رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرأي الأكثر انتشاراً الآن في مجتمعنا المصرى فيما يخص قضية الاختلاط بين الجنسين هو ما تعبر عنه المقولة الشهيرة " ما اجتمع رجل وامرأة إلا والشيطان كان ثالثهما " ومن ثّم فالاختلاط يُعد فسقاً وفجوراً فى نظر الكثيرين خوفاً من إثارة الغرائز الجنسية، ولذا يكثر الحديث حول تحريم الاختلاط بين الجنسين تحت دعوى الحفاظ على الفضيلة وحماية الأخلاق.، غير أن هذا نابع من مفهوم قاصر وغير سليم للاختلاط.. فالاختلاط هو وجود الذكور والإناث معاً فى الحياة الاجتماعية كالدراسة والعمل وأماكن العبادة، وإذا أردنا التعريف من الناحية السلبية فنقول أن الاختلاط هو عدم عزل أو فصل الذكور عن الإناث، ولا نقصد بالطبع بالاختلاط اختلاء الذكر مع الأنثى وانفرادهما، فالاختلاط الذى نعنيه هو الاختلاط السليم، والذى من خصائصه: أنه اختلاط وقور، لدواعى طبيعة العمل والحياة، فى روح أخوية مقدسة، ونقاوة وعفة وتحفظ، كما أنه لا يتعدى الحدود اللائقة، فالأحاديث فيه لا تجرى دون داعٍ، أو فى أى موضوع، أو فى دالة مُفسدة، فمجتمع الاختلاط السليم ليس فيه مكان لعابث أو مُستهتر، بل يضع حدود فاصلة للعلاقات والمعاملات بين ما يليق وما لا يليق، بين ما يبنى ويُنمى وما يهدم ويُعثر، كما أنه جماعى والمثل الإنجليزى يقول safety in number ففى الجماعة الوقورة الكل يتعاون فى نقاوة وبراءة، أما تكوين الثنائيات بعيداً عن هدف الزواج فهو لعب بالنار وتشويه لسمعة الطرفين، كما إنه خروج عن الخط السليم للاختلاط. وينبغى أن نلاحظ إن خطورة الاختلاط تكمن فى الانحراف به عن جادة الصواب، سواء انحرفنا به نحو الانفلات كما يحدث فى المجتمعات الغربية، أو نحو التزمت كما يحدث أحياناً فى المجتمعات الشرقية، فليس العيب فى المجتمع المختلط ولكن فى إساءة التعامل فيه. وقد يظن البعض أن الوضع الأساسى والأصلى هو الفصل بين الجنسين، وأن الأمر المُستحدث والجديد هو الاختلاط، وهذا خطأ تاريخى ومغالطة كتابية، والحقيقة هى عكس هذا الأمر الشائع، فالاختلاط ليس شيئاً جديداً بل وُجد منذ أن خلق الله الإنسان، فالكتاب المقدس يُعلن أن الله منذ البدء، لم يفصل بين الجنسين ولم يُميز بينهما بل جمعهما معاً فى إطار شركة الأسرة الواحدة " خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على... " ( تكوين 1 : 27، 28 )، ومن يفتش الأسفار المقدسة جميعها، فإنه لن يجد آيه واحدة تحض على الفصل بين الجنسين، أما هذا الفصل، فهو نتاج عديد من المستحدثات فى حياة البشر، وأولها وأهمها الخطية التى شوهت العلاقة بين البشر جميعاً، وليس بين الذكر والأنثى فقط، كما أن التقاليد البشرية، والتأثيرات الحضارية للأديان المختلفة، أدت أيضاً إلى الفصل والتمييز بين البشر بعضهم عن بعض، سواء على أساس العرق أو النوع أو اللون أو الدين وغيرها من صور التمييز. ويمكن أن نلاحظ بوضوح أن مجتمع الكنيسة الأولى كان نموذج مقدس لمجتمع الاختلاط السليم " ولما دخلوا صعدوا إلى العلية التى كانوا يُقيمون فيها بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس وفيلبس