كيف تجعل إبنك.. واثقاً بنفسه
القمص داود لمعى
*****************
الثقة بالنفس لا تتعارض مع التواضع المسيحى.. فالثقة بالنفس هى إدراك نعمة الله على الإنسان..وإدراك للمركز الحقيقى للإنسان عندالله.. وتميزه كصورة الله.. وحب الله الدافق له.. وقيمته ورسالته فى الحياة.
أما التواضع فهو أن ينسب الإنسان كل خيرفى حياته إلى الله مصدر وجوده.. فلا يتعالى ويرى نفسه أعظم ممن حوله.. ويحترم الكل ويخدم الكل.. ويفرح بالمتكأ الأخير دون قلق أو غيرة أو إكتئاب أو خوف.
الثقة بالنفس تهتز مع كل فشل سواء كان فشل دراسى أو فشل فى العلاقات أو فشل حتى فى التعبير عن النفس أو فشل فى جذب إنتباه الآخرين.
وقد تتراكم مشاعر عدم الثقة بالنفس فتجعل الطفل أو الشاب خائفاً.. منزوياً.. هارباً.. غاضباً.. حاقداً.. مكتئباً.. مائلاً للإنحراف.. كمحاولة لإثبات النفس بعيداً عن المجال الطبيعى.
ومن خطورة عدم الثقة بالنفس أنها تشوه العلاقة بالله..فيغضب الإنسان من الله ويتهمه أنه سر شقاءه.. وقد يتدين فقط فى محاولة لتحقيق نفسه وجذب أنظار الآخرين.
وقد يعجز صغير النفس عن الحب فلا يستطيع أن يحب الله أو الناس لأنه لم يعرف أن يحب نفسه ويقدرها.
ومن خطورة عدم الثقة أيضاً..أنها تشوه كل العلاقات بالآخرين فيقع الإنسان فى غيرة حتى من أقرب الناس إليه.. زوجته أو أخوته أو أولاده.. أو يلقى اللوم والتذمر على كل من حوله طول الوقت وبدون داع.. أو يتهرب من كل مسئولياته كأب أسرة أو كراع أو كخادم أو كأم مسئولة عن تربية أولادها.
ولكى تجعل إبنك يثق بنفسه..
أولاً.. إكثر من تشجيعه ومديحه.
جرت العادة أننا ننقد أولادنا مع كل تصرف خاطئ أو سلوك مشين، ونعبر عبوراً سريعاً على كل عمل جيد أو إنجاز حقيقى، وهذا يعد ضمن أساسات تكسير النفس وسحقها.
التشجيع هو غذاء للنفس لأن الكلمة الطيبة تعطى الإنسان ثقة بنفسه، ولكن احذر لئلا تبالغ فيصطدم إبنك بالواقع.. أو تمدحه على أمور لا تليق فتزداد فى حياته ويضر نفسه ومن حوله.
وهنا قد يظن البعض إن هذا التشجيع المستمر قد يتعارض مع إنكار النفس
” ودعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم: من أراد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى”(مر8: 34).
إن الإنسان لا يستطيع أن ينكر نفسه إن لم يشبع أولاً حب الله..ويثق فى نفسه.. ثم ينساها.. لينشغل بالآخرين.
كأب يثق فى إبنه الأكبر.. فلا يفكر فيه كثيراً.. ليس لأنه لا يحبه بل لأنه يثق فيه، وهناك من يحتاج لإهتمامه أكثر منه.
هكذا من ينكر نفسه.. ينسى نفسه فى أحضان المسيح.. ويذهب ينشغل بحمل الناس وأثقالهم ويتبعه.
إذاً.. التشجيع لا يتعارض أبداً مع إنكار النفس التى لا يصل إليها إلا من له ثقة فى نفسه.
ثانياً..اكشف لإبنك عن حبك له دائماً وبكل السبل.
الأطفال يحتاجون دائماً إلى رسالة هامة “أنا أحبك” وهى رسالة قصيرة لا تحتاج بعدها إلى كلمة “لأنك..” أى لا تحتاج إلى شرط لأن وجود الشرط يزعجه ويجعله يعيش فى حالة قلق وتحدى وهمى لئلا يفقد هذا الحب إن لم يحقق هذا الشرط.
عبر عن حبك بالكلام.. بالأحضان.. بالإبتسامة.. بالمشاركة.. بالوقت الثمين.. بالصداقة.. بالإفتخار بهم..فكل هذا يعطى ثقة بالنفس وبالأخص فى الأوقات التى يتعسر فيها أولادنا فى علاقاتهم أو دراستهم.. لابد أن تكون أكثر عطاء وأكثر تقارباً وأكثر حباً.. لأن هذه الظروف تهز ثقتهم بنفسهم.. وللأسف كثير من الآباء يشاركون ضغط الظروف بالضغط على نفسية أولادهم باللوم والتقريع والعقاب الشديد.
