مجروح لأجل معاصينا
قبل أن يتجسد ربنا وفادينا يسوع المسيح بحوالي 750 سنة دوّن إشعياء النبي وكتب بقلب خرق به الزمن إلى المستقبل، ذاهبا مباشرة إلى الحدث المهيب الذي حصل على تلة الجلجثة، حيث
هناك صلب المسيح معلقا بين الأرض والسماء حاملا خطايانا بكل تواضع ومحبة ورافعا آثام الجميع من دون تذمر "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا" (إشعياء 4:53).
فلنتأمل كيف وضع على خشبة حقيرة ووضع له إكليل الشوك حيث غرز في كل أعصابه من فوق إلى اسفل، وحتى ثيابه أقاموا قرعة عليها "فقال بعضهم لبعض لا نشقه بل نقترع عليه لمن يكون. ليتم الكتاب القائل اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي ألقوا قرعة. هذا فعله العسكر" (يوحنا 24:19). فلنتذكر اللص الذي تاب أمام عظمة المصلوب، عرف كم هو خاطىء وكم أن المسيح بار وبلا لوم وقد أيقن في قلبه أنه مصلوب بجانب المخلص لهذا قال له بكل ثقة وإيمان "... اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا 23: 42-43).
فلنتأمل في هذا المشهد الذي جعل التلاميذ يهربون من خوفهم، والجنود يرتعبون من شدة عظمة المصلوب ومن رهبة الطبيعة التي بدت حزينة على صلب ابن الله الأزلي "وكان نحو الساعة السادسة فكانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة. وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه" (لوقا 23: 44-45). لم يبقى هناك تحت الصليب سوى أمه مريم والنساء وتلميذه يوحنا فنظر المسيح إليهم من فوق "فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه، يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ هوذا أمك. وفي تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته" (يوحنا 19: 26-27).
صلب المسيح من أجل أن لا نصلب نحن، ارتضى هو أن يحمل كل الذنوب لكي يصالحنا نحن الخطاة مع الله، جرح وتألم وسحق وتواضع لكي يفتح لنا الفرصة بالنجاة "وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا " (أشعياء 5:53).
ونحن نتأمل ونتذكر تلة الجلجثة ونفكر بعمق بالمسيح المصلوب في هذه اللحظات، لنوجه عيوننا نحو السماء لكي نشكر المسيح على جسر الخلاص الذي وضعه لنا من خلال الصليب، هو مات لكي نحيا، هو تألم و جرح لكي نشفى، تواضع لكي نرتفع نحن، فهل تقبل إليه تائبا ومؤمنا؟