منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 09 - 2016, 07:08 PM   رقم المشاركة : ( 14331 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مدٌّ وجزر .. مرثا وأختها ولعازر ..5

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مدٌّ وجزر ..
مرثا وأختها ولعازر ..5
الفصل الخامس:
أحداث متلاحقة وصعبة، تتصارع فيها قوى متعددة في هذا العالم. وعائلة بيت عنيا تعيش وسط هذا التجاذب في وضع ضاغط وغير مستقر.
*
كان يسوع يحب مرثا ومريم ولعازر. ولكن المحيّر في الموضوع، أن لعازر المحبوب مرض. وتصل هذه العائلة، في معاملات المسيح معها إلى مواقف صعبة ومحيّرة. فنحن غالباً ما نستاء من الأمراض.. ومن الأوجاع.. ومن الآلام الجسدية. وتعلو التساؤلات:
ما دام يسوع افتدانا، واهتم بأمر خلاصنا، وأمّن لنا حياة أبدية، فلماذا لا يمنع الأمراض من دخول أجسادنا؟
والذي داوى المشكلة الكبرى، هل يعجز أمام هذه المشكلة الصغيرة
؟!
ولا نلقى جواباً، ولذلك نحتار!
*
لقد شفى المسيح مرضى كثيرين، حتى إنّ الكتاب يقول أنه عندما :
”..فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ،.. فَشَفَاهُمْ.“
(متى 24:4).
ولكن عندما أرسلت الأختان إلى يسوع قائلتين:
”.. الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ“
(يوحنا 3:11)،
” مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ.“
(يوحنا 6:11).
ماذا يجري؟
لماذا لم يأتِ يسوع؟
لماذا لم يقل كلمة؟
لماذا يسمح بهذا الوضع المأساوي، والذي ينذر بحدوث مأساة أخرى وأعظم؟
مرثا ومريم في حيرة:
كيف يجب أن نتصرّف؟
وماذا نفكّر أو نظن؟
هل يستخّف الرب بنا؟
ألا يشعر معنا؟
كان يجب أن يأتي، أو أن يفعل شيئاً ما!
نحن نظن، في معظم الأحيان، أن المعاملات بيننا وبين الرب هي معاملات ميكانيكية؛ مجرد ضغط أزرار. فمن عليه مشقات، يصلّي فينتهي كل شيء. وعندما تأتينا التجربة ونحن في وضع روحي سليم، وقد استوفينا الشروط اللازمة، نضغط على هذا الزر، وتكون النتيجة ممتازة.
نحن لسنا دُمىً، والرب ليس تحت تصرفنا. فالمعاملة بيننا وبين الرب أعمق من هذا المستوى وأسمى. إنها معاملات إدخالنا في الخطة الإلهية، حيث نستطيع أن نمجد الرب. ويُترك أمر التفاصيل للرب وليس لنا.
*
”الذي تحبه مريض“،
ويأتي الجواب:
”هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ“
(يوحنا 4:11).
متى؟ وأين؟ وكيف؟
لا نعرف، ولكن جلّ ما نحتاج إليه هو الانتظار.
”اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ..“
(مزمور 1:40).
ولماذا لا يميل إلينا قبل الانتظار وقبل طول الانتظار؟
من الأهمية بمكان أن يكون بيننا وبين الرب تفاهم. أن لا نكون :
”.. أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ.“
(أفسس 17:5).
نفهم إرادة الرب التفصيلية ونتجاوب مع هذه الإرادة، ونترك للرب وسائل التصرف.
إن خطة الله العامة هي أن يتمجد الرب في حياتنا. ولا أظن أن أحداً من أولاد الله يرفض هذه الخطة، ولكن المشكلة هي في طريقة التنفيذ. هنا نحتاج إلى الفهم، والصبر، والاستيعاب، والحكمة، والتسليم. والوصول إلى هذه الأمور ليس سهلاً.
أن تكون الكلمة الأخيرة للرب، هذا واقع لا نعيشه في غالب الأحيان. وهو مطلوب بنوع خاص من أولاد الله المسنّين في حياة الإيمان، الذين جازوا في اختبارات متعددة، والذين يعرفون كلمة الله، ولديهم فكرة واسعة عن طريقة معاملات الله معنا. ومع ذلك يسهى عن بالهم أن إلهنا غير محدود وله مع كل واحد منا معاملة خاصة. فليس واحدنا نسخةً عن الآخر، لكن كل واحد منا نسخة أصلية“.
*
يقول اختبار مريم ومرثا:
المسيح يشفي المرضى؛ ولعازر مريض. المسيح قادر أن يشفي للحال، وبكلمة فقط. لكن هنا المرض يختلف، لأن لعازر يختلف، ولأن مريم تختلف، ولأن مرثا تختلف.
لقد حاول الرسول بطرس قديماً معرفة خدمة يوحنا المستقبلية. فعندما عرف البرنامج المختص به وهو أن يرعى خراف المسيح، والنهاية مِيْتة معيّنة يمُجد الله بها، يسأل السؤال:
”وهذا ما له“
(يوحنا 21:21)؟
ويجيبه يسوع:
”ماذا لك؟ اتبعني أنت“
(يوحنا 22:21)،
لي معاملة خاصة معك، ومعاملة خاصة معه.
من الأهمية بمكان أن تكون لنا علاقة شخصية.. فردية.. وقوية بالرب.. تنمو معها مفاهيمنا الروحية.. ونأخذ إعلانات مباشرة من الرب.. فنكوّن تفاهماً شخصياً بيننا وبين الرب.. فلا نعود نقلّد الآخرين.. أو نحاول سرقة خدمة الآخرين.. فتبعد عنا روح الحسد والغيرة أو الشعور بالانتفاخ والكبرياء، وكأنّ مواهبنا أو خدماتنا تفوق ما للآخرين.
عندما يذكر الوحي أن إبراهيم سار مع الله، لا يقول عن لوط إنه سار أيضاً مع الله بل سار مع إبراهيم. وعندما جاء الغربال وفصل لوط عن إبراهيم، تبين أنه لم يسر كما يجب في طريق الإيمان، لأنه لم يتّبع طريق الدعوة. فعاش مغلوباً على أمره، من دون عزيمة للانتفاضة، ومن دون مواقف.
*
وبالعودة إلى معاملات الرب الفردية مع عائلة بيت عنيا؛ نجد الرب يسوع يمكث في الموضع الذي كان فيه يومين. إنه يُحسد على هذه الأعصاب الهادئة. فهو من الداخل يتألم، وكم تمنى أن يكون قريباً من مريم ومرثا. فهو الآن يشعر معهما، ويعرف توقعاتهما المؤلمة، ويعرف حيرتهما ودهشتهما؛ لكنه يتصرف بهدوء، فهو يعرف ماذا يجب أن يُعمل، ويعمله بهدوء.
من هنا يدرك معنى هذا الدعاء الذي دوّنه الكتاب:
” وَالرَّبُّ يَهْدِي قُلُوبَكُمْ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ، وَإِلَى صَبْرِ الْمَسِيحِ. “
(2تسالونيكي 5:3).
إن كان المسيح يضطرب عند كل مرض، أو عند كل مشكلة أو مأساة، لأقعده هذا عن العمل والإنتاج.
نحن ننتظر بزوغ الفجر حتى نقوم بالمهمة، وغالباً ما نبكّر. لكن المسيح انتظر يومين. أيّ فكر ينتابنا مع الأختين؟
يدنا في النار ويده في الماء. نحن على أحرّ من الجمر وهو نائم. نحن نتسرّع.. والتسرّع ضد الإيمان.
ما كان أسهل على إبراهيم وسارة استبدال اسحق بإسماعيل. ويعرض إبراهيم على الله المقايضة:
”لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!
(تكوين 18:17).
والرب يرفض بالقول:
”بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا “
(تكوين 19:17).
وكأنه يقول له:
هنالك اتفاق بيني وبينك، هنالك تفاهم بل هنالك عهد:
”أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلاً،. فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا“
(تكوين 1:17-2)،
كان عليك أن تنتظر أكثر من عشر سنوات. لكن إبراهيم تسرّع.
*
عندما يطلب منا الكتاب المقدس أن يكون لنا فكر المسيح، فإنّ هذا يسهّل علينا فهم طريقة المسيح في تعامله معنا. أرسلت الأختان إلى يسوع قائلتين:
”الذي تحبه مريض“.
والرب أراد أن يُظهر بأن محبته ليست فقط وقت المرض، بل هو يستطيع إظهار هذه المحبة في أوقات أخرى وفي حالات أصعب من المرض؛ وما علينا إلاّ الانتظار.
كثيراً ما نتصرف كما تصرف قديماً نعمان السرياني فنملي على الرب أفكارنا وطرقنا. عندما أرسل إليه النبي أليشع يقول:
”اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ، فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ“
(2ملوك 10:5)،
”فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى“
(2ملوك 11:5).
الغريب في الإنسان أنه وهو المحتاج إلى الرب، ليس مستعداً أن يطيع أوامر الرب. فأحياناً تكون لدينا دالّة كثيرة على الرب ونملي عليه ماذا يفعل. فقد رسم نعمان السرياني الخطة المؤلفة من أربعة بنود ووقّع عليها وأرسلها إلى رجل الله للتنفيذ. وهذه هي تفاصيل الخطة:
”هوذا قلتُ إنه
(1) يخرج إليَّ
(2) يقف
(3) يدعو باسم الرب إلهه
(4) ويردّد يده فوق الموضع فيشفي الأبرص“.

