فاجأت امرأة أيوب زوجها المتألم المضروب بالقروح من رأسه إلى قدميه، وهو جالس وسط الرماد، بقولها: "... أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!" (أي 2: 9). لقد كان إبليس هو المتكلم على لسانها، وذلك ليَبث فيه روح اليأس من استجابة الله له، بعد أن انتهى به الحال لهذا الوضع السيئ. لقد قصدت زوجته، بقولها "بارك الله" أن تهزأ بصلواته، التي بحسب رأيها لا نفع منها. لكن أيوب البار وبخها، بقوله لها: "... تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟ فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ" (أي 2: 10).
لقد علمنا أيوب الصديق، أن الإيمان يجب أن يكون بشخص الله. لقد آمن أيوب بالله الصالح الحنون والحكيم، الذي لا يتغير في جوهره، كقول الكتاب: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع 1: 17).