القديسة البارة دومنينا القورشية (القرن5م)
1 آذار شرقي (14 آذار غربي)
أورد سيرتها القدّيس ثيودوريتوس القورشي في تاريخه عن رهبان سورية. يصفها ثيودوريتوس ب"العجيبة" ويقول عنها أنها رغبت في العيش على طريقة القدّيس مارون الناسك. اصطنعت لنفسها كوخاً من القصب في حديقة بيت ذويها. لبست الوبر وكانت تذرف الدموع سخيّة. اعتادت أن تذهب إلى الكنيسة القريبة منها, كل صباح, عند صياح الديك, وكذلك آخر النهار لترفع الصلاة إلى ربها وسائر الناس. وقد أقنعت أمها وأخوتها, الذين كانوا في سعة من العيش, أن ينفقوا على أماكن العبادة. كان طعامها العدس المسلوق. قست بالنسك على نفسها حتى بدا جسمها كأنه هيكل عظمي و جلدها رقيقاً كالقشور. ورغم أنه كان بإمكان أي كان أن يراها فإنها من ناحيتها, لم تكن ترى أحداً ولا تُظهر وجهها لأحد. كانت تبقى محجوبة تماماً تحت ستارها و تحني رأسها حتى الركبتين. كلماتها كانت تخرج من فمها خافتة تكاد لا تُسمع و لا تتوقف عن البكاء ثيودوريتوس شهد أنه حدث مراراً أن أخذت يمينه و جعلتها على عينيها فلما ارتدت يمينه لاحظها مبلّلة تقطر بالدمع. عن هذه الدموع قال ثيودوريتوس إنه الحب الحار لله الذي يولّد هذا البكاء إذ يضرم النفس بالمكاشفة الإلهية و ينخسها بمهمازه فيدفعها إلى أن تغادر هذه الحياة الدنيا.
وإلى جانب كون دمنينا سالكة في النسك فإنها لا تتردد في الاهتمام بالمجاهدين في سبيل الحياة الملائكية, وتحرص على إيواء القادمين إليها من بعيد لدى كاهن البلدة وتأمين احتياجاتهم من مال ذويها.
على هذا النحو سلكت دمنينا إلى أن تكمّلت بالفضيلة وانتقلت إلى جوار ربّها.
طروبارية القدّيسة دومنينا القورشية باللحن الثامن
بِكِ حُفِظَتِ الصُّورَةُ بِدِقَّةٍ أَيَّتُها الأُمُّ دومنينا لأَنَّكِ حَمِلْتِ الصَّليبَ وتَبِعْتِ المَسيح، وعَمِلْتِ وعَلَّمْتِ أَنْ يُتَغاضَى عَنِ الجَسَدِ لأَنَّهُ يَزُول، ويُهْتَمَّ بِأُمُورِ النَّفْسِ غَيْرِ المائِتَة. لِذَلِكَ أَيَّتُها البارَّة تَبْتَهِجُ رُوحُكِ مَعَ المَلائِكَة.