لا نأتي إلى الرب كقواد جيش بل كعبيد. العبد يرضى بإرادة سيده، ويطيعها. فالرب ليس تحت تصرفنا بل نحن تحت تصرفه. ليس ما نقوله نحن أو نفكر فيه هو المهم. فالرب ليس مُلزماً بماضينا، ولا بمركزنا، ولا باختباراتنا، ولا حتى بموقعنا في الكنيسة.
”اَللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ“
(غلاطية 6:2).
فلو أنّ الرب تعامل معنا بحسب أفكارنا وإرادتنا لكانت النتائج ضعيفة وضئيلة. لكن للرب مقاصد سامية تنسجم مع فكره وإرادته وبرنامجه الإلهي. فهو يتحدى آحاز قديماً بالقول:
”اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْق“
(إشعياء 11:7).
وغالباً ما نجيب كما أجاب آحاز:
”لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ الرَّبَّ“
(إشعياء 12:7).
والرب يتدخل لكي ينزع شكوكنا وقلة إيماننا التي تجعلنا نتستر تحت ألف غطاء وغطاء، ليظهر لنا عظمته وقوته:
”وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا،“
(أفسس 20:3).
أيَّ فكر نطلب، فكرَنا أم فكرَ الرب؟
وأيَّ قول نفضّل، قولنا أم قول الرب؟
دعونا نصلّي مع المرنم قديماً:
” وَحِّدْ قَلْبِي لِخَوْفِ اسْمِكَ.“
(مزمور 11:86)..
وحّد فكري مع فكرك، وأعطني حكمة حتى أعرف مقاصدك وكيف تريد أن تتمجد فيَّ، وكيف تريد أن تستخدمني، وكيف تريد أن آتي بالنتائج الصالحة!
* * *
يارب أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:20 PM   رقم المشاركة : ( 14332 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الإيمان في أصول معناه ومفهومه الصحيح في الكتاب المقدس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نرى المؤمنين عبر الأجيال والعصور يشهدون لإيمانهم الظاهر في حياتهم العملية ويدونون اختباراتهم مع الله، وأعظم تلك الشهادات والاختبارات نجدها في الكتاب المقدس نفسه، في كلا عهديه، القديم والجديد..
ونجد في تلك الشهادات الأمينة والصادقة، إعلان عن إيمان صادق وحقيقي حي، إيمان مُعاش في واقع الحياة اليومية، بل وعامل بالمحبة، ونجد أن المؤمنين بالله في الكتاب المقدس، قد كشفوا لنا أن الإيمان بالله ليس موضوع بحث علمي قابل للفحص كاكتشاف نجم في أعلى السماء، أو كالاكتشافات العلمية التي تحتاج لبرهان الفحص بالتجربة المعملية والفكر البشري بحسب المنطق الإنساني والفلسفي، بل الإيمان بالله خبرة الخاطي الضعيف الذي يثق في الله نجاته وخلاصه من ظلمة الفساد والشرور الذي يتبعها الموت، وهو أيضاً - لكل من يسير مع الله - خبرة حياتية معاشة في الزمن بكل معاناته وآلامه وضيقاته التي لا تنتهي...


والخبرة هُنا – بالطبع – معتمده على الاستعلان، أي إعلان الله عن ذاته واستعلان شخصه كإله حي وحضور مُحيي يظهر ذاته ليُعطي حياة ومعرفة حسب الحق باستنارة الذهن وانفتاحه على شخصه المهوب المخوف والمملوء مجداً...


ومن هذا المنطلق نرى إن الكتاب المقدس ليس كتاب علم ولا كتاب فلسفة، إنما هوَّ مجموعة شهادات[1] لعمل الله في البشر وتدوين لاختباراتهم اليومية مع الله، لذلك يجب علينا أن نبحث عن ما يقوله الكتاب المقدس عن الله لنؤمن به، ولا نبحث عن براهين عقلية وإثباتات فكرية، لأن الله غير قابل للفحص أو الخضوع للعقل البشري المخلوق!!


بل يجب أن ننفتح بكل أبعاد كياننا على ما اختبره المؤمنين بالله وما دوّنوه في الأسفار المقدسة. ثم نعود لأنفسنا ونرى أن هذا الاختبار يتجاوب مع اختبارانا الشخصي ومع ما في أعماقنا من تطلّعات، وذلك لكي نعرف هل نحن قريبين أم بعيدين عن هذه الخبرة ومعرفة الله الحقيقية، والتي قد نتوهم أن لنا هذه المعرفة الحقيقية لله ونحن في تمام البعد عنها، لأن الكثيرين يتصورون أنهم قريبين من الله ولهم علاقة خاصة معه وكلها تعتمد على الجسديات والحسيات والمعجزات والخوارق الفائقة الطبيعة، ولكن ليس فيها مُلك الله ولا حضوره الخاص ولا خبرة لقاءه كإله حي مُحيي ومُقيم النفس من موت الخطية ويعطيها باسمه حياة لتدخل في علاقة شركة حية فيها فرح كامل بلقاء الرب المُحيي...


وما هيَّ تطلعاتنا التي نتطلع إليها في أعماق قلوبنا من الداخل !!!؟ إلا اللانهاية أي الخلود والحياة الدائمة التي ترتفع فوق محنة الموت ويصبح ليس لها أي قوة، لأن الموت ليس هو حقٌ علينا (كما هو شائع عند الناس)، بل الحياة هي الحق وهي التي نتطلع إليها بكل اشتياق قلوبنا، أي أن تطلعاتنا هيَّ لله الحي، لا بل هيَّ الله نفسه، الله الذي هوَّ بشخصه النور والطريق والحياة الأبدية، هوَّ الألف والياء، هوَّ المبدأ والغاية، هوَّ قوة المحبة المتدفقة التي تحصرنا وتشدنا إليها بقوة تفوق الوصف أو الشرح: (ليس شيئاً من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر) (القداس الأغريغوري)



(1) ما هوَّ الإيمان:
الإيمان هوَّ علاقة خاصة شخصية مع الله، ويقول القديس مكسيموس المعترف: (ما من سبيل إلى عقد علاقة بين الإنسان والله إلا بالإيمان. فالإيمان قوة. انه قوة خاصة توحّد الإنسان المؤمن والله الذي يؤمن به، توحيداً مباشراً كاملاً يفوق الطبيعة البشرية)
فالإيمان ليس علاقة عقلية وحسب. فالشياطين أيضاً قد يكون لهم مثل هذا الإيمان (يعقوب 2: 19). إنما الإيمان هوَّ ارتباط حياة بحياة ومصير بمصير، وهذا الارتباط يطال الشخص البشري بكاملة (جسد ونفس وروح) بما يفوق الإدراك أو الفحص.

لذلك يرى الآباء القديسين أن الإيمان لا يكون حقيقياً إلا إذا شمل الشخص كله وحوَّله إلى صورة حقيقية للرب يسوع له المجد.


بالإيمان لا يعتنق المسيحي عقيدة مجرّدة، بل يتّحد بأشخاص أحياء[2]،بحضور حقيقي.[3]

والإيمان هوَّ جواب الإنسان على دعوة شخصية يكشف له فيها كل من الآب والابن والروح القدس عن ذاته شخصاً حياً وحضوراً محيياً.

وجواب المؤمن أي جواب الإيمان على تلك الدعوة هوَّ أن يرتمي في أحضان كل من الآب والابن والروح القدس ليغرف من بحر حضور الله كما كشف عن ذاته.