ثالثاً..هيئ الفرصة لإبنك أن يصنع إنجازات شخصية يفتخر بها.
إذا أخذت طفلك مكاناً للعب أو الفنون.. اجعله يحقق إنجازاً ما.. كأن يرسم لوحة جميلة أو ينجح فى إختبار رياضى بسيط.. فمجموع الإنجازات البسيطة التى يحققها الطفل تجعل له رصيداً من الثقة بالنفس يعادل ويفوق على ما يتعرض له من إحباطات فى المستقبل إن حدثت.
+ إهتم بأن تشارك إبنك كل مرحلة من طفولته وشبابه وأجمل ما فيها من إنجازات وتحديات.
+ إن أجمل هدية تعطيها لإبنط هى نظرات الإعجاب به فى كل عمل وإمتحان يجتازه ونظرات التشجيع فى كل موقف يتحداه.. وكلمات الفخر والإعتزاز به.
+ صفق لإبنك بحرارة حين يكسب هدفاً.. حينئذ تكون أنت من أحرزت الهدف الأسمى.
رابعاً..احترم رأيه وإعمل به أحياناً.
رأى كل إنسان محبوب لديه ويمثل جزءاً من كيانه وثقته بنفسه.. فإن سمعت لإبنك وإهتممت برأيه وإحترمته وأخذت به- أحياناً- كل هذا يعطيه ثقة لا تتزعزع.
+ ليتك تذكر أمام الآخرين.. إن إبنك (فلان) قال هذا الرأى الحكيم وق سمعنا له وكان سديداً.
+ لا تترك إبنك ينادى عليك كثيراً وأنت مشغول تضحك مع التليفون أو التليفزيون.. وحين تستجيب له فإنك تستجيب بغضب لأنه نزعك مما تحب وكأن لا قيمة لكلامه أو طلبه أو سؤاله.
+ سارع بأن تترك ما فى يدك لتسمع نداءه.. فيتأكد من قيمته وغلاوته.
خامساً..عود إبنك على المصارحة والمكاشفة.
من الأسباب الشائعة لصغر النفس.. كبت الإنسان لشهواته أوغضبه أو خوفه أو حزنه.. فعملية الكبت تحطم نفسية الإنسان وتجعله فريسة للهواجس والقلق.. وتفقده ثقته بنفسه.
لهذا أعط إبنك فرصته أن يخرج ما فى باطنه.
+ كن صديقاً له.. فلا تخجل من أن يصارحك بما يزعجه منك أو من غيرك.
+ كن قريباً له.. فتنتبه له حين تراه صامتاً متضايقاً..وتحاول أن تساعده على الكلام وتهون عليه الأمور وتعبر به الأزمات بسلام.. فتحميه من الكبت المدمر.
+ إبدأ بنفسك وإحك لإبنك بعض ما يضايقك.. فتشجعه ألا يكبت مخاوفه.. اجعله صديقاً لك قبل أن تطلب صداقته.. إلجأ إليه لكى يلجأ إليك.. إشك له- بحكمة- لكى يشكو لك.. هذا يزيد ثقته بنفسه لأن أباه أو أمه هما صديقاه.
سادساً.. شجع إبنك على التوبة والإعتراف.
إن سر الإعتراف للأطفال والشباب له تأثير رائع فى كسب ثقتهم بانفسهم..فمجرد الإحساس بالغفران بعد حل الإعتراف يكسر حدة الإحساس بالذنب الذى قد يدمر الثقة بالنفس.
بالإضافة إلى أن تكوين علاقة بنوة وإرتباط بأب الإعتراف من الصغر يعطى نوعاً من الأمان والمرجعية التى تزيد الثقة السليمة بالنفس.
فإستمر فى تشجيع إبنك على التوبة والإعتراف.. ليصير أفضل.. فما تتمناه له قد يحقق أفضل منه حين تقف من ورائه مشجعاً بحب.
تذكر..
لكى تجعل إبنك واثقاً بنفسه..
1- إكثر من تشجيعه ومديحه.
2- اكشف لإبنك عن حبك بكل السبل.
3- هيئ الفرصة له لتحقيق إنجازاته الشخصية .
4- عود إبنك على المصارحة والمكاشفة.
5- شجع إبنك على التوبة والإعتراف.