كان داود أصغر إخوته، وكان راعياً للغنم، فأخذه الله من وراء الغنم وجعله ملكاً، وأقامه رئيساً على شعبه. وشعر داود بصلاح الله معه، فأراد أن يردَّ إحسان الله، حتى إلى عدوه. وداود في هذا الصلاح قدوة لنا. فإن كنت تشعر بإحسان الله عليك، وإن كنت قد فتحت قلبك للرب ليمتلكك الروح القدس، فستكون حسب قلب الرب، وستفعل مشيئته، وستحمل ثمر الروح، الذي هو صلاحٌ، حتى مع أعدائك الذين يقاومونك.
وقدم لنا الكتاب المقدس مثلاً آخر لثمرة الصلاح، في سيدة فاضلة اسمها طابيثا،امتلأت هذه السيدة من الروح القدس، فأثمر فيها روح الله ثمرة الصلاح.
« 36وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا. 37 وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. 38 وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا، وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. 39 فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابًا مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. 40 فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ، 41 فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. 42 فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ. 43 وَمَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي يَافَا، عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ. » أعمال 9: 36-41
لقد ترجمت طابيثا صلاحها أقمصةً وثياباً، لم تعملها لأرملة واحدة، ولا لمجموعة أرامل قريباتٍ إلى قلبها، بل إلى كل الأرامل، لأن ثمر الروح فاض من شجرة حياتها ليطعم ويشبع كل من يقترب منها، مهما كانت خلفيته أو عقيدته. فإذا امتلأ قلبك بالروح القدس، ستعمل الصلاح مع الجميع، مهما اختلفوا معك، لأن الروح القدس يملأك أعمالاً صالحة وإحسانات.
ويقدم الكتاب لنا مثلاً آخر للصلاح في يوسف، الرجل الصالح، وأحد التلاميذ. يقول الوحي عنه: «وَيُوسُفُ ٱلَّذِي دُعِيَ مِنَ ٱلرُّسُلِ بَرْنَابَا، ٱلَّذِي يُتَرْجَمُ ٱبْنَ ٱلْوَعْظِ، وَهُوَ لاوِيٌّ قُبْرُسِيُّ ٱلْجِنْسِ، إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِٱلدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ ٱلرُّسُلِ»أعمال 4: 36-37. لم يضع الدراهم بين يدي الرسل، بل عند أقدامهم، لكيلا يلاحظ أحدٌ تقدمته، فلم يعرِّف شماله ما تفعل يمينه!
وقد حصل يوسف على لقب «ابن الوعظ» لأنه كان دائماً يقول كلمة تشجيعٍ لنفس خائرة، بعد أن أعطاه الروح القدس لسان المتعلمين، فاستطاع أن يغيث المعيي بكلمة، وأن يشجع ويداوي القلوب المجروحة، ويعين النفوس المحتاجة للخلاص أو للنصرة على الخطية، أو لمواجهة الاضطهاد.
ولما كان برنابا سبب تشجيع للجميع، اختاره الرسل ليزور أنطاكية ويشجع المؤمنين هناك بوعظه، فذهب وشجَّع المؤمنين فيها أن يثبتوا في الرب بعزم القلب، «لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً صَالِحًا وَمُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالإِيمَانِ. فَانْضَمَّ إِلَى الرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ».أعمال11: 19-24.
في عام 1982 كان في نيروبي في كينيا، مؤتمر «مجلس كنائس كل أفريقيا». وكان المجلس يحتاج لتكملة مبانيه. فجاء الرئيس دانيال أراب موي، رئيس كينيا، ليساعد في جمع التبرعات. ودخل في استقبال رسمي إلى المنصَّة على البساط الأحمر. وكانت هناك كل وسائل الإعلام. وألقى كلمة قال فيها فكرتين:
مدح السيد المسيح المرأة التي ألقت فلسين في طبق العطاء، لا لأن قيمتهما كبيرة، ولكن لأن ما تبقَّى عندها بعد ذلك كان «لا شيء». فقد قدَّمت «كل ما عندها، كل معيشتها» مرقس 12: 41-44.
لا تظنوا أنكم ستدخلون السماء لأنكم تدفعون تبرعات لبناء كنيسة، فإننا ندخل السماء اعتماداً على دم الحمل وحده، الرب يسوع المسيح، بالنعمة وحدها، وبالإيمان.
كان حديثاً جميلاً، خصوصاً أنه من رئيس دولة. وقدم الرئيس موي تبرعه، ثم أخذ الحاضرون يقدمون تبرعاتهم: آلافاً ومئات. ثم تقدم شاب يجرّ خروفاً كتبرع. وطلب الرئيس الكيني أن يقف الشاب بالخروف على البساط الأحمر، ثم قال: «يجب أن يُباع هذاالخروف بالمزاد العلني». ودفعت سيدة ألفي شلن كيني ثمناً للخروف، مع أنه يومها كان لا يستحق أكثر من مائتي شلن. وكانت مفاجأة للجميع لما قالت المشترية: «هذا الخروف هو كل ما تمتلكه سيدة فقيرة، أرسلته مع أحد شباب الكنيسة لتقدمه للرب. وأنا أعيده مرة أخرى إلى صاحبته لأنه كل ما تملك. »
إن الروح القدس يعمل في كل مكان: في رئيس دولة، كما في سيدة فقيرة قدمت كل ما عندها، وبين الرئيس والفقيرة ملايين المؤمنين الذين يحبون الرب، والذين أعطوا الروح القدس فرصة السيطرة عليهم، فأثمروا ثمر الروح: صلاحاً.