فالإيمان المسيحي، ليس تحليلاً فكرياً ومنطوق نظريات وأفكار ودروس، إنما هوَّ قبول حياة الله فينا واتحادنا به في سر التقوى والمحبة، أي أنه هوَّ دخولنا في حياة الأقانيم الإلهية[4]، وعندما يتلو المؤمن قانون الإيمان لا يكتفي بترداد كلمات، بل يغرق في بحر الحياة الأبدية، يغرق في بحر الحب الإلهي، يغرق في بحر النور المُشرق فيعرف مجد الله في وجه يسوع ويغرف منه ويشبع.. [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)


+ والإيمان الحي الحقيقي الأصيل دائماً يتجاوز الحياة النفسية القائمة على الانفعالات العاطفية العابرة التي تنتهي حتماً بزوال المؤثر، فأحياناً يتأثر الإنسان بعظة أو كلمة باندفاع عاطفي وسرعان ما يُطفأ لأنه مجرد مؤثر خارجي زائل، فهذه العاطفة دائماً تفتقر إلى العمق والأصالة.


  • فما هوَّ هذا العمق؟ هوَّ كيان الإنسان نفسه.
  • وما هيَّ الأصالة؟ أصالة الوحدة مع الله والكنيسة.
وكمثال على ما نقول: تذكرنا الليتورجيا بالراقدين وبالأحياء أيضاً. هذه الذكرى تُمارس في سرّ الإفخارستيا بالإيمان الحي، وليست هيَّ مجرد تذكر الأحداث والكلمات وإنجازات الأحباء ومشاكلهم وقداستهم، إنما هيَّ ذكرى نابعة من حقيقة وجودية، حقيقة وحدتنا مع هؤلاء الأشخاص في خبرة جديدة، وهي خبرة تحوّل كياننا البشري إلى كيان جديد أي الكنيسة جسد المسيح الحي. ونحن الذين ربطتنا وحدة المصير مع هؤلاء القديسين في الكيان الجديد، المسيح أي الكنيسة، لا نتذكرهم على أساس حياة نفسية انفعالية بمجرد تأثر عابر بحياتهم أو افتخارنا أننا معهم طائفياً ، وإنما لأننا معهم – فعلاً – قد تحولنا إلى أشخاص على صورة الله خالق كل الأشياء والذي خلق الإنسان لا لكي تكون له شخصية منفردة متقوقعة على ذاتها في وحدتها الخاصة، بل يكون لهُ كيان جديد أي كنيسة بها أشخاص منفتحين بالمحبة بعضهم على بعض، ومتحدين بالإيمان الواحد الحي الحقيقي، وهذه ليست مسألة ننفعل بها وإنما حقيقة نحياها ونمارسها في كل الأوقات، حينما نتقابل في اجتماعاتنا، وفي ليتورجياتنا، وفي إفخارستياتنا وأيضاً في مخادعنا وفي كل أمور حياتنا

[ لذلك نحن أيضا إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله..

وماذا أقول أيضا لأنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان قهروا ممالك، صنعوا براً، نالوا مواعيد، سدوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، نجوا من حد السيف، تقووا من ضعف، صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء، أخذت نساء أمواتهن بقيامة، وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل، و آخرون تجربوا في هُزءٍ وجلد، ثم في قيود أيضاً وحبس، رجموا، نشروا، جربوا، ماتوا قتلا بالسيف، طافوا في جلود غنم وجلود معزى، مُعتازين، مكروبين، مُذلين، وهم لم يكن العالم مستحقا لهم، تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض، فهؤلاء كلهم مشهوداً لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد إذ سبق الله فنظر لنا شيئاً أفضل لكي لا يكملوا بدوننا ] (عبرانيين 12: 1-2، 11: 32-39)

____________________________

[1] طبعاً الكتاب المقدس ليس مجموعة شهادات فقط بل هوَّ أكثر بكثير من هذا هوّ في الأساس كلمة الله وتحمل أيضاً مجموعة شهادات لعمل الله.
[2] المقصود اتحدنا بجسد المسيح الحي فوق الزمان أي اتحادنا بجميع القديسين الذين يشتركون في الإيمان الواحد والمنضمين لجسم الكنيسة عبر الزمان والمكان.

[3] وهذا ما نختبره في صلاتنا وفي القداس إذ نشعر بحضور حقيقي لله بشخصه وجميع القديسين الذين يشاركوننا الصلاة.

[4] ليس المقصود أننا نتحول لله أو نقتحم الأقانيم- حاشا- بل المقصود هوَّ قبول دعوة الله القائمة على مبادرة حبه لنا إذ قد تجسد وجعلنا واحداً معهُ وأعطانا حق الاتحاد على أساس أنه منحة منه وعطية خاصة للبشر إذ قد أعطانا جسده ودمه مأكل ومشرب حق..
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:25 PM   رقم المشاركة : ( 14333 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بين الأصحاب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دِكّة واحدة في مدرسة جمعت بنتين
عليها اتعلّموا وعلِّموا بعض حاجات
واحدة قاعدة في الشمال والتانية في اليمين
و دكتنا كانت سامعاهم في كل الاوقات
دخلت ندى الفصل الصبح حزينه و مين يقرا حزن العيون غير القريبين للقلب؟!
قعدت جنب ريهام.. مفيش كلام غير السلام!!
ريهام:مالك يا ندى؟ شكلك مش عاجبنى النهارده؟
ندى(بعصبيه): تعبت خلاص مش قادرة استحمل أكتر من كده!
ريهام: احكيلي يمكن أقدر أريّحك
ندى: طول الليل وانا عمَّاله أفكَّر و اسأل نفسي: يا ترى هادخل كليه إيه؟ أدينى باذاكر كويس، لكن اللي خايفة منه بجد هو: يا ترى ربنا شايل لي أنهي تجربة في المستقبل؟!!
ريهام: تجربه و ربنا شايلها لك في المستقبل؟! جبتي الكلام ده منين؟!!
ندى: من اللي بيحصل حوالينا يا ريهام.. مش عارفة مين اللي ذاكر وفي الآخر مادخلش الكليه اللي كان بيحلم بيها.. فلان اللي اتفاجأ إنه جاله سرطان.. علان اللي أهله عملوا حادثة وفقدهم كلهم!! وغير كده أخبار صعبة كتير.. أنا مرعوبة من المستقبل يا ريهام.
ريهام: متستسلميش لأفكار الشيطان يا ندى.
قاطعتها ندى بشده: دي مش أفكار الشيطان.. دي حاجات بتحصل حوالينا، وجايز جدًا إنها تحصل لأي حد فينا!
الاستاذ دخل و الحصة ابتدت
لكن الاسئلة جوه ندى أبدًا ما انتهت.
خلص اليوم الدراسي زيه زي أي يوم..
ودَّعت ريهام ندى وهي بتقول لها: نتقابل بالليل في الاجتماع.
روَّحت ريهام بتفكَّر في ندى وفي أسئلتها
ملقتش قدام حيرتها
غير إنها ترفع صلاه:
يا رب ريَّح ندى وجاوب عليها.. إنت اللي خالقها.. إنت الإله
كان الاجتماع في اليوم ده غريب وتأثيره كان شديد
اصله ماكنش فيه وعظة لكن كان فيه ضيف جديد!
دخل على كرسيه المتحرك ومالي وشّه ابتسامة بخشوع
قال انا جاى احكي اختباري..ولما بدا.. غرقنا دموع
فقد ابنه الغالى في حادثة شنيعة
وهو اتصاب بالشلل في يوم و ليلة!
لكن الغريب في الامر كله هو سلامه..حبه لله..
إزاي بعد ده كله، الفرحة مالياه؟!
قال بوقار كلمات متتنسيش:
كلام الكتاب مش نظري يا حبايبي
وقت الأزمة إيده فعلاً بتسنِد.. بترفع.. بتعزّي
ياللي شايل هَمّ بكره: إوعى تتعِب روحك وتهتم..
ده مهما قابلك غم،
هو ليك راعي وبيقولك إرمي عليا أنا الهم.
مكانك فوق الكتاف
و لو دخلت في أتون
هاكون معاك إوعى تخاف
اصل البريه مش هي الغاية
ومهما تعبت فيها.. مش هي دي النهاية!
لحد ما نوصل للسما هو مسؤول عنا
وفوق فيها طول الوقت بيه هنتهنى
ولو قصر أو طال زمان غربتنا
فى السما في الآخر هتكون أبديتنا
بصت ندى لريهام والدموع في عنيها كانت الدليل
إن الرب مبيسيبش ولاده يتوهوا في ظلام أو ليل
روَّحت صاحبتنا وقعدت ترتب أفكارها
تزوِّد تشطب و تحذف، عاوزه تسترد سلامها
شغَّلت “الفلاش باك” وشافت الحزن في عنين المتكلِّم
لكن برغم التجربة كان مرفوع في عِزّ ما هوَّ متألم
بدأت تجدِّد ذهنها بآيات من الكتاب:
آيه بتقول:
«مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ» (٢كورنثوس٤: ٨).
وآيه تانية بتقول:
«أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مزمور٢٣: ٤).
هو معي
رنِّت جواها الكلمتين دول
لقيت فيهم الجواب اللي ريحها على طول
أصل السر طلع في تسليم الحال.. للى بيرعى بكمال قلبه وبمهاره إيديه هيوصلنى
نامت وهى بترنم زي الأطفال:
لأنك إنت معايا إيه بقى هايخوفنى؟!

