نحن نعلم أن خدمة المسيح تعتبر صيد سمك وثلثي تلاميذ المسيح هم صيادي سمك. فعندما قال المسيح لبطرس اتبعني , لأنك من اليوم تكون صيادا للبشر , يعني نحن السمك والكنيسة هي الشبكة ومادام الكنيسة هي الشبكة يعني هذا العالم هو البحر .
فالمسيح في معجزاته أشبع الجموع من السمك مرتين وصاد سمكا كثيرا مرتين وهداء البحر مرتين , واحتاج للسمكة مرة واحدة . فأشبع الجموع أول مرة من خمس خبزات وسمكتين وأكل من الجموع خمسة الاف أسرة . وفي المرة الثانية أشبع أربعة الاف أسرة من أربعة خبزات وقليل من صغار السمك . وأول معجزة صيد سمك كانت مع التلاميذ قبل أن يدعوهم للخدمة كما في انجيل لوقا 5 . وثاني معجزة صيد سمك بعد القيامة على بحيرة طبرية عندما قال لهم القوا الشباك على جانب السفينة الأيمن وأصطادوا 153 سمكة . فجعل التلاميذ بعد القيامة يحسبون أو يعدّون النفوس الذين سيدخلون الأيمان . وعندما احتاج يسوع أن يدفع الجزية فمن دفع له ( السمكة ) . وآخر طعام أكله المسيح مع التلاميذ هو السمك . فلهذا أحب أن أوضح معنى هذه الرموز وما يقابله في المسيح . فلنتأمل في موضوع السمك :
1- نحن نعلم أن تعبير السمكة تدل على المسيح , فالمسيحيون الأوائل لم يرسموا الصليب أو القربان في
الكنائس , ولكن لما كان المسيحي يتقابل مع آخر ليتعرف عليه يرسم على الأرض رأس السمكة والشخص الاخر ليظهر تعرفه على الأول بأنه مسيحي كان يكمل رسم باقي جسم السمكة وذيلها , وهذه اللغة اخترعها المسيحيون الأولون ليتعرفوا على بعضهم . وكلمة سمكة في اليونانية هي
( أخيثس ) وهي من خمسة حروف وكل حرف يدل على كلمة . فالحرف الأول هو ( يوتا ) وهو أول حرف من كلمة ( ايسوس ) . والحرف الثاني هو ( كي ) وهو الحرف الأول من كلمة ( كرستوس أو خريستوس ) . والحرف الثالث هو ( يوتابلون ) وهو أول حرف من كلمة ( ايوس ) وتعني الأبن . والحرف الرابع هو ( ثيتا ) وهو أول حرف من كلمة ( ثيوس ) وتعني الله . والحرف الخامس هو ( سيكما ) وهو أول حرف من كلمة ( سوتير ) وتعني المخلص . فأصبح عندنا ( ايسوس كريستوس ايوس ثيوس سوتير ) وتعني ( يسوع المسيح ابن الله المخلّص )
2- سابقا كانوا يحفظون السمك بالملح لعدم وجود الثلاجات . فالسمك المملح هو سمك مائت يعيش في
الموت ولكنه غير فاسد . فكذلك المسيح عاش في الأرض أي في الموت وفي موته لم يرى الفساد.
3 - هل السمك هو حيوان أم طير ؟ طبعا حيوان . فالحيوانات تلد والطيور تبيض . فالسمك حيوان ولكنه
يبيض . اذا السمك له طبيعتين , طبيعة الطيور السمائية وطبيعة الحيوان الأرضية , فهو يجمع بين
الأثنين, فهل هو اثنين أم واحد ؟ هو واحد طبعا لكن فيه ما في الطيور من طبيعة وما في الحيوان من
طبيعة . فهذا يقدم لنا صورة عن المسيح الذي فيه طبيعة الله السماوية وطبيعة الأنسان الأرضية . ففي
المسيح نرى الله ونرى الأنسان . فهل يعني اننا نرى اثنين ؟ نحن نرى مسيح واحد يقدم لنا صورة
كاملة عن الله المتجسد الذي ظهر في الجسد.
4- لاأحد لديه الفضل في ايجاد السمك . فمن له الفضل على السمك . باقي الحيوانات نشتريها ونطعمها
ونهتم بها . لكن السمك نأخذه جاهزا . فالمسيح كذلك أخذناه جاهزا . ليس لدينا أي فضل عليه وليس
هو أبن فلان من الناس لكنه أبن البشر . فالمسيح هو ملكية عامة وليس ملكية خاصة . قبل سن
الثلاثين كان المسيح رب أسرة تتكون من أم وأبن . وبعد سن الثلاثين أصبح المسيح أبن جميع الناس
وأصبحت العذراء مريم أم لجميع البشر . فدائرة الأمومة كبرت ودائرة البنوة كبرت .
