01 - 07 - 2016, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
يتكلم الآباء القديسون عن نوعين من الثايوريا (معاينة الله). يوجد نوع من العمل والنعمة “يُستَقبَل“، ونوع آخر “يُفهَم“.إنهم يعلِّمون أن هذين النوعين من الثايوريا بعيدان عن بعضهما البعض كبعد المشرق عن المغرب، وكبعد السماء عن الأرض؛ وأن الواحد يسمو على الآخر كما تسمو النفس على الجسد. تكون الثايوريا “المستَقبَلة” أكثر إمتيازاً. إنها تتولد في القلب “بواسطة الله نفسه“، وهي أيضاً تنقل هذه الطاقة والنعمة إلى الجسد خارجياً. تكون الثايوريا “المفهومة” في مرتبة أدنى. إنها تتكون “خارجياً، ومن خلال أن يؤخذ في الاعتبار كيفية توجيه وتنظيم الأشياء المخلوقة بطريقة جيدة. إنها تصل إلى الله في إيمان بإطراد من خلال تجميع الصور المختلفة إلى شبه الحقيقة“. الثايوريا “المستَقبَلة” تتولد في القلب بواسطة الله، على حين أن الثايوريا “المفهومة” تأتي من التطلع إلى خليقة الله وعنايته المدبرة. يتضمن النوع الثاني من الثايوريا عنصراً من الخيال. يكون النوع الأول، أي الثايوريا “المستَقبَلة“، هو معاينة الله المحضة، التي تسمى أحياناً علم اللاهوت الإيجابي.
|
||||
01 - 07 - 2016, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
بالإضافة إلى ذلك، كما يقول القديس اسحق السرياني، توجد للنفس عينان، بإحداهما نرى ما هو مخفي في الطبيعة (الثايوريا“المفهومة“)، وبالأخرى نعاين مجد الله، عندما يقودنا الله إلى الأسرار الروحية (الثايوريا “المستَقبَلة“).
لم يتكلم الأنبياء عن الله باستعمال خيالهم، لكن من خلال إعلان الله في قلبهم ونوسهم. يقول القديس باسيليوس الكبير أن الأنبياء “عاينوا صوراً مطبوعة في قدرتهم الحاكمة (النوس) بواسطة الروح القدس“. كما يعلِّم القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: “يحل الروح القدس على نوس الأنبياء، وهو إذ يستعمل القدرة الحاكمة كأداة، فإنه يعلن لهم المستقبل، ولنا من خلالهم“. أعلن الله أسراره للأنبياء، لنوسهم داخل قلوبهم. فعقلهم، إذ يستمد المعونة من التعليم الملائم الذي يشتمل على صور للعالم المدرَك بالحواس، يقوم بتجميع هذا الإعلان، لكن الإعلان نفسه ليس له أية علاقة بالقدرة التخيلية. يتكلم الآباء القديسون عن الله دون أن يستعملوا خيالهم. أيضاً، ما يُسمى رمزاً في علم اللاهوت هو ليس مجرد رمز أو شيء رمزي، ولكنها قدرة تأتي من صميم طبيعة الوجود الإلهي. الأنبياء والذين دخلوا إلى الأسرار المقدسة لا يتخيلون الله، لكن الله يُستَعلَن لقلوبهم النقية. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
9- التحرر من الخيال والتخيل
يتضح من كل ذلك أنه ينبغي علينا أن نتحرر مما يسميه الآباء القديسون “الخيال الملعون“، الذي هو مصدر العديد من الاضطرابات الجسدية والروحية. إننا سوف نحدد طرق تحرير أنفسنا من هذه الحالة الرهيبة المشوِهة. ينبغي علينا في المقام الأول أن نجاهد ضد الخيال والتخيل. ينبغي علينا أن ندرك أننا نحتاج للجهاد لكي نتخلص منهما. كما يقول القديس نيقوديموس: “للخيال الشهواني قدرة وسيادة علينا أكبر من قدرة وسيادة الحواس ذاتها“. لكي تقع الحواس في الخطيئة فإنها تحتاج للعديد من الأمور والمتطلبات، على حين أن التخيل يعمل بدون أي شيء، حتى عندما تكون الحواس غير عاملة. بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي علينا أن نقبل بالمرة أي صورة من القدرة التخيلية. عندما ندرك أن قدرتنا التخيلية عاملة، ينبغي علينا إيقافها على الفور. يقول القديس ديادوخوس: “إننا نستطيع الوصول للفضيلة العظمى بألا نثق أبداً في خيالنا“. ينصحنا الآباء القديسون ليس فقط أن ننبذ الأفكار، ولكن ألا نصدق حتى ما نراه بأعيننا أو نسمعه بآذاننا. يقول الأنبا إيليا: “حتى لو رأيت شيئاً بعينيك أو سمعته، فلا تقبله“. في الواقع، يأمرنا الأنبا بيمن: “حتى لو لمست شيئاً بيديك، فلا تشهد عليه“. ينبغي علينا أن نبذل مجهوداً لكي ننبذ ما تخبرنا به الأفكار والخيالات، بل وأن نرفض أيضاً التعامل مع المعلومة التي تجمعها حواسنا، لأن الشيطان قد يجربنا من خلال الحواس. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
ينبغي علينا أن نبقى هادئين حتى عندما تواجهنا الصور المتخيلة الآتية من الشيطان. عندما يزعجنا الشيطان أثناء الصلاة، ينبغي علينا ألا نضطرب. يقول القديس نيلوس الناسك أنه، حتى لو رأيت سيفاً مستلاً في وجهك، أو ضوءاً مضاءاً، في عينيك أو وجهاً مقززاً وملطخ بالدماء، “فلا تهتز“، “وابقَ هادئاً“، و“لا تضطرب” بالمرة. المطلوب هو اعتراف إيمان جيد، صلِ لله بإيمان وعندئذ سوف تختفي تلك الصور.
