30 - 06 - 2016, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
الكنيسة مفسِّر للكتاب:
كان للكنيسة سلطان تفسير الكتاب، لأنها المستودع الحقيقي الأوحد للتعليم الرسولي (Kerygma). فهذا التعليم حُفظ بطريقة حية في الكنيسة، لأن الروح أعطي لها. والكنيسة كانت تعلِّم “مشافهة” (viva voca) مودعة كلمة الله وموطدة إياها في النفوس “فصوت الإنجيل الحيّ” (viva vox Evangelu) لم يكن مجرد تلاوة لكلمات الكتاب، بل كان إعلاناً لكلمة الله كما سُمعت وحُفظت في الكنيسة بقوة الروح الذي يفعل فيها دائماً ويحييها. أمَّا خارج الكنيسة وخارج خدمتها الكهنوتية القانونية “المتعاقبة” من أيام الرسل فلم يتمّ إعلان صحيح للإنجيل ولا تبشير قويم ولا فهم حقيقي لكلمة الله. إذن إن التفتيش عن الحقيقة في مكان آخر، أي خارج الكنيسة الجامعة الرسولية، سيكون بلا فائدة. هذا كان الإيمان المشترك في الكنيسة القديمة، من أيام القديس إيريناوس وحتى مجمع خلقيدونية وما بعده. فالقديس إيريناوس كان نوذجياً في هذا المضمار، لأن الرسل، في رأيه، هم الذين حملوا ملء الحقيقة في الكنيسة : “فكل ما يتصل بالحقيقة أودع في أيديهم بأكثر وفرة” (ضد الهراطقة 3، 4، 1). والحق، أن الكتاب ألَّف القسم الأكبر من هذه “الوديعة” الرسولية، مثلما ألَّفت الكنيسة. فالكنيسة والكتاب لا ينفصلان ولا يتناقضان. |
||||
30 - 06 - 2016, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
فالكتاب، أي فهمه الصحيح، موجود في الكنيسة فقط، لأن الروح القدس يوجهها ويرشدها. ولذلك أكد أوريجنس وحدة الكنيسة والكتاب. وكانت مهمة المفسر، عنده، الإعلان عن كلمة الروح: “يجب أن ننتبه عندما نعلم لئلاّ نقدم تفسيرنا الخاص بدلاً من تفسير الروح القدس” (في تفسير رومية 1، 3، 1). هذا الأمر يبقى مستحيلاً خارج التقليد الرسولي المحفوظ في الكنيسة. فأوريجنس شدد على التفسير “الجامع” للكتاب، كما هو مقدم في الكنيسة: “لنصغ في الكنيسة إلى كلمة الله التي تقدم على نحو جامع” (في تفسير اللاويين، العظة 4، 5). أما الهراطقة فيتجاهلون في تفسيرهم “قصد” الكتاب الحقيقي: “فالذين يقدمون كلام الله من دون أن يقرنوه بقصد الكتاب وبحقيقة الإيمان ويزرعون قمحاً ويحصدون شوكاً” (في تفسير إرميا العظة 7، 3). إن “قصد” الكتاب المقدس يرتبط بقوة “بقانون الإيمان”. هذا هو موقف الآباء في القرن الرابع والقرون اللاحقة الذي ينسجم كلّياً مع تعليم الأقدمين. فالقديس إيرونيموس، رجل الكتاب العظيم، أورد الفكرة نفسها بأسلوبه القوي الحاد، فقال: “إن ماركيون وفاسيليدس وهراطقة آخرين… لا يملكون إنجيل الله، لأنهم لا يمكلون الروح القدس، الذي من دونه يصبح الإنجيل المبشَّر به إنسانياً. فنحن لا نعتبر أن الإنجيل (أي البشارة) يتألَّف من كلام الكتاب المقدس فغايته في معناه، لا في سطحه، في لبِّه وجوهره، لا في أوراق العظات، بل في أصل معناه. في هذا الحال يصبح الكتاب نافعاً حقاً للسامعين عندما يُبشَّر به مع المسيح وعندما يُقدم ويُعرض مع الآباء وعندما يُقدِّمه المبشِّرون به مع الروح… كبير هو خطر التكلم في الكنيسة، لأن التفسير المنحرف يحول إنجيل المسيح إلى إنجيل إنساني” (في تفسير غلاطية 1، 1، 2، مجموعة الآباء اللاتين، مين 26، 386).