5- السمك اكثر كائن يتمتع بالحرية . فكثيرا ما نعبّر عن شخص متروك له الحرية فنقول أنه مثل السمك
بالبحر. فالمسيح بحريته نزل الأرض وبحريته قبل الصليب وبحريته مات عنا جميعا . فمن أجبر
المسيح على القيام بهذا العمل ؟ لا أحد . فالرسول بولس يقول في الرسالة الثانية الى كورنثس 3: 17 ( أما الرب فهو روح , وحيث روح الرب هناك حرية ) . وفي رسالة الرسول بولس الى غلاطية 5؛ 1 ( فأثبتوا اذا في الحرية التي حررنا المسيح بها , ولا ترتبكوا أبضا بنير العبودية ) . فلبعض هذه المعاني سمحت الكنيسة في بعض الأصوام بأكل السمك . لأنه يقرب لنا المفهوم , عندما تأكل السمك تتذكر الأشياء الرمزية . يعني عندما نتعامل مع الماديات نتذكر الروحيات .
6- السمك يعيش في الموت ولا يموت . فهل نستطيع أن نتبادل مع السمك في الحياة , أن نعيش نحن في
الماء ويعيش السمك على الأرض فماذا سيحصل ؟ حياة السمك هي موت لنا , وحياتنا هي موت للسمك . ورغم هذا فالسمك يعطي حياته من أجلنا . وكذلك بالنسبة للمسيح فالرسول بولس يقول في رسالته الأولى الى تيموثاوس 6: 16 ( الذي وحده له عدم الموت , ساكنا في نور لا يدنى منه ) . وأيضا في الرسالة الى رومية يقول 6: 9 ( عالمين أن المسيح بعدما اقيم من الأموات لايموت أيضا ولا يسود عليه الموت بعد . لأن الموت الذي ماته قد ماته للخطية مرة واحدة ) . فالموت شيء غريب عن طبيعة ربنا والحياة شيء غريب على طبيعتنا . فكيف الرب الحي الذي لايموت , يموت . ونحن الأموات الذين لانحيا , نحيا . فلهذا قال الملاك للنسوة لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات .
7- عندما بنى نوح الفلك بناه بثلاث طبقات كي يضع الأنسان والحيوان والطيور . الكائن الوحيد الذي لم
يدخل الفلك هو السمك . فالسمك لم يكن بحاجة لفلك نوح لأن الموت لا يؤثر فيه . فهذه صورة اخرى للمسيح , المسيح قدم الخلاص لكل البشرية وهو الوحيد الذي لم يأخذ منه شيئا . لأن المسيح لم يكن محتاجا الى هذا الخلاص الذي قدمه على الصليب . جاء ليخلّص الناس من الخطية وهو الذي بلا خطية . فقدم الخلاص والفداء والكفارة ولكنه لم يهلك .
8- السمك اكبر كائن يظهر لنا العفة والطهارة . فالأنثى تبيض البيض خارجا وبعد ذلك يأتي الذكر ليلقح
البيض . فتنفتح البيوض ويخرج السمك . وصغار السمك تتعرف على الأبوين حالا رغم أن الذكر والأنثى لم يكن بينهما اتصال أو تزاوج . فهذا هو أكبر نموذج عن العفة . فكما صارت مريم العذراء بالعفة أما صار يوسف أيضا بالعفة أبا . فكما أن السمكة هي أم عذراء لم يلمسها ذكر وتلد وتصبح أما وتبقى عذراء . فلا يوجد أم عذراء بعد أمنا مريم غير السمكة .
9- السمك يخرج من الحياة الى الموت كي يصير طعاما للأنسان . فكذلك قال المسيح في انجيل يوحنا 6:
25-40 . فهو خرج من الحياة وجاء بيننا ليموت عنا ويصبح طعاما لجميع البشر .
10- كل طعام نأكله يجب ان يكون مذبوح . وكل الأديان تقول عن الأشياء التي نأكلها أن لا تكون فطيسة
أو بدم . ولكن السمك هل يذبح قبل الموت ؟ فكل الأديان تقول أن السمك ليس حرام وهو ميت وفيه
دم . في سفر الأعمال 15: 19-20 ( لذلك أنا أرى أن لايثقل على الراجعين الى الله من الأمم . بل
يرسل اليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم ) . ولكن السمك نأكله ودمه فيه
فكما اعطانا المسيح أن ناكل جسده ونشرب دمه . ونحن نعلم أن شرب الدم يعبّر عن الأنتقام والثأر
والكراهية . ولكن المسيح يقول تعال الي واشرب من دمي انا كما في انجيل يوحنا 6: 53- 56
( الحق الحق أقول لكم : ان لم تأكلوا جسد أبن الأنسان وتشربوا دمه , فليس لكم حياة فيكم . من
يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة ابدية , وأنا اقيمه في اليوم الأخير , لأن جسدي ماكل حق ودمي
مشرب حق . من ياكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وانا فيه . )
11- السمك نصطاده باسلوبين أما بالصنارة أو الشبكة . الصنارة تصطاد سمكة واحدة والشبكة تصطاد
الكثير . وعندما قدم المسيح كنيسته قدمها بأسلوبين . الأول هو أن تجلس مع الكاهن في كرسي
الأعتراف , وهو الصنارة . والثاني هو الكرازة في القداس أو الموعظة في الأجتماع , وهي الشبكة.
فوضع المسيح في الكنيسة صنارة وشبكة .
فأي كائن يستطيع أن يقدم مثل هذه الأمثلة عن المسيح غير السمكة .