 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:29 PM   رقم المشاركة : ( 14334 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ظهر صديقنا الشاب في المشهد وعلامات السرور على وجهه، وبدا أن عنده الكثير ليقوله لصديقه الشيخ، فاندفع بمنتهى الحماس قائلاً:
- الحقيقة أنني في منتهى السعادة لتلك العادة الجديدة التي اكتسبتها؛ عادة قراءة الكتاب المقدس بانتظام.
# أشعر أنا أيضًا بسعادة غامرة لحماسك لهذا الأمر.

- أستطيع أن أؤكد لك أنها سبب فائدة عظيمة، بدأت ألمسها في حياتي.
# هل يمكن أن تُعدِّد لي بعض هذه الفوائد؟!

- الفوائد كثيرة على كل حال، يكفي أن أقول لك إنه لقربي من كلمة الله أصبحت أجد أساسًا سليمًا أبني عليه قراراتي وأحكم به على تصرفاتي، وقد نتج عن ذلك تغير ملموس في حياتي للأفضل.
# أعتقد أن هذا ما كان يقصده مرنم المزمور حين قال: «بِمَ يزكّي الشاب طريقه؟ بحفظه إياه حسب كلامك» (مزمور119: 9).

- ونجاح هذه العادة في حياتي يدفعني لأن أسألك المزيد من الحديث عن العادات الروحية البنّاءة.
# عظيم! دعني أقدِّم لك عادة ثانية، لطالما أثّرت في حياة الكثير من المؤمنين.

- وما هي؟
# إنها عادة “التحدّث إلى الله”.

- تقصد: الصلاة.
# لا، ونعم!

- ماذا تقصد بلا ونعم في آن واحد؟
# ما أقصده أنني لا أعني الصلاة بالمفهوم المتداول بين الناس، مفهوم أنها فرض يؤدّى بطريقة معينة لمحاولة إرضاء الله، أو أنها مجرد كلمات أتلوها دون وعي أو دون أن تعني ما بداخلي محاولةً لإرضاء ضميري.

- وماذا تقصد بنعم؟
# إني يا صديقي أعني الصلاة بمفهومها الحقيقي كما هو مُعلَن في كلمة الله.

- وما هو هذا المفهوم؟
# هو الحديث الحي المتجدِّد مع الله. حديث يعبِّر عما بداخلي، وما أفكِّر فيه، وما يواجهني من صعاب، وما أحبه، وما أخشاه. حديث الصديق مع صاحبه، كما كان موسى يفعل (خروج33: 11). حديث نابع مما يحدث مني ومعي، حديث كل يوم غير الذي قبله.

- كيف يكون ذلك عمليًا؟
# إن الأمر يبدأ بأن أعرف أن الله يريد أن يسمعني أتحدث إليه. اسمعه وهو يقول بلغة رمزية جميلة: «يا حمامتي في محاجئ الصخر، في سِتر المعاقل، أريني وجهك أسمعيني صوتك؛ لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نشيد2: 14). فهو يستعذب حديث مؤمن حقيقي نابع من قلبه.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

- لأول مرة أرى الصلاة بهذا المفهوم: أن الله يريدنا أن نحادثه.
# بل إنه أحيانًا يعتب علينا أننا كثيرًا ما نتحدث مع الجميع إلاّ هو «الأصحاب يسمعون صوتك؛ فأسمعيني» (نشيد8: 13).

- أعتقد أنني بحق مقصِّر في هذا المجال.
# إذًا، هيا لتعوِّد نفسَك أن تتحدث معه في أي وقت وفي كل مكان.

- أي وقت؟! وأي مكان؟! كيف يمكن أن يكون هذا؟
# يا صديقي، إن الله يسمع حديث القلب الذي لا يمكن لآخر أن يسمعه؛ لذا يمكنك أن تحادثه في خلوتك، أو في سيرك، أو في المواصلات، أو حتى وأنت في وسط الناس. وهو لا يحتاج لأن تكون في مكان محدَّد؛ فهو دائمًا قريب منك أقرب مما تتصور.

- لقد بدأت أفهم كيف يمكن تطبيق القول: «ينبغي أن يُصلّى كل حين» (لوقا18: 1). لكني كثيرًا ما لا أجد مادة للحديث بيني وبينه، فهل أعطيتني بعض الأمثلة عن مادة حديثي معه؟
# احكِ معه عن ما يدور بداخلك بالتفصيل. فإذا كنت - مثلاً - متضايقًا، كلّمه عن سبب ضيقك وكل ما يضيق به صدرك. افعل مثل ذاك الذي قيل عنه: «مسكين إذا أعيا وسكب شكواه قدام الله» (مزمور102: 1).

- وإن كنت فَرِحًا.
# اخبره بما يفرحك. وارجع بالشكر له، أنه رتَّب لك الأمور وأسعد قلبك؛ فهو مصدر كل أفراحنا الحقيقي.

- وفي باقي أحوالي؟
# إن كنت مُقبلاً على تحدٍّ روحي، أو تخشى الوقوع، أو حتى سقطت بالفعل؛ استودع مخاوفك مع ضعفاتك بين يديه، واعترف له بتقصيراتك ونقصاتك، واطلب العون منه. إن لم تفهم جزءًا من الكتاب اسأله فيه. بل إن لم تفهم شيئًا ما في مذاكرتك أو عملك فاطلب منه الفهم. وإن كنت مقبلاً على قرار اسأله قبل أن تتخذه. وإن كلَّمك في عظة أو قراءة، فتجاوب مع كلامه وخذ قرارات بنعمته في محضره. وهكذا، شاركه كل ظروف حياتك.

- وهل من مادة أخرى للصلاة غير ظروفي وأموري.
# بالطبع.. هناك الآخرون. صلِّ من أجل ظروف أصدقاء وأقرباء ومعارف يجتازون ضيقًا. صلِّ من أجل أولئك الذين تعرفهم وهم لم يقبلوا المسيح مخلِّصًا بعد. صلِّ من أجل المؤمنين الذين تعرفهم لكي يزدادوا جميعًا في معرفة الرب. صلِّ من أجل اجتماعك. صلِّ من أجل خدام الرب الذين تعرفهم، ومن لتعرفهم، لكي يستخدمهم الرب بقوة. وكلمة الله توصينا أيضًا أن نصلي من أجل المسؤولين في البلاد (1تيموثاوس2: 1-3). بل الكتاب يعلمنا أيضًا «صلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم» (متى5: 44).

- وماذا أيضًا يمكنني أن أحادث الرب فيه؟
# الكثير يا صديقي. يمكنك مثلاً أن تعبِّر له عن إعجابك بخليقته عندما تنظر جمالاً فيها، وأن تعظِّمه إذ ترى الكون بروعته وهو خليقة يديه. تكلم معه في كل المجالات ولا تكف؛ إنه يحب أن يسمعك.

- لم أكن أعرف أن مجالات الحديث مع الله كثيرة هكذا.
# إذا، دعني أسألك: هل ما زلت لا تجد مادة لحديثك معه؟

- بل إني، والحال هكذا، أعتقد أن اليوم بطوله قد لا يكفي للحديث معه.
# إذًا هيا ابدأ هذه الحياة الممتعة، حياة الصلاة.- آمين، بنعمة الرب.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:33 PM   رقم المشاركة : ( 14335 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* كيف حالك؟ وما أخبار تطلعاتك الروحية؟
هكذا بدأ الشيخ حديثه مع الشاب صديقه، مشيرًا إلى ما سبقا وانتهيا عنده المرة السابقة. أجاب الشاب بحماس:
- أشكر الرب كثيرًا، فلقد تولَّدت بداخلي أشواق لأن أعرف الرب أكثر وألا أكتفي بالقليل الذي وصلت إليه. لقد أصبحت أتطلع إلى طلبة الرسول بولس «لأعرفه» (فيلبي 3: 10).

