أرسانيوس الطبيب
وكان أرسانيوس، إلى ذلك، طبيب النفوس والأجساد. يقصده الناس من كل صوب. الأطباء العاديون يومها كانوا مفتقدين. لم يكن طبيباً عارفاً بالأدوية والحشائش ولا اعتاد أن يعطي المرضى وصفات طبية. فقط كان يتلو عليهم أفاشين توافق أحوالهم فيشفون. وإذا ما تعذر عليه إيجاد أفاشين موافقة لواقع الحال، كان يتلو مزمور أو إنجيلاً أو يكتفي بمس رأس المريض بالإنجيل المقدس. والنتيجة كانت أبداً إياها: شفاء وتعزية. على أنه كان أحياناً يؤخر شفاء المريض يوماً أو أسبوعاً عن قصد، لأنه كان يرى بعينه الداخلية كيف ينفع المريض في الروح قبل الجسد.
والشياطين اعتاد طردها بالتفاتة أو بكلمة أو بلمسة يطال بها الإنسان. عطفه على المتعبين والمرضى كان عظيماً حتى بدا يوماً فيوماً أنه كان يسكب عليهم رأفات الله من دم قلبه.