12 - 05 - 2012, 12:19 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
حياة التواضع والوداعة32
الوداعة لا تتعارض مع الشجاعة والشهامة
السبت 21 يناير 2012
الوداعة هي الطيبة واللطف والهدوء,ولكن لايصح أن تفهم فهما خاطئا وكأن الوديع يبقي بلا شخصية ولا فاعلية ,ويصبح كجثة هامدة لاتتحرك!!بل قد يصير هزأة يلهو بها الناس!!.
وبالفهم الخاطيء يتحول هذا الوديعإلي إنسان خامل لايتدخل في شيء!
الوداعة هي الطيبة واللطف والهدوء,ولكن لايصح أن تفهم فهما خاطئا وكأن الوديع يبقي بلا شخصية ولا فاعلية ,ويصبح كجثة هامدة لاتتحرك!!بل قد يصير هزأة يلهو بها الناس!!.
وبالفهم الخاطيء يتحول هذا الوديعإلي إنسان خامل لايتدخل في شيء!
كلا.هذا كلام غير مقبول لايتفق مع تعليم الكتاب ويفقد الوداعة صفتها كفضيلة ولايتفق مع سير الآباء والأنبياء.
حقا إن الإنسان الوديع هو شخص طيب وهاديء ولكن هذا هو نصف الحقيقة أما النصف الآخر فهو أن الوداعة ليست منفصلة أو متعارضة مع باقي الفضائل كالشهامة مثلا أو الشجاعة.
وإنما لكل شيء تحت السموات وقتكما يقول الكتابجا3:1.
نعم,هكذا يعلمنا الكتاب:للغرس وقت ولقلع المغروس وقت...للسكوت وقت,وللتكلم وقتجا3:7,2هكذا أيضا بالنسبة إلي الوديع:يعرف متي يهدأ ومتي ينفعل؟متي يصمت ومتي يتدخل؟
ولقد سئل القديس الأنبا أنطونيوس الكبير مرة عن أعظم الفضائل:هل الصلاة أم الصوم أو الصمت...؟
فأجاب أن أهم فضيلة هي الإفراز:أي الحكمة في التصرف أو تمييز ما ينبغي أن يعمل.
الطيبة هي الطبع السائد عند الوديع ولكن عندما يدعوه الموقف إلي الشهامة أو الشجاعة أو الشهادة للحق,فلا يجوز له أن يمتنع عن ذلك بحجة التمسك بالوداعة...!
لأنه لو فعل ذلك وامتنع عن التحرك نحو الموقف الشجاع لاتكون وداعته حقيقية إنما تصير رخاوة في الطبع,وعدم فهم للوداعة بل عدم فهم للروحانية بصفة عامة فالروحانية ليست تمسكا بفضيلة واحدة تلغي معها باقي الفضائل إنما الروحانية هي كل الفضائل معا,متجانسة ومتعاونة في جو من التكامل وأمامنا أمثلة كثيرة من الكتاب في مقدمتها السيد المسيح له المجد.
السيد المسيح
كان وديعا ومتواضع القلبمت11:29قصبة مرضوضة لايقصف وفتيلة مدخنة لايطفيءمت12:20..ومع ذلك:
فإنه لما رأي اليهود قد دنسوا الهيكل وهم يبيعون فيه ويشترون أخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام,وقال لهم:مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي وأنتم جعلتموه مغارة لصوصمت21:13,12يو2:14-16.
أكان ممكنا للمسيح-باسم الوداعة-أن يتركهم يجعلون بيت الآب بيتا للتجارة؟!أم إنه مزج الوداعة بالغيرة المقدسة كما فعل.فتذكر تلاميذه إنه مكتوب:غيرة بيتك أكلتنييو2:17,16.
وكما قام السيد المسيح بتطهير الهيكل هكذا وبخ الكتبة والفريسيين.
حقالكل أمر تحت السموات وقتللهدوء وقت وللغيرة المقدسة وقت.للسكوت وقت,وللتعليم وقت وقد كان الكتبة والفريسيون يضلون الناس بتعليمهم الخاطيء فكان علي المعلم الأعظم أن يكشفهم للناس ولايبقيهم جالسين علي كرسي موسي في المجتمع المسيحي الجديد فقال لهمويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولاتدعون الداخلين يدخلونمت23:13.
هل كان ممكنا-باسم الوداعة-أن يتركهم يغلقون أبواب الملكوت؟!
الوداعة فضيلة عظيمة ولكنها لاتمنع من الغيرة المقدسة وكذلك لاتمنع من الشهادة للحق كما فعل السيد المسيح له المجد.
والشهادة للحق أمر هام يريده الله ولعل أهميته تظهر من قول الله علي لسان أرميا النبي في العهد القديمطوفوا في شوارع أورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها هل تجدون إنسانا أو يوجد عامل بالعدل طالب الحق فأصفح عنها؟أر5:1.
وقال الرب لتلاميذه:..وتكونون لي شهوداأع1:8.
فهل الوداعة تمنع الشهود للحق.. أمامنا بولس الرسول كمثال.
بولس الرسول:
نضع أمامنا موقفه من القديس بطرس الرسول لما سلك مع الأمم مسلكا رآه بولس الرسول مسلكا ريائيا فقال القديس بولس في ذلكقاومته مواجهة لأنه كان ملوما وقلت لبطرس قدام الجميع:إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميا لايهوديا فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا؟!غل2:14,11.
ومعروف عن القديس بولس إنه إنسان وديع أليس هو القائل في رسالته الثانية إلي أهل كورنثوس أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمه أنا نفسي بولس الذي في الحضرة ذليل بينكم وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم..2كو10:1.
ذليل بينهم!!أية وداعة هذه من رسول إلي رعيته؟!وإن مارس سلطته الرسولية يصف نفسه بأنه متجاسرا عليهم!!
هكذا وصف الرسول العظيم نفسه حينما وبخ أهل كورنثوس وهم أبناؤه الروحيون واعتبر نفسه متجاسر عليهم!!
بولس الوديع هذا-حينما اضطرته الضرورة-وبخ القديس بطرس الرسول الذي كان أقدم منه في الرسولية وأكبر منه سنا وكان أحد أعمدة الكنيسة غل2:9ولكن وداعة القديس بولس لم تمنعه من توبيخ ذلك الشيخ الكبير ومواجهته قدام الناس.
إن فضيلة الوداعة لايجوز لها أن تعطل باقي الفضائل.
وأمامنا مثل في مزج الوداعة بالشهامة هو إبراهيم أبو الآباء:
إبراهيم:
لاشك أن إبراهيم أبا الآباء كان وديعا هذا الذي سجد لبني حث,حينما طلب مكانا يدفن فيه سارة زوجته بينما كان بنوحث يبجلونه قائلين:أنت يا سيدي رئيس من الله بيننا في أفضل قبورنا ادفن ميتكتك23:6-7ومع ذلك سجد لهم..!
إبراهيم الوديع هذا لما أخبره بسبي لوط ضمن سبي سادوم في حرب أربعة ملوك ضد خمسة يقول الكتاب فلما سمع إبرآم أن أخاه لوطا قد سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاثمائة وثمانية عشر وتبعهم إلي دان وكسرهم.. وتبعهم إلي حوية...واسترجع كل الأملاك,واسترجع لوطا أخاه أيضا وأملاكه والنساء أيضا والشعبتك14:14-16.
أكانت شهامة إبراهيم ونخوته ضد شجاعته وطيبته؟!حاشا
مثال آخر في امتزاج الوداعة بالشهامة والشجاعة والقوة هو الصبي داود في محاربته لجليات الجبار .
مثال داود:
لاشك أن داود كان وديعا يقول عنه المزموراذكر يارب داود وكل دعتهمز132:1داود راعي الغنم الهاديء صاحب المزمار الذي يحسن الضرب علي العود 1صم16:21,16داود الحسن المنظر مع حلاوة في العينين1صم16:12.
داود هذا لما ذهب إلي ميدان الحرب يفتقد سلامة إخوته وسمع جليات الجبار يعير الجيش كله ويتحداه والكل ساكت وخائف...تملكته الغيرة المقدسة,وبكل شجاعة وقوة وإيمان قاللايسقط قلب أحد بسببهوعرض أن يذهب ليحاربه1صم17:32وتقدم في شجاعة نحو ذلك الجبار الذي أخاف الكل وقال لهاليوم يحبسك الرب في يدي...1صم17:46وأعانه الله فتمكن من قتله.
وعلي الرغم من قوة داود وشجاعته لم تفارقه وداعته ولا اتضاعه بل قال لشاول الملك فيما بعد لما طارده وراء من خرج ملك إسرائيل؟وراء من أنت مطارد؟وراء كلب ميت! وراء برغوث واحد!1صم 24:14.
وللمقال بقية
|