أَنْتَ نَصَبْتَ كُلَّ تُخُومِ الأَرْضِ.
الصَيْفَ وَالشِتَاءَ أَنْتَ خَلَقْتَهُمَا [17].
الله يعرف حجم الأرض بكل دقة وشكلها، وحجم اليابس ومياه المحيطات والبحار والأنهار، وحدود كل دولة وأمة، فهو القدير المهتم بكل دقائق الأرض وسكانها. حتى الأزمنة كالصيف والشتاء في يديه. هو خالق كل الطبيعة وأب كل الأمم.
"حين قسَّم العلي للأمم حين فرَّق بني آدم نصب تخومًا لشعوب حسب عدَّد بني إسرائيل" (تث 32: 8).
"للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها. لأنه على البحار أسسها، وعلى الأنهار ثبتها" (مز 24: 1-2).
"وصنع من دمٍ واحدٍ كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض، وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم" (أع 17: 26).
* ما أجمل أن يصف خالق الربيع حُسن هذا الفصل. يقول داود: "أنت نصبت كل تُخُوم الأرض، الصيف والشتاء أنت خلقتهما" (مز 74: 17). هو الذي أزاح كآبة الشتاء، وأعلن أن الأمطار التي أرهقتنا قد مضت. ثم أشار إلى أن الحقول قد أينعت وازدانت بالزهور. وأن الزهور تفتحت وجاهزة لمن يقطفها ليعمل منها مجموعات للزينة أو لتجهيزها لاستخلاص العطور. إن صدى الصوت يجعل الفصل ممتعًا، ويتردد غناء الطيور في بساتين الفاكهة، ويصل صدى صوت اليمامة الشجي إلى آذاننا. ويتكلم العريس أيضًا عن شجرة التين والكرم التي يُنبئ مظهرها الحاضر بالفرح بما ستنتجه في المستقبل القريب. فيظهر التين الصغير وغيره على الفروع الملساء وكلاهما يمتع حاسة شمنا بالرائحة الزكية. وهكذا يُظهر الكتاب المقدس مقدار الفرح في وصفه لصورة الربيع الغنية. أنه يضع الكآبة جانبًا، فنتمتع بجمال الوصف. إنني اعتقد أنه بالإضافة إلى ذلك، يلزم لنا ألاَّ نتوقف عن وصف هذه الأشياء التي تُدخل السرور إلى النفس. وبالأحرى يجب أن تقودنا هذه إلى الأسرار التي تتضح من خلال هذه الكلمات حتى نكشف ما تخفيه من كنوز .
القديس غريغوريوس أسقف نيصص