توجد ظروف، خصوصاً في بداية جهادنا الروحي، لو لم نستطع فيها أن ننبذ التخيل تماماً ينبغي علينا على الأقل أن نستعمله بطريقة جيدة. هذا يتضمن بدون شك على خطر البقاء في هذه الحالة وتكبد مشاكل نفسجسمية أخرى. يعلِّم القديسان كاليستوس وأغناطيوس الزانسوبولس أنه “ينبغي التخلص من التخيل تماماً“. لو لم نستطع تحقيق ذلك بالتوبة، والتواضع، والانسحاق، ينبغي علينا حينئذ “أن نقاومه ونقف ضده بخيال جيد التنظيم“. ينبغي أن نقول ذلك بتحفظات عديدة، وينطبق ذلك فقط عندما نكون في بداية الجهاد الروحي، والهدف هو أنه ينبغي علينا أن نتخلص من هذه الطريقة بسرعة. حيث أن الخيال والتخيل يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بمرض النفس ووجود الأهواء، فإنهما يشفيان بجهادنا لكي نشفي نفوسنا ولكي نحرر ذواتنا من الأهواء. كما يقول القديس مكسيموس: “بمجرد أن تبدأ النفس في أن تعي صحتها الشخصية الجيدة، فحتى خيالاتها أثناء النوم تصبح بسيطة وهادئة“. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
ينبغي علينا أيضاً أن نجاهد لكي نحافظ على نوسنا نقياً. يسمى هذا يقظة أو سهر في لغة العهد الجديد والآباء القديسين. يكتب القديسان كاليستوس وزانسوبولس أن النوس هو جوهر غير منقسم، وبسيط، وكامل في ذاته. ينبغي علينا أن نحافظ عليه“نقياً ومضيئاً“، وأن نتأكد أنه “منفصل عن الخيال، وليس له شركة معه“. حراسة النوس هي طريقة جيدة جداً للتخلص من حمل الخيال والتخيل. الطريقة الوحيدة لتحقيق اليقظة الروحية هي “من خلال فحص الخيال بعناية“، لأن الشيطان لا يستطيع إثارة وخداع النوس في غياب الأفكار المرتبطة بالخيال والتخيل، وذلك بحسب القديس هيزيخيوس القس.
التوبة هي الطريقة الأكثر فاعلية للتخلص من الخيال والتخيل. إننا نستطيع فقط أن نطهر قدرتنا التخيلية من خلال التوبة العميقة. لقد تكلم الآباء القديسون كثيراً عن عمل التوبة. يكتب كاليستوس وأغناطيوس الزانسوبولوس قائلين أن الخيال يُطرد “من خلال التوبة والانسحاق، الحزن والاتضاع“. ترتبط التوبة بالمشقة والدموع. يحرق البكاء كل توجهاتنا نحو الحياة المتمركزة حول الإنسان تماماً. بالإضافة إلى ذلك، عندما نجاهد لكي نحفظ وصايا المسيح فإننا نتخلص من الحالات المرعبة والمشوهة الناتجة عن الخيال والتخيل. حفظ وصايا المسيح يعني محاولة اتباع المدركات الإلهية والوصول للاتحاد بالله من خلالها. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
ترتبط التوبة بالتواضع. أو بالأحرى، تحدث التوبة في مناخ من التواضع. أينما يوجد تواضع عميق يكون من المستحيل على التخيل والخيال أن ينموان حيث أنهما يغذيهما الكبرياء، والذات، والخيلاء. عادة ما يستغرق الرجل المتكبر في أحلام اليقظة ويكون لديه فكرة متكبرة عن ذاته؛ إنه يضع لنفسه أهدافاً عالية للتحقيق وبالتالي يستثير قدرته التخيلية.
