من هو شارل ديغول ؟
شارل ديغول من الزعماء المهمين في تاريخ البشرية فقد ارتفع ديغول من جندي فرنسي في الحرب العالمية الاولى إلى ذلك الزعيم المنفي وفي نهاية المطاف، اصبح رئيسا للجمهورية الخامسة في فرنسا ، فشغل منصب رئيس في الفترة ما بين عامي 1959 - 1969 .
ملخص عن حياة شارل ديغول :
شارل ديغول هو قائد الحرب العالمية الثانية ، فقد قاد القوات الفرنسية الحرة اثناء مقاومتهم لالمانيا ما بين عامي 1939 – 1945 ، والتي من شأنها ان تؤثر في وقت لاحق علي حياته السياسية، فكان شارل ديغول عنيد ، وكاتب موهوب وخطيبا حماسيا .
مهنة عسكرية مبكرة :
كان والد شارل ديغول استاذ في الفلسفة والادب، وولد الزعيم الفرنسي الشهير شارل ديغول في عام 1890، وسط عائلة وطنية كاثوليكية اتقياء ، وكان شارل ديغول طفلا متفوقا وتلقي تعليما جيدا وقراءة جيدة ايضا ، وفي وقت مبكر من حياته ، كان يحلم شارل ديغول ان يصبح قائدا عسكريا ، وبالفعل التحق بالاكاديمية العسكرية العليا ، في سان سير، وذلك في عام 1909 .
وفي عام 1912، اكمل شارل ديغول دراسته وانضم إلى فوج المشاة التي كانت بقيادة العقيد فيليب بيتان، وتولى منصب ملازم اول ، وخلال الحرب العالمية الاولى، ميز شارل ديغول نفسه في ساحة المعركة ، فقد اصيب مرتين في وقت مبكر من المعركة ، وحصل على ميدالية لخدمته ، وتمت ترقيته إلى قائد، حيث انه قاتل في واحدة من اكثر الحروب فتكا وهي معركة فردان في عام 1916 .
وخلال الحرب، كان شارل ديغول مصابا، وبعد ذلك تم اخذه كأسير ، وبعد عدة محاولات هروب فاشلة، اطلق سراح شارل ديغول في نهاية الحرب ، فهو من الجنود المشرقة والماهرة ، ويرجع السبب في ذلك هو انه التحق ببرنامج تدريبي خاص في المدرسة العليا بعد الحرب ، كما انه خدم في مجلس الحرب الاعلى في فرنسا ، وقام باكتساب بعض الخبرة الدولية، فقضى شارل ديغول معظم وقته في المانيا والشرق الاوسط .
وهذه الخبرة بلا شك اعطته رؤية ثاقبة، جعلته يتكلم عن عدد من القضايا العسكرية في كتبه ، فقدم شارل ديغول بعض المقترحات لانشاء جيش افضل ولكن تم تجاهل هذا الاقتراح من قبل المسؤولين العسكريين الفرنسين بالرغم من انه بالغ الاهمية إلى حد كبير ، وعلي عكس الالمان التي وفقا لبعض التقارير، اتبعت بعض التوصيات لشارل ديغول في الحرب العالمية الثانية .
الحرب العالمية الثانية :
وفي الوقت الذي اندلع فيه القتال بين المانيا وفرنسا، كان شارل ديغول يقود لواء الدبابات ، وعين مؤقتا عميد لفرقة المدرعة عام 1940 ، وظل يحصل علي الترقيات وارتفع شأنه علي المستوي المهني ، حتي اصبح نائب وزير الدفاع والحرب ، وكان وقتها يحكم الرئيس الفرنسي بول رينو ، ولكن بعد فترة قصيرة، تم استبدال رينو بالرئيس الفرنسي بيتان ، جاءت حكومة بيتان الجديدة، والتي تسمى احيانا حكومة فيشي، وعملت على التوصل الى اتفاق مع المانيا لتجنب المزيد من إراقة الدماء ، ولكنه اخذ سمعة شائنة كنظام لانه تعاون مع النازيين .
لم يقبل شارل ديغول بهذا الاستسلام الذي حدث ، وهرب بدلا من ذلك إلى إنجلترا، حيث اصبح زعيم حركة فرنسا الحرة هناك ، بدعم من رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ، ومن لندن، بث شارل ديغول رسالة عبر الاذاعة الإنجليزية لبلاده، داعيا إياهم إلى مقاومة الاحتلال الالماني ، وعمل علي تنظيم الجنود في المستعمرات الفرنسية للقتال إلى جانب قوات التحالف .
