منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 07 - 2023, 10:06 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

مزمور 102 | نحيب شخصي


نحيب شخصي

يَا رَبُّ اسْتَمِعْ صَلاَتِي،
وَلْيَدْخُلْ إِلَيْكَ صُرَاخِي [1].
دُعِي الله "سامع الصلوات"، يميل بإذنه إلى قلب الإنسان، لأن تنهداته وصرخاته عاجزة عن الصعود إليه. بحبه ينزل إلى الإنسان ليسمع همسات قلبه الخفية، ويستجيب لها إن كانت تُقدَّم بما يليق أن يمنحه الله للبشرية.
يستغيث المرتل بالله مخلصه ليسمع صلاته ويسمع لصرخاته أن تدخل إلى عرش نعمته. جاء التعبيران هنا "الصلاة"، و"الصراخ" كل منهما يُكَمِّل الآخر، ويكشفان معًا عن الجدية وحالة الاستعجال والخطورة التي لحقتْ بالمؤمن. هذه الحالة في الحقيقة ليست طارئة، لكنها هي نصيب المؤمن الحقيقي، الذي يُصلَب مع المسيح المصلوب. إنها لا تمس عصرًا معينًا دون غيره، ولا ظروف خاصة، ولا هي بالأمر الجديد في حياة القديسين.
* يسمع الله صلاة من يسأله ما يليق أن يمنحه الله للمُصَلِّين.أما الصراخ هنا فهو ليس إعلاء الصوت واجهاره، إنما الحرص والنشاط وشدة العزيمة.
الأب أنسيمُس الأورشليمي


لاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي فِي يَوْمِ ضِيقِي.
أَمِلْ إِلَيَّ أُذُنَكَ فِي يَوْمِ أَدْعُوكَ. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا [2].
ما ورد في هذه العبارة من تعبيرات كثيرًا ما جاءت في مزامير أخرى مثل مز 17: 6؛ 31: 2؛ 45: 10؛ 71: 2؛ 86: 1؛ 88: 2، 69: 17؛ 79: 8.
* "لا تحجب وجهك عني". الإنسان الذي يصلي بقلبٍ طاهرٍ وضميرٍ بلا لوم، وحده قادر أن ينطق بهذه الصلاة. من الجانب الآخر، لا يجسر الخاطي أن يقول: "لا تحجب وجهك عني"، بل يقول بالصواب: "اصرف وجهك عن خطاياي" (مز 51: 11)[4].
القديس جيروم

* من كان ضميره طاهرًا ولا يبصر في ذاته فعلًا منكرًا، فذاك يقول عند صلاته: "لا تحجب وجهك عني". أما قوله: "أمل إليّ أذنك" فمعناه، إنه من حزني صار صوتي منخفضًا، وأما أنت يا رب فمرتفع جدًا. تنازل برحمتك إليّ، وأنصت إلى تضرعي.
وقوله "استجب لي سريعًا" فمعناه قبل أن يدركني الموت.
الأب أنسيمُس الأورشليمي


لأَنَّ أَيَّامِي قَدْ فَنِيَتْ فِي دُخَانٍ،
وَعِظَامِي مِثْلُ وَقِيدٍ قَدْ يَبِسَتْ [3].
كثيرًا ما يشعر الإنسان في وقت ضيقة أن أيامه عبرتْ سريعًا وبلا نفع، أشبه بالدخان الذي يفسد البصر، ويزول دون فائدة. في وسط الضيق يشعر الإنسان أن عظامه لا تسنده بل تزيد لهيب قلبه، فتشتعل النيران في داخله، لتقضي على حياته باطلًا. يشعر المرتل أن عظامه مثل وقود يُلقَى في موقد نار، سرعان ما ينتهي. إن كانت العظام هي الهيكل الذي يسند بقية الجسم فبدماره يتدمر الجسم، ولا يحمل قوة للعمل أو الحياة.
* ترمز العظام إلى القوة. فإن كان الجزء القوي فيَّ يصير يابسًا وواهنًا، كم بالأكثر يكون جسمي الوهن بطبعه يكون مضنيًا.
القديس جيروم

