نَنطَلِقْ إلى السَّما حيثُ المسيحْ وذاكَ أَفضلُ لنا إذ نَفرحُ ونَستريحْ هناكَ نَبقى بانتِظارْ ليومِ فداءِ الجسَدْ يا لَهُ مِنْ يومٍ سعيدْ يومِ انتصارٍ للأبَدْ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19144 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أفراح النذير ![]() «هَذِهِ شَرِيعَةُ النَّذِيرِ: يَوْمَ تَكْمُلُ أَيَّامُ انْتِذَارِهِ ... بَعْدَ ذَلِكَ يَشْرَبُ النَّذِيرُ خَمْرًا» (عد6: 13، 20) يأتي تعاقب شريعة الغيرة (عد5) وشريعة النذير (عد6)، كتعاقب الليل والنهار، الظلمة والنور. وهما يُظهران لنا الفارق الشاسع بين مهزلة التسيب الروحي والأدبي ونتائجه، وبين روعة التكريس القلبي وبركاته. وورود الشريعتين في سفر العدد - سفر البرية - يُعلِّمنا أن فرصة إظهار تكريسنا للرب هو فقط في رحلة البرية. ولهذا الترتيب مغزاه في تصوير فشل الأمة في علاقتها مع الرب يهوه، وزيغانها من ورائه، وارتباطها بآلهة كثيرة غيره، مُمثَّلة في الزوجة الخائنة. وأيضًا مجيء ابن الله الكريم - النذير الحقيقي - وتكريسه وخضوعه التام لله، مُمثَّلاً في شريعة النذير. فهو - تبارك اسمه - الطائع الفريد (لو22: 42)، وهو القدوس الذي بلا شرٍ ولا دنسٍ، المنفصل عن الخطاة (عب7: 26)، وهو الذي لم يسمح للمطالب الطبيعية أن تُؤخره أو تُحوله عن الآب (مت12: 46-50). وكلمة النذير Nazirite (وأحيانًا تُنطق Nazarite)، تعني الشخص المنفصل المُكرس تمامًا للرب. وكان على النذير أن يمتنع بإرادته عن ثلاثة حقوق مشروعة لغيره وهي: 1. الامتناع نهائيًا عن شرب الخمر بكل صوره وأشكاله، كل أيام انتذاره (عد6: 1-4). 2. الامتناع عن قص شعره (عد6: 5). 3. الامتناع عن ملامسة الميت أو الاقتراب منه (عد6: 6، 7). في النهي الثاني، عدم قص الشعر، نرى ضرورة خضوع النذير للرب، وحمله لعار تبعيته للمسيح، وتخلّيه عن كل مجد الأرض الزائل (1كو11: 14). وفي النهي الثالث نرى ضرورة انفصال المؤمن عن كل أشكال الموت الأدبي والروحي، حتى ولو في أقرب العلاقات الاجتماعية له (مت10: 37). لكننا في النهي الأول - وهو الامتناع عن شرب الخمر- نرى ضرورة قطع المؤمن لكل علاقة بمصادر الأفراح الأرضية. والخمر إشارة إلى تلك الأمور الأرضية التي تُنعش وتُفرح قلب الإنسان الطبيعي (جا10: 19؛ مز104: 15)، وعليه أن يرتبط بمصادر أخرى إلهية للفرح. وعن هذا الأمر، أفراح النذير، نتأمل في ثلاثة أمور: أولاً: النذير والأفراح الدونية يمتلئ العالم الذي نعيش فيه بمصادر المتعة والتسلية والفرح المتعددة، منها المصادر الطبيعية كالجنات والفراديس، ومنها المصادر الصناعية كالمغنيين والمغنيات والحفلات، ووسائل التسليات، والفرح بالممتلكات والإنجازات ... إلخ. لكن المؤمن المُكرس يجد نفسه غريبًا عن هذه المصادر، فما يُسعد الناس ويُبهرهم، ما عاد يُسعده، وما يعتبره العالَم لَذَّة ومتعة، يُصيبه هو بالهزال الروحي إن تذوَّقه. فتصير كل ينابيع الفرح الأرضية في نظره أفراح دُّون. ثانيًا: النذير وأفراحه الخَفية قد يبدو للجميع أن النذير بائس بعد امتناعه عن الشرب من مصادر الفرح الأرضية، لكن هل فعلاً كان النذير المُكرس بلا أفراح؟ وهل كان الحزن رفيقه في رحلة تكريسه للرب؟ الحقيقة أن الله الأمين لا يترك المؤمن المكرَّس بدون تعويضات. فإذ جفت كل ينابيع أفراح العالم في عيني المؤمن المكرَّس، انفتحت أمامه مصادر لا حصر لها من الأفراح، ولكنها أفراح خَفية. وإني أعي القول عندما أقول ”خَفية“، لأن العالم لا يعرفها، وإن عرفها لا يُقَدِّرها. هل يجد العالم فرحه ومتعته في ربح النفوس للمسيح؟! قطعًا لا. لكن المؤمن المكرس يعتبره سروره وإكليله، فيبذل الجهد ويذرف الدموع لربح النفوس (في4: 1). هل يجد العالم فرحه ومتعته في التخلي عن حياة مستقرة مريحة مُرفهة، من أجل السفر إلى الأدغال والمناطق الخطرة، للكرازة بالإنجيل؟! قطعًا لا. لكن المؤمن المكرَّس يعتبره أثمن شيء في الحياة يمكن أن يعيش لأجله (أع20: 24). هل يجد العالم فرحه وسروره عندما يواجه الفقر أو الكوارث والخسائر المادية؟ قطعًا لا. لكن المؤمن في انقطاع أزهار التين وحمل الكروم، وانقطاع الغنم من الحظيرة، لا ينقطع فرحه بالرب (حب3: 18). وهل يجد العالم فرحه وسروره عندما يواجه المرض والموت ومسببات البكاء؟! قطعًا لا. لكن المؤمن يَعبُر في وسط كل هذه الظروف مُرنِّمًا، مُصيرًا وادي البكاء ينبوعًا، وببركات يغطي حفر الطريق (مز84: 6). لم يعد ما يُبهج العالم يُبهج النذير، ولم يعد ما يُبهج النذير يُبهج العالم. فلقد اختلفت المصادر والأذواق، وحتمًا ستختلف النتائج. ثالثًا: أفراح النذير العلنية ربما يقول أحدهم: مع كل التقدير لما سبق، لكن لماذا يُحرم المؤمن المكرس من الفرح العلني أمام العالم؟! وإني أُجيب: وهل يقف الله الأمين العادل مكتوف اليدين أمام قلوب قد أحبته، ووجدت فيه كل سرورها؟ كلا البتة. فلقد قال الرب تبارك اسمه: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ» (يو12: 26). لذلك فإن كانت فترة انتذار النذير قد صاحبتها الدموع والمعاناة، إلا أن يوم الاستعلان قريب جدًا. يوم أن يدرك النذير كل جوانب عمل المسيح على الصليب، مُمثَّلاً في تقديم ذبائح المحرقة والسلامة والخطية. ويوم أن يحلق رأسه ويكفّ عن احتمال العار والهوان لأجل المسيح، ويوم أن يقول له سيده: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (مت24: 23). عندئذ فقط يبدأ النذير في شرب خمر أفراح السماء الذي لا ينقطع أبدًا «وَهَذِهِ شَرِيعَةُ النَّذِيرِ: يَوْمَ تَكْمُلُ أَيَّامُ انْتِذَارِهِ ... بَعْدَ ذَلِكَ يَشْرَبُ النَّذِيرُ خَمْرًا» (عد6: 13، 20). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19145 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُم ![]() «لأَنَّ الْيَوْمَ إِنَّمَا هُوَ مُقَدَّسٌ لِسَيِّدِنَا. وَلاَ تَحْزَنُوا، لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُم» (نح8: 10) عندما سمع الشعب كلام الشريعة، وهم واقفون في خشوع، من الصباح إلى نصف النهار، كنا نتوقع أن تفيض قلوبهم فرحًا، كما قال إرميا النبي: «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِيِ» (إر15: 16)، ولكن العجيب «أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ بَكُوا حِينَ سَمِعُوا كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ» (نح8: 9). فالحقيقة هي أن الفرح لا يأتي من فراغ، بل لا بد أن تسبقه الدموع. فكيف يفرح الشعب عندما يكتشف أنه قد أهمل كلام الرب سنينًا طويلة؟ كيف يفرح الشعب والكلمة تكشف لهم بُعدَهم عنها، وانحرافهم عن إله الكلمة زمانًا هذا مقداره؟ عزيزي: إن أول شعور صحيح ينتابني - عندما تواجهني كلمة الله الحية - هو الحزن على خطاياي وانحرافي. ماذا عنك أنت أيضًا؟ ولكن ماذا بعد الحزن؟ هل نستمر في حزن دائم؟ الإجابة هي: «لاَ تَنُوحُوا وَلاَ تَبْكُوا» (ع9)، «لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ» (2كو7: 10). وهذا ما قاله خدام الرب للشعب الباكي حزنًا وندمًا على خطاياه وإهماله لكلمة الله: «لاَ تَحْزَنُوا لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ» (ع10). وفعلا تجاوب الشعب مع ندائهم «فَذَهَبَ كُلُّ الشَّعْبِ لِيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا وَيَبْعَثُوا أَنْصِبَةً وَيَعْمَلُوا فَرَحًا عَظِيمًا، لأَنَّهُمْ فَهِمُوا الْكَلاَمَ الَّذِي عَلَّمُوهُمْ إِيَّاهُ» (ع12). كان تلاميذ الرب يسوع، مساء يوم القيامة، في خوف شديد وفزع، مختبئين داخل عُلِّيَّة، لا يجسر أحدهم على الخروج بسبب الخوف من اليهود، ولكن عندما ظهر لهم يسوع المُقَام، وأكَّد لهم حقيقة قيامته «فَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ» (يو20: 20)، وبعدها امتلأوا قوة، ثم «خَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ» (مر16: 20). قارئي العزيز: اطرح الأحزان جانبًا، لتمتلئ بفرح الرب، وعندئذ تستعيد القوة التي بها تشهد عن المسيح في كل مكان. ودعني مع نَحَمْيَا، وَعَزْرَا الْكَاهِنُ الْكَاتِبُ، وَاللاَّوِيينَ نُقدم لك وصايا رباعية: (1) «كُلُوا السَّمِينَ»: في بعده عن بيت أبيه، كان الابن الضال يشتهي الخرنوب، طعام الخنازير، وحتى ذلك الطعام الحقير لم يستطع الحصول عليه، ولكن عند رجوعه إلى أبيه، في توبة صادقة، قدَّموا له العجل المسمن. فما هو نوع الطعام الذي تشتهيه أو تأكله كل يوم؟ ما هي قراءاتك؟ ما هي مشاهداتك؟ كيف تقضي أوقات الفراغ، خصوصًا عندما تكون بمفردك؟ إن كلمة الرب «أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ» (مز19: 10)، «كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي، وَبِشَفَتَيْ الاِبْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي» (مز63: 5). (2) «اشْرَبُوا الْحُلْوَ»: تقول المرأة الزانية لناقص الفهم: «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ» (أم9: 17). لكن الرب يسوع يقول: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا» (يو4: 13). هل محبة المال تعطي للنفس الأمان؟ يقول الحكيم: «مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْلٍ» (جا5: 10). هل الشهوة تُروي؟ إن النار تزداد اشتعالاً كلما ألقيت فيها مزيدًا من الوقود، لذلك نرى الأشرار «سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هَذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ» (1بط4: 3، 4). ولكن يقول الرب يسوع: «مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يو4: 14). نعم، كل من آمن بالرب يسوع، يستطيع أن يقول مع داود: «كَأْسِي رَيَّا» (مز23: 5). (3) «ابْعَثُوا أَنْصِبَةً لِمَنْ لَمْ يُعَدَّ لَهُ»: عندما يمتلئ القلب حبًا للمسيح، عندها يفيض القلب حبًّا لشعب المسيح، وحبًّا لخدمة احتياجات الآخرين. لا أنانية، لا طمع، بل مشاركة في احتياجات القديسين الفقراء، وكل مَن هم في ضيقة. هل تبعث أنصبة لمن لم يُعَدَّ له؟ ما أكثر المحتاجين حولنا. هل تبحث عمن ظروفهم المادية صعبة لتشترك في احتياجاتهم؟ لا تنسَ قول الرب يسوع: «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ» (أع 20: 35). (4) «لاَ تَحْزَنُوا، لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُم»: هنا نتعلم سر القوة الروحية، هو الفرح الذي يغمر المؤمن من خلال المعرفة الشخصية بالرب والشركة معه، واللهج في كلمته، والسلوك بالقداسة العملية. إخوتي الأحباء: نحن نتمنى - يقينًا - أن نكون أقوياء؛ لكن لنضع في بالنا أننا عندما نفرح في الرب فقط نتقوى «لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُم». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19146 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ (لو1: 14) ![]() على قَدر روعة الحياة المسيحية ولذّتها، وعلى قدر مصادر الفرح المتعددة التي جهزها الله لنا فيها، إلا أن هناك علامات استفهام كثيرة، حول غياب الفرح من حياة الكثيرين منا عمليًا، رغم اقتناعنا بأهميته فكريًا وروحيًا، فأصبحت الابتسامة - للأسف - نادرة على شفاه المؤمنين، واكتسبت ”التكشيرة“ مظهرًا دينيًا، بالضبط كما يفعل المراؤون (مت6: 16)! وهنا، ومن خلال قصة قصيرة وعميقة نعرفها جميعًا، يمكننا أن نستنتج بعض الأفكار المشجِّعة لنا، لكي تساعدنا على أن نعيش حياة الفرح بشكل عملي وواقعي، فيكتمل تخطيط الله الذي يسعده سعادتنا، وتتم فينا الكلمات: «وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ»! الجملة الاعتراضية زكريا وأليصابات زوجان رائعان، كوَّنا ثُنائيًا تقيًا، فهُما يخافان الله ويسلكان في طرقه المستقيمة (لو1: 6). ولكن رغم هذا، لم تَخلُ حياتهما من عقدة لا حل لها، وحرمان قاسٍ يسحب من رصيد السعادة لديهم؛ فقد حُرما من الإنجاب، وهو أمر صعب جدًا على اليهود في ذلك الوقت، ويبدو من استهلال قصتهما الثرية، أنهما صلَّيا كثيرًا لله، لكي يُعطيهما نسلاً، ولكنه لم يُجبهما، لدرجة أنهما نسيا هذه الطلبة، وظنا أن الله أيضًا قد نسيها!! ولكن يلفت نظري، أن زكريا وزوجته تعاملا مع تجربتهما باعتبارها جملة اعتراضية، واستمرا في ممارسة حياتهما الاجتماعية بشكل طبيعي، وفي علاقة روحية سوية وصحيحة مع الله، بدليل أن زكريا دخل ليبخِّر في هيكل الله حين أصابه الدور (لو1: 8، 9)، ولم ينشغل بملف الابن المنتظر، واهتم فقط بخدمة الناس وكهنوت الله، رغم أن الله لم يستجب طلبته، ولم يسدِّد حرمانه بعد! وهنا الدرس الأول لنا، فيقينًا في حياة كل منا، حرمان مشابه، أو ألم قاسٍ، أو تجربة بلا تفسير، ولهذا فعلينا أن نحذو حذو هذين الزوجين الرائعين، ونضع كل هذا في جملة اعتراضية، لأن هذا هو مكانها، ولأنه هكذا ينظر الله لها؛ فمهما كانت آلام وضيقات الحاضر، فهي جملة اعتراضية ودخيلة بالنسبة لأمجاد المستقبل، لأن «آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا» (رو8: 18)، وعلينا أن لا نَدَع هذا الحرمان مهما كان، يقفز من داخل أقواس الجملة الاعتراضية، فيسلبنا فرحنا الوفير، ويشكِّكنا في صلاح إلهنا القدير. الحكمة الإلهية سمع الله طلبة الزوجين القديمة، وأرسل ملاكًا لزكريا يبشِّره بذلك، وقال له: «طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا، وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ» (لو1: 13-15)، وبالفعل صار يوحنا عظيمًا؛ بل هو أعظم المولودين من النساء بشهادة رب المجد نفسه (مت11: 11). وهنا الدرس الثاني لنا؛ فالله الحكيم القدير عندما يتمهل في الاستجابة لطلباتنا، ليس لكي يعذبنا أو يتلذذ بذُلّنا، ولا لكي يحرمنا من فرحٍ لازمٍ وجازمٍ لنا، ولكن لديه - تعالى - حكمة إلهية جليلة، تجعله ينتظر علينا لكي يعطينا ”يوحنا“ الأفضل والأعظم والأبقى لنا، سواء هنا، أو في الأبدية، وإن أدركنا هذا، فسيستمر فرحنا، ليس فقط بعطايا محبته (نجاح، زواج، أموال، إنجاب، خدمة)، ولكن سنفرح أيضًا بتمهُّل حكمته!! الخطة الشمولية انتهت مشكلة زكريا وزوجته نظريًا؛ ففرح هو بلقب ”أبي يوحنا“، وفرحت زوجته بتهاني الجيران لها. ولكن مهلاً، فلم تنتهِ القصة عند الله بعد، فقد أكمل الملاك كلامه عن يوحنا قائلاً: «وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا» (لو1: 17)، وهنا كل العجب!! فيوحنا هذا سيكون له دور مزدوج في خطة الله وملكوته، جزء منه يخصّ المسيح ابن الله، محور أفكاره ومشيئته؛ وجزء آخر يخصّ الناس الخطاة، محور محبته ورحمته، وهذا الأمر لم يفكِّر فيه زكريا من قبل!! وهنا الدرس الثالث لنا، فالله المحب لا يكتفي بأن يُفرحنا باستجابته الرائعة لطلباتنا، ولا حتى بتسديده الوافي لحرماننا، ولكنه لديه خطة شمولية رائعة لفرحنا؛ خطة متَّسقة ومتكاملة مع بعضها البعض (homogenous)، وفيها عوامل كثيرة غيرنا؛ نحن أحد عواملها، وليس كل عواملها، وبالتالي ففرحنا لن يكتمل، إلا باكتمال فرح الله شخصيًا، وهذا لن يتم إلا وفق أجندته الشمولية، وتوقيتاته التي لا تعرف العشوائية. عزيزي القارئ: دعنا نضع تجاربنا وآلامنا وحرماننا - مهما كانت - في جملة اعتراضية، وفي الوقت نفسه نواصل علاقتنا وشركتنا مع إلهنا الذي يحبنا ويبغي سعادتنا، ولعلنا أيضًا ندرك حكمته الإلهية من تمهّله علينا، لأنه ببساطة لن يرضى بأقل من ”يوحنا“ لنا، فنخرج من شرنقتنا الذاتية، ونتأمل خطته المتسقة الشمولية، ووقتها سنفرح حين يفرح هو، وتتم فينا الكلمات الرائعة: «وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ»!! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19147 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() اِفْرَحُوا كُلَّ حِينٍ ![]() «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا» (في4: 4) من غياهب سجون روما يكتب الرسول بولس رسالة الفرح لإخوته في فيلبي؛ ليكون كلامه عن الفرح ليس مجرد كلمات وعظ من شخص تعلَّم بعض الحقائق أو قرأها في مكان ما، ولكن تعبيرًا عن اختبار يحياه وسط أصعب الظروف. في الإصحاح الأول يُوضِّح الرسول كيف استطاع أن يرى ما أبهج قلبه حتى في ظروف سجنه المؤلمة فيقول: «ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّ أُمُورِي قَدْ آلَتْ أَكْثَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الإِنْجِيل». أي أنه عندما وجد الكرازة باسم الرب يسوع قد ازدهرت بسبب سجنه، ملأ الفرح قلبه فقال: «بِهذَا أَنَا أَفْرَحُ. بَلْ سَأَفْرَحُ أَيْضًا» (في1: 12-18). وفي الأصحاح الثاني يؤكِّد الرسول أن إيمان إخوته وثباتهم في الرب، وتمثلهم بالرب يسوع في اتضاعه العجيب، هو مصدر فرحه، ويحثهم أن يفرحوا. وفى أول الأصحاح الثالث تأتى الوصية في صيغة أمر «أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي افْرَحُوا فِي الرَّب» (في3: 1)، ويكشف سر الفرحّ الحقيقي الذي يكمن في هذه الكلمة الرائعة «فِي الرَّب». ثم يعود الروح القدس ويؤكد بقوة على هذه الوصية - التي هي في الوقت ذاته امتياز حقيقي للمؤمن - ففي الأصحاح الرابع يقول: «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ»، ويُضيف: «وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا» (في4: 4). وقد يتبادر إلى الذهن تساؤل في محله، هل هذه الوصية مُمكنة التنفيذ عمليًا في وسط عالم مليء بالاضطرابات، وتحت ضغوط رهيبة يُعاني منها كل البشر، ولا سيما المؤمنون الأتقياء، سواء على المستوى الشخصي، أو على المستوى العام في البلاد التي يعيشون فيها؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول: أولاً: لا يمكن أن الله المُحب، كلي المعرفة، الذي يعرف جبلتنا، أن يُعطينا وصية لا نستطيع أن نحياها. إذًا لا بد أن نثق أننا نستطيع بنعمته أن نفرح في كل حين. ثانيًا: لا بد أن نعرف ما هو الفرح الذي يتكلَّم عنه الكتاب المقدس. بالتأكيد ليس هو مشاعر الانفعال والمتعة المؤقَّتة، بسبب حدوث أمر مُفرح، أو ربح مادي زمني، لكنه الفرح بما لنا في الرب. ثالثًا: لا بد أن نلاحظ أن الروح القدس في الأصحاح نفسه يُعطينا خطوات عملية، لو اتبعناها سوف نستطيع أن نستمتع بحياة الفرح الدائم. 