يكتشف الشريكان في الحياة الزوجية طريقهما في الحياة بالاستفادة من الاختلافات لفهم كل منهما الآخر بصورة أفضل, ولتعميق تلك الحياة وزيادة التفاهم..هذا هو الطريق الأمثل ولكن ما الذي يحدث فعليا عند نشوب صراع بين الزوجين؟ للأسف الشديد نجدهما يتجنبا الصراع ولسان حال الطرفين أو أحدهما إنني لن أنتصر في هذا الصراع فلماذا أصارع؟من الأفضل أن أنسحب....!والانسحاب يكون بعدة أشكال منها الصمت أو تجنب إثارة الموضوعات الخلافية...إلخ,لكن هذا بالتأكيد مجرد حل مؤقت أو بمعني آخر هذا هو الطريق للكبت ونمو المشاعر السلبية بين الزوجين, التي هي بمثابة قنبلة موقوتة داخل الأسرة..وعن أسباب تراكم المشاعر السلبية بين الزوجين يقول الدكتور ميشيل حليم أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان إن زيادة احتمالات التراكمات السلبية للمشاعر لدي أحد الأطراف أو كليهما ترجع إلي أن الطرف الضعيف أكثر قابلية لتراكم مشاعر الإحباط والقهر والغضب والعدوان من الطرف القوي المسيطر ولذلك يكون انتقام هذا الطرف الأضعف مفاجئا لأنه حصيلة تراكم سنوات طويلة من الاستبداد والظلم مع عدم إعطائه فرصة للتعبير عن مشاعره مما يضطره إلي اختزانها وكبتها.
كما تلعب البيئة المحيطة دورا مهما في زيادة تراكم المشاعر السلبية حين يفقد الطرف المكبوت خياراته, ويجد نفسه في طريق مسدود مثل الزوجة التي تقهر من زوجها ولاتجد مكانا آخر تذهب إليه أو اضطرارها للاستمرار معه من أجل الأبناء. مما يساعد الطرف القوي علي الانفراد بالطرف الضعيف وإذلاله وكبته .
ومن جانبه أضاف د. محمد المهدي استشاري الطب النفسي إلي أنه حينما يصل التراكم مداه, وتفشل وسائل كتمانه. تبدأ بالظهور في شكل متدرج بدءا من العنف النفسي المتمثل في إهمال الطرف المعتدي واحتقاره وتمني السوء له مرورا بالعنف اللفظي في صورة انتقاد مستمر ولوم أو سخرية لاذعة له انتهاء بالعنف الجسدي وما يزيد من خطورة المشكلة بين الزوجين عدم وجود تسامح بينهما أو استمرار الضغوط أو عدم النجاح وتحقيق الذات. وحتي نتخلص من آثار تراكم المشاعر السلبية تجاه شريك الحياة يجب أن يتوفر جو من الهدوء والأمان والراحة بالمنزل إلي جانب التعبير عن المودة والحب بكل الوسائل الممكنة في جلسات تتسم بالصفاء والمودة. بالإضافة لأهمية مواجهة كل طرف لشريك حياته بما يدور داخله من مشاعر سلبية, قد يظن أنها مع الأيام ستنتهي...ولكن كيف تكون المواجهة بين الزوجين؟ولأن الوقت المناسب هو أساس نجاح المواجهة بين الزوجين ينصح د. بهجت سمعان إخصائي الطب النفسي بالمواجهة الفورية بعد الموقف الذي يسبب ألما أو مشاكل لأحد الطرفين إذا امتلكا القدرة علي اختيار تعبيراتهما وكلماتهما بعناية,ولكن إذا لم يكن الوضع كذلك فمن الأفضل تأجيل المواجهة حتي تأتي لحظات الهدوء ويفضل أيضا أن يكون حديث الزوجين ومواجهتهما خارج المنزل في مكان مناسب لأن وجودهما بعيدا عن المنزل سيجعلهما يتحدثان بأسلوب هاديء لايلفت نظر الآخرين إليهما.
وعن أسباب هروب الزوجين من المواجهة وتجنبهم للصراع تقول الدكتورة مني رمزي إخصائية مشورة أسريةأحيانا يكون السبب أن الشخص لم يتعلم كيف يواجه الآخر ويصل معه إلي حلول من خلال الحوار الناضج, أو اعتقاد خاطيء من الزوجين بأن ذلك نوعا من التسامح ولكن هذا غير حقيقي إطلاقا, بل إذا استمر الوضع هكذا وتراكم يصبح بمثابة انفصال مقنع.
تضيف د. مني أنه بالرغم من الخبرة السيئة لبعض الأزواج في حل الصراعات لسنوات طويلة منذ زواجهم, إلا أنهم يستطيعون أيضا تعلم المواجهة الناجحة...ولكن البداية ستكون أكثر صعوبة من حديثي الزواج.فليس مجرد رغبة الزوجين في تعلم ذلك تجعلهما بالفعل يقدما علي مواجهة مثمرة...لكن بداية يجب أن يؤمن الطرفان بأن المواجهة أفضل من الكبت والانفجار, وكذلك أن الزمن لايستطيع أن يداوي كما يشاع لكن العكس هو الصحيح حيث إنه مع مرور الوقت تزداد المشاكل تعقيدا. ومن المفضل أن يتفق الزوجان علي وقت للتواصل والحديث فيما بينهم ولو مرة كل أسبوع حتي يتعلما كيفية التعبير عن أنفسهما أمام بعضهما البعض. ولكن هناك تحذيرا مهما لكل زوجين من أن تكون المواجهة في حضور أشخاص آخرين غير الزوجين الأصدقاء-الأهللأن هؤلاء لن يستطيعوا أن يكونوا محايدين بأي شكل من الأشكال,بالإضافة إلي أن وجودهم لن يعطي للزوجين الفرصة الحقيقية ليتعلم كلا منهما كيف يعبر عن نفسه بشكل جيد.