قوة الضعف
«فيكون العاثر منهم في ذلك اليوم مثل داود، وبيتُ داود مثل الله، مثل ملاك الرب أمامهم» ( زكريا 12: 8 )
يتحدَّث النبي عن حصار الأعداء لهذا الشعب الضعيف، فيقول ما معناه: إن كل الأُمم سوف يُحاصرون، لا أورشليم وحدها، بل يهوذا أيضًا ( زك 12: 2 ). وفي الأصحاح الرابع عشر من نبوة زكريا يَصف المهانة التي ستكون عليها أورشليم، إذا يقول: «يُقسَم سلبُك في وسطك» (ع1)، وكأن الأعداء ما عادوا يعتبرون اليهود، أو يعملون لهم أي حساب. ثم يقول: «فتؤخَذ المدينة، وتُنهَب البيوت، وتُفضَح النساء» (ع2)!
لكن النبي الذي تحدَّث عن هذا، أشار أيضًا كيف سيظهر الرب لنجدة شعبه، وهنا تأتي هذه الآية العجيبة: «يكون العاثر منهم في ذلك اليوم مثل داود»! فإن كان العاثر في ذلك اليوم مثل داود، فماذا سيكون بيت داود نفسه؟ الإجابة: «يكون ... بيت داود مثل الله، مثل ملاك الرب أمامهم».
ونحن نقرأ عن ”بيت داود“ في هذا الأصحاح خمس مرات: فنقرأ عن مجد بيت داود (ع7)؛ وعن قوة بيت داود (ع8)؛ وعن روح النعمة والتضرعات المُنسكبة على بيت داود (ع10)؛ وعن نوح بيت داود (ع12)؛ وأخيرًا نقرأ عن تطهير بيت داود ( زك 13: 1 ).
هذه المرات الخمس تُعطينا خُلاصة القصة، فنحن في نصف الأصحاح الأول نقرأ عن قوة بيت داود ومجده (ع7، 8)؛ وفي نصف الأصحاح الثاني نقرأ عن أساس ذلك، وهو أساس ثلاثي: نعمة الله (ع10)، هذا عن الجانب الإلهي؛ ثم توبة الشعب (ع12)، وهذا هو الجانب البشري؛ وأخيرًا دم المسيح المسفوك في الجلجثة (13: 1)، وهذا هو الجانب الشرعي، أساس كل بركة لكل شخص في الكون. وهكذا نفهم أن صهيون ستصل إلى أمجادها من خلال السبي، وإلى أفراحها عن طريق الأحزان الشديدة، وإلى قوتها الغالبة عن طريق بلوغ كامل العجز!
وما بين بكاء يعقوب في الماضي ( هو 12: 4 )، ونوح البقية في المستقبل، نقرأ عن قديس وقديسة. أما القديسة فكانت مشكلتها مستعصية الحل. هي أيضًا «صلَّت إلى الرب، وبَكَت بُكاءً» ( 1صم 1: 10 ). والرب استجاب لها، من ثم فقد سجَّلت خُلاصة الدرس الذي تُعَلِّمه للأجيال: «أنه ليسَ بالقوة يغلبُ إنسان» ( 1صم 2: 9 ). ثم جاء بولس ليؤكد لنا هذا المعنى فسجَّل كلمات الرب له: «تكفيك نعمتي، لأن قُوَّتي في الضُّعف تُكمَلُ». من ثم أجاب بولس قائلاً: «لأني حينما أنا ضعيفٌ فحينئذٍ أنا قوي» ( 2كو 12: 9 ، 10).