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* مجدًا للرب! إنها أشواق رائعة، وهي طلبة لا يُخزي الرب أصحابها!
-لذا أرجو أن تعطيني نصحك الرشيد وتوجِّه نظري إلى نقاط عملية تمكنني من تحقيق تلك الأشواق.

*يعجبني جدًا جدّيتك، وكونك تريد خطوات عملية ولا تكتفي بمجرد أمنيات فحسب.
أشكرك!
أعتقد أنه يمكنك بسهولة استنتاج أولى نصائحي في هذا الصدد.
-لعلك تقصد قراءة الكتاب المقدس.

*بالضبط. فإن أردت أن تعرف الله، فليس من وسيلة أفضل من كلمته التي يعلن هو فيها عن نفسه.
-إني أوافقك بشدة. لكن المشكلة عندي أني أتحمس في البداية، لكن يأتي وقت أفقد فيه هذا الحماس فلا أستمر. ثم تعود الأشواق فأتحمس من جديد... وهكذا يستمر الحال فلا أجد نتيجة لذلك بسبب تقطع القراءة.

*هل سمعت من قبل التعبير: ”قوة العادة“؟
-لست أفهم ماذا تقصد.

*أقصد أن هناك أمور كثيرة أنت قد اعتدت عليها، فأصبحت تفعلها بتلقائية دون أن تسأل نفسك هل تفعلها أم لا، وقلّما تتأثر العادة بالظروف. فأنت مثلاً اعتدت أن تصفِّف شعرك وتضبط ملابسك قبل أن تخرج من البيت، فتفعل ذلك إن كنت في عجلة من أمرك أو إن لم تكن، صيفًا أو شتاءً، في أيام النزهة كما في أيام الامتحانات، وأنت مسرور أو غير ذلك. ويقولون إن ”الإنسان أسير عاداته“ فطوبى لمن كانت عاداته حميدة كالتأمل في كلمة الله.
-هذا صحيح، لكن كيف تتكون عندي هذه العادة الجميلة؟!

*من الثابت علميًا أن العادة اليومية تتكون عند الإنسان إذا داوم على فعل شيء ما لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا، فيصبح من عاداته. فالأمر إذًا ممكن. صمم على أن تفعل ذلك لهذه المدة البسيطة فستتكون عندك هذه العادة.
-وهل ترى أن هذا ممكن بسهولة؟!

*يا عزيزي أنت تفعل ذلك في أمور كثيرة. أنت تلزم نفسك بالدراسة إذا اقترب الامتحان وكنت تريد أن تنجح فيه، وتلزم نفسك بالذهاب لصالة الرياضة لتنمي عضلاتك إن كانت هذه رغبتك، بل وتلزم نفسك ببعض الأمور التي لا نفع من ورائها كالجلوس بالساعات أمام الكمبيوتر لتلعب الألعاب لمجرد أن تجاري أصدقاءك في ذلك!! إذًا فأيّ عادة أنت مقتنع بأهميتها والدافع لها متوفر يمكنك أن تفعلها.
-كلامك يبدو مقنعًا. فكيف أبدأ إذًا؟!

*ابدأ باختيار موعد مناسب لدراسة الكتاب والتأمل فيه.
-وهل يجب أن يكون هذا الوقت في الصباح الباكر؟!

*بالطبع هو شيء جميل أن تبدأ يومك بلقاء الرب في كلمته ولو بقراءة أعداد بسيطة. لكني أقصد بالوقت المناسب الوقت الذي يكون ذهنك فيه صاحيًا ولست في عجلة من أمرك. قد يكون هو وقت الصباح الباكر، أو قبل استذكار المساء أو أي وقت آخر. المهم هو التركيز والصحو.
-أعتقد أنه يمكنني أن أحدد الموعد ببساطة بناء على كلامك هذا.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

*وكن عمليًا وابدأ بمدة محدودة، ولتكن ربع الساعة مثلاً، ثم زِد منها تدريجيًا، فليس المهم تحقيق أرقام قياسية في البداية، لكن المهم الاستمرارية كما اتفقنا.
-كلام منطقي. وهل من نصيحة عملية أخرى؟

*نعم. اهتم بـ”كيف تقرأ“ وليس بـ”كم تقرأ“.
-ماذا تقصد؟

*قد يأخذك الحماس فتهتم كثيرًا بعدد الإصحاحات التي تقرأها في المرة الواحدة، وتفرح جدًا إذا قرأت ثلاثة أو أربعة إصحاحات، مع أن هذا قد لا يعود عليك بنفع يذكر.
-فما المطلوب إذًا.

*المطلوب التركيز، والاهتمام بأن تخرج بأكبر فائدة روحية ممكنة من الجزء الذي تقرأه، وإن كان جزءًا من إصحاح. ابحث بنفسك عن الفائدة وجِدَّ في أثرها.
-وما هي الفائدة التي أبحث عنها.

*أن الفوائد كثيرة على كل حال: أمر جديد تعرفه عن الرب ومحبته وصفاته، مصدر من مصادر القوة الروحية، خطية تجتنبها في حياتك، وصية أهملتها أو ربما لم تعرفها من قبل، وعد من الرب يشجعك، دروس من شخصية تقرأ عنها، طلبة تطلبها لنفسك أو لآخرين.
-واضح أن الفوائد كثيرة كما ذكرت.

*وعلى قدر أشواقك على قدر ما سيتجاوب الرب معك ويعطيك أكثر. وهكذا ستتلذذ بتلك العادة الرائعة: التأمل ودرس كلمة الله، فتتأصل فيك أكثر، وتنمو أنت بها كثيرًا وتزداد قربًا من إله الكلمة.
-إني بحق أتوق أن تنغرس فيَّ هذه العادة.

*سأشاركك الصلاة إذًا أن يفعل الرب.
-وهل من عادات أخرى تساعدني على معرفة الرب؟!لا تتعجل! ابدأ بما تكلكمنا فيه الآن، ولنا لقاء قريب إن تأنى الرب في مجيئه.
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:35 PM   رقم المشاركة : ( 14336 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التقى صديقانا من جديد ليكملا حديثهما، وبادر الشاب صديقه الشيخ بالقول:
* عندي لك أخبار طيبة.
- هات ما عندك يا صديق.

* أشعر بتحسن كبير في علاقتي بالرب. فبعد أن تعلّمت أن أبذل جهدًا في درس الكتاب والصلاة، وكذا تحذرت مما يعرضه العالم، وتعوّدت أن أفحص نفسي في محضر الله ليشير على أية خطية في حياتي لأتوب عنها توبة حقيقية؛ هذه الأمور أدّت إلى تحسن كبير في حياتي الروحية.
- هذا أمر جميل جدًا.

* على أني لست أشعر بالاكتفاء، بل أعتقد أن هناك ما هو أفضل من ذلك.
- وهذا أمر أجمل من الأول.

* ماذا تقصد؟!
- أقصد أن الطموح الروحي لحياة أفضل لمجد الرب ولشركة أعمق معه، ومعرفة أكثر للمكتوب، وعمق أكثر للصلاة؛ هو أمر رائع. فعكسه؛ أي عدم وجود طموحات روحية هو من أسباب الفتور الروحي.

* هل أٌزعجك إذا طلبت بعض الإيضاح؟!
- لا بالطبع بل يسعدني.

* إذًا تفضَّل بذلك.
- إن ما يخلق الاجتهاد والتدقيق في حياتي ويكسبها حرارة حقيقية هو أن يكون عندي طموح لأحقِّقه، أهداف سامية أسعى إليها. فأنت إن خرجت للشارع دون هدف فستسير على غير هدى بغير حماس. أما إن خرجت وعندك هدف تريد تتميمه فسيمتلئ يومك حرارة ودفء.

* مضبوط.
- والرسول بولس يوضِّح هذا الأمر بمثال من الرياضة. اسمعه، وهو يشير إلى المتسابقين في مضمار الجري فيقول: «ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون؟». ويوضِّح لنا السبب: أن كل واحد عنده الطموح أن يكون هو الذي ينطبق عليه القول «ولكنَّ واحدًا يأخذ الجعالة (الجائزة)» (1كورنثوس9:24،25). ترى ماذا يفعل هذا الطموح في السباق؟!
بالتأكيد سيُكسب السباق حرارته.
وتخـيَّل لو كنت تلعب الكرة دون وجود مرمى (كما كانت في أول عهدها) فما الذي سيدفعك لبذل الجهد إذ كنت لن تسجِّل أهدافًا؟!