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
نجد هنا الاهتمام نفسه بالفهم الصحيح لكلمة الله مثلما نجده في أيام إيريناوس وترتليان وأوريجنس. وبما كان إيرونيموس يقوم بإعادة صياغة كلام أوريجنس عندما قال إن “الإنجيل الإلهي” لا يوجد خارج الكنيسة، بل يوجد بديل إنساني منه. إننا لا نقدر أن نستقصي المعنى الحقيقي للكتاب (sensus Scripturae) أي الرسالة الإلهية، إلاَّ في ارتباطه بحقيقة الإيمان (veritatem juxta fidei)، وتحت توجيه قانون الإيمان. و”حقيقة الإيمان” (verias fidei) هي الاعتراف الإيماني بالثالوث. وهذه هي طريقة القديس باسيليوس. فالقديس إيرونيموس يتحدث هنا أولاً عن إعلان الكلمة في الكنيسة “لمن يصغي إليها” (andientibus utilis est).
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
أوغسطين والسلطان الجامع: بهذا المعنى يجب أن نفسر قول أوغسطين الشهير والمدهش حقاً : “لو لم يحركني سلطان الكنيسة الجامعة لما آمنت بالإنجيل” (V.f.epistolum fundaminti 6). يجب علينا أن نقرأ هذا العبارة ضمن سياقها. فأوغسطين لم ينطق بهذه العبارة بالأصالة عن نفسه، إنما بالأصالة عن الموقف الذي كان على المؤمن العادي أن يتخذه عندما يواجه الهراطقة، الذين يزعمون أنهم أصحاب السلطان. في هذا الحال، يليق بالمؤمن البسيط أن يحتكم إلى سلطان الكنيسة، التي تلقى فيها ومنها الإنجيل نفسه (أي البشارة) : “إنني آمنت بالإنجيل نفسه، لأن مبشرين “جامعيين بشروني”. فالإنجيل وتعليم الكنيسة الجامعة لا يفصلان. وأوغسطين لم يسمع إلى “إخضاع” الإنجيل للكنيسة، بل أراد أن يشدد على أننا نتلقى “الإنجيل” في إطار التبشير الجامع في الكنيسة، لأنه لا ينفصل عنها. في هذا الإطار وحده يأخذ الإنجيل مكانه ويُفهم فهماً صحيحاً. والحق، أن شهادة الكتاب بينة وواضحة كل الوضوح عند المؤمن الذي وصل إلى نضج “روحي”، وهذا ممكن في الكنيسة فقط. لذلك قاوم أوغسطين الأوهام التي يتعلل بها التفسير المانوي عبر هذا التعليم وعبر سلطان (auctoritas) البشارة اللذين يتصلان بالكنيسة الجامعة. فالإنجيل لا يخص المانويين. أما “سلطان الكنيسة الجامعة” فلم يكن مصدراً مستقلاً للإيمان، بل كان مبدأً ضرورياً للتفسير الصحيح. إننا نقدر أن نقلب هذه العبارة فنقول: يجب أن لا يؤمن المرء بالكنيسة ما لم يحركه الإنجيل. فالعلاقة متبادلة بنيهما بشكل تام الأب جورج فلوروفسكي من كتاب :الكتاب المقدس والكنيسة والتقليد |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بدون التقليد المقدس لا توجد الكنيسة |
التقليد المقدس هو الكنيسة عينها |
الرسول مرقس بشهادة التقليد وطقوس الكنيسة |
الرسول بشهادة التقليد وطقوس الكنيسة |
عظة .. التقليد فى الكنيسة الارثوذكسية والكتاب المقدس |