وتوما وبرثولماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا أخو يعقوب، هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفسٍ واحدةٍ على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته " ( أع 1 : 13،14)، كما أن موائد الأغابى التى كانت تُقيمها الكنيسة فى العهود الأولى كانت تضم المؤمنين جميعاً بكل نقاوة. ولأن الاختلاط السليم كان أمراً واقعاً فى المجتمع القبطى فى القرون المسيحية الأولى، فإن الأدبيات الآبائية المسيحية والقبطية فى تلك الفترة لم تعرف تعاليم تؤيد الفصل بين الجنسين، كما لم تعرف الطقوس والتنظيمات الكنسية التعبدية فى المجتمع القبطى أى شكل من أشكال هذا الفصل، وهذا كله يتناسب ويتوافق مع الفكر اللاهوتى المسيحى العام والتعاليم الكتابية. ونحن فى العائلة الواحدة، لا نفصل بين الأولاد والبنات، فكثيراً ما يتعارف أولاد العم والعمة والخال والخالة، وكثيراً ما يحدث الاختلاط الطبيعى أيضاً بين أولاد وبنات الأصدقاء والمعارف والجيران – طبعاً تحت إشراف الوالدين ومتابعتهم – فينبغى إذاً النظر إلى اختلاط الجنسين كأمر طبيعى لا شر فيه والحرص على عدم الخروج عن الخط السليم له. أما من يعارضون الاختلاط الآن ونحن فى مطلع الألفية الثالثة للميلاد، ويحاولون منع هذا التعامل بين الجنسين بالقوة! متعللين فى ذلك ببعض الآثار السلبية الناجمة عن الاختلاط، ومقياسهم الوحيد هو أن عدم وجود مشاكل ظاهرة هو دليل على الاستقامة والعفة بغض النظر عن المعاناة والصراعات الداخلية التى تنتاب الشاب، فالعفة التى يظنونها ما هى إلا عفة شكلية مزيفة، ويجب عليهم أن يتذكروا تعاليم الرب يسوع حول عدم الأخذ بظواهر الأمور والتى قد تختلف تماماً عن بواطنها وحقائقها (متى 23 : 27)، كما إنه لا توجد أى علاقة بين التواجد مع أفراد من الجنس الآخر، وبين السقوط فى الخطية، فالكتاب المقدس يؤكد أن دوافع السقوط داخلية وليست خارجية (متى 15 : 17). ولابد أن يعلموا أن الفصل المتشدد بين الجنسين، خطأ كبير لما سوف يخلفه هذا المنع من حواجز نفسية تؤثر سلبياً على نموهم النفسى والاجتماعى والروحى، كما أن هذا الفصل المتشدد بين الجنسين يؤدى إلى الشعور بالغموض حول الجنس الآخر، ومتى صار الجنس الآخر لغزاً وسراً، تزداد الضغوط النفسية والجنسية، وتتحول كل طاقة الشاب إلى قوى ضاغطة، تؤدى به إلى التوتر والقلق، والوقوع تحت سيطرة العادات الرديئة فى محاولة فاشلة للتنفيس عن تلك الطاقة الكامنة بداخله. كما نُشير أيضاً هنا إلى أن منع الاختلاط لا يتوقف فقط على منع تواجد الجنسين معاً فى ميادين الحياة، بل هى أفكار نبعت من تراكمات ثقافية نشأت عن بيئات حضارية مختلفة، تتعلق بقضايا المرأة ككل وموقف المجتمع منها، فلا يمكننا أن ننكر أن الدعاوى المختلفة التى تنادى بالفصل المتشدد بين الجنسين، ترتكز على أن الاختلاط خطر على الأخلاق، وأن خطورته على الرجل أكثر من خطورته على المرأة، على اعتبار أن المرأة هى الأكثر شراً والأكثر إغواءً، وهى المسببة للكثير من الخطايا والشرور، وما يتبع ذلك من تقليل من قيمة المرأة مقارنة بالرجل، سواء من ناحية القدرات الفكرية أو الجسمانية أو حتى الروحية، وهى أمور معروفة لنا جميعاً ولا تتفق مع قيمنا المصرية الأصيلة، فلاشك إننا كمجتمع مصرى عشنا فترات تحت تأثيرات ثقافية واردة مختلفة عما تعودناه، وهكذا اختلط الفكر الوارد بالأصيل، ونتج عنه هذا الوضع الغريب، وأصبح من الصعب علينا أن نميز بين الوارد والأصيل من القيم، بين الغث والثمين من الأفكار والتعاليم، ومنها كل ما يتعلق بالمرأة والاختلاط بين الجنسين وغيرها. إن تحريم الاختلاط بين الجنسين يقسم المجتمع إلى مجتمعين منفصلين ومنغلقين أحدهما للذكور والآخر للإناث، مما يحفز الآفات الاجتماعية إلى الانتشار والتكاثر، ولعل أبرز تلك الآفات هي ظاهرة التحرش الجنسى التى ظهرت مؤخراً على سطح المجتمع بينما هي الناتجة في الأساس من العلاقة غير السوية بين الرجل والمرأة التي تعمق بدورها النظرة الاختزالية للنساء باعتبارهن جسداً للاشتهاء والمتعة فقط، ولاشك أن هذا التوجه يحصر علاقة الرجل والمرأة في الزاوية الجنسية فحسب، حيث يتم تصوير الرجل في هذه اللوحة المشوهة كالوحش الكاسر الذي استبدت به الشهوة وأصبح متشوقاً لشم رائحة الفريسة تمهيداً للانقضاض عليها، بينما يتم إلغاء الأسس الفكرية والعقلية والاجتماعية والروحية التي يجب أن تستند عليها العلاقة بين الجنسين. إن المجتمع من حولنا يتطور نحو الاختلاط، فالاختلاط أصبح حقيقة واقعة فى المجتمع العام وشئ طبيعى موجود الآن فى كل ميادين الحياة، وهو سمة من سمات المجتمعات المتقدمة، والعكس أيضاً صحيح، فهناك علاقة وثيقة بين القيود التى تُفرض على الفتاة والمرأة، وبين التخلف الحضارى والتنموى معاً. ولذا فالضرورة موضوعة لممارسة الاختلاط بطريقة صحيحة للأسباب التالية: - يحتاج الشاب لفهم جنس ونوع المرأة، كما تحتاج الفتاة لفهم شخصية وطبيعة الرجل، وهذا لا يأتى إلا بالاحتكاك المباشر من خلال الحياة اليومية. - الاختلاط وسيلة ضرورية للتربية الاجتماعية السليمة التى تجعل التعامل بين الجنسين أمراً تلقائياً منذ الصغر. - الاختلاط السليم يساعد على تقليل حدة الضغوط الجنسية، ويحد من التقوقع حول الذات وما يتبعها من ممارسات جنسية ذاتية، كما يحمى من العلاقات غير السوية بين الشباب من نفس الجنس (ممارسات الجنسية المثلية)، وغيرها من الممارسات الجنسية المنحرفة. - الاختلاط يقى الفرد من مشاكل عدم السواء النفسى، وبخاصة الكبت، الذى يترجمه الكثيرون بأنه نوع من التدين أو الانضباط والالتزام، وفى أقصى الظروف يُشخص على أنه نوع من التزمت الدينى، ولكنه فى الحقيقة مرض نفسى، يتطلب العلاج والرعاية الخاصة. - المجتمعات المختلطة تهذيب للشخصيات، فيحاول الفرد أن يظهر بأحسن مظهر أمام الطرف الآخر، ويهذب من سلوكه ويرقى بمعاملاته، ويحرص ألا يتلفظ بأى لفظ غير مناسب. - تسهيل الزواج ، وذلك من خلال التعارف النقى بين العائلات والشباب من الجنسين. |
14 - 05 - 2012, 05:55 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
مشاركة مميزة جدا يارونى |
|||
14 - 05 - 2012, 06:38 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
ميرسى ياهانى على مشاركتك
|
||||
|