حيث أن العديد من الخيالات يُعَبَر عنها أيضاً في الأحلام، يوصي الآباء القديسون أنه ينبغي علينا تلاوة العديد من الصلوات قبل الذهاب للنوم. ينصح الأنبا فليمون قائلاً: “قبل أن تذهب للنوم اتلُ العديد من الصلوات في قلبك… بقدر ما تستطيع، اجتهد أن تنام فقط بعد تلاوة المزامير والقراءة المنتبهة… قل قانون الإيمان الأرثوذكسي قبل النوم“. تستطيع الصلاة بكثرة، وقراءة الكتب المقدسة، وتلاوة قانون الإيمان أن تحررنا من هجمات التخيل والخيال. من الملاحظ جيداً أن دراسة كتابات الآباء القديسين تصلب الخيال، على حين أن قراءة الكتابات الشهوانية، خصوصاً الروايات، تثير الخيال. لم يهتم الآباء أبداً بما يسمى الروايات المسيحية، والحكايات القصصية وما إلى ذلك، لأن هذا النوع من الكتابات يثير الخيال. على العكس من ذلك، حتى الشعر المكتوب بواسطة القديسين يحتوي على عنصر من التوبة ومعاينة الله. تحتوي أشعار القديس سمعان اللاهوتي الحديث على إعلان الله. لا يوجد فيها أي أثر للتصور أو التلوث بالخيال. قبل كل شيء، عندما تدخل نعمة الله قلب الإنسان فإنها تخلق إدراكاً يساعد المرء على التمييز بين النعمة والخيال الشهواني الذي هو طاقة شيطانية. يقول القديس هيزيخيوس القس: “النفس التي تلقت بركات وحلاوة يسوع ترد الإحسان بأن تقدم له الشكر بتهلل وحب“. تعاين النفس، من خلال النوس، الرب داخلها “محطماً الخيالات الشيطانية“. عندما يدخل المسيح القلب يجلب السلام ويطرد كل خيالات وتصورات الأرواح الشريرة. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:46 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
إن موضوع الخيال والتخيل واسع المجال ومهم جداً للحياة الروحية، كما هو واضح مما قيل من قبل. إننا نستطيع أن نكتسب إدراكاً واضحاً للحياة الأرثوذكسية ومعرفة الله النقية فقط عندما نتخلص من “الخيال الملعون“. بمقدار ما يسودنا الخيال، بمقدار ما نبقى في عالم الخيالات والتصورات، ولا نستطيع اكتساب إدراكاً واضحاً للأرثوذكسية. لقد قدمنا تحليل الخيال والتخيل هذا للأسباب التالية: أولاً، يظن بعض الناس أن الخيال جيد وأنه ينبغي تنميته حيث أنه لا يؤذينا ويأتي للبشر بشكل طبيعي. على كل حال لقد أوضحنا هنا أن الخيال والتخيل العاملين في القدرة التخيلية هما ظاهرة لحالة الإنسان الساقطة ولا تسمح للنوس باكتساب خبرة عن الله. ينبغي على النوس أن يتحرر ليس فقط من الخيال ولكن من نشاط القدرة التخيلية. بحسب القديس غريغوريوس بالاماس، عندما يرتبط النوس بالقدرة التخيلية فإنه يولد “صورة مركبة من المعرفة“. ثانياً، أردت التأكيد على أنه ينبغي علينا جميعاً أن نحرر أنفسنا بقدر الإمكان من قوة الخيال. لا ينبغي علينا أن نثق فيه أو ننميه. ينبغي علينا أن نستعمله في أضيق الحدود لأغراض جيدة ولوقت قصير فقط. ينبغي أن يكون هدفنا الرئيسي أن نتحرر من تأثيره بواسطة التوبة. ثالثاً، يرتبط الاتحاد بالله ارتباطاً وثيقاً بالتحرر الكامل من الخيال والتخيل. هذا هو تعليم الكنيسة، الذي يمثل خبرة القديسين بما فيهم الأحياء اليوم. لو تجاهلنا تقليد قديسينا، فإننا نحط من المسيحية إلى مستوى الأخلاقيات والعواطف النفسية. عن مجلة التراث الأرثوذكسي |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قوّة التخيّل |
المسيح هو الحياة، لأنه هو مصدر الحياة الروحية |
الحياة الروحية |
الحياة الروحية |
الحياة الروحية |