* إذ تتغذى عين النفس على مروج الأقوال الروحية، تصير نقية وحادة البصر، لكنها إذا رحلت إلى دخان أمور هذه الحياة، فإنها تبكي بلا حدود، وتبقى في عويل هنا وفيما بعد. لهذا قال أحدهم: "فنيت أيامي كالدخان" .
* هكذا هي قوة هذه الكارثة، أظهرت أن إنسانًا عظيمًا ومشهورًا كان أكثر الناس تفاهة. لذلك إن دخل غني في هذا الاجتماع ينتفع كثيرًا من هذا المنظر، إذ يرى (أتروبيوس) الإنسان الذي كان يهز العالم قد انسحب من علو تشامخ سلطته، راكضًا على ركبتيه في خوف، أكثر رعبًا من الأرنب البرّي أو الضفدعة، مسمرًا على عمود هناك بلا ربط، لأن خوفه يقوم بما تقوم به القيود، فيرتعب الغني، وينكسر تعاليه، ويتنازل عن كبريائه، طالبًا الحكمة الخاصة بالأعمال البشرية، مستخلصًا تعليمًا من مثلٍ عمليٍ، عن درس يعلمنا إياه الكتاب المقدس موصيًا: "كل جسد عشب، وكل جماله كزهر الحقل. يبس العشب ذبل الزهر" (إش ٤٠: ٦). أو "إنهم مثل الحشيش سريعًا يقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون" (مز 37: ٢). أو "أيامي قد فنيت في دخان" (مز ١٠٢: 3) .
القديس يوحنا الذهبي الفم

* يقول القديس أثناسيوس إن هذا القول نبوة عن ضياع المفاخر التي كانت للعبرانيين، ليقيموا بها عبادة الشريعة القديمة، وهي كهنوتهم وذبائحهم... هذه وما على شاكلتها قد فُقدتْ منهم وفنيت كالدخان. كانت تشددهم كما تشدد العظام الجسد، لكنها احترقت.
أيضًا العظام هي آراء النفس بالله ومعتقداتها به، وهي بيضاء ومخفية ومشددة للنفس مثل العظام. هذه تلتهب عند اضطرام القلب من التلهف.
الأب أنسيمُس الأورشليمي



مَلْفُوحٌ كَالْعُشْبِ، وَيَابِسٌ قَلْبِي،
حَتَّى سَهَوْتُ عَنْ أَكْلِ خُبْزِي [4].
يرى المرتل قلبه أشبه بعشب قد جُزَّ، تلفحه الشمس فسرعان ما يجف.إن كان الإنسان قد نسى أن يأكل خبزه، فقد جاء السيد المسيح، خبز الحياة، لكي نتناوله.
* هكذا هي حياة الإنسان، اليوم قوي ونشيط، غدًا يذبل "نسيت أن آكل خبزي" لم يقل المرتل: "ليست لي رغبة في الأكل، أو ازدريت بالطعام. لا، بل كانت ذكرى الخطية عظيمة اندفعت عليّ، فانكسرت في ندامة، حتى نسيت أن آكل. صار شوقي الوحيد هو في الله. لقد حُملت بالتمام في التأمل فيه.
القديس جيروم

* لقد نسيتم أن تأكلوا خبزكم، لكن بعد صلبه، فإن كل أقاصي الأرض تتذكر وتتحول إلى الرب (مز 22: 27). بعد النسيان يأتي التذكر. ليت الخبز يؤكل من السماء، حتى نحيا؛ لا نأكل المن مثل أولئك الذين أكلوا وماتوا (يو 6: 49)، إنما الخبز الذي قيل عنه: "طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ" (مت 5: 6).
القديس أغسطينوس

* كما أن الجسد يقوته الخبز الأرضي، كذلك النفس يقوتها الخبز الذي نزل من السماء، وهو ربنا يسوع المسيح الذي علَّمنا أن نطلب في صلواتنا الخبز المشدد لجوهرنا. لقد أمرنا، قائلًا: "أعطوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي، فهو يضمر ويسقط زهره ونوره، ويجف كالعشب. وكما تيبس الأرض من عدم المطر ولا تثمر كذلك يبس قلبه (قلب كل إسرائيلي) ولا يثمر ثمر الفضيلة لانقطاع مطر الكلام الإلهي عنه.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* إذا كان الجسد يأخذ كل يوم غذاءه ثم يسترخي، فهذا يأتي من الشياطين، إلاّ في حالة المرض، فيلزم الاعتدال، وهذا يكون بالقيام من على المائدة قبل الشبع بقليلٍ، وذلك حسبما عيّن الشيوخ للمبتدئين. وعندما يبلغ الإنسان إلى قياس قول الرسول: "إننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 11)، لا يمكنه أن يسهو عن الكمية التي يجب أن يأكلها، لأنه يكون قد تدرّب (أو اعتاد) على ذلك... ولعل إله آبائنا يقودك إلى هذه المسرة، لأن هذا نور يفوق الوصف ومتألِّقٌ وحلو. إنه لا يذكر الغذاء الجسدي، لأنه يسهو عن أكل خبزه (مز 102: 4). روحه تكون في مكانٍ آخر، فهو يبحث عن السماويات ويفكر فيها، ويتأمل فيها.
القديس برصنوفيوس