وكان شارل ديغول كثيرا ما يستفز غيره من زعماء التحالف بطلباته وعجرفته الملموسة ، وفي نهاية الحرب، كانت المانيا قابلة للتفاوض واعلنت استسلامها ، واستطاع شارل ديغول ان يقوم بتأمين امته وتحرير منطقة الاحتلال في المانيا ولم يكتفي بذلك بل حصل ايضا على مقعد في مجلس الامن التابع للامم المتحدة .
اصبح شارل ديغول يتمتع بتأييد واسع في الداخل والخارج ، وفي عام 1945، اصبح رئيسا لحكومة مؤقتة في فرنسا ، ولكن بسبب خلاف كبير علي السلطة التنفيذية في البلاد، استقال شارل ديغول من هذا المنصب ، ولعدة سنوات، قاد شارل ديغول حركته السياسية الخاصة، وهي ما تسمي "التجمع من اجل الشعب الفرنسي"، واعتزل السياسة في عام 1953 .
شارل ديغول رئيس الجمهورية الخامسة :
بدأت الحكومة الفرنسية، والمعروفة باسم الجمهورية الرابعة في الانهيار في اواخر عام 1950، وشارل ديغول عاد مرة اخرى إلى الخدمة العامة لمساعدة بلاده ، فساعد في تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد، واصبح رئيسها في يناير كانون الثاني عام 1959 ، وقام بتأسيس الجمهورية الخامسة في فرنسا .
فحرفيا كرس شارل ديغول نفسه لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد والحفاظ على استقلالها ، فقد سعى دائما للحفاظ على فرنسا منفصلة عن القوتين العظميين، وهي الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، وقد فعل ذلك لإظهار اهمية فرنسا العسكرية .
كان شارل ديغول لا يخاف من اتخاذ قرارات مثيرة للجدل ، فبعد التعامل مع الانتفاضات الكثيرة التي حدثت في الجزائر لسنوات، قال انه ساعد المستعمرة الفرنسية في تحقيق الاستقلال في عام 1962. ولكن كان هذا التحرك لا يحظى بشعبية على نطاق واسع في ذلك الوقت ، كان شارل ديغول ما يؤيد دائما فكرة اوروبا الموحدة، لكنه ايضا اراد اوروبا ان تكون خالية من تأثيرات القوى العظمى .
وحارب شارل ديغول من اجل بلاد اخري ،فقد عمل علي الحفاظ علي بريطانيا من الجماعة الاقتصادية الاوروبية وذلك بسبب علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة ، وفي عام 1966، سحب شارل ديغول قوات بلاده من منظمة حلف شمال امريكا ، من اجل مخاوفه من الولايات المتحدة ، فبالنسبة للبعض، كان شارل ديغول معاديا للولايات المتحدة .
كانت شخصية شارل ديغول غير مرنة في بعض الاحيان ومستعصية علي بعض الاشخاص، فرأى شارل ديغول انه اذا اقترب اكثر من حكومته فسوف يقوم باطاحة احتجاجات الطلبة والعمال في عام 1968 ، وان يتمكن من استعادة النظام في البلاد، لكنه ترك السلطة بعد فترة وجيزة، وبعد معركة حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية ، قدم استقالته من الرئاسة تحديدا في ابريل 1969 .
موت شارل ديغول وتراثه :
وبعد استقالة شارل ديغول ، ظل متقاعد في بيته في كولومبي ليه دوكس ، وكان لديه القليل من الوقت للتمتع بحياة هادئة في هذه القرية، حيث انه توفي بنوبة قلبية في 9 نوفمبر، 1970 ، وقتها القي خبر وفاته الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو، الذي كان يعمل بشكل وثيق مع شارل ديغول قبل خلافته، والقى وقتها الخبر الرهيب للجمهور، قائلا "الجنرال شارل ديغول قد مات ، وفرنسا الان اصبحت ارملة" ، فكان حزينا للغاية علي فقدان الدولة لهذا القائد العسكري العظيم ، وقال ان البلاد فقدت واحدا من اعظم ابطالها .
وعرض زعماء العالم الآخرين كلمات الثناء لشارل ديغول ، فقالت الملكة اليزابيث الثانية في حقه "انها لن تنسى الشجاعة والمثابرة التي تمتع بها في سبيل التحالف خلال السنوات المظلمة من الحرب العالمية الثانية" .