تعيش عرائس خشبية كثيرة فى مدينة، و كل عروسه تختلف عن الأخرى، فبعضها
كبير الأنف، و الأخر ذو عيون صغيرة... بعضها كان طويلاً و الآخر قصيراً...
منهم الرفيع و منهم السمين،... منهم الأحمر و الأخضر و الأزرق و الأصفر. و
لكنهم كلهم يشتركون فى شىء واحد، و هو أنهم جميعاً كانوا صنعة يد إيلى
النجار، الذى ورشته على أعلى الجبل الذى يطل على مدينة العرائس.
أما العرائس فكانت لها هواية غريبة تستمتع بها، و هى لصق علامات على
بعضهن البعض ... فكل عروسة كانت تحمل معها علبتين أينما ذهبت...واحدة
بها نجوم ذهبية و الأخرى بها دوائر رمادية.
و كانت العرائس الجميلة ذات الطلاء الامع الزاهى تحصل دائما على النجوم
الذهبية، و كذلك من كان يستطيع القفز مسافات طويلة، أو ذوو الأصوات
الجميلة، و كان من له موهبة مشابهة.
أما الدوائر الرمادية فكانت من نصيب الأقل موهبة أو من لم يكن شكله جميلاً
و طلاءه باهتاً. و العرائس التى يُلصق عليها نجوم ذهبية كانت تتحمس أكثر
لتقوم بإنجازات أعظم، و هكذا تحصل على نجوم أخرى. أما العرائس المسكينة
التى من نصيبها الدوائر الرمادية، فتصاب بإحباط و كآبة لا تقدر معها أن
تقوم بأى عمل جيد... و هكذا يزداد نصيب الدوائر الرمادية لديها.
و من هؤلاء العرائس... المسكين توتى...حاول كثيرا أن يقوم بأعمال تجلب
له النجوم الذهبية... حاول أن يقفز عالياً فسقط، و تقشرت أجزاء من طلائه،
و أخذ دائرة رمادية أخرى. و هكذا باءت كل محاولاته الأخرى بالفشل، لم يجنى
منها سوى دوائر رمادية غطت كل جسمه الخشبى. و عندما كان يتشمى فى
الشوارع، كانت العرائس الأخرى تصرخ فى وجهه : "لابد أنك عروسه شريرة، حتى
يكون عليك كل هذه الدوائر". و البعض منهم كان يلصق له دائرة رمادية
أخرى، فقط لأنه لا يملك نجوم ذهبية.
اكتأب توتى، و ساءت حالته، فاعتزل باقى العرائس و قال فى نفسه :"لن
أخرج من بيتى بعد الآن فأنا لا أريد دوائر رمادية أخرى". و هكذا كان يجلس
فى شرفة منزله يراقب العرائس، و هم يلصقون علامات لبعضهم البعض طوال
اليوم. إلى أن جاء اليوم الذى رأى فيه توتى منظراً غريباً... رأى عروسه لا
تحمل عليها أية ملصقات فلا دوائر رمادية و لا نجوم ذهبية. شد هذا المنظر
توتى و قال: "ما أجمل هذه العروسة أتمنى أن أصبح مثلها فأنا لا أريد نجوم
ذهبيية، و لكنى أيضا لا أريد دوائر رمادية".
نزل توتى سلالم منزله مسرعا و نادى: "لو سمحتِ..."
تلفتت العروسة الخالية من الملصقات: "نعم"
"أريد أن أعرف كيف أنه ليست عليكِِ نجوم أو دوائر؟"
"إنى أذهب كل يوم إلى إيلى النجار و هو يعتنى بهذا الأمر... إذا كنت
تريد التخلص من الدوائر الرمادية فعليك بالذهاب إليه"
"و لكن لا أظن أنه سيُريد رؤيتى و أنا مُغطى بكل هذه الدوائر"
"عليك بالذهاب و التجربة"
تردد توتى كثيراً فى الذهاب لإيلى و لكن حالته كانت سيئة جداً فقرر أن يُجرب
.
صعد توتى الجبل و وصل حيث ورشة إيلى. طرق الباب و دخل... و ما أن رأه
إيلى حتى قال له :"أهلاً يا توتى...إزيك يا حبيبى، وحشتنى قوى".
"هل تعرفنى؟"
"أعرفك؟ أنا من صنعك و أعطاك أسمك"
"إذن هل أنت غضبان منى بسبب كل هذه الدوائر التى على".
"لا بالعكس فأنا أحبك جداً، و لا تستطيع قوة فى الوجود أن تنقص من هذا
الحب أبداً ... أنا أُحبك كما أنت، لأنى صنعتك"
"و لكنى أُريد التخلص من كل هذه الدوائر، و لست أعلم ماذا أفعل؟"
"عليك أن تثق فى محبتى فقط، و هذا سيساعدك أن لا تهتم بهذه الدوائر. و
إذا لم تهتم بها، فستسقط من تلقاء نفسها، كما يجب عليك أن تصعد إلى هنا
يومياً حتى أجدد حبى لك"
"صحيح؟!! إذن أنا أثق أنك تحبنى، و أنا أيضاً أحبك بقلبى الصغير، و لا
يهمنى شىء فى الوجود سوى حبك"
و هنا سقطت أول دائرة
أحبائى:
هل نحن مثل هذه العرائس لا هم لنا سوى تقييم أخوتنا. فلنحذر لأنه
بالدينونة التى نُدين بها نُدان"
أم نحن مثل العروسة توتى، نعانى من صغر النفس و رأى الناس فينا ..
لننظر فقط إلى شخص الرب يسوع، و نهتم برضاه هو وحده.