* سؤال من الأب نفسه إلى الشيخ نفسه: كيف يحدث أنه عندما أريد أن أسيطر على بطني، وأُنقص من الطعام إلى الحد الضروري، لا أستطيع ذلك؟ فإذا تناولتُ في أحد الأيام قليلًا من الطعام الأقل قيمة، فإنني أعود بعد ذلك بطريقة غير محسوسة إلى مقداري السابق، وهكذا أيضًا في الشرب.
جواب الأب يوحنا: إن محبتك لَتذكِّرني، يا أخي، أن كل ما تقوله لي قد جرّبته بنفسي، وعانيتُ منه أنا أيضًا. ولا يوجد مَنْ هو مستثنى إلاّ الذي بلغ إلى درجة المرتل الذي قال: "سهوتُ عن أكل خبزي، من صوت تنهُّدي، لصق عظمي بلحمي" (مز 102: 4-5). إنه وصل إلى نظام أقل في الطعام والشراب، لأن دموعه صارت خبزه، وبدأ منذ ذلك الوقت يتغذّى بالروح (القدس). صدقني يا أخي، إنني أعرف إنسانًا يعرفه الرب كانت له هذه الدرجة: أنه مرةً أو مرتين في الأسبوع وأكثر، كان يأسره الطعام الروحاني حتى أن حلاوته تُنسيه الطعام المحسوس، وعندما يحين ميعاد الأكل يشعر مثل هذا الإنسان بالشبع والاشمئزاز من الطعام ولا يريد أن يأكل.
فردوس الآباء


مِنْ صَوْتِ تَنَهُّدِي،
لَصِقَ عَظْمِي بِلَحْمِي [5].
صار المرتل في حالة هزال شديد بسبب القلق أو الأرق، مُنهَك القوة تمامًا. فَقَدَ كل عضلات جسمه فصارت عظامه مغطاة بالجلد وحده.
* كثيرون يتنهدون، وأنا أيضًا أتنهد، فإنني أتنهد لأنهم يتنهدون بسبب خاطئ. هذا الإنسان فَقَدَ قطعة مال، إنه يتنهد... إنه يرتكب غشًا ويفرح... إننا نود إصلاحهم، وإذ لا نستطيع نتنهد، وعندما نتنهد لا ننفصل عنهم.
القديس أغسطينوس





شْبَهْتُ قُوقَ الْبَرِّيَّةِ.
صِرْتُ مِثْلَ بُومَةِ الْخِرَبِ [6].
يرى البعض أن القوق هنا يعني به "الواق"، وهو طائر من فصيلة مالك الحزين، دائم الصراخ في البرية، خاصة وهو يطير في الغروب. صوته مزعج ومؤلم. ويرى البعض أنه يوجد نوعان من القوق (البجع) نوع يعيش في البراري، وآخر على المياه.
* يقولون إنه يوجد نوعان من هذا النوع من الطيور. واحد مائي طعامه السمك، والآخر يعيش في أماكن مهجورة يتغذى على المخلوقات السامة مثل الحيات والتماسيح والسحالي. هذه الطيور تدعى في اللاتينية onocrotali. حسنًا، لقد صرتُ مثل الطائر الذي في البرية، يتغذى على الكائنات الحية السامة، هكذا صار طعامي بالنسبة لي كالسم.
"صرت مثل غراب الليل بين الخرائب"... إن كان الغراب أسود في ضوء النهار، كم يكون سواده بالأكثر في الليل؟ لهذا صرت في عيني نفسي بسبب كثرة خطاياي.
القديس جيروم



