كَانَ الْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ،
لأَنَّهُ عَمِلَ ..فِي سَبْتٍ. فَأَجَابَهُمْ..
أَبِي يَعْمَلُ ..وَأَنَا أَعْمَلُ
عندما دخلت الخطية، تلاشَت راحة الخليقة، وهكذا ابتدأ الله أبو ربنا يسوع المسيح أن يعمل بنعمته، وهكذا كان يعمل كل أيام العهد القديم مُظهِرًا المحبة والرحمة. لم يَعُد متمتعًا براحته كخالق قد أتمَّ عمله، ولكنه في وسط الخراب العظيم كان عاملاً بالنعمة على مبادئ خليقة جديدة، تلك الخليقة التي شهد لها الآباء والأنبياء وإسرائيل والناموس. والآن على هذا المثال عينه أتى الرب يسوع ليعمل كما يشهد عن ذلك الكسيح الذي شُفيَ عند بِرْكة بيت حِسدا. ولهذا لاق بالرب يسوع وهو واقف بجوار تلك البِرْكَة وأمامه ذلك الإنسان الذي نال الشفاء، أن يُصرِّح قائلاً: «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل».
يا لغرابة هذا الأمر! الراحة قد تُركت، والعمل قد ابتُدئ من جديد. ولنا ما يُشبه ذلك تمامًا في عمود البرية، فبعد خروج بني إسرائيل من مصر نراهم قد فقدوا راحة أرض كنعان التي وُعِدوا بها، والتي كانوا راحلين نحوها، واضطروا أن يتدوَّروا بعيدًا عن هذه الرحلة لمدة أربعين سنة، ولكن عمود السحاب أو بالحري المجد الذي كان ساكنًا في هذا العمود كان يتجوَّل معهم أيضًا. إذا كان إسرائيل نظير آدم قد خسر راحته، فإله إسرائيل يجد لذته في ترك راحته هو أيضًا. وهكذا طاف العمود مع إسرائيل في البرية شاهدًا لنعمة الله التي ظهرت من بداية الأمر. فإله إسرائيل هو بذاته إله الخليقة لأنه «هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد». إن البشارة ما هي إلا عمل مشترك بين الآب والابن والروح القدس، وعلى نفس المبدإ واستنادًا على نفس السلطة التي على أساسها قد عمل الله الآب فداءً للخطاة، نرى الرب يسوع نفسه للآن يوجِّه صوته للأثمة المُذنبين قائلاً لكل فرد: «أ تريد أن تبرأ؟».
نعم إن بِرْكة بيت حِسدا تُشير إلى ابن الله المُخلِّص. فبيت الرحمة ورب الرحمة قد اجتمعا، وإن كانت البِرْكَة تُشير إليه بمقياسها الخاص، فإنها تضعه في مركز أسمى وأعلى بكثير، إنها تجعل مجده وغنى نعمته يلمعان بضياء عظيم بالمقابلة مع أرضها المُظلِمة. وكما في الفرائض الموسوية هكذا في هذه البِرْكة القريبة من باب الضأن نرى الرب يسوع عظيمًا في التشابُه كعظمته في التباين.
ما كان إمكانٌ بأنْ ترتاحَ أو تهدأَ بالْ
إلاَّ بِأنْ ترانا في مَجدِكَ في مِلءِ الكمالْ