رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يعتقد كثير من الناس أن الموهبة هي سمة ثابتة. عندما يواجه الأطفال آخر شهر من المراجعة قبل أن يبدأ موسم الامتحانات، يبحث العديد من الآباء عن كلمات لتحفيز أبنائهم، لكن هل يوجهون المدح في الاتجاه الخطأ الذي يضعف القدرة على بذل الجهد؟ سؤال يوجهه الخبير "ماثيو سيد". ألق نظرة على تعبيرات التشجيع هذه: - "لقد تعلمت ذلك بسرعة كبيرة، أنت ذكي جدا !" - "ما أجمل هذه الرسومات.. أقول عليك بيكاسو ولا إيه؟" - "أنت عبقري جدا .. لقد نجحت في ذلك الامتحان بدون مذاكرة حقيقية !" يتم استخدام هذه الكلمات بالضبط كنوع من تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال أو أي شخص آخر، حيث تستخدم مثل هذه العبارات في المنازل والفصول الدراسية كل يوم وخاصة مع اقتراب الامتحانات. لكن هل استخدامها مفيد حقا ؟ أم أنها تفسر سبب فشل العديد من الأطفال بالمدرسة وغيرها ؟ المدح في ذكاء الطفل الدائم يثبت لديه فكرة أن الذكاء هو العامل الأساسي والسبب الرئيسي للتفوق، ويقلل من فكرته عن بذل الجهد الذي له الفضل في تأكيد الذكاء. لاكتشاف الحقيقة نحن بحاجة إلى الاطلاع بشكل سريع على علم الخبرة والمعرفة، ثم طرح هذا السؤال : من أين يأتي الذكاء ؟ كان يعتقد لفترة طويلة أن الإجابة على هذا تتوقف إلى حد كبير على الوراثة الجينية أو بعبارة أخرى .. هي مسألة موهبة. لكن أثبت العلم أن ذلك كان معتقدا خاطئا، حيث اكتشفت عشرات الدراسات أن أصحاب الأداء الأعلى سواء في الرياضيات، الموسيقى أو غير ذلك، لا يتعلمون أسرع من أولئك الذين يصلون إلى أدنى مستويات التحصيل ساعة بعد ساعة، حيث يتحسن الأداء لكل منهما بمعدلات متماثلة على الأغلب. الفرق بين المتفوق وغير المتفوق: الفرق ببساطة أن المتفوقين يقضون ساعات أكثر في الممارسة عن غيرهم، فقد أوضح بحث آخر أن الطلاب عندما يبدو عليهم امتلاك هبة معينة، يرجع السبب غالبا إلى حصولهم على تعليم إضافي داخل المنزل من قبل آبائهم، ومع ذلك لايجب إنكار أن بعض الأطفال تبدأ التعلم بشكل أفضل من غيرها، لكن علينا الاعتراف أن نقطة البدء التي نوفرها لهم بالحياة ليس لها علاقة محددة بذلك. لماذا ؟ السبب أنه مع مرور الوقت ومع النوع الصحيح من الممارسة، نتغير بشكل ملحوظ وهذا لا يحدث للجسد فقط إنما لتشريح الدماغ أيضا. الممارسة تنمي المخ: أظهرت دراسة أجريت على عازفي البيانو أن منطقة المخ التي تتحكم في حركة الأصابع أكبر بكثير بالنسبة لباقي مناطق التحكم بالمخ، بالطبع لم تكن كذلك منذ البداية إنما نمت مع الممارسة. لا يمثل الفرق بين الموهبة الطبيعية والجهد الذي يبذله الشخص مشكلة كبيرة إذا كانت المقارنة نظرية فقط، أو تعتمد على الجانب النظري، لكنها أكثر بكثير من ذلك فهي تؤثر على طريقة التفكير، وكذلك الشعور والارتباط بالعالم من حولنا. تجارب عقلية: - دروس الكمبيوتر التي يأخذها الطلاب عن أهمية النمو العقلي، حققت تحسنا كبيرا في نتائج الاختبارات بعد تدخل لستة أسابيع. - تم تشجيع الطلاب بجامعة ستانفورد نحو النمو العقلي داخل ورشة عمل، وفي نهاية الترم الدراسي حصل هؤلاء الطلاب على معدلات تراكمية أعلى بكثير من المجموعة المقيدة. لترى كيف حدث ذلك، لاحظ الطالب الذي يعتقد أن التفوق هو مسألة تتعلق فقط بالموهبة الطبيعية، فيقول لنفسه إذن لماذا على أن أزعج نفسي ببذل مزيد من الجهد أو العمل بجد ؟ إذا كان لديه الجينات الصحيحة، ألن يصل إلى القمة ؟ وإذا لم يكن لديه الموهبة، لماذا يزعج نفسه من الأصل ؟ ومن يمكنه توجيه اللوم للشاب أو الطفل على هذا الموقف، الذي تعمقت لديه فكرة الافتراض الأساسي بان الذكاء الطبيعي هو الأهم؟. من ناحية أخرى، إذا اعتقد الطفل أن بذل الجهد يتفوق على الموهبة، وهو ما يعرف بالنمو العقلي، سوف يثابر ويحاول ولن ينظر إلى الفشل على أنه جريمة أو اتهام، إنما فرصة للتكيف والنمو، وإذا كان يسير على المسار الصحيح سوف يحقق التفوق في النهاية. أثر العقلية الثابتة على الشخص: ما يقرر الشاب أو الطفل عن طبيعة الموهبة، بعد ذلك يمكن أن يكون هو الأكثر أهمية، فكر كم مرة تسمع الأطفال يقولون :"أنا مخي ضعيف في الأرقام" أو "ليس لدي توافق مع الرياضة"، فهذه الآراء ما هي إلا نتائج مباشرة للعقلية الثابتة التي تدمر جانب التحفيز والدافع. أثر العقلية النامية على الشخص: المصنفون على أساس النمو العقلي من الجانب الآخر، لا يلتفتون كثيرا لما لديهم من قدرات على أنها شيء يتوقف على الجينات، وهؤلاء يحققون دائما التقدم بحماس ودافع قوي، ومن بعض العبارات التي قد يقولها أحدهم :"ربما لا أكون جيدا في الرياضيات، لكن إذا بذلت الجهد وعملت بجد سوف أتحسن في المستقبل !". تتميز العديد من المدارس بأنها توجه المدح لبذل الجهد بنفس القدر الذي توجهه لتحقيق الإنجاز، لذلك كيف نوجه أطفالنا نحو النمو العقلي؟ منذ سنوات قليلة ماضية، قام عالم علم النفس الرائد الدكتور "كارول دويك" بأخذ 400 طالب وأعطاهم لغزا بسيطا. بعد ذلك، تم توجيه المدح لكل طالب باستخدام ست كلمات، نصفها كانت عن مدح الذكاء مثل : "رائع، بالتأكيد أنت ذكي !" والنصف الآخر من الكلمات كانت تمدح الجهد مثل :"رائع، بالتأكيد أنت مجتهد في العمل !". كان البوفيسور "كارول دويك" يسعى إلى اختبار تأثير هذه الكلمات البسيطة مع تأكيداتها المختلفة بشكل دقيق على عقل الطفل، وكانت النتائج ملحوظة بعد الاختبار الأول، خير الطلاب بين أخذ اختبار سهل أو صعب. اختار ثلثا الطلاب الذين وجه لهم مدح الذكاء الاختبار السهل لأنهم لم يرغبوا في فقدان لقب "ذكي"، إنما اختار 99% من الطلبة الذين وجه لهم مدح الجهد الاختبار الصعب لأنهم أرادو أن يثبتوا كم ما بذلوا من جهد. بعد ذلك اكتملت التجربة بإعطاء الطلاب فرصة لحل اختبار بنفس مستوى صعوبة الاختبار الأول، وأظهرت المجموعة التي تم مدحها على أساس الذكاء تراجعا في الأداء بنسبة 20% مقارنة بالاختبار الأول، بالرغم من أن الاختبار لم يكن أصعب عن الذى سبقه. لكن أظهرت المجموعة التي تم مدحها على أساس الجهد تقدما في الأداء بنسبة 30% فالفشل كان في الواقع قوة دافعة لهم على التقدم. يعتقد كثير من الناس أن الموهبة هي سمة ثابتة. تحولت جميع هذه الاختلافات إلى الفرق في ست كلمات بسيطة قيلت للطلاب بعد أول اختبار، وقد صرح البروفيسور دويك ما يلي : "هذه كانت بعض الاكتشافات البارزة التي رأيتها" وقال "إن مدح الأطفال على أساس الذكاء يؤذي جانب الدافع والأداء". بينما يوجه مدح ذكاء الطفل نحو العقلية الثابتة التي تجعلهم يؤمنون أن الذكاء يمثل الجانب الرئيسي والأولي عن جانب الاجتهاد والبذل الذي من خلاله يمكن تطوير الذكاء وتنميته، وهذا يرجعنا إلى تعبيرات المدح تلك التي بدأنا بها، وكانت تبدو أنها كلمات تقوي الثقة بالنفس لكنها في الواقع وبعد إجراء تجارب واقعية أثبتت عكس ذلك، حيث تترك آثارا وأفكارا سلبية داخل عقل الطفل كما يلي: - "إذا لم أتعلم شيئا بسرعة، فأنا لست ذكيا". - "لا يجب أن أجرب رسم أي شيء صعب، وإلا سينظرون إلي على أنني لست بيكاسو". - "لن أذاكر حتى لا يقولوا إن ذكائي قليل". الهدف المستخلص: تكشف التجارب والدراسات التي تم ذكرها سابقا عن نهج جديد وجذري للطريقة التي يجب علينا التعامل مع الأطفال بها وهي: - يجب دائما أن نوجه المدح والثناء للطفل ليس على أساس الذكاء، إنما على أساس ما يبذل من جهد وتدريب. - ينبغي تعليم الأطفال بأن ينظروا إلى التحديات على أنها فرص للتعلم وليست مصدرا للخوف او الانزعاج. - الحرص والتأكيد على أن الجهد ينمي ويطور القدرات العقلية والأدائية للطفل. وقد أظهرت العديد من التجارب التي أجريت في مختلف أنحاء العالم أهمية أن يقوم الآباء والمعلمين باستخدام هذا المنهج لتعليم الأطفال، والتمسك به للحصول على نتائج ملحوظة ومبهرة. |
|