أسَهِدْتُ وَصِرْتُ كَعُصْفُورٍ مُنْفَرِدٍ عَلَى السَّطْحِ [7].
في ضيقه صار كعصفورٍ لا حول له ولا قوة، يسهر بسبب الألم والحيرة، لا يستطيع أن ينام. وينفرد على سطح البيوت، لأنه يريد أن يكون في عزلة، لا يود الالتقاء بأحدٍ لشعوره بعدم مشاركتهم له وسط آلامه.
يرى القديس أغسطينوس في هذه الطيور الثلاثة: القوق والبومة والعصفور، تشير إلى اهتمام السيد المسيح بثلاث فئات من البشرية:
أ. فئة مثل القوق في البرية، وهم غير المؤمنين، يعيشون في عزلة عن بيت الرب.
ب. فئة البوم التي تعيش في الأماكن الخربة، وهم المرتدين، يعيشون في الظلمة.
ج. فئة الساكنين في بيت (المسيحيين بالاسم) دون التمتع بالحياة الإيمانية الصالحة. فيقف السيد المسيح كعصفورٍ على السطح يدعوهم للحياة المقدسة المرضية.
يليق بسفراء المسيح أن يتشبهوا به، فيبحثون عن كل إنسان أينما وُجِدَ، ومهما كان حاله: سواء كان غير مؤمنٍ أو مرتد أو مسيحي بالاسم.
* هكذا الله الخالق وشافي الكل، الذي يعرف أن الكبرياء هي السبب، والمصدر الرئيسي لكل الشرور، أعطى اهتمامًا أن يشفي الضد بالضد، هذه الأمور التي تتحطم بواسطة الكبرياء يجب أن تُشفَى بواسطة التواضع (إش 13:14)...
مقابل الذي قال: "جميع ممالك المسكونة ومجدهن هي لي، وأعطيها لمن أريد" (لو6:4)، قيل عن الآخر: "وهو غني افتقر، لكي نغتني نحن بفقره" (2 كو 9:8).
لأجل الذي قال: "وكما يُجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض، ولم يكن مرفرف جناح، ولا فاتح فم، ولا مصفصف" (إش 14:10)، قال الآخر: "صرت مثل بومة الخرب، سهدت، وصرت كعصفور منفرد على السطح" (مز 102: 6-7) .
القديس يوحنا كاسيان

* بالحقيقة الهدف من حياة المجمع أن يصلب الراهب جميع رغباته ويتمثل بالكمال... ولا يهتم بالغد. وواضح تمامًا أن هذا الكمال لا يبلغه الجميع، بل راهب الشركة... ولكن كمال المتوحدين هو أن يُخلي ذهنه عن كل الأشياء الأرضية، وأن يربطه بالمسيح قدر ما يسمح ضعف الإنسان. ويصف النبي إرميا مثل هذا الرجل قائلًا: "جيّد للرجل أن يحمل النير في صباهُ، يجلس وحدهُ ويسكت، لأنهُ قد وضعهُ عليهِ" (مرا 27:3-28). ويقول داود أيضًا: "سَهدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفرد على السطح" (مز 7:102) .
الأب يوحنا



الْيَوْمَ كُلَّهُ عَيَّرَنِي أَعْدَائِيَ.
الْحَانِقُونَ عَلَيَّ حَلَفُوا عَلَيَّ [8].
جاء عن الترجمة السبعينية وأيضًا القبطية: "النهار كله كان يعيرني أعدائي. والذين يمدحونني يتحالفون علي".
يجد الأعداء فرصتهم للسخرية بمن يعادونه، فيزيدون ضيقه ضيقًا.
* يمدحونني بأفواههم، وبقلوبهم ينصبون لي فخاخًا. اسمعوا مديحهم: "يا معلم، نعلم أنك صادق، وتعلم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحدٍ، لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا ماذا تظن. أيجوز أن تُعطَي جزية لقيصر أم لا؟" (مت 22: 16-17)

