رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ» (1كورنثوس 13: 13) «أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ. هَذِهِ الثَّلاَثَةُ، وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ» (1كورنثوس 13: 13). جئنا إلى الفصل الأخير من هذا الكتاب، الذي هو ذروته، حيث نرى الثوابت الثلاثة في حياة المؤمن، وهي الإيمان والرجاء والمحبة، ولكن المحبة هي أعظم هذه الثوابت! لقد تأملنا أهمية المحبة (آيات 1-3). وصفات المحبة (آيات 4-8أ). ثم رأينا دوام المحبة التي «لاَ تَسْقُطُ أَبَداً» (آيات 8ب-12). وها نحن نتأمل المحبة في عظمتها. ستتوقف النبوات والعلم والألسنة، ويثبت الإيمان والرجاء، وتستمر المحبة إلى الدهر والأبد، لأن «الله محبة». الثوابت الثلاثة: الإيمان والرجاء والمحبة (أ) الإيمان الذي يثبت طول حياة المؤمن يعني: * التصديق وهو الثقة فيما يقوله الله، عندما يقنعنا الروح القدس لنؤمن بصدق الإنجيل، فعندما نسمع كلمة الإنجيل يعلن لنا الروح القدس أن هذا هو الخبر المفرح الذي جاءنا من الله، كما حدث مع الرعاة الذين سمعوا بشارة الملاك بميلاد المسيح، فصدقوا وآمنوا وذهبوا ليروا «هَذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ» (لوقا 2: 15). لأن الروح القدس أعطاهم نعمة الإيمان. * والإيمان (بمعنى التصديق) يعطينا الاتكال. فنتيجة لتصديقنا وثقتنا نتكل على الله. قال بطرس للمسيح: «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ تَعِبْنَا اللَّيْلَ كُلَّهُ (في الصيد) وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئاً. وَلَكِنْ (بالرغم من هذا الفشل، وقد طلعت الشمس، ولا صيد في الصباح، اتكالاً) عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ» (لوقا 5: 5). وقد ترجم نبيُّ الله داود هذه الثقة في كلمة الله إلى اتكال على الله، فقال: « اِحْفَظْنِي يَا اللهُ لأَنِّي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. قُلْتُ لِلرَّبِّ: أَنْتَ سَيِّدِي. خَيْرِي لاَ شَيْءَ غَيْرُكَ» (مزمور 16: 1، 2). * ويعني الإيمان الأَمْن. فالكلمتان في اللغة العبرية من مصدر واحد. والمؤمن إنسان آمنٌ مطمئن في غير خوف. «هُوَذَا اللَّهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ، لأَنَّ يَاهَ يَهْوَهَ قُوَّتِي وَتَرْنِيمَتِي وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصاً» (إشعياء 12: 2). الرب هو الأمن الحقيقي « بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضاً أَنَامُ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِداً فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي » (مزمور 4: 8). هو الذي يجعلنا ننام بغير خوف لأنه الحافظ الذي لا ينعس ولا ينام (مزمور 121: 4). و«إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا» (إشعياء 7: 9). * ثم إن الإيمان يعني الأمانة، فالمؤمن هو الأمين للرب الذي يشجعه بقوله: «كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10). وعندما يطيع يُسمعه الله كلمات التشجيع الأكبر: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ.. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى 25: 23). فالرب الأمين يستحق أن نضع الثقة فيه. والإيمان يَثبُت لأنه يجعل عطايا الله الخلاصية من نصيبنا. فإن «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً، بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ» (يوحنا 3: 36). فلنحترس أن لا يكون في أحدنا قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي (عبرانيين 3: 12)، لأنه بدون إيمان لا يمكن أن نرضي الله (عبرانيين 11: 6). (ب) الرجاء هو الانتظار والأمل اعتماداً على كلمة الرب: «لَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ كُلِّ كَلاَمِهِ الصَّالِحِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ» (1ملوك 8: 56). فالرجاء يجعلنا نطمئن لتحقيق المواعيد، ونغني أغنية الثقة والنصر: «فِي طَرِيقِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ انْتَظَرْنَاكَ. إِلَى اسْمِكَ وَإِلَى ذِكْرِكَ شَهْوَةُ النَّفْسِ. بِنَفْسِي اشْتَهَيْتُكَ فِي اللَّيْلِ. أَيْضاً بِرُوحِي فِي دَاخِلِي إِلَيْكَ أَبْتَكِرُ. لأَنَّهُ حِينَمَا تَكُونُ أَحْكَامُكَ فِي الأَرْضِ يَتَعَلَّمُ سُكَّانُ الْمَسْكُونَةِ الْعَدْلَ» (إشعياء 26: 8، 9). والرجاء يجعلنا ننتظر المجد الآتي، كما قال الرسول بطرس: «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ» (1بطرس 1: 3-5). «وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ (بالمسيح الذي سيأتي ثانية)، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ» (1يوحنا 3: 3). فالرجاء في مجيء المسيح ثانية يحفظنا في قداسة الحياة انتظاراً لهذا المجيء. (ج) المحبة هي إرادة عمل الخير للرب والأقرباء والأعداء: المحبة الصادقة هي التي تريد أن تعطي ليس فقط للأحباء ولكن أيضاً للأعداء. علَّمنا المسيح في موعظته على الجبل: «لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ» (متى 5: 45). فالمحبة المسيحية (على مثال محبة المسيح) هي محبة الإرادة التي تعمل وتعطي، لا باللسان والكلام بل بالعمل والحق طاعة للوصية الرسولية: «فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ، بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية 12: 20، 21). أرادت مدرِّسة من أصل وثني أن تعرف مَن مِن تلاميذها مسيحي، فسألت كل واحد من تلاميذها: هل تحب عدوَّك؟ وقد دلَّتها إجابة التلاميذ على ما أرادت. |
21 - 06 - 2016, 07:56 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: «وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ»
علاقة هذه الثوابت الثلاثة يمكن تصوير هذه الثوابت الثلاثة بشجرة، جذورها وجذعها الإيمان، الذي هو العلاقة السليمة بالله، وفروعها هي الرجاء الذي هو الترحيب بأهداف الله للنفس، وثمرها هو المحبة الذي هو الخدمة وعمل الخير (مع سبق الإصرار) لله والناس.
يجيء الإيمان من كلمة الله التي تعلن لنا الخبر المفرِّح. « إِذاً الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ » (رومية 10: 17). ويجيء الرجاء أيضاً من اعتمادنا على كلمة الله. كما قال الرسول بولس أثناء محاكمته: « وَالآنَ أَنَا وَاقِفٌ أُحَاكَمُ عَلَى رَجَاءِ الْوَعْدِ الَّذِي صَارَ مِنَ اللهِ لآبَائِنَا » (أعمال 26: 6) لأننا نبني رجاءنا على الإيمان. وتجيء المحبة من الإيمان والرجاء، فالمحبة تعمل لأنها واثقة من قوتها كما تصفها كلمة الله، على رجاء أنها لا تسقط أبداً. يثق الإيمان في الكلمة، ويثق الرجاء في مواعيد الكلمة، وتمارس المحبة الكلمة. ينتظر الإيمان الرب، وينتظر الرجاء مجازاة الرب، وتنتظر المحبة أن تخدم الرب وهي تخدم الناس. الإيمان بدون محبة هو إيمان بدون أعمال، ميت، لأنه عقلي فقط كإيمان الشياطين الذين يؤمنون ويقشعرون ولكنهم لا يتغيرون. والإيمان بدون رجاء بلا رؤيا مستقبلية، لأنه لا يرى إلا الماضي. لكن الحياة السعيدة ذات الهدف هي الحياة التي يسير فيها الإيمان والرجاء رحلة الحياة معاً، كما يظهر ذلك في قول يعقوب أبي الأسباط: « هَا أَنَا أَمُوتُ، وَلَكِنَّ اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ » (تكوين 48: 21). الرجاء بدون الإيمان وهمٌ مبنيٌّ على التفكير بالتمني، والمؤمن لا يفكر بالتمني، لأنه يبني رجاءه على إيمانه بكلمة الله المدونة في الكتاب المقدس. والرجاء بدون محبة هو أنانية، لأن الإنسان لا يفكر إلا في نفسه، ولا يتمنى ويرجو إلا لنفسه! بدون إيمان لا يمكن إرضاء الله، وبدون رجاء تصبح الحياة يأساً وبؤساً، ونصبح أشقى جميع الناس، وبدون المحبة تصبح الحياة أنانية، تفقد صورة الله. أما إن اجتمعت هذه الفضائل الثلاث معاً، فإن إيماننا يكون لخدمة الآخرين، ويكون رجاؤنا لخيرنا ولخير الآخرين. |
||||
21 - 06 - 2016, 08:05 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: «وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ»
مشاركة جميلة مارى ربنا يبارك خدمتك |
||||
22 - 06 - 2016, 10:42 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: «وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ»
شكرا على المرور
|
||||
|