[يظل البشر عائشين وأشباح جدودهم حية في أجسادهم – للكاتب أمين الغريب]
فمن هو هذا الذي يجرؤ على أن يتعرى من الثوب المهترئ الأثري العتيق الذي توارثه، لأن التقليد والأعراف القديمة تجعل · الوالد يقول للابن: أنت ولد عاق لأنك لا تفعل مثلي ولا تتبع خطواتي · ويقول الكاهن أو الشيخ: أنت كافر أن كنت لا تتبع تفسيري وتصلي صلاتي · ويقول الناس: أنت مجرم أن لم تتبع شرائع تقاليدنا العائلية الموروثة وتنتهج أعرافنا العريقة. وحينما يتساءل أحد: لماذا أسير على خُطاكم وأُشابه أحوالكم وأتغير إليكم لأكون مثلكم؟
· الوالد يقول للابن: أنت ولد عاق لأنك لا تفعل مثلي ولا تتبع خطواتي · ويقول الكاهن أو الشيخ: أنت كافر أن كنت لا تتبع تفسيري وتصلي صلاتي · ويقول الناس: أنت مجرم أن لم تتبع شرائع تقاليدنا العائلية الموروثة وتنتهج أعرافنا العريقة.
لأن جميع الناس يفعلون هذا! جدك وجد جدك عاشوا هذه الحياة الكريمة ونحن نسلمك أرث العائلة لتحيا حياتنا وتعيش مثلنا لكي تكون ابننا ولا يضيع أرث عائلتك.
لكن الأجداد والآباء وأنتم عشتم في تعب ومشقة تعساء وأنا أُريد أن أجد سعادتي وراحتي واختار طريقي كما أشاء.
حقاً أن لم يسعى الإنسان لراحة قلبه بما يستعيض عنها أو ما الذي سيربحه من هذه الحياة كلها!!! وأن عاش ليحقق رغبات وأحلام عائلته أو مجتمعه.. الخ، فمن أين له أن يعرف نفسه أو يجدها، وأن كان يحيا ويعيش حياة غيره، فأين حياته هوَّ، وما الذي حققه لذاته، أين هو في الوجود، ومتى يعيش حياته ويكون حراً لا شكلاً إنما مضموناً!
لكننا اليوم أمام جيل جديد، لا يقبل القيود، لكنه انطلق ليبحث عن الحرية جدياً، فهو يسير مثل الطوفان، أن أعقناه سيجرفنا بقوته، فأن لم نستيقظ من غفلتنا ونأخذ حذرنا سنُداس، لأنه علينا اليوم أن نفسح المجال ونطرح عنا الفكر الساذج القديم، ونخلع عنا العباءة المهترئة أمام جيل بدأ تتفتح مداركه ويبحث عن ذاته لينطلق في المسيرة ليحيا حياته حسب اختياره لا اختيار غيره، وغير مستعد أن يتعوق أو تتعطل مسيرته، فأن لم نعي أننا دخلنا في أزمنة جديدة تختلف تماماً عن كل ما سبقها، وظللنا نتعامل بعقلية القرن الماضي أو بالقرون الماضية عموماً، سنُداس من هذا الجيل ولن يبقى منا حتى ذكرى صالحه نافعه لأحد فيه، لأننا نحن المسئولين عن تمرد جيل كامل، ولهم كل الحق فعلاً، لأننا نتعامل معهم على أساس أنهم اقل ذكاء، ضعفاء، ليس لديهم قوة لا على التفكير ولا القيادة، مع أن في الواقع نحن الذين صرنا ضعفاء ليس لنا القوة ولا القدرة أن نقود هذا الجيل، لأننا جهلناه وهمشناه، ونصبنا أنفسنا رؤوساً له، مع أن تفكرينا عتيق لا يتناسب معهم، فبعضهم تجرأ وتمرد علناً لأنه لم يحتمل كل تلك القيود التي كبلناهم بها.
أيها الشاب والشابة، أيها الجيل الجديد، أطرح عنك وانفض كل ما هو قديم وغير قانع به، أخرج من القيود وحطمها تحطيماً، لا تعطي عقلك لغير نفسك، ولا تكن مرائياً لكي ترضي غيرك، بل أبحث عن ذاتك واعرف طريقك، واختار ما يتوافق مع قناعتك أنت وحدك، لأن الله حينما خلق الإنسان أراده إن يكون حراً، لأنه يُشرق شمسه على الأخيار والأشرار، وترك كل واحد أن يختار طريقه، بل ترك أيضاً المجدف عليه والذي لا يحبه أو يطلبه، لكننا كبشر فعلنا الموبقات فقد قتلنا وعذبنا وطردنا وحرمنا كل من لم يتفق معنا ولا مع إيماننا، وكل هذه البشاعة ارتكبناها تحت الاسم الحسن، باسم الله الذي ينبغي أن يكون فرح النفس وبهجتها، لكننا صنعنا إله غريب وجسدناه في صورة شر بغيض وارتكبنا باسم التقوى ما لم يصنعه أشر الأشرار، والذي نرفضهم ونقول أنهم كفرة ملحدين...