* أعتقد أنها ستكون مباراة دون حماس. أي فاترة.
- تمام.
ثم يتحول الرسول بولس من الرياضة إلى المؤمنين محرِّضًا «هكذا اركضوا لكي تنالوا». ويفارق بين الوضع في الرياضة والوضع الروحي بالقول «أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأما نحن فإكليلاً لا يفنى». وقد كان بولس تطبيقًا عمليًا على هذا. لقد كان شعار حياته «أسعى نحو الغرض (الهدف)»، ولذلك كان يحسب كل الأشياء خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع، ليعرفه (فيلبي3:7-15). وإذ كان يحسب نفسه «ليس أني قد نِلت أو صرتُ كاملاً، ولكني أسعى...» فاستمر في التقدم الروحي.

*وبالطبع هذا ما أكسبه حرارة روحية.
-أكيد. لقد وصل به إلى أن قال «لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله» (أعمال20:24).

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

*لكن ما الذي يجعل الإنسان في مثل هذه الحالة: بلا طموح روحي.
-أعتقد أن أحد الأسباب هو أننا لا ندرك ما يمكن أن نصل إليه إن ارتقت رغباتنا الروحية. ذهب يوآش الملك يومًا إلى أليشع النبي وهو على فراش مرضه، وبعد أن أراه بمثال عملي أن الرب سيخلِّصه، بأن رمى سهامًا قائلاً: «سهم خلاص للرب وسهم خلاص من أرام... ثم قال خذ السهام. فأخذها. ثم قال لملك إسرائيل: ”اضرب على الأرض“. فضرب ثلاث مرّات ووقف. فغضب عليه رجل الله، وقال: ”لو ضربت خمس أو ست مرّات حينئذ ضربت آرام إلى الفناء. وأما الآن فإنك إنما تضرب آرام ثلاث مرات» (2ملوك 13:17-19). فلو أدرك الملك ذلك، لأزاد طموحه ففاز بالنصر الكامل على العدو.
لقد خسر الكثير بالحق.
للأسف هذا يحدث مع الكثيرين. لقد أرسل الله النبي أليشع إلى آحاز الملك قائلاً: «عمِّق طلبك أو رفِّعه إلى فوق. فقال آحاز: لا أطلب ولا أجرِّب الرب». فكان رد النبي: «هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا إلهي أيضًا؟» (إشعياء7:11-13) معلنًا أن هذا الأمر، إذ يعبِّر عن عدم تقدير لأمور الله، فقد أحزن قلبه.

*وهل هذا فعلاً سبب حزن لقلب الله؟!
-بكل تأكيد أنه أمر يحزن قلب الله أن لا نتجاوب مع رغبته في أن نطلب، فهو يريدنا أن نفعل ذلك ليعلن هو حبه لنا (يوحنا16:23-27).


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

*وهل من أسباب أخرى لهذه الحالة؟!
-أعتقد أن ارتباكنا بطموحات كثيرة في الزمان: مال، مركز، شهرة، مأكل، ملبس، نجاح، مستقبل؛ كل هذه تعطِّل طموحاتنا الروحية. والرب يريدنا أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره، أي يكون ذلك هو طموحنا ورغبتنا الصادقة، أما القائمة السابقة فالله سيزيدنا إياها على مبدإ كرمه فحسب (متى6:33).

*إن الأمر صعب!
-لكن نعمة الله قادرة أن تفعل ذلك فينا.

*صحيح!
-صلِّ طالبًا أن يجعل الرب أموره غالية على قلبك، فتتولد في داخلك أهداف وطموحات روحية سامية تحيا من أجلها، فتعيش حياة سامية.

وشاركني أنت أيضًا الصلاة.
أعدك أن أفعل بنعمة الرب.
إذًا، فإلى لقاء.

 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:37 PM   رقم المشاركة : ( 14337 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* أين كنت يا صديقي كل هذا الغياب؟ لقد اشتقت إلى رؤياك. هكذا بدأ الشيخ الحديث مع صديقه الشاب العزيز على قلبه.
-بل أنا بالحري اشتقت أكثر إليك وإلى أحاديثك ونُصحك.
*طمئنني على أخبارك.
-أشكر الله كثيرًا، لقد تقدّمت أموري جدًا، والحقيقة أني استفدت كثيرًا من حديثنا السابق بصفة خاصة، ومن وقتها ما زلت أحاول، كتطبيق له، أن أتعلم الاجتهاد في أموري الروحية.
*يسعدني كثيرًا أنك تحذَّرت من الكسل واستفدت من حديث المرة الفائتة، على أني أرجو ألا تكون قد نسيت، بسبب مرور الوقت، أحاديثنا الأسبق عن مغريات العالم وأثرها في الفتور الروحي.
-بالطبع لم أنسَ، بل إنني أود أيضًا إن أزدتني مما عندك عن أسباب الفتور الروحي.
*دعني أعبِّر أولاً عن شكري للرب من أجل اهتمامك الحثيث بعلاقتك بالرب، فهذه هي البداية الصحيحة التي تضمن حياة صحيحة على الدوام.
-اشكرك! وانتظر المزيد من النصح.
*دعني للتوضيح أشبِّه الصحة الروحية بالصحة الجسمانية. فأنت عندما تكون في صحة، تكون منطلقًا، تشعر بالنشاط، وتؤدّي مهامك، كما وتتعذى بشهية.
-صحيح!
*ولكن إذا جاءك أحد مسببات المرض، فيروس أو ميكروب أو أي سبب آخر، ستجد الحال وقد تبدَّل، ستشعر بالتعب سريعًا ولن يمكنك أن تفعل كل ما تريد، وستفقد شهيتك أيضًا.
-إذًا، فأنت تريد أن تشبّه الفتور الروحي بالمرض الجسدي.
*نعم.
-وما هو الميكروب أو الفيروس الروحي.
*هو، بمنتهى البساطة، الخطية غير المُعترَفِ بها.
-وضِّح لي أكثر.
*أنت تعلم يا عزيزي أن الشركة مع الله، الوجود في محضره، فهم ما يريد أن يقوله من المكتوب، وأن تفتح قلبك أمامه بالصلاة؛ هذا ما يؤدّي إلى حياة روحية صحيحة.
-أوافقك.
*ولأن الله قدّوس فلا يمكن أن يكون في شركة مع الخطية (1يوحنا1: 6).
-كلام منطقي.
*وهكذا فإن الخطية كفيلة أن تقطع الشركة بيني وبين الله، فتؤدي إلى حالة الفتور الروحي.
-وهل تعتقد أن هناك مؤمن يمكن أن يحفظ نفسه فلا يسقط في أي خطية؟!
*لاحظ أنني قُلت: ”الخطية غير المعترف بها“.
-لا أفهم ما تعني.
*إن المشكلة ليست في أن أزلّ في خطية، فالمسيح الشفيع والراعي كفيل بأن يسوّيها وأن يرد نفسي. لكن المشكلة في السكوت على الخطية. مرة أخطأ داود، وسَكتَ على خطئه، واسمع ماذا قال وقتها كما نقرأه في مزمور32 «لما سكت (على الخطية) بَليت (نشفت) عظامي (أي بلغتنا فتُرَت حالته) من زفيري (علامة الحزن والاكتئاب) اليوم كله». لكنه لما اتخذ الاتجاه الصحيح «اعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قُلتُ: أعترف للرب بذنبي، وأنت رفعت آثام خطيتي»، نراه سريعًا يتحول إلى حاله الأصلي من الفرح والسرور بل ويناشد الجميع أن يفرحوا معه «افرحوا بالرب وابتهجوا يا أيها الصدّيقون واهتفوا يا جميع المستقيمي القلوب».