القديس أغسطينوس





إِنِّي قَدْ أَكَلْتُ الرَّمَادَ مِثْلَ الْخُبْز،ِ
وَمَزَجْتُ شَرَابِي بِدُمُوع [9].
من العادات القديمة أن يكف الإنسان في حزنه عن الطعام، خاصة في حالة وفاة أحد أقربائه أو أصدقائه، ويلبس مسوحًا. هنا يُعَّبر المرتل عن أقسى حالات الحزن، فلا يكف عن الطعام والشراب فحسب، إنما يكون كمن يأكل رمادًا يُحَطِّم جسمه، ويزيده عطشًا، وتنسكب دموعه بغزارة، وتتسلل إلى فمه كأنها شراب له.
كان الحزانى يضعون رمادًا على رؤوسهم وثيابهم، فإن اضطروا حتى إلى الأكل بسبب شدة الجوع، يتلوث طعامهم بالرماد المتطاير من جسمهم وثيابهم. أما المرتل فيأكل الرماد نفسه!
يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أن المصائب لتي وردت في هذا المزمور تشير إلى ما أصاب اليهود بعد صلبهم المسيح الإله. صارت معيشتهم كالرماد الذي يفضُل عن الذبائح التي كانوا يحرقونها، وامتزج شراب سرورهم بدموعهم. وصارت أيامهم كالظل، لأنهم يخدمون الشريعة التي هي ظل ورسم للشريعة الإنجيلية. ويبسوا مثل الحشيش، وصاروا مأكلًا للبهائم ووقودًا للنار.
* كلوا الرماد كخبزٍ، واخرجوا شرابكم بالبكاء، بهذه الوليمة تبلغون إلى مائدة الله.
القديس أغسطينوس

* لقد غمست خبزي في الرماد وأكلته هكذا. إن كان هذا ما يقوله النبي، فماذا يكون حالنا نحن؟ "ومزجت شرابي بدموع" لم يعد شيء ما حلو في مذاقي، لا الخبز ولا الشراب، إنما صرت مشتاقًا إلى الخبز السماوي وحده، أي المسيح.
القديس جيروم

* بعد تواضع القلب دون حاجة إلى صلوات قوية، وإلى دموعٍ كثيرة، دموعٍ في النهار، ودموع في الليل، إذ يقول: "تعبت في تنهدي. أعوم في كل ليلة سريري بدموعي. أبلل فراشي ببكائي" (مز 6: 6 LXX). مرة أخرى يقول: "إني قد أكلت الرماد مثل الخبز، ومزجت شرابي بدموعٍ" (مز 102: 9).
القديس يوحنا الذهبي الفم

* عندما كان داود في خطر بعد سقوطه في الزنا اعترف في رماد مع صوم. يخبرنا بأنه أكل الرماد كالخبز، ومزج شرابه ببكائه (مز 102: 9). وأن ركبتيه صارتا ضعيفتين من الصوم (مز 109: 24). مع أنه سمع بالتأكيد من ناثان الكلمات: "الرب قد نقل عنك خطيتك" (2 صم 12: 13).
القديس جيروم

* هكذا إذن أراحه النبي (ناثان)، لكن الطوباوي داود إذ سمعه يقول: "الرب قد نقل عنك خطيتك"، لم يكف عن التوبة. ومع أنه كان ملكًا، لبس المسموح عوض الأرجوان، وجلس في الرماد عوض التاج الملكي... لا بل جعل الرماد طعامه، قائلًا: "إني قد أكلت الرماد مثل الخبز" (مز 102: 9). لقد غسل عينيه الشهوانيتين بالدموع قائلًا: "أعوِّم كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي" (مز 6: 6).
وعندما سأله موظفوه أن يأكل خبزًا لم يسمع لهم، بل بقي صائمًا سبعة أيام كاملة.
إن كان الملك قد اعترف هكذا، أفما يليق بك أيها الشخص العادي أن تعترف؟

