رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دعوة للتسبيح حَسَنٌ هُوَ الْحَمْدُ لِلرَّبِّ، وَالتَّرَنُّمُ لاِسْمِكَ أَيُّهَا الْعَلِيُّ [1]. يدعو المرتل الآخرين للاشتراك في لحظات التسبيح المفرحة، مستخدمًا الآلات الموسيقية. إن كانت التسبحة لله أمرًا مبهجًا ومفرحًا، فهي عمل دائم يبقى حتى في الأبدية. * عندما نعترف للرب نثق في رحمته، وعندما نرنم نتمم عملًا صالحًا. * "حسن هو الاعتراف للرب، والترنم لاسمك أيها العلي". لماذا لم يقل المرتل أولًا: "حسن هو الترنم" وبعد ذلك "الاعتراف"؟ لأن الأخرى (أي الاعتراف) هي التي تهيئ للترنم الحقيقي. حسن للإنسان أولًا أن يتوب ويعترف عن خطاياه للرب، وعندما يتعرف على خطاياه، يترنم له. فإنه بالندامة يتأهل لقوة الاندفاع في الترنم لله، دون أن تقيده خطورة الخطية. القديس جيروم * ماذا إذن يعلمنا هذا المزمور؟ "حسن هو الاعتراف للرب" ما هو الاعتراف للرب؟ في حالتين: في خطاياكم لأنكم فعلتموها، وفي أعمالكم الصالحة اعترفوا للرب، لأنه هو الذي يعملها. عندئذ "الترنم لاسم الله العلي" طالبين مجد الله لا مجدكم، مجد اسمه لا أسمائكم. فإن كنتم تطلبون اسمه يطلب هو أسماءكم، وإن تجاهلتم اسم الله، يمسح هو أسماءكم. القديس أغسطينوس أَنْ يُخْبَرَ بِرَحْمَتِكَ فِي الْغَدَاةِ، وَأَمَانَتِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ [2]. يبدأ التسبيح مع بداية النهار باكرًا في الفجر، وتبقى النفس تسبحه حتى ساعة متأخرة من الليل، حيث يلهج الإنسان بمراحمه الإلهية وأمانته في تحقيق وعوده. ليس أمر يهب الإنسان عذوبة في بداية اليوم مثل التسبيح، ولا ما يهبه تعزية وراحة في آخر الليل مثله. * ماذا إذن تعني: "أن نخبر برحمتك (حنوك) في الفجر"؟ إنها تعني هذا: "إنه ليس ممكنًا لنا أن نعترف للرب ونحصل على رحمته ما لم يبدأ نور واضح أن ينير قلوبنا؛ ما لم تنسحب ظلال الليل ويبلغ الفجر، لا نستطيع أن ننال رحمة الله المترفقة. لهذا فإنه بالحقيقة تخبر في الفجر بحنو الله عندما تشرق شمس البرّ في قلبك. * "أن يخبر برحمتك في الفجر، وأمانتك بالليل". لماذا يسبح بالرحمة في الفجر وبالأمانة بالليل؟ لتصغوا بانتباه، فإن هذه أمور ليس من السهل فهمها. يقول أولًا: "حسن هو أن يعترف للرب" فإن الترنم يتبع معرفة الخطايا. الإنسان الذي يرد نفسه بالتوبة عن الخطية، ويتأهل للتسبيح، يبدأ أيضًا أن يخبر عن ذاك الذي يسبحه. ماذا يعني أن الرحمة يُخبر بها في الفجر، والأمانة يُسبح بها في الليل بأغنية؟ حيث توجد رحمة الرب يكون النور، أي يكون الفجر، الساعة التي تشرق فيها الشمس، ويزول عمى ظل الليل. "أمانتك بالليل"، حيثالعدل. حيث يوجد العدل تكون المحاكمة، وحينما يصدر الحكم لا يوجد مجال للرحمة، عندما تُزال الرحمة، يكونالتهديد بكارثة الخطية. هناك يكون الليل لا النهار، كقول النبي: "ماذا يعني لكم يوم الرب؟ هو ظلام لا نور" (راجع عا 5: 18). في ذلك اليوم سيعرف فحص كل حياة حسبما يستحق. في عبارة أخرى يقول النبي إن هذا اليوم مرعب... "عظيم هو يوم الرب ومرعب للغاية من يقدر أن يحتمله؟" (راجع يوئيل 2: 11). القديس جيروم * ما هو هذا، أن نخبر برحمتك في الصباح وحق الله في الليل؟ الصباح هو عندما نكون في فرج، والليل عندما يحل حزن التجربة... عندما تكونون في ازدهار افرحوا في الله، لأن هذا من قبل رحمته... وحينما تكونوا في تعبٍ احمدوا حقه، فهو يجلد عن الخطايا، وهو ليس بظالمٍ... في الليل اعترف دانيال بحق الله، قال في صلاته: "أخطأنا وأثمنا وعملنا الشر... لك يا سيد البرّ. أما لنا مخزي الوجوه" (دا 9: 5، 7). لا تتهموا الله لأنكم تتألمون بسبب الشر، بل انسبوه لخطاياكم ولإصلاحه لكم؛ تخبرون بلطفه باكرًا في الصباح وبحقه في وقت الليل. وعندما تفعلون هذا تسبحون الله على الدوام، وتعترفون له، وترنمون لاسمه. القديس أغسطينوس * السبوت والأعياد التي تكّمل بالنهم والسكر واللهو واللعب والأعمال غير اللائقة يبغضها الله، وينتهر فاعيلها. لأنه في الأصحاح الأول من نبوة إشعياء النبي يقول: "رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت عليَّ ثقلًا. مللت حملها" (إش 1: 14). فهذا المزمور إذن يعلمنا بأن بطالة العمل في الأعياد تكون لأجل هذه الأربع: أولًا: اعتراف للرب، أي التفكير في إحسانات الله وخلاصه الذي صنعه للبشر. ثانيًا: الترتيل لاسمه. ثالثًا: أن نخبر الناس برحمته التي صنعها معنا. رابعًا: أن نذكره بحقه أي بانجازه وتحقيق ما وعد به إبراهيم أن بنسله تتبارك كافة الأمم. وهذه الأربع نداوم عليها بالغداة (الصباح) والليل. الأب أنسيمُس الأورشليمي عَلَى ذَاتِ عَشْرَةِ أَوْتَارٍ، وَعَلَى الرَّبَابِ، عَلَى عَزْفِ الْعُودِ [3]. * عندما نرفع أيادي طاهرة في الصلاة بدون غضبٍ ولا جدال (1 تي 2: 8)، نلعب للرب على آلة موسيقية ذات عشرة أوتار... جسدنا ونفسنا وروحنا -قيثارتنا- تعمل معًا بانسجام، كل أوتارها تقدم لحنًا. القديس جيروم * لم تسمعوا السنطور (آلة موسيقية قديمة تشبه القانون) ذا العشرة أوتار للمرة الأولى. إنه يشير إلى وصايا الناموس العشر. يليق بنا أن نغني بذاك السنطور، لا أن نحمله فقط. فإنه حتى اليهود لهم الشريعة، لكنهم يحملونها ولا يعنون بها... "على الرباب"، هذه تعني بالكلام كما بالعمل. أن كنتم تنطقون بالكلام فقط، يكون لكم الأغنية فقط بدون الرباب. إن كنتم تعلمون ولا تتكلمون يكون لكم القيثارة فقط. لهذا فتتكلموا حسنًا وتسلكوا حسنًا، بهذا يكون لكم الأغنية مع القيثارة. القديس أغسطينوس * لنجعل أنفسنا عودًا ذا عشرة أوتار، إي لا يكون ترتيلنا وخطابنا عن رحمة الله وصلواتنا، باللسان فقط، بل باتفاق قوى النفس الخمس وحواس الجسد الخمس. وأيضًا تكون قيثارة منظومة بالروح القدس ترنم تسابيح لله باتفاق النفس والجسد، وبمحبة بعضنا البعض، وذلك ليس فقط في الأعياد، بل وفي كل حينٍ. الأب أنسيمُس الأورشليمي لأَنَّكَ فَرَّحْتَنِي يَا رَبُّ بِصَنَائِعِكَ. بِأَعْمَالِ يَدَيْكَ أَبْتَهِجُ [4]. بدأ تقديس يوم السبت أولًا لتمجيد الله على أعمال خلقته. راحة الإنسان الحقيقية تقوم على التسبيح لله خلال دراسته وتأملاته في أعمال الله العجيبة، الظاهرة والخفية. أما عناية الله الدائمة لخليقته فلا تقل عن عمل الخلقة نفسه، فإن كان بمحبته قد خلق كل شيءٍ، فانه بذات الحب يبقى يرعى خليقته ويعتني بها. وجاء السبت المسيحي، أو الأحد يبعث روح الفرح في حياة المؤمنين، إذ يتمتعون بالحياة الجديدة المقامة خلال قيامة السيد المسيح في فجر الأحد. صنائع الرب وأعمال يديه تبعث فينا الفرح، وتحثنا على التغني بتسابيح مبهجة. يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أن كلمة "صنائعك" تشير إلى قيامة رب المجد يسوع في بدء الأسبوع، فالمزمور يشير إلى فرح الكنيسة بعمل قيامته، فصار عيدنا وراحتنا فيها، في يوم الأحد. يرى القديس جيروم في هذه العبارة ردًا على الغنوسيين الذين يحقرون من المادة، ويظنون أنها ليست من صنع الله الصالح، بل من صنع الخالق الذي أدنى من الله، أو هو إله شرير. يرى القديس أغسطينوس أن المؤمن الحقيقي يفرح بأعمال الله معه. فما فيه من صلاح هو عطية إلهية. * إن اقتربتم إليه تكونون في النور، لذلك يقول المزمور: "انظروا إليه واستنيروا ووجوهكم لا تخجل" (راجع مز 34: 5). لأنكم لا تقدرون أن تصنعوا أي صلاحٍ ما لم تستنيروا بنور الله، وتصيروا في دفء