كثيرا ما توقفت عند هذه الكلمة. وجدت لها تفسيرات عديدة. كلها صحيحة ومقنعة تدعوني أن أخاف الرب، أن اخشي فقدانه، أن لا أعود وأغضبه، أن لا أعود إلى الخطيئة. هذا صحيح ولكن استوقفني شيء جديد لي.
مخافة الرب، هي نعمة، عطية، هي رأس الحكمة. مصدرها الله وروحه القدوس وليس الإنسان أو عمله أو فكره أو جهده. هي مخافة الرب وليس مخافة من الرب، أي إنها تأتي منه. تسمى مخافة الرب، لان مصدرها هو الرب، هو الذي يمنحها. هي عطية الله للإنسان كي يحيا بطريقة معينة.
هناك مخافة العالم، مخافة مصدرها العالم: مخافة المرض، مخافة الوحدة والعجز، كبر السن والخيانة، ان تُهمل وتُترك، ان تُظلم وتُهان، ان تَفشل وتَسقط. هذه مخافة تأتي من العالم من الواقع الذي نحياه ونجده في أوقات كثيرة محاط بهذه الأشياء. وهنا تتولد مخافة، تجعل الإنسان يتصرف على أساسها، يبحث عن شريك أخر، يبحث عن ضمان، يبحث عن نجاح، يبحث عن متعة، يغير اتجاهه وفكره. وهذا كله طبيعي، بشرى.
أما المخافة الذي يمنحها الرب، تجعلنا نخاف ان نسقط في دائرة أنانيتنا، كما يقول احد المفسرين للكتاب المقدس، هي مخافة ان نفقد بسبب تصرفاتنا وأفعالنا من هو بالقرب منا، ان نجرح شخص بكلماتنا، بإهمالنا له، خيانته، او على الأقل بتجاهلنا له. مخافة الرب عطية من الروح القدس تجعلنا ننظر الى ما نحن قادرين ان نفعل من شر تجاه الآخرين، بقصد او بدون، ونتجنبه، كي لا نفقدهم، كي لا نؤلمهم، كي نسعدهم. وبالتالي مع الرب، حيث انه تجسد في شخص الأخر. نعم حيث الأخر هو المسيح.
نعم هذه هي مخافة الرب، حيث مخافة العالم تجعلنا نخاف من الأخر، ومخافة الرب تجعلنا نخاف من أنفسنا على الأخر. كما يقول القديس فيليبس الأسود: يا رب لا تنزع روحك مني لأني قادر ان افعل أسوأ الأشياء.
مخافة الرب: ان ندرك إننا قادرين ان نهلك أنفسنا وآخرين معنا، بقراراتنا، برغباتنا، بتصرفاتنا. كم من جروح نراها بين الناس لان هناك من فقد هذه المخافة واعتدى على ابنته او ابنه، خدع شخص، خان أخر، ظلم هذا، …. نعم بدون مخافة الرب الإنسان قادر ان يفعل ما هو مدمر له وللأخر.
هذه هي مخافة الرب؟ انا لا اعلم ولكن اعلم إنني احتاجها كي أحافظ على من حولي، ولذا فانا ارجوها عطية من الرب.