رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّهُمُ انْصَرَفُوا مِنْ وَرَائِه،ِ وَكُلُّ طُرُقِهِ لَمْ يَتَأَمَّلُوهَا [27]. يقدم تفسيرًا لتأديبهم علانية، ألاَّ وهو تركهم لله القدوس خفية، في داخل قلوبهم وأفكارهم كما في سلوكهم السري، ولم يقبلوا طريق الرب، أي لم يحفظوا وصاياه ولا وضعوا اعتبارًا لله نفسه في حياتهم. * "لأنهم انصرفوا من ورائه، وكل طرقه لم يتأملوها" [27]. ما سيحل بالأشرار في يوم الدينونة سرّه هو رجوعهم عن الله، أو انصرافهم من ورائه، وعدم مبالاتهم بطرقه الإلهية. * "الذين انصرفوا عنه، كما عن عمدٍ". يليق بنا أن نفهم أن الخطية تُرتكب بثلاث طرق: إما بسبب الجهل أو الضعف أو عن عمدٍ. تصير خطيتنا أخطر إن كانت عن ضعفٍ وليس عن جهلٍ، لكن الخطر يكون أعظم إن كانت عن عمدٍ وليس عن ضعفٍ. أخطأ بولس عن جهل حين قال: "أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومُضطهدًا ومفتريًا، ولكنني رُحمت لأني فعلت بجهلٍ في عدم إيمانٍ" (1 تي 1: 13). أخطأ بطرس عن ضعفٍ عندما هزت كلمة الجارية قوة الإيمان الذي تحدث عنه مع الرب، وعندما أنكر بصوته الرب الذي تمسك به في قلبه (مت 26: 69). لكنهم أخطأوا عن عمد هؤلاء الذين قال عنهم السيد نفسه: "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم" (يو 15: 22). أن تخطيء عمدًا يعني أنك لا تحب الصلاح ولا تفعله. لذلك أحيانًا يكون الجرم أثقل أن تحب الخطية عن أن تمارسها. وبالمثل فإن الخطية أعظم أن تكره البرّ عن ألا تفعله. لذلك يوجد البعض في الكنيسة من هم بعيدون عن الصلاح بل ويضطهدونه، وأيضًا من يكرهون في الآخرين ما يمارسونه هم في إهمالٍ. * "ولا يريدون أن يفهموا أي طريق من طرقه". لا يقول إنهم لا يفهمون عن ضعفٍ، وإنما لا يريدون أن يفهموا، لأن الناس غالبًا ما يحتقرون معرفة الأمور التي يفتخرون جدًا أنهم يفعلونها... إذ يحسبون جهلهم لها يهبهم حصانة من جهة خطاياهم... أن تفهم طرق الرب هو أن تحتمل بتواضعٍ الأمور الزائلة (من ضيقات) وتنتظر بثباتٍ الأمور الباقية (الأبديات). البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|