بروح الله، عندما ترون أنفسكم تمارسون عملًا صالحًا، اعترفوا لله وقولوا ما نطق به الرسول إنكم لا تنتفخون: "أي شيء لك لم تأخذه؟" (1 كو 4: 7). القديس أغسطينوس * كل ما أتطلع إليه يملأني بالبهجة، إذ أتعرف على الخالق، وأبارك الله... كما أتعجب من الرب عندما أتطلع إلى الفيل أدهش أيضًا منه عندما أتطلع إلى النملة. القديس جيروم * "على ذات عشرة أوتار، وعلى الرباب على عزف العود، لأنك فرحتني يا رب بصنائعك. بأعمال يديك ابتهج". احذروا من ماني ، ومرقيون وفالنتينوس وبقية الهراطقة الذين يتجاسرون ويسبون الخالق. انظروا، أين تجدون العثرة؛ فإن النبي يمجد الخالق ويفرح بأعماله! إنه يعلم بأن كل شيء يظهر شريرًا فهو ليس كذلك بالطبيعة، وإنما صار هكذا بالاختيار الحرّ للإرادة. القديس جيروم مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ، وَأَعْمَقَ جِدًّا أَفْكَارَكَ [5]. كلما تمتع الإنسان باكتشافات حديثة زادت دهشته أمام عظمة الخالق وحكمته وعنايته التي تفوق الفكر البشري. أما في يوم الرب العظيم فسندرك أعماقًا جديدة لعمل الخلاص الذي قدمه الرب بصلبه وقيامته. إذ ننعم برؤيته وجهًا لوجه، ونتمتع بشركة الأمجاد، نقف في دهشة أمام خلاص الرب العجيب. * حقًا يا إخوتي لا يوجد بحر عميق مثل أفكار الله هذه، الذي يجعل الأشرار يزدهرون والصالحين يتألمون. ليس شيء يصعب فهمه مثل هذا، ليس شيء عميقًا كهذا... أتريدون أن تعبروا هذا العمق. لا تتركوا خشبة صليب المسيح. بهذا لا تغرقون، تمسكوا بالمسيح بقوة. ماذا أقصد بهذا: تمسكوا بقوة المسيح؟ إنه لهذا السبب اختار أن يتألم على الأرض بنفسه. لقد سمعتم حين كان النبي يُقرأ: إنه لم يحول ظهره عن ضاربيه، ولم يحول خديه عن أياديهم (راجع إش 50: 6). لماذا اختار أن يتألم بكل هذا إلا لكي يعزي المتألمين؟ احتملوا إذن التجربة في العالم بذات الهدف لكي ما تُلاحظوا في المسيح، ولا تجعلوا أولئك الذين يفعلون الشر ويزدهرون في هذه الحياة أن يزعزعونكم. "ما أعمق جدًا أفكارك". أين هو فكر الله؟ لا تفرحوا مثل السمكة التي تبتهج بالطُعم. لم يسحب الصياد الطُعم بعد، والطُعم لا يزال في حلق السمكة. وما تظنوه مدة طويلة هو مدة قصيرة، كل هذه الأمور ستعبر سريعًا. ما هي الحياة الطويلة للإنسان بالنسبة لأبدية الله؟ القديس أغسطينوس * "ما أعظم أعمالك يا رب! وأعمق جدًا أفكارك!" هذه هي مشاعر الرسول الذي يعلن: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه" (رو 11: 33). لأن أفكارك لا يُسبر غورها، ليس من تأمل بشري، ولا فكر إنساني يقدر أن يدرك عملك. يقول مزمور آخر: "كل أعمالك موثوق فيها" (راجع مز 32: 4). لاحظوا جيدًا: "كل أعمالك موثوق فيها". إن كانت معرفتنا للمخلوق تعتمد بالأكثر على الإيمان أكثر من العقل، كم بالأكثر هذه المعرفة الحقيقية التي لنا من جهة الخالق وصانع كل الأشياء؟ إذ يقول الكتاب المقدس: "كل أعماله موثوق فيها" إذن، أنا أيضًا الذي أتكلم موثوق فيه، مادمت أنا جزءًا من أعماله. أنا أيضًا موضوع إيمان وليس عقل، فإنني لا أستطيع أن أعرف الأساس الذي به أسير وأتكلم في أخذ القرارات. لماذا إرادتي تأمر؛ لماذا جسدي يطيع إرادتي، كيف يمكن للنفس الخالدة إن تتحد بجسم قابل للموت، لماذا تجول نفسي هنا وهناك، ولا يُمكن أن تُحد بواسطة نطاق العالم، ومع هذا تُحد في جسم. * لاحظوا ماذا تفعل الملائكة: إنهم يعلنون عن جماله، ويصمتون بخصوص جوهره. القديس جيروم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 106 | دعوة للتسبيح لله |
مزمور 81 | دعوة للتسبيح |
مزمور 66 | دعوة كل البشرية للتسبيح |
مزمور 66 | دعوة للتسبيح للرب |
مزمور 33 - دعوة للتسبيح |