إنه لم يمت بل رحل!
القدِّيس يوحنا الذهبي الفم
"لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا" (في 1: 23).
إن كان ليس اسم "أرملة" هو الذي يضايقك، إنما فقدانك لمثل هذا الزوج، فإنني أوافقك أن قليلين هم أمثال ذلك الرجل في عالم الرجال، في حبه ونبله وتواضعه وإخلاصه وحكمته وورعه. حقًا، لو أنه هلك كلية أو انتهى أمره تمامًا، لكان ذلك كارثة عظمى وكان الأمر محزنًا. لكن إن كان كل ما في الأمر أنه أبحر إلى ميناء هادئ، وقام برحلة إلى الله الذي هو حقًا ملكه، لهذا يلزمنا ألاَّ نحزن بل نفرح.
هذا الموت ليس بموت، إنما هو نوع من الهجرة والانتقال من سيئٍ إلى أحسن، من الأرض إلى السماء، من وسط البشر إلى الملائكة ورؤساء الملائكة، بل ومع الله الذي هو رب الملائكة ورؤساء الملائكة.
لأنه عندما كان يخدم الإمبراطور هنا على الأرض كانت تحف به مخاطر الأشرار ومكائدهم. وبقدر ما كان صيته يتزايد، كانت خطط الأعداء (الحاسدين) تلتف حوله، والآن قد انتقل إلى العالم الآخر حيث لا يمكن أن ننتظر شيئًا من هذا.
فبقدر ما تحزنين لأن الله أخذ إنسانًا هكذا كان صالحًا ومكرمًا كان يجب أن تفرحي أنه رحل إلى مكانٍ أكثر أمانًا وكرامة، متخلصًا من مضايقات الحياة الحاضرة الخطيرة، إذ هو الآن في أمان وهدوء عظيم. إن كان لا حاجة لنا أن نعرف أن السماء أفضل من الأرض بكثير، فكيف نندب الذين رحلوا من هذا العالم إلى العالم الآخر؟!
لو كان زوجك سالكًا مثل أولئك الذين يعيشون في حياة مخجلة لا ترضي الله، كان بالأولى لك أن تنوحي وتبكي، ليس فقط عند انتقاله، بل حتى أثناء وجوده حيًا. لكن بقدر ما هو من أصدقاء الله، يلزمنا أن نسر به، ليس وهو حيّ هنا، بل وعندما يرقد مستريحًا أيضًا. استمعي قول الرسول: "لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا".
صلاة
لتحملني يا رب إليك، فأتمتع برؤياك وجهًا لوجهٍ