1. هو أولاً يُقرر حقيقة لا بد أن تملأ قلب وعقل كل مؤمن، وهي أن «الرَّبُّ قَرِيبٌ» (في4: 5). وكلمة «قَرِيبٌ» يمكن أن تعني قَرِيبٌ مكانًا؛ أي أنه بجواري في كل الأحوال، ولا يتركني أبدًا بحسب وعده الكريم: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (مت28: 20). لكن أيضًا من الممكن أن تعنى قَرِيبٌ زمانًا، وهي تقرِّر الحقيقة التي تملأ قلب كل مؤمن حقيقي بالفرح العظيم، أن مجيء الرب ليختطف كنيسته قد اقترب جدًا. 2. يعطينا الرسول طريقة عملية للتعامل مع الهموم التي يعرف أنها سمة العالم في كل زمان فيقول: «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ». إذن ماذا نفعل؟ يُجيب: «بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ، مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ». ونتيجة إلقاء الهموم والأحمال على الرب بالصلاة ستُعلم طلباتنا أمام الله، وستكون موضع اهتمامه وتقديره. ثم يقدِّم وعدًا رائعًا أن «سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ». 3. وأخيرًا يُعطينا الرسول الوسيلة المثلى كي نتمتع بالفرح في كل الظروف فيقول: «أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا» (ع8). لقد قال أحد علماء النفس المعاصرين: ”إن حالتك النفسية لا تحدِّدها ظروفك، بل تحدّدها أفكارك في وسط هذه الظروف». وإذا ما استطاع المؤمن أن يحتفظ بقلبه منشغلاً بهذه الأمور السامية، التي لا تتوافر إلا في شخص الرب يسوع، كلمة الله المتجسد، وفي الكتاب المقدس، كلمة الله المكتوبة، سيختبر الفرح الحقيقي في وسط كل الظروف، وسوف نكون بالفعل نورًا في عالم يزداد كل يوم اضطرابه وأحزانه وظلامه. • فرحنا بمستقبلنا المجيد ومكافأتنا، خير مُعين لنا وسط آلام الزمان الحاضر. • إن كان المسيح هو كل شيء لي في أبهج أيامي، سيكون هكذا لي في أكثرها ظلمة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19148 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفرح في سفر الأعمال ![]() في هذا السفر يُعطينا الروح القدس نموذجًا للشهادة المسيحية، والجهاد الرسولي، والكرازة للعالم، وبناء جماعات المؤمنين في جهات متعددة. وعلى قدر اقترابنا من هذا النموذج المقدس، على قدر مباركة الرب لمجهوداتنا في حقل الخدمة والكرازة، وعلى قدر ما يمتلئ القلب بالفرح والسرور والتهليل. فلا عجب إذًا أن تكون إحدى الكلمات المفتاحية لهذا السفر هي كلمة ”الفرح“، وهي - بمرادفاتها المختلفة (ابتهاج، سرور، تهليل) – ترد 12 مرة في السفر، وتستعرض أمامنا أسباب الفرح الحقيقي في حياة المؤمن (أع2: 46؛ 5: 41؛ 8: 8، 39؛ 11: 23؛ 12: 14؛ 13: 48، 52؛ 14: 17؛ 15؛ 3، 31؛ 16: 34). أولا: قبول بشارة نعمة الله والفرح: هل يمكنك أن تطلب مِن سجين أن يجوب العالم مستمعًا بحريته؟ أو مِن مشلولٍ مُقعَدٍ أن يركض على شاطئ البحر؟ هكذا لا يُمكنك أبدًا أن تطلب من شخصٍ لا يزال يحمل ثقل ذنوبه وخطاياه، أن يفرح. قبل أي شيء يجب أن يُنزع عنه هذا الحِمل الذي أحني ظهره وملأ قلبه بالحزن. وهذه هي بشارة الإنجيل المُفرحة، أن ربَّنا ومخلّصنا يسوع المسيح دفع ثمن خطايانا كاملاً على الصليب. هذه هي نقطة الانطلاق لرحلة الفرح في حياة أي مؤمن حقيقي، وهذا ما نراه في الخصي الحبشي، عندما تقابل مع فيلبس «فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ»، وبعد أن اعتمد «ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا» (أع8: 38). وفي أعمال 13 نري كيف ملأ الفرح قلب الأمم بعدما أوضح بولس وبرنابا أن بشارة الخلاص لم تعد مقصورة على اليهود فقط، بل امتدت لتشملهم أيضًا «فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذَلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ. وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (أع13: 48). وفي أعمال 16 نري كيف ملأت بشارة الخلاص قلب سجان - كان موشك علي الانتحار - بالفرح «وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ ... وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ» (أع16: 33، 34). ثانيًا: الامتلاء من الروح القدس والفرح: وجود الحطب لا يعني وجود النيران، لكن يلزم إشعال هذا الحطب كي تشتعل النيران ونستمتع بدفئها؛ هكذا سكنى روح الله فينا يعني إمكانية حصولنا على الفرح، لكن تبقي خطوة حيوية وهي إشعال هذا الروح، وإبقائه مشتعلاً دائمًا لنستمتع بثماره، التي أبرزها الفرح. وهكذا نقرأ «وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مِنَ الْفَرَحِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ» (أع13: 52). ثالثًا: الشركة مع المؤمنين والفرح: في نفس الإصحاح الذي حل فيه الروح، يذكر الوحي أن المؤمنين «كَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ وَالشَّرِكَةِ وَكَسْرِ الْخُبْزِ وَالصَّلَوَاتِ» ثم يقول: «وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، مُسَبِّحِينَ اللهَ» (أع2: 42-47). رابعًا: أعمال العناية الإلهية والفرح: من أكثر ما يُبهج قلوبنا أعمال العناية الإلهية التي يُغدقها الله علينا كل يوم. والله ليس فقط عونًا في الضيقات، لكنه مصدر كل المسرات، هذا ما قاله الرسول بولس: «هُوَ يَفْعَلُ خَيْرًا: يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَارًا وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً، وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَامًا وَسُرُورًا» (أع14: 17). خامسًا: التعليم الصحيح والفرح: واحدة من أشد خطط إبليس خطورة هي محاولته أن يُقيدنا بقيود حرَّرنا الله منها، هذا هو ما حدث في أعمال 15 عندما انحدر إخوة كذبة من اليهودية، إلى المؤمنين في أنطاكية، وجعلوا يُعلّمون الإخوة أنه قبل أن يصير الواحد مسيحيًا يجب أن يجعل نفسه يهوديًا؛ أي يُختَتن ويحفظ الناموس، وأن هذين شرطان لازمان للقبول لدي الله، ونيل الخلاص. وكان هذا خطأ كبيرًا يُقَوِّض أساس الإنجيل. ولذا قاد الله أن تتم مناقشة المسألة في أورشليم، وحُسم الأمر على أساس أن الأمم لا يُطلب منهم أن يختتنوا أو يحفظوا الناموس - لا الناموس الطقسي، ولا الناموس الأدبي - فنحن لسنا تحت الناموس، بل تحت النعمة. وأُرسلت رسالة بهذا المضمون على يد يهوذا وسيلا، مع الرسولين بولس وبرنابا «فَهَؤُلاَءِ لَمَّا أُطْلِقُوا جَاءُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَجَمَعُوا الْجُمْهُورَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ. فَلَمَّا قَرَأُوهَا فَرِحُوا لِسَبَبِ التَّعْزِيَةِ» (أع15: 30، 31). سادسًا: انتشار الإنجيل والفرح: لقد أوكل ربنا الحبيب إلينا مهمة نشر بشارة الإنجيل، وإن كنا نُحبَه حقًّا وفي شركة عميقة معه فأهدافه ستصير أهدافنا، وما يُفرحه سيُفرحنا. هذا ما اختبره برنابا عندما فُتح باب النعمة للأمم في أنطاكية، «الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ» (أع11: 23). ومثل هذا الفرح نشأ في إخوة فينيقيا والسامرة، عندما أخبرهم بولس وبرنابا برجوع الأمم وخلاصهم «وَكَانُوا يُسَبِّبُونَ سُرُورًا عَظِيمًا لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ» (أع15: 3). سابعًا: استجابة الصلاة والفرح: في أعمال 12 نجد بطرس في السجن، محروسًا بأربعة أرابع من العسكر. ماذا يستطيع أن يفعل؟! وماذا تستطيع أن تعمل له الجماعة القليلة من القديسين؟! يوجد شيء واحد يمكنهم أن يفعلوه: أن يُصلوا. هذا كل ما عُمل من جانب المؤمنين، فكان الخلاص والإنقاذ لبطرس. وعندما جاء إلى البيت، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون، وقرع الباب، جاءت جارية اسمها ”رَوْدَا“ لتسمع «فَلَمَّا عَرَفَتْ صَوْتَ بُطْرُسَ لَمْ تَفْتَحِ الْبَابَ مِنَ الْفَرَحِ، بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَخْبَرَتْ أَنَّ بُطْرُسَ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ» (أع12: 14). إن استجابة الصلوات تفرح القلب «أَمِلْ يَا رَبُّ أُذْنَكَ. اسْتَجِبْ لِي ... فَرِّحْ نَفْسَ عَبْدِكَ لأَنَّنِي إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي» (مز86: 1-4). ثامنًا: الآلام من أجل المسيح والفرح: في وسط بؤس عالمنا الحالي، أصبحت أقصي طموحات البشر هي أن يَتَّقوا شر الأيام، لكن أيمكن أن نفرح رغم الآلام؟! هذا ما نجده في أعمال 5، فبعد نجاح خدمة الرسل ملأت الغيرة قلب الصدوقيين، فألقوا القبض عليهم، وألقوهم في الحبس، ولكن ملاك الرب أخرجهم منه ليلاً، فعادوا ودخلوا الهيكل، وجعلوا يُعلّمون. فأُعيد القبض على الرسل مرة أخري، وتشاوروا ليقتلوهم، لكن الله استخدم غمالائيل ليُثنيهم عن قرارهم، فاكتفوا بجلدهم. وبعد السجن والتهديد بالقتل والجلد كانت قراءة الرسل للواقع مختلفة تمامًا عن المتوقع: «وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ» (أع5: 41). قارئي العزيز: إن حصلت على هذا النوع من الفرح فثق أن تجارب الحياة ستعمق جذوره داخلك، ولن تقلعها. وحتى لو خسرت كل شيء في حياتك. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19149 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفرح في رسالة فيلبي ![]() هل يمكن أن تكون البرية - مع جفافها ووعورتها وأشواكها - مكانًا للفرح؟! وهل يمكن أن يصير وادي البكاء ينبوعًا؟! هل تتغطى مُورَة بالبركات؟! وهل تتحول مفاجآت الحياة وأتعابها لمستودعات للبركة؟! أيمكن أن يُرى المؤمنون في عمق ألمهم، يحمدون ويسبحون قدام الله؟ أيبيت البكاء في المساء، وفي الصباح ترنم؟! أيغمر الفرح العميق الهادئ القلب، بينما تُدمي الأقدام أشواك الطريق؟! نعم! هذا بالذات ما نراه في حياة القديسين في مسيرهم مع إله كل نعمة، وهذا ما نختبره عمليًا في حياتنا. وهذا ما نُلاحظه بصفة خاصة في رسالة البرية، رسالة فيلبي؛ الرسالة التي تفيض بالفرح والسرور في كل جنباتها، على الرغم من أن الرسول بولس قد كتبها وهو موثق في السجن. والمؤمن يُرى في رسالة فيلبي وهو يَعبُر هذا العالم، في سعيه نحو السماء التي منها ينتظر مخلِّصًا هو الرب يسوع المسيح. لكن ما هي الأسباب التي تجعل رسالة البرية هي بعينها رسالة الأفراح؟! هناك سببان: السبب الأول: تخلو هذه الرسالة من ذكر الخطية ولا عجب فإن مياه التطهير هي التي تتحول إلى خمر الأفراح (انظر يوحنا 2)؛ وحيث لا خطية فلا إحزان للروح القدس الساكن في المؤمن، وبالتالي هناك ثمر الروح: فرح. فالتجارب، والضيقات والآلام لا تحني المؤمنين، بل في مَعيَّة الرب «يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ» (مز84: 7). والألم يُقوّي المؤمنين، ويُنضجهم ويدفعهم إلي الرب، ويُحمِّلهم بالثمار. ماذا تقول العروس في سِفْر النشيد عن رياح الحياة، حارة أم باردة؟ وما تأثيرها على جنة كيانها؟ «اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ، وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ! هَبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ» (نش4: 16). أما الخطية فهي تحني المؤمنين، وتأتي بوجوههم نائحين إلى التراب والرماد. هي التي تبكيهم بكاءً مُرًا. هي التي تجعل مرنم إسرائيل الحلو، الذي طالما أنعشت مزاميره ملايين المؤمنين على مر العصور، يقول: «تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ» (مز32: 4)، وتجعله يتوق إلى رد بهجة خلاصه (مز51: 7-11). ومكتوب: «إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1يو1: 9)، وهكذا تُرَدّ النفس وتُستعاد أفراح الشركة من جديد. والسبب الثاني: أن المسيح في هذه الرسالة يشغل مكانه اللائق به بالنسبة للمؤمن: ففي الأصحاح الأول: المسيح هو حياتنا «لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ» (في1: 21). وفي الأصحاح الثاني: المسيح هو مثالنا «فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا» (في2: 5). وفي الأصحاح الثالث: المسيح هو غرضنا وغايتنا «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ... وَلَكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ ... أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ. أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (في3: 10-14). لذلك لا عجب أن نجد المسيح في الأصحاح الرابع هو فرحنا «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا» (في4: 4). فحياة هي المسيح، وهو مثالها، وغرضها وانتظارها، لا بد أن تفيض بالأفراح. وحيث أن «فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ» (نح8: 10)، فلا عجب أن يقول الرسول في نفس الأصحاح: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي» (في4: 13). فحيث لا خطية هناك الفرح، وحيث المسيح الكل في الكل، هناك كل السرور والرضا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19150 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أفراح العالم الوهمية ![]() أفراح العالم هي أفراح وهمية وقتية خادعة وبلا محتوى. ولقد لجأ الملك سليمان لوسائل متعددة لكي يفرح، فذهب إلى: (1) الحكمة والمعلومات وجَّه الملك قلبه نحو المعرفة والحكمة والأدب، فلم يجد فيها الفرح، وخرج بهذه النتيجة: «فِي كَثْرَةِ الْحِكْمَةِ كَثْرَةُ الْغَمِّ، وَالَّذِي يَزِيدُ عِلْمًا يَزِيدُ حُزْنًا» (جا1: 18). (2) المرح والضحكات لم يجد سليمان سعادته في الأمور العقلية، فبحث عنها في اللذات الحسية والجسدية «قُلْتُ أَنَا فِي قَلْبِي: هَلُمَّ أَمْتَحِنُكَ بِالْفَرَحِ فَتَرَى خَيْرًا. وَإِذَا هَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ. لِلضَّحْكِ قُلْتُ: مَجْنُونٌ، وَلِلْفَرَحِ: مَاذَا يَفْعَلُ؟» (جا2: 1، 2). ومثله كثيرون يظنون أن السعادة تكمن في حياة اللهو والضحك، ولكن هيهات؛ فالضحك أو المرح - في أقصى حدوده - هو فرح خارجي لا يلمس القلب، ويسلب الإنسان وقاره واحترامه. (3) الخمور والمكيفات وهذا خطأ كثيرين حينما يشعرون بالضيق، يلجأون إلى الخمر، وهو ما ذهب إليه سليمان «اِفْتَكَرْتُ فِي قَلْبِي أَنْ أُعَلِّلَ جَسَدِي بِالْخَمْرِ، وَقَلْبِي يَلْهَجُ بِالْحِكْمَةِ، وَأَنْ آخُذَ بِالْحَمَاقَةِ، حَتَّى أَرَى مَا هُوَ الْخَيْرُ لِبَنِي الْبَشَرِ حَتَّى يَفْعَلُوهُ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِمْ» (جا2: 3). (4) البيوت والفيلات وفي السياق نفسه، وبحثًا عن الفرح يقول سليمان: «عَظَّمْتُ عَمَلِي: بَنَيْتُ لِنَفْسِي بُيُوتًا» (جا2: 4)، ولكنه لم يجد سعادته في البيوت أو القصور الجديدة، فمباهج العالم تنسينا مشاكلنا إلى لحظات كمخدِّر موضعي لا يحل المشكلة. (5) الفراديس والجنات لم يكتفِ سليمان ببناء البيوت، بل يقول: «غَرَسْتُ لِنَفْسِي كُرُومًا. عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ، وَغَرَسْتُ فِيهَا أَشْجَارًا مِنْ كُلِّ نَوْعِ ثَمَرٍ» (جا2: 5). وللأسف لم يجد راحته فيها. (6) المياه والملذات «عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ لِتُسْقَى بِهَا الْمَغَارِسُ الْمُنْبِتَةُ الشَّجَرَ» (جا2: 6). لقد سبق سليمان وبنى هيكلاً للرب، ولكنه نسي أن يخصص قلبه هيكلاً للرب. لقد عمل بركًا ليسقي الشجر، وظلت نفسه هو عطشى! (7) عبيد وخادمات في رحلة البحث عن الفرح المنشود يقول سليمان الملك «قَنِيتُ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ، وَكَانَ لِي وُلْدَانُ الْبَيْتِ» (جا2: 7). والواقع أن الرب هو الذي اقتنانا، فنحن شعب اقتناء، غالٍ وثمين جدًا في عينيه (خر19: 5). ليت سليمان أدرك هذا! (8) بقر وحيوانات «كَانَتْ لِي أَيْضًا قِنْيَةُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا فِي أُورُشَلِيمَ قَبْلِي» (جا2: 7). لكنه لم يجد السعادة. وهل ننسى شاول الملك الذي رفضه الرب لأنه لم يسمع لصوته، وأحب الغنم والبقر (1صم15). (9) هدايا وخصوصيات «جَمَعْتُ لِنَفْسِي أَيْضًا فِضَّةً وَذَهَبًا وَخُصُوصِيَّاتِ الْمُلُوكِ وَالْبُلْدَانِ» (جا2: 8). لقد أُعجب سليمان بالهدايا الكثيرة التي قدَّمها له ملوك العالم، ولم ينظر لله ويشكره. (10) مغنيين ومغنيات «اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي مُغَنِّينَ وَمُغَنِّيَاتٍ» (جا2: 8). كان سليمان يبحث عن الفرح في كل مكان وبأية طريقة، فذهب ينشده في الطرب والغناء. ولكن اسمعه يقول في اختبار آخر: «سَمْعُ الاِنْتِهَارِ مِنَ الْحَكِيمِ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ مِنْ سَمْعِ غِنَاءِ الْجُهَّالِ، لأَنَّهُ كَصَوْتِ الشَّوْكِ تَحْتَ الْقِدْرِ هَكَذَا ضِحْكُ الْجُهَّالِ. هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ» (جا7: 5). (11) سيدة وسيدات لقد ارتبط سليمان بألف من النساء فيقول: «اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي ... سَيِّدَةً وَسَيِّدَاتٍ» (جا2: 8). قد يكون المقصود بالسيدة هي بنت فرعون أول زوجة له، ثم أضاف إليها سيدات كثيرات. من ثم وصل سليمان لهذه النتيجة المرة: «مَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَا. لَمْ أَمْنَعْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ فَرَحٍ، لأَنَّ قَلْبِي فَرِحَ بِكُلِّ تَعَبِي. وَهَذَا كَانَ نَصِيبِي مِنْ كُلِّ تَعَبِي. ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ، وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ!» (جا2: 10، 11). أيها الأحباء: إن مياه الينابيع الأرضية هي نظير كل عطية أرضية، لا يستمر تأثيرها إلا للحظة. إنه يُطفئ العطش لحظة ليعود العطش ثانية وباستمرار. لكن النفس الخالدة تحتاج إلى أكثر من ذلك لإشباعها، والله من جانبه يُسرّ أن يُعطي ما تحتاجه النفس التي تنتظره وتشعر بحاجتها إليه؛ ذلك هو الروح القدس الذي من ثمره الفرح والسلام. أيها المسكين الظامئ، يا من أُنهكت قواك في حفر الآبار، إن ينبوع محبة الله يفيض بغزارة، فاقبِل إلى الرب يسوع قبل فوات الأوان؛ إنه – تبارك اسمه – يستطيع وحده أن يُروي النفس ريًا كاملاً وإلى الأبد. اسمعه ينادي: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» (يو7: 37، 38). |
||||