الحشمة الضائعة بين الحق والمغرضين

[walaa farouk]

نعم .. لم يكن من اللائق أن يثير السيد المدعو وائل الابراشي ما أثاره فيما لا يعنيه ..
نعم .. غضبت كما أغضب في كل مرة حين يتدخل هو أو غيره فيما يخصنا وحدنا ولا شأن لغيرنا به ..
نعم .. كانت حلقة مثيرة للإشمئزاز ومسببة للضيق ..
نعم .. كانت آراء السادة مجدي وأيمن مثيرة للشفقة والحزن ..
نعم .. كانت بعض المكالمات سابقة الإعداد للمشاركة في التهييج ..

ولكن ..
رفضنا للتعميم لا يلغي وجود المشكلة ..
رفضنا للإسلوب لا يلغي الأزمة الموجودة ..

لم نكن في حاجة لتوضيح ما هو طبيعي وما هو حتمي فيما يليق بالكنيسة ..
ولكن صار شرح و توضيح الهدف من بيان بعض الكنائس الداعية للإلتزام بالزي المناسب في الأفراح هو واجب حتمي بعد إثارته في الإعلام العام الغير متخصص الذي يحشر نفسه فيما لا يعنيه ..

نعم كان هناك المزيد من الشرح الواجب طرحه في هذا الموضوع ولكن ...
لم تكن البيئة المناسبة ولا المكان المناسب ولا الوسط المناسب ولا الصحبة المناسبة ..
فمن الصعب أحيانا التكلم بالروحيات في وسط لا يعني شيئا بالروحانية وليست هي هدفه ولا ما يسعي إليه .. فتكون مقارنة الروحيات بالروحيات هي من المستحيلات ..

لدينا جميعا عيونا تبصر .. ونحضر جميعا المناسبات المختلفه فلا داعي لدفن رؤوسنا في الرمال ..
يكفي تصفح بعض صفحات الفيس بوك لنعلم حجم ما نعانيه وما وصل إليه حال البعض ..
لن يثور علي بيان الكنيسة إلا من يتعامل مع الكنيسة كسلطة وليس كأم ..
لن يغضب إلا من جاء الكلام علي جرحا يعاني منه ..
لن يغضب إلا من لا يفكر إلا في حريته غير عابئا بإكرام إسم الله أو التجديف عليه ..

لن أتكلم عن العثرة .. فبالرغم من الويل لمن تأتي منه .. لكنها لا بد أن تأتي ..
لكن ..
آه لو علمنا أن الجسد صار له قيمته بعدما صار الكلمة جسدا وحل بيننا ..
آه لو تذكرنا قيمة أجسادنا التي تقدست بالولادة من الماء والروح ..
آه لو تذكرنا أننا هيكلا يسكنه روح الله القدوس ..
آه لو تذكرنا دائما أننا أعضاء جسمه من لحمه وعظامه ..

صارت الحشمة بابا ضيقا وطريقا كربا ..
نتعب في الحصول علي ملابس لائقة ..
ونعاني من الإرهاق لنصل إلي ما نريده من مواصفات ..
قد تكون أقل جمالا أحيانا .. وقد تكون أقل جاذبية غالبا ..
ولكن ما أجملها في أعين الله وما أغلاها في قلبه ..

نعم الحشمة هي حشمة القلب وحشمة الفكر وحشمة الحواس ..
ولكنها أيضا حشمة الجسد الذي يظهر ما بداخل القلب والفكر والحواس ..

نعم الحشمة ليست علامة الطهارة وحدها .. فقد تخفي تحتها الخبث والإنفلات القلبي والفكري ..
ولكنها بالتأكيد هي إحدي علامات التعقل والورع ..
فليست كل محتشمة هي نقية ولكن كل نقية هي محتشمة ..

أنا أم لإبنتين .. وأعلم أن كل البنات تريد الظهور بكامل جمالها وأناقتها ..
ولكن علينا أن نجاهد مع بناتنا في توصيل أن الجمال والأناقة يكتملان بالحشمة ..
فملكات العالم يدخلن الكنيسة يوم أفراحهن بكامل اللياقة والحشمة والورع ..
حتي لو كان سلوكهن خارجها لا يليق بمسيحيتهن .. لكنهم يعلمون كرامة الدخول في بيت الله ..

لا تحزني يا إبنتي وأختي وأمي ولا تنظري أن الكلمة تهينك أيا كان قائلها ..
فالذي يهينك فقط هو إبتعادك عن مخافة الله وإهانة هيكله المقدس ..

إحذروا يا أحباء ..

إحذروا الحملات التي تحاول مساواة الكنيسة بالإرهاب السلفي الداعشي البغيض ..
إحذروا الآراء التي تلتحف بثياب التحرر والحرية التي يكفلها الدستور وهي تخفي تحتها التحرر من الوصية ..
إحذروا الحملات المجتمعة معا لتصوير أن المرأة مهانة أو مهضومة الحق فقط لتتساوي التطرفات ..
إحذروا المهيجات لأن البعض من رؤساء الطوائف كثيرا ما صرحوا قبلا عن ما الذي يمنع من ثورة داخل الكنيسة ..

هم يريدون ثورة وفوضي خلاقة !
هم يريدونها خربة وخاوية ..
هم يريدونها ضعيفة مخلخلة .. وأعظم ما يخلخلها ما يأتي من داخلها ..

لا يخفي عليكم ولم يخفي الكتاب عنا أنه سيأتي الوقت الذي لا يحتملون فيه التعليم الصحيح ..
فهل أتي ذلك الوقت ؟!!

يرحمنا ربنا برحمته