الرب نفسَهُ
«الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ ... سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ»
( 1تسالونيكي 4: 16 )
قد يعتقد البعض خطأ أن الآية التي في صدر المقال دليل على علانية الحَدَث، وأن الهتاف سيسمعه الجميع: مؤمنين وغير مؤمنين. ولكن هذا الاعتقاد خاطئ، إذ إن أصل الكلمة «بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ»، تُعبِّر عن أمر خاص من القائد إلى جنوده، أي أن الجنود فقط هم المَعنيون بالأمر، وليس الآخرون.
وسيتبع هذا المشهد على الفور حَدَثان متتابعان، يحدثنا عنهما الرسول بولس في موضع آخر بقوله: «لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلَكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ» ( 1كو 15: 51 ، 52). هذان الحَدَثان هما: «الأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً» ( 1تس 4: 16 ). يا له من حَدَث هائل! كل القديسين الراقدين، كل الذين هم للمسيح، من آدم إلى آخر قديس يرقد، جميعهم سيقومون في الاختطاف ( 1كو 15: 23 )؛ يقومون من القبور ليصعدوا مُمجَّدين إلى السماء. كما أن كل القديسين الأحياء بدورهم سيتغيرون ويلبسون الأجساد المُمجدة ( 1تس 4: 17 )، نظير جسد الرب يسوع المُمجَّد ( في 3: 21 )، وبذلك يلبس الفاسد عدم فسادٍ، ويلبس المائت عدم موتٍ. وبعد هذا الحَدَث المعجزي الفريد، نُخطف جميعًا معًا في السُحب - راقدين مُقامين وأحياء - لمُلاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب.
وكيف للسان أن يُحدِّث أو للقلم أن يصف سرور الرب عندما يستحضر بكلمة قدرته أجساد كل المفديين، ويجمع حوله الكل إلى أبد الآبدين، وجميعهم «عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ»؟ بل وكيف يمكن أن نعبِّر عن فرحتنا عندما يتحقق لنا رجاؤنا السعيد الذي إليه تصبو قلوبنا وتتوق أرواحنا؟ إننا في انتظار تحقيق هذا الرجاء في أية لحظة، والوقت قريب، وثقتنا في وعده «هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا»، بلا حدود.