القديس كيرلس الأورشليمي

* ليست كل الدموع تنبع من مشاعر متشابهة، أو عن فضيلة واحدة.
ا. البكاء المتسبب عن وخزات خطايانا التي تنخس قلوبنا كما قيل: "تعبت في تنهُّدي. أعوّم في كل ليلة سريري، وبدموعي أذوّب فراشي" (مز 6:6)، وأيضًا: "اسكبي الدموع كنهر نهارًا وليلًا. لا تعطي ذاتكِ راحةً. لا تكفَّ حدقةُ عينكِ" (مرا 18:2)، هذه الدموع تصدر بطريقة معينة.
ب. بطريقة أخرى تأتي الدموع الصادرة عن التأمل في الأمور الصالحة، والاشتياق إلى المجد المُقْبِل، إذ تتدفق دموع غزيرة نابعة عن فرح لا يُمكن كتمانه وتهليل بلا حدود. فإذ تتعطش أنفسنا إلى الله الحي القدير تقول: "متى أجيء وأتراءَى قدام الله. صارت لي دموعي خبزًا نهارًا وليلًا" (مز 2:42-3)، معلنة ذلك ببكاء يومي ونحيب قائلة: "ويل لي، فإن غربتي قد طالت" (مز 5:120).
ج. بطريق ثالث تتدفق الدموع، لا عن إحساس بالخطية المهلكة، إنما بسبب الخوف من الجحيم، وتذكر يوم الدينونة المرهب، وذلك مثل رعب النبي القائل: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر قدامك حي" (مز 2:143).
د. يوجد أيضًا نوع آخر من الدموع، لا ينسكب بسبب معرفة الإنسان لنفسه، إنما بسبب قسوة الآخرين وخطاياهم، فصموئيل كان يبكي لأجل شاول. وجاء في الإنجيل عن الرب أنه بكى من أجل مدينة أورشليم، كما فعل إرميا في الأيام السابقة. إذ يقول الأخير: "يا ليت رأسي ماء، وعينيَّ ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلًا قَتلَى بنت شعبي" (إر 1:9).
هـ. بالتأكيد الدموع المذكورة في المزمور المائة واثنين "إني قد أكلتُ الرماد مثل الخبز، ومزجتُ شرابي بدموعٍ" (مز 9:102)، صادرة عن مشاعر تختلف عن تلك التي وردت في المزمور السادس الخاصة بالإنسان التائب، فهي ناشئة عن متاعب هذه الحياة وضيقتها وخسائرها، التي تضغط على الأبرار العائشين في العالم .
الأب إسحق



بِسَبَبِ غَضَبِكَ وَسَخَطِكَ،
لأَنَّكَ حَمَلْتَنِي وَطَرَحْتَنِي [10].
تصوير خطير لمشاعر المتألم! كأن الله يرفعه، لا ليعينه ويسمو به فوق التجربة، إنما ليلقي به من العلو إلى الأرض فيحطمه.
* وُضع الإنسان في كرامة، إذ خُلق على صورة الله. ارتفع إلى هذه الكرامة، ارتفع من التراب، من الأرض، وتقبَّل نفسًا عاقلة، صار له سلطان على الحيوانات والقطيع والطيور والسمك (تك 1: 26). مَنْ مِنْ هؤلاء له عقل لكي يفهم؟ ليس أحد منهم خُلِقَ على صورة الله... لذلك إذ ترفعني تطرحني، إذ تبع ذلك العقوبة، إذ وهبتني حرية الاختيار... وبالحكم عليّ طرحتني.
القديس أغسطينوس

* لتكن هذه هي صرخة الذين كانوا مرة قديسين وسقطوا من القداسة. فبعدما ارتفعوا في الفضائل سقطوا من الإيمان. أما صلاة النفس المُتعبة فهي: إذ ترفعني ثبتني!

القديس جيروم



أَيَّامِي كَظِلٍّ مَائِلٍ،
وَأَنَا مِثْلُ الْعُشْبِ يَبِسْتُ [11].
كلما بدأت الشمس تغيب يصير الظل أكثر طولًا، لكن ما أن تغيب حتى ينتهي الظل تمامًا ويتلاشى. هكذا يشعر المرتل كأن الشمس قد مالت عنه، فانتهت حياته كالظل الذي يصير بلا وجود.
* إن كانت الأيام (النهار) مثل ظلِ، كم بالأكثر تكون الليالي؟ إن كان هذا هو أمر النور، فماذا عن الظلمة؟

القديس جيروم

* كل الحقائق الحاضرة هي ظلال (حك 5: 9)، تستمد أصولها من الصالحات التي للسماوات، لكنها تبقى مثل الظلال، فقط تماثل الحق للأمور العلوية. لكن ما أن يعبر الليل، ويشرق الفجر، حتى تُرَى طبيعة الأمور العلوية بوضوح، كما لو كانت في نور الشمس. عندئذ يتحقق الشعب: "حياتنا على الأرض ظل" (أي 8: 9). عندئذ يقولون: "أيامي كظلٍ مائلٍ" (مز 102: 11)، مشيرين إلى مدى وهن النجاح الزمني وسرعة بطلانه.
نيلس أسقف أنقرا

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 119 | ارتباطي بالوصية على مستوى شخصي
مزمور 118 | حمد شخصي
مزمور 102 | نحيب شخصي في الأرض
مزمور 35 - التمتع بخلاص شخصي
نشطاء وديت الإخوان فين يا سيسي !


الساعة الآن 05:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024