-إني بالفعل أتذكر قصة داود هذه وتبعاتها.
*واسمعه أيضًا يناجي الرب في مزمور51 «رُدَّ لي بهجة خلاصك»؛ فلقد فقد حلاوة العيشة معه. لكن إذ يعترف بذنبه ويطلب من الرب قلبًا نقيًا، فإن الرب يقوده إلى أن يقول «فعلِّم الأثَـمة طرقك... يا رب افتح شفتيّ فيخبر فمي بتسبيحك»؛ أي إنه عاد يرنّم ويخبِر عن الرب. لقد تعلم هذه الحقيقة «إن راعيت إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب» (مزمور66: 18).
-واضح جدًا أن الخطية سبب قوي للضعف الروحي.
*لذا فمن الأفضل أن نتحفَّظ لطرقنا حتى لا نخطئ، حتى لا نفقد بهجة الخلاص أو تتحول رطوبتنا إلى يبوسة القيظ (الحر الشديد).
-وكذلك عليَّ أن أفحص نفسي لأعرف أن كنت قد فعلت خطية، أو ما زلت أفعلها، وهذه الخطية لا بد أن تعوقني عن الفرح بالرب والانطلاق الروحي.
*وساعتها اعترف بهذه الخطية فورًا، بتوبة حقيقية، ورغبة صادقة في عدم العودة لها. وستتمتع عندئذ بقيمة القول «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا من كل إثم» (1يوحنا1: 9). وستسترد فرحتك بالرب ووضعك الروحي السليم.
-أعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد للعودة.
*لكني أيضًا أحذّرك من شيء.
-ما هو!!
*في بعض الأحيان نسهو وننسى خطية فعلناها، أو ربما نفعلها دون أن ندري، كما يقول داود أيضًا: «السهوات من يشعر بها. من الخطايا المستترة أبرئني» (مزمور19: 12).
-يا له من وضع صعب!! بالتأكيد أن مثل هذه الخطايا ليس بالقليل! وهل هذه أيضًا تعوق الشركة؟!
*نعم بالتأكيد، فلا تنس أن الله قدوس كما قلنا.
-وماذا أفعل إزاء هذا الأمر؟!
*لتكن صلاتك كصلاة داود كذلك: «اختبرني يالله، واعرف قلبي. امتحني، واعرف افكاري. وانظر إن كان فيَّ طريق باطل، واهدني طريقًا أبديًا» (مزمور139: 23، 24).
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:40 PM   رقم المشاركة : ( 14338 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشوق وشغف أتى الشاب إلى صديقه الشيخ متلهِفًا لإكمال حديثهما الممتد الذي بدأه الشاب بسبب شعوره بالفتور الروحي. وإذ التقى الشاب بصديقه قال:

* أحاديثنا في المرات السابقة عن موضوع الفتور الروحي أثّرت كثيرًا في حياتي عمليًا.

- أشكر الرب كثيرًا على هذا.

* وهذا ما يدفعني للاستزادة.

- بكل سرور يا صديقي.

* لقد فهمت من المرات السابقة تأثير ما يعرضه العالم من بضائع على فتور حياتي الروحية. وسؤالي هو: هل هناك أسباب أخرى تؤدّي إلى هذه الحالة البغيضة؟

- بكل تأكيد، هناك أسباب أخرى.

* هل تتكرم بأن توضِّح لي؟

- واحد من أهم الأسباب، في وجهة نظري، هو الكسل.


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


* الكسل! كيف؟!

- اقرأ لي - إذا تكرّمت - قول سليمان الحكيم في أمثال 13: 4.

* «نفس الكسلان تشتهي ولا شيء لها، ونفس المجتهدين تسمن».

- الحكيم هنا يقول إن الكسول يشتهي، وقد تكون شهوته هذه طيبة بل ومطلوبة، مثل أن ينمو روحيًا أو أن يخدم الرب؛ لكنه بسبب كسله لا يجد شيئًا مما يشتهيه.

* أوضح لي - من فضلك - كيف يتسبب الكسل في هذا.

- يا عزيزي.. إن أمور الله كلها تحتاج إلى نشاط واجتهاد لتتمتع بها.

* أرجو أن تعطيني نقاطًا عملية تزيد الأمور وضوحًا.

- دعنا نأخذ قراءة الكتاب المقدس كمثال. لتستطيع أن تحصِّل منها، فعليك أن تصرف وقتًا فيها قارئًا ومتأملاً ودارسًا لتخرج بالفائدة المرجوة (انظر أعمال17: 11). لكننا نجد بعضًا يقول إنه لا يجد وقتًا لذلك، في حين أنه يقضي الساعات الطوال في سريره نائمًا أكثر من حاجته كثيرًا.

* للصدق، هذا صحيح.

- ثم إنه، لزيادة الفائدة من كلمة الله، لا بد وأن أجول فيها بحثًا عن موضوع ما يهمني، أو لربط الآيات بعضها ببعض للمزيد من الفائدة؛ وبالطبع ليس هذا منهج الكسلان الذي يرجو أن يأتيه كل شيء، كما يقولون: “على الجاهز”. وفي هذا يصدق قول الحكيم «الكسلان يخفي يده في الصحفة (يضع يده في صحن الطعام) وأيضا إلى فمه لا يردها» (أمثال19: 24). لقد كان الطعام في قبضة يده، لكنه لم يستفِد به بسبب الكسل الذي منعه من أن يرد يده إلى فمه حاملة الغذاء!!

* يا للغرابة!!

- كما أنه قد تعترضني بعض الصعوبات في الفهم؛ هذه الصعوبات تتطلب أن أبذل جهدًا للبحث عن حلٍّ لها، سواء بالبحث عن مراجع من كتب أو تسجيلات، أو سؤال مؤمنين ناضجين. لكن المؤمن الكسول يفضِّل أن يتجنب هذه الأجزاء راغبًا في الطريق الأكثر راحة. وهكذا يفقد فائدة من فوائد كلمة الله. وبتكرار الأمر يجد أن ما يعرفه عن الكتاب أصبح محدودًا وأنه يدور في فَلَكِ جزء صغير منه، مع أننا نعلم أن «كل الكتاب (كما أنه) موحى به من الله (فكله أيضًا) نافع للتعليم». وبإهماله وكسله يحرم نفسه من باقي الآية أن «يكون إنسان الله كاملاً متأهِّبًا لكل عمل صالح» (2تيموثاوس3: 16، 17).

* هل ينطبق هذا على فهم كلمة الله فقط؟!

- هكذا الحال أيضًا مع الصلاة، فهي تحتاج إلى وقت وجهد لا يقبلهما الكسلان (انظر مثلاً: رومية15: 30؛ كولوسي4: 12). وكذا الحال مع سائر الأمور الروحية كحياة التقوى (2بطرس 1: 5-9؛ 3: 14؛ 2تيموثاوس 2: 15)، وبالطبع الخدمة (عزرا 7: 23؛ كولوسي2: 1؛ 1تسالونيكي2: 2).

* ما أسوأ الكسل إذًا!

- دعني أعطيك صورة توضِّح نتيجة الكسل على الحياة الروحية من سفر نشيد الأنشاد. فنحن نجد العروس (وفيها يمكننا أن نرى صورة لمؤمن) وهي تتحدث عن الحبيب (وهو صورة للرب يسوع) بأحلى الكلمات؛ لكننا نفاجأ بواقعة غريبة، إذ نسمعها، إزاء رغبته في الشركة، تقول: «أنا نائمة (صورة للكسل) وقلبي مستيقظ (أي رغم وجود الأشواق في قلبها)». ومع أن «صوت حبيبي قارعًا»، إلا أن الكسل يختلق في داخلها الأعذار الواهية: «قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه؟ قد غسلت رجليّ فكيف أوسِّخهما؟». فكانت النتيجة المُرّة: «لكن حبيبي تحوَّل وعَبَرَ (لقد فقدت حلاوة الشركة معه)» (نشيد5: 2-6). وبكل أسف يتكرر الأمر نفسه مع الكثير من المؤمنين إذ يستسلمون للكسل فتضعف شركتهم فيصابون بالفتور.

* لم أكن أتوقع أن الكسل يؤثِّر على الحياة الروحية بهذا المقدار!

- دعني أضيف أيضًا من كلام الحكيم: «عبرتُ بحقل الكسلان وبكرم الرجل الناقص الفهم؛ فإذا هو قد علاه كله القريص وقد غطّى العوسج وجهه (القريص والعوسج من النباتات الشوكية المضرّة وتنتج بسبب إهمال تنقية الحقل)، وجدار حجارته انهدم. ثم نظرت ووجَّهت قلبي، رأيت وقبلت تعليمًا (وليتنا نقبل جميعًا هذا التعليم): نوم قليل بعد نعاس قليل(!!) وطيّ اليدين قليلاً للرقود؛ فيأتي فَقرُك كعدّاءٍ وعوزك (احتياجك الشديد) كغازٍ» (أمثال24: 30-34). ومن هنا نفهم أن الكسل، وهو عكس اليقظة والسهر الروحيين، يؤدّي إلى نمو أشياء ضارة بالحياة، فتخنق كل ما هو نافع روحيًا في الحياة، مما يقود بالتدريج إلى حالة الفتور المؤسفة.

