كفوا واعلموا أني أنا الله
كُفوا واعلموا أني أنا الله. أَتعَالى بين الأمم، أَتعَالى في الأرض.
رب الجنود معنا. ملجأنا إله يعقوب
( مز 46: 11 ، 12)
بمطالعة المزمور السادس والأربعين نجد حقيقة بسيطة في ذاتها، ولكنها في واقع الأمر في غاية الأهمية، ونحتاج إليها كمسيحيين نجتاز صعوبات ومتاعب هذا العالم، ونميل إلى تلمُّس الراحة بواسطة مجهوداتنا البشرية، تاركين الله بعيدًا.
«كُفوا واعلموا أني أنا الله» .. هذه هي الحقيقة البسيطة، وأنها لحقيقة مهمة جدًا ويزيد في أهميتها، أن الله نفسه هو المتكلم بها لقلوبنا القلقة. إنه، له المجد، يستحثنا أن نكُف ونهدأ ونتركه ليأتي ويتدخل في ضيقاتنا، ويُظهر ذاته في إيماننا «الله لنا ملجأ وقوة. عونًا في الضيقات وُجِدَ شديدًا» (ع1). ماذا يكون هذا الملجأ يا تُرى؟ قد تجيش البحار وتهيج مياهها. قد تهب الرياح وتعصف. قد تهتز الجبال وتسقط، وفي كل ذلك نستطيع أن نطمئن «إن كان الله معنا، فمَنْ علينا؟» ( رو 8: 31 ). الله معنا فلا نخشى شيئًا مهما كان أمره. الله معنا، فالعون حاضر، ونحن في أمان.
وما علينا إلا أن ننتظر ونصبر للرب حتى يتداخل بطريقته الخاصة، لأن عنده الخطة الصحيحة التي رَسمت خطوطها يد المحبة ـ خطة تفوق كل معرفتنا، رتبتها حكمة الله غير المحدودة، ونحن نعلم أنه لخيرنا تعمل كل الأشياء معًا، فلا مناص إذًا من أن نتعلم أن نترك كل شيء له بإرادة ثابتة وبثقة قوية ليعمل بحكمته الخاصة.
أحيانًا نضطرب ونقلق لأن الأمور لا تسير وفق إرداتنا، وهنا تجربة الإيمان وخضوع الإرادة. ألا نثق فيه؟ أ نستطيع أن نقول: «لتكن لا إرادتي بل إرادتك»؟ هل يمكن أن نرتفع فوق الظرف الضيّق ونقول: "يا رب، أنت تعرف أحسن منا، وتعرف الصالح وتعمل لخيرنا". إن الله يدفعنا إلى هذه الثقة المُريحة. إنه يدعونا قائلاً: «كُفوا واعلموا أني أنا الله. أَتعَالى بين الأمم، أَتعَالى في الأرض».
هنا يقدم الله نفسه كمَن فيه الكفاية لسداد جميع احتياجاتنا وأعوازنا. والله هو الله. الكُفء، القوي، الحكيم، وله وحده الحق في أن يقول: «كفوا واعلموا أني أنا الله»، وكل الضيقات ما هي إلا فرص لإظهار إرادته الصالحة.