أنا مدرسة ملحدة، أعيش في بلاد لا تعرف الله.
في بلدي أطلقوا مركبة فضاء، بها أول رائد فضاء يدور حول الأرض. سألوا الرائد وهو في الفضاء عما إذا كان قد رأى الله، فأجاب بجهل وعدم إيمان: لا! بل رأيت العقل البشري والتكنولوجيا والعلم.
وحقا ""قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مز 14).
بعد رجوع المسكين إلى الأرض، سقطت به طائرته الصغيرة فتكسر وأدرك في الهاوية وجود الله.
كنت أنا مثله جاهلة بلا إيمان.
لا بالكتاب المقدس، فقد منعت بلادنا نشره، ولا بالكنائس، فقد أغلقوها وحولوها إلى متاحف، ولا بالصليب، فقد أنزلوه من على المنارات واضطهدوا حامليه مع الكهنة والرهبان.
وكان الدرس الأول في المدارس أنه لا يوجد إله. ترسخت الأفكار الإلحادية في عقول الأطفال الصغار، إلا البعض ممن كانت أسرهم يوجد بها بقية من الإيمان.
إمتلأت بالظلام الروحي وتشوشت أفكاري جداً وهاجمتني شهواتي ولم يمتليء فراغ قلبي من أي شيء أشتهيه.
في المدرسة وجدت في فصلي طالبات صغيرات مؤمنات بالمسيح، فاندهشت واغتظت وخصوصاً لما رأيتهن يرشمن علامة الصليب. تحريت عن الأمر فعلمت السبب وهو أن أبائهن وأمهاتهن غرسوا فيهن الإيمان بالمسيح.
في حصة المدرسة، تكلمت مرة مع هؤلاء الفتيات عن عدم وجود الله، فاحتججن بشدة، سائلات ببراءة عن من خلق هذه الخليقة البديعة؟ بل حيرنني إذ قلن لي: أين تذهب أرواحنا بعد الموت؟
كانت كلمات الموت والدينونة والأبدية مرعبة لإنسانة ملحدة مثلي ولم أتجاسر بعد ذلك على مناقشتهن وكان يدهشني ويحيرني منظرهن البسيط الفرِح.
إهتديت إلى فكرة شيطانية، إعتقدت أنني بها أنقض إيمان الطالبات الصغيرات هؤلاء.
ناديت ماريا، وكانت أكثرهن إيماناً وتقوى وفرح وهي يتيمة الأب.
سألتها: ماريا، أين أباك؟
أجابت: رقد على رجاء القيامة منذ سنوات.
إغتظت من الإجابة وفكرت أن أُكَّسِر عظامها ولكني تمالكت نفسي، وسألتها: هل لو نادينا على أبيك الميت، يسمع لنا ويأتي؟ صمتت الطفلة وشعرت بقسوتي على مشاعرها الرقيقة، ولكني عدت أسألها: حسناً، ابوك لا يعود للحياة الآن.
والآن … لو نادينا على يسوع المسيح، هل يظهر لنا؟
كنت أقصد بخبث شديد أنه كما أن والد الفتاه الميت لا يظهر الآن فكذلك يسوع المسيح، وبالتالي أقود الفتيات إلى الشك والإلحاد.
صمتت الفتاه برهة، وإذ بصوتها يقطع الصمت وقالت بيقين شديد: نعم لو دعوناه يظهر لنا الآن!
وفي وسط ذهولي، إلتفتت الفتاه إلى زميلاتها قائلة: هيا يا فتياتي ندعو يسوع.
تعالَ يا يسوع … تعال يا يسوع … تعال يا يسوع …
صرت أضحك مستهزئة ولكن لم يدم هذا طويلاً، إذ فجأة حدث شيء عجيب .. عجيب ..
آه يا رب .. عجيب!
إنفتح باب حجرة الدرس بهدوء وتلقائياً، وإذ بنور سماوي يفوق الخيال يظهر في شكل دائرة صغيرة ثم إتسع وملأ المكان وفي وسط الدائرة، ظهر يسوع ……… إنه يسوع المسيح … هو … هو.
إبتسم للجميع، وكدتُ أن يغشى علي من مجد ما رأيت! ظل المنظر عجيباً والصمت رهيباً مدة نصف ساعة فترة الدرس ثم توارى يسوع وإختفى.
إندفعت تاركة الفصل وأسرعت لحجرة المدير والمدرسين … وصرخت: لقد رأيته … إنه هو.
سألوني عن من رأيت … أجبتهم بقوة وإيمان: الرب يسوع المسيح. ثم أخبرتهم وأنا في رعدة عظيمة. لم يصدقوني في البداية حتى إستدعوا التلميذات الصغيرات وسمعوا منهن.
إزداد إيماني، وتركت إلحادي وشروري وكانت لذتي في دراسة الإنجيل.
المجد لك يا ربي يسوع المسيح وخصوصاً أن بلادي فتحت الكنائس الآن وعلقت الصليب على مناراتها والمؤمنون يصلون ويتناولون ويدرسون الكتاب المقدس.
يا إلهي أطلب إليك أن تملأ قلبي بهذ الثقة الإيمانية التي يتصف بها قلب الأطفال
إمنحني يا سيدي هذا القلب الصغير الكبير