* فما هي نصيحتك إذًا؟!
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

- هي نصيحة الحكيم: «اذهب إلى النملة (وهي صورة بديعة للنشاط والمثابرة والاستمرار) أيها الكسلان. تأمَّل طُرقها وكُن حكيمًا (ونحن نحتاج جميعًا إلى مثل هذا التحريض)... (وكذا للتحذيروجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة إلى متى تنام أيها الكسلان؟ متى تنهض من نومك؟ (ومرة أخرى نسمع القولوجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة قليل نوم بعد قليل نعاس وطيّ اليدين قليلاً للرقود؛ فيأتي فقرك كساع ٍوعوزك كغازٍ» (أمثال6: 6-11).


* إذن لننفض غبار الكسل، ولنجتهد في الأمور الروحية فترتقي الحياة.

- هذه صلاتي من أجلك يا صديقي.

 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:43 PM   رقم المشاركة : ( 14339 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بيني وبينك

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
جلس الشيخ ووجهه يمتلئ بِشْرًا متهلّلاً بلقاء صديقه الشاب بعد فراق طال أمده، وبادر بالحديث قائلاً:
إيهٍ يا صاحبي؛ أخبرني أين غبت عني؟
صدّقني لست أدري! لكن الوقت مني يجري.
عمومًا يسعدني أن أقابلك من جديد.
وأنا يسعدني أكثر، لا سيما أني في حاجة أن أتحدَّث إليك.
كلي آذان مصغية يا صاحب.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة لعلك تعلم أني عندما قَبِلت الربَّ مخلِّصًا شخصيًا لي، منذ زمن، أحببت الرب وأحببت أموره؛ كالكتاب المقدس والصلاة وحضور الاجتماعات، وكنت ملتهبًا في التمتع بهذه الأمور الرائعة. ولكني الآن، بعد مرور الوقت فترت رغبتي في هذه الأمور. أنا لا أقصد أني لم أعُد أحبها، بل أقصد أنني لست بنفس الحماسة من جهتها. وهذا الأمر يضايقني كثيرًا.
أولاً أود أن أعبر عن إعجابي بتشخيصك للحالة؛ فهو دقيق وموضوعي كما هو عهدي بك. وكذلك أحب أن أقول أني سعيد بتضايقك هذا!
هل يسعدك أني متضايق؟!
لست أبغي لك الضيق بكل تأكيد، بل أقصد أن شعورك بالضيق من هذه الحالة هو أمر صحي؛ فالطبيعة الجديدة بداخلك ترفض أن تعيش في هذا الوضع غير السليم، وهذا يقودك للبحث عن حل لإصلاح الحال بدلاً من أن تقبع في مكانك في هذه الحالة.
فهل يمكنك إذًا مساعدتي؟
أعدك بأن أحاول قدر استطاعتي، متكلين معًا على الرب الذي عنده دائمًا الإجابة لما يدور بداخلنا من تساؤلات.
أرجوك اشرح لي إذًا ما الذي يحدث بداخلي.
دعني ألتقط كلمة من حديثك أوضِّح لك بها شيئًا هامًا.
وما هي؟
كلمة “فتُرت”. فأنت إذًا تعاني من حالة فتور.
أعتقد ذلك.
هل تساعدني بتعريف كلمة “فاتر”.
اعتقد أنه الشيء الذي هو ليس ساخن جدًا ولا بارد جدًا؛ هو شيء في الوسط.
صحيح. وهذا يقرّبنا لتشخيص الوضع.
كيف؟
دعنا نأخذ مثالاً. في حوض غسيل لدينا صنبور يوصل ماءً ساخنًا، وآخر يوصل ماءً باردًا؛ فإذا أردنا ماءً فاترًا فماذا علينا أن نفعل؟
نخلط بعض الماء الساخن بالبارد.
تمام. وهذا ينطبق على حياتنا.
كيف؟
في حياتنا مصادر للالتهاب الروحي، تنعش الحياة وتبعث فيها القوة.
أكيد تقصد دراسة كلمة الله وأوقات الصلاة.
نعم، وكذا عِشرة المؤمنين وحضور الاجتماعات والأهداف الروحية السامية وكل ما نتعلمه في محضر الله.
جميل. هذا يمثِّل صنبور الماء الساخن. وماذا عن البارد؟!
إنها أمور أخرى موجودة في حياتنا أيضًا. هي في حد ذاتها ليست بالضرورة مُضِرّة أو خطية، كما هو الحال مع قليل من الماء البارد في خلطة الماء لن يُلحَظ له أثرًا، لكن الكثير منها يؤدي إلى فتور الحال.
أعطني أمثلة إذا تكرّمت.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لنأخذ مثلاً التسليات البريئة كممارسة رياضة مثل كرة القدم، أو الخروج للنزهة مع بعض الأصدقاء المؤمنين، أو الاستخدام السليم للكمبيوتر بعض الوقت؛ كل هذه إن وضعنا لها حدودها المناسبة فلن تؤثِّر على حالتنا الروحية. لكن تخيّل لو تحولت كرة القدم لتأخذ المركز الأول في حياتي، فأصبح كل ما أفكر فيه كيف أسدد بين “الثلاث الخشبات” وأنتزع إعجاب الآخرين لمهارتي في كرة القدم، وهكذا أصبحت أبحث عن كل ما ينمي مهاراتي فيها لأصرف فيه وقتًا، وقادني ذلك لمعاشرات ردية ولجلسات طويلة أمام أجهزة التلفاز للبحث عن المباريات المذاعة وما يتبعها من مشاهدات أخرى؛ هل تُرى يتبقى عندي اهتمام أولّيه للأمور الروحية؟
أعتقد لا.
وإن استهلكَت النزهات طاقاتي وجهدي ومواردي، أو إذا امتلك الكمبيوتر وقتي وسرق ساعات وساعات من يومي؛ فماذا يتبقى لي لأوجِّهه للاهتمام بأمور الله؟
القليل جدًا بالتأكيد.
وإن انشغلت كثيرًا بالأمور التافهة مثل “رنات الموبايل”، وإرسال الرسائل القصيرة من خلاله، والبريد الإلكتروني، ومواقع الثرثرة التي يسمونها “دردشة”، وقضاء الساعات أمام المرآة لتسريحة شعر جديدة أو مظهر “روش” للملابس، أو... أو...؛ هل تُرى تتوقع بعد ذلك أن يبقى عندي وقت أو طاقة لتلتهب حياتي بأمور الله؟
بالطبع لا.
وهكذا يا صديقي، بالإفراط في هذه الأمور، والاهتمام المبالَغ فيها، نحن نخلط الماء البارد، بل قُل أحيانًا المثلَّج، بمصادر الحرارة الروحية في حياتنا، فتكون النتيجة الحتمية هي الفتور ولا شك. وكلما زادت هذه الأمور في حياتي كلما ازداد الفتور إلى أن يتحول إلى برود وبلادة روحية!
هل تصدّقني إن قلت لك أنها أول مرة أفكر في الأمور بهذه الطريقة؟
إذًا عِدني بأن تفكِّر جيدًا في هذا الأمر مَليًّا، وحدِّد في محضر الله الأمور الباردة التي تختلط بمنابع الحرارة في حياتك فتسبب لك الفتور، وصلِّ متكلاً على نعمته لتتخلص من سطوتها وتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
أعدك بذلك. لكن هل هذا كل ما بالموضوع؟
بالطبع لا، فلحديثنا بقية يا صديقي.
فإلى لقاء قريب بمشيئة الرب.
 
قديم 17 - 09 - 2016, 07:45 PM   رقم المشاركة : ( 14340 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سيدي فى روعته كان بيقول

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. (مت٥: ٢١-٢٢)
والدرس اللى لمع فى فكري دلوقت
بدل ما ننقد فى معتقدات الاخرين طيب خلينا نجيب لهم جديد
سيدي كان بيقول قيل
اما ان فأقول
يعنى جاب لهم الجديد ... غير اللى عارفينه وفيه الدوا ليهم
هل عندك جديد ومفيد قوله ولو معندكش ... سيب الناس فى حالها لغاية ما ربنا فى رحمته ومحبته يبعت لهم اللى يفيدهم
طيب أنا غيور وعاوز أفيد الناس
صلى الرب يقودك لفائدة الناس